تفسير إنجيل القديس يوحنا 20 للقمص أنطونيوس فكري

الأصحاح العشرون

آية (1):

“وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكرًا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعًا عن القبر.”

في أول الأسبوع= هو يوم الأحد ويسمى اليوم الثامن بعد نهاية الأسبوع السابق. والكنيسة استبدلت السبت بالأحد لنذكر حسنات الله علينا بالقيامة.

 آية (2):

“فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما اخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه.”

أخذوا السيد= قولها السيد يشير للاحترام، ولكنه يشير لعدم الإيمان أيضًا فهي قد رأته ولمسته وشهدت بقيامته كما قال (مت9:28) ثم تقول أخذوا السيد. هذه الآية تشير لعظمة تواضع يوحنا فهو لم يخجل أن يسجل في إنجيله أن الذي بشره بالقيامة وهو تلميذ المسيح كان مريم المجدلية.

 آية (3، 4):

“فخرج بطرس والتلميذ الآخر وآتيا إلى القبر. وكان الاثنان يركضان معًا فسبق التلميذ الآخر بطرس وجاء أولًا إلى القبر.”

فسبق التلميذ الآخر= بطرس تتثاقل خطواته بسبب الخجل ويوحنا تسرع خطواته بسبب الحب.

 الآيات (5-8):

“وانحنى فنظر الأكفان موضوعة ولكنه لم يدخل. ثم جاء سمعان بطرس يتبعه ودخل القبر ونظر الأكفان موضوعة. والمنديل الذي كان على رأسه ليس موضوعًا مع الأكفان بل ملفوفًا في موضع وحده. فحينئذ دخل أيضًا التلميذ الآخر الذي جاء أولًا إلى القبر ورأى فآمن.”

وإنحنى= كان القبر منخفضًا من الغرفة الخارجية (الفسحة). وفي هذه الغرفة الخارجية كانت النسوة تجتمع للتحنيط والبكاء (أنظر الرسم). والأكفان أخذت شكل الجسم بسبب الأطياب الموضوعة.

فنظر= الكلمة في اليونانية تشير لأنها نظرة عابرة، هذه قيلت عن نظرة يوحنا للأكفان. ونظر= وهذه تشير في اليونانية لنظرة تطلع مع تأمل فاحص عن قرب. فيوحنا ترك الفحص لبطرس الذي وصل بعده. ولأن بطرس نظر ودقق لاحظ منديل الرأس الذي لم يراه يوحنا. وهذه النظرة الفاحصة أثبتت أن الجسد قام ولم يسرق لأن اللفائف والمنديل كانا في مكانهما، أما الجسد فانسحب من داخل اللفائف دون أن يفقدها نظامها. فلو كان هناك سرقة للجسد لسرقوه بأكفانه، فالسارق ليس لديه وقت لفك الأكفان. فالأكفان بسبب الأطياب الكثيرة ملتصقة تمامًا بالجسد وتتصلب فتصير كالغراء حين تجف. وما الداعي أصلًا لفك الأكفان. والعجيب ومما يثبت القيامة بقاء اللفائف في مكانها. فالمسيح خرج من اللفائف دون أن تتحرك اللفائف من مكانها، كما دخل والأبواب مغلقة. وبعد ذلك دخل يوحنا ورأى فآمن= رأى هنا في اليونانية هي نظرة تصديق وإيمان لم يكونون يعرفون الكتاب… = لم يكونوا منتبهين أن النبوات تشير أنه سيقوم.

وَالْمِنْدِيلَ… مَلْفُوفًا فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ = هذه عادة يهودية. فكان اليهودي حينما يقوم عن المائدة أثناء الأكل يترك الفوطة التي يستخدمها في مسح يديه ملفوفة مرتبة لو كان سيعود ليستكمل طعامه. وإن كان قد إنتهى من طعامه يتركها بلا ترتيب. ويكون المعنى أن المسيح يعلن أنه سيعود ثانية في مجيئه الثاني.

 

آيات (9، 10):

“انهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الاموات. فمضى التلميذان   أيضًا إلى موضعهما.”

آية (11): “أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجًا تبكي وفيما هي تبكي انحنت إلى القبر.”

تبكى= لأنها تتصور سرقة جسد المسيح، وشكت فيما رأته سابقًا (مت9:28)

 آية (12): “فنظرت ملاكين بثياب بيض جالسين واحدًا عند الرأس والاخر عند الرجلين حيث كان جسد يسوع موضوعا.”

الملاكين= على طرفي مصطبة القبر، يناظران الكاروبين على تابوت العهد أي كرسي الرحمة. هذين الملاكين هم شهود القيامة في العهد الجديد، وهم شهود رحمة الله وغفرانه بالدم في العهد القديم. التلميذان شاهدا القبر الفارغ وإنصرفا. أما مريم لمحبتها بقيت في المكان فاستحقت رؤيا إضافية ترفع إيمانها وتصحح محبتها. جالسين= الجلوس علامة الراحة فالعمل كله تم والمسيح قام.

 آية (13): “فقالا لها يا امرأة لماذا تبكين قالت لهما أنهم اخذوا سيدي ولست اعلم أين وضعوه.”

لماذا تبكين= فرح الملائكة بالقيامة جعلهم يعاتبونها إذ ظنت المسيح مازال ميتًا.

 

آية (14): “ولما قالت هذا التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع واقفًا ولم تعلم أنه يسوع.”

إلتفتت إلى الوراء= غالبًا قدم الملائكة علامة خضوع واحترام للمسيح حين ظهر ومريم لاحظت حركات الملائكة تجاه شخص دخل الآن، فنظرت لتراه.

 

آية (15): “قال لها يسوع يا امرأة لماذا تبكين من تطلبين فظنت تلك أنه البستاني فقالت له يا سيد ان  كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا اخذه.”

 

آية (16): “قال لها يسوع يا مريم فالتفتت تلك وقالت له ربوني الذي تفسيره يا معلم.”

فقال لها مريم.. قالت له ربوني= هذا ما يسمى بالبصيرة الروحية.

ونلاحظ التدرُّج في الرؤيا:

1- هي أولًا لم ترى شيئًا.

2- ثم ظنت أنه البستاني، أي رأته ولم تتعرف عليه. بكائها أشعل حبها والحب شرط للرؤية، ولكن حبها ينقصه الإيمان (كما حدث مع تلميذيّ عمواس، لذلك حاول المسيح معها أن يرفع درجة إيمانها لتراه.

3- هي تؤمن بالمسيح كمعلم ولكنها ينقصها الإيمان به كإله. وحين سمعت صوته يناديها “مريم” عرفت أنه المعلم القائم من بين الأموات، لقد ارتفع إيمانها هنا درجة أخرى حين سمعت صوته “يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون”.

1-    هنا نرى في (آية18) درجة أعلى أخبرت التلاميذ أنها رأت الرب هذه رؤية الإيمان. ولكن هذه الرؤيا احتاجت لدرس في الإيمان، كان الدرس بمنعها من أن تلمسه، حتى تنتقل من العيان إلى الإيمان وهو الإيقان بما لا يُرى (عب1:11) بهذا نرى أن المسيح هو الذي يشفى إيماننا الضعيف. هو يقدم المحبة ومن يتقبلها ويحبه يشفى له إيمانه.

 

آية (17): “قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد إلى أبى ولكن اذهبي إلى اخوتي وقولي لهم أني اصعد إلى أبي وأبيكم والهي وإلهكم.”

لا تلمسيني= هنا نجد المعلم يعطى درس الإيمان للمجدلية ليرفع درجة البصيرة الروحية عندها “الذي يحبني يحبه أبى وأنا أحبه وأظهر له ذاتي” (يو21:14) ونلاحظ أن المسيح سمح لها قبلًا أن تلمسه لتنال سلامًا وسمح لتوما أن يلمسه ليؤمن، بل طلب من التلاميذ أن يجسوه ليؤمنوا، بل أعطى لتلميذي عمواس أن يتناولوا جسده ليروه. ولكنه هنا يمنعها من لمسه، ليمنعها أن تتعامل معه كإنسان، بعواطف إنسانية، ولكن عليها أن تعرفه كإله لا سلطان للموت عليه.

والكلمة الأصلية للعبارة لا تلمسيني تفيد “لا تمسكيني وتتعلقي بي وتقيمي روابط…” فهي أرادت أن تمسك به جسديًا، وتقيم علاقتها به كما في الأول والمسيح هنا يريد أن يرفع مستوى علاقتها به إلى مستوى علاقتها بالله يهوه “وإن كنا عرفنا المسيح حسب الجسد لكن الآن لا نعرفه بعد” (2كو16:5). ويرى بعض المفسرين أن لفظ “لا تلمسيني” المستخدم هنا يعنى “لا تستمري في لمسي” ولا يعنى “لا تبتدئي باللمس”

لأني لم أصعد بعد إلى أبى= في ذهنك وفي إيمانك يا مريم أنا مجرد إنسان ولست إله مثل أبى، ولذلك لن تستطيعي أن تتلامسي معي، عدم الإيمان هذا هو السبب في أن عينيك قد أمسكت فلم تعرفيني. درس المسيح لمريم هنا هو نفس درس العريس لعروسته في سفر النشيد (6:5) وكما كان درس العريس في سفر النشيد سببًا في رجوع العروس، كان درس المسيح للمجدلية هنا لتثبيت إيمانها.

اذهبي إلى إخوتي… وقولي لهم… إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم كلمات في منتهى الروعة يعبر بها المسيح عن عمله الخلاصي وبركات القيامة. لقد تحول البشر إلى إخوة له “فصار بكرًا بين إخوة كثيرين” (رو29:8) وبإتحاده بنا صار أبوه (بحسب الطبيعة) أبًا لنا (بالتبني). وصار إلهه (هو يتكلم كإنسان لهُ طبيعتنا، مؤكدًا تجسده الكامل وبشريته) إلهًا لنا (بمعنى التصالح بين الله والإنسان فنحن كبشر بالفداء عدنا شعب الله المحبوب) ونلاحظ أنه لم يقل إلهنا وأبونا، فنحن نختلف عنه. الآب أبوه بالطبيعة وصار لنا أبًا بالتبني، والآب متحد معهُ أقنوميًا فالمسيح الابن هو الله. ولكنه بالجسد يقول إلهي كما قال سابقًا وهو في حالة إخلاء نفسه “أبى أعظم منى” وقوله إلهكم فنحن عبيده المخلوقين. ما أعظم هذه الآية التي تلخص عمل المسيح معنا ولنا.

وما أحلى أن تتحول مريم الخاطئة إلى مبشرة= قولي لهم= بهذا الإنجيل. إني أصعد= لم يقل لهم المسيح قولي لهم إنني قمت، فقيامة المسيح هي خطوة أولى في طريقه للصعود بجسده البشرى للسماء. وهذا ما أعده لنا “أنا ذاهب لأعد لكم مكاناً… حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً. لقد صرنا وارثين للمجد السماوي، وارثين معهُ، وارثين الله” (رو17:8). كانت القيامة عربون للصعود. فإن كان المسيح قد قام ولم يصعد لكان الإنسان قد ظل على الأرض. فالقيامة وحدها لا تكفى.

 

آية (18): “فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وأنه قال لها هذا.”

رأت الرب= هي رؤيا إيمانية، فلقد استجابت مريم للدرس، كما رأى يوحنا القبر واللفائف فآمن.

 

آية (19): “ولما كانت عشية ذلك اليوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلقة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهود جاء يسوع ووقف في الوسط وقال لهم سلام لكم.”

الأبواب مغَّلقة= علامة رعبهم أحكموا إغلاق الأبواب بالمتاريس. لاحظ أن جسد القيامة ليس كالأجساد العادية. فالمسيح دخل والأبواب مغلقة. في الوسط= هو قريب للكل بنفس الدرجة.

سلامٌ لكم= هذه ليست تحية، بل عطية من ملك السلام لطرد الخوف. عشية ذلك اليوم= هو يوم القيامة لذلك يقول عنه اليوم دون تحديد. فهو يوم الحياة الجديدة والخلقة الجديدة. هو يقابل يوم خلقة آدم أولًا.

 

آية (20): “ولما قال هذا أراهم يديه وجنبه ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب.”

أراهم يديه..= فمسيح الصليب هو مسيح القيامة، الحي وكان ميتًا. فرح التلاميذ= سأراكم فتفرحون(22:16) فهو هنا بحسب وعده، هو الذي جاء. والفرح ناتج عن اختبار ورؤيةّ يسوع.

 

آية (21): “فقال لهم يسوع أيضًا سلام لكم كما أرسلني الآب أرسلكم أنا.”

التكرار لتأكيد أن المسيح هو واهب السلام. ونرى هنا إرسالية التلاميذ للكرازة. السلام هنا ليس لتبديد الخوف، بل إعدادهم ليتشجعوا فيرسلهم للكرازة.

 

آية (22، 23): “ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له ومن امسكتم خطاياه امسكت.”

نفخ= أصل الآية نفخ في وجوههم وذلك ليعطيهم سلطان الحل والربط (مت19:16+ مت18:18). وهذا غير ما حدث يوم الخمسين، فيوم الخمسين كان فيه سكنى الروح القدس في الناس، والنفخ ليعطيهم موهبة الروح القدس التي بها يغفرون الخطايا، (الذي يغفر هو الله وحده. ولكن إذا قلنا الكاهن يغفر فهذا يعنى أن الروح القدس الساكن في الكاهن هو الذي يغفر أو يُمسك الخطايا.ولكن العمل والقول يكون بواسطة الكاهن. كأن الكاهن يعلن الغفران الذي تم بالروح القدس. والروح القدس يستخدم يد الكاهن في نقل خطايا المعترف إلى حساب دم المسيح الكفاري. والخاطئ يقر بخطاياه أمام الروح القدس في حضرة الكاهن)، وكما نفخ الله في آدم فصار نفسًا حيَّة (تك7:2) وكما تنبأ حزقيال (10:37) فكان للقتلى حياة. هكذا أعطى المسيح إمكانية الحياة لكنيسته عن طريق الأسرار التي سيمارسونها. فهذه النفخة إذًا أعطت للتلاميذ سر الكهنوت. والرسل سلموا هذا السلطان الذي استلموه من المسيح لخلفائهم من الأساقفة فصارت الكنيسة جامعة رسولية.

ومن ينكرون سر الكهنوت يفسرون هذه النفخة أنها لكل المؤمنين بها يغفرون إساءتهم لبعض ولكن، هل هذا يحتاج إلى نفخة خاصة؟!

1) هذه النفخة كانت للتلاميذ، وهي تنتقل لخلفائهم بوضع اليد (1تى22:5+ أع2:13، 3). ومع وضع اليد ينفخ الأسقف في الكاهن الذي يضع يده عليه فهي ليست لكل الناس.

2) ما الداعي أن ينفخ المسيح في التلاميذ ليغفروا لبعضهم البعض إساءتهم وغفران الخطايا أصلًا هو الشرط لأن يغفر الله لنا (مت14:6، 15).

3) كيف يفسر من ينكرون الكهنوت قول المسيح هنا ومن أمسكتم خطاياه أمسكت. هل ينفخ المسيح فينا لنمسك خطايا البعض ضدنا، وهل هذا لا يتعارض مع (مت14:6، 15). حل هذا الإشكال الوحيد أن ما في (مت14:6، 15) هو لجميع الناس وما في (يو23:20) هو للتلاميذ ككهنة. والسيد أعطاهم هذا السلطان حينما أرسلهم ليكرزوا ومن يؤمن يغفروا خطاياه (في المعمودية والتوبة) فيستحق التناول من الإفخارستيا. ومن لا يؤمن أو يأتي للتناول بغير استحقاق لا تغفروا له خطاياه. وبالتالي يمنع من التناول.

 

آيات (24، 25): “أما توما أحد الاثني عشر الذي يقال له التوأم فلم يكن معهم حين جاء يسوع. فقال له التلاميذ الآخرون قد رأينا الرب فقال لهم إن لم ابصر في يديه اثر المسامير وأضع إصبعي في اثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن.”

واضح طبيعة الشك في توما. (إن الشخصية العقلانية تعرقل الإيمان القلبي البسيط) . ولكن توما في الحقيقة شخصية رائعة ولا يصح أن نقال عنه الشكاك. فهو محب للمسيح جدًا وكان على استعداد أن يذهب معه إلى أورشليم وهو عالم أنه إذا ذهب سيقتلونه مع المسيح (يو11: 16). لكنه لا يترك تساؤلا داخله ولايسأل عنه(يو14: 5) هو عقلاني وليس شكاك. ومثل هذا لا يحزن المسيح بل يدخل معه في حوار حتى يقنعه. خصوصا أن الرب لن يرسل للكرازة به من في داخله ذرة شك.

 

آية (26): “وبعد ثمانية أيام كان تلاميذه أيضًا داخلا وتوما معهم فجاء يسوع والابواب مغلقة ووقف في الوسط وقال سلام لكم.”

وبعد ثمانية أيام= أي يوم الأحد التالي. فهو يحصون اليوم الأول والثامن. ولم نسمع أن الرب نفخ في وجه توما. فالرب نفخ مرة واحدة لجسم الكنيسة كله. وهذه النفخة تصل بوضع اليد.

 

آية (27): “ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وابصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا.”

من تواضع السيد أنه يستخدم نفس الكلمات التي استخدمها توما كشروط لإيمانه. والمسيح أبقى على جروحه بعد قيامته لكي يثبت حقيقة قيامته ولكي يراها صالبوه ورافضوه وكل الأثمة فيحزنون وينوحون يوم الدينونة في يأس ويندمون على ما فعلوه، ويراها المؤمنين فيفرحون فهي سبب خلاصهم. هنا السيد يشفى إيمان توما.

 

آية (28): “أجاب توما وقال له ربي والهي.”

ربى وإلهي= يهوه إلوهيم= هي كلمات اليهودي في العهد القديم عن الله يهوه، قالها توما عن المسيح فتحققت بشارة القديس يوحنا “وكان الكلمة الله”. ولكن توما لم يضع يديه في جنب المسيح.

 

آية (29): “قال له يسوع لأنك رأيتني يا توما آمنت طوبى للذين آمنوا ولم يروا.”

كل من يطلب شهادة حواسه أو أن يرى معجزات ليؤمن، هو في درجة أقل لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان. والمسيح هنا يطوب من يؤمن دون أن يرى عبر كل الدهور فالإيمان هو الإيقان بأمور لا ترى.

 

آية (30): “وآيات آخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب.”

ما إهتم يوحنا بتسجيله من معجزات هو معجزات الخلق التي تثبت لاهوت السيد. آيات أخر = قوله أخر يعنى أن القديس يوحنا يعتبر أن ظهور يسوع هو آية بعد قيامته (شيء إعجازي). ولكن كلمة آية تعنى عمل يوصل حقيقة من عمله. فظهور يسوع يظهر حقيقته أنه ابن الله الحي الأبدي لم تكتب في هذا الكتاب= أي أنا لم أكتب قصة حياة المسيح كلها.

 

آية (31): “وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه.”

حياة بإسمه= ذكر الاسم يستدعى وجوده وحضوره بحسب فكر العهد القديم، فذكر اسم الله يعنى أن الله حاضراً وقائماً وفعالاً، لذلك كانوا يحظرون نطق اسمه لأن ذكر اسمه هو الدخول في حضرته، ولهذا كانوا يخافون أن يصعقوا أو يموتوا لو ذكروا اسمه. لذلك إستبدلوا اسم يهوه بكلمة الرب وباليونانية كيريوس. وبعد القيامة صار ذكر اسمه للحياة (أهمية ترديد صلاة يسوع). والإسم يشير لقدرات صاحبه وقوته، فالمسيح بفدائه القوى أعطانا حياة أبدية.

لماذا كتب يوحنا إنجيله؟

1- لكي تؤمنوا أن يسوع الذي من الناصرة الذي ولدته العذراء وصلب وقام هو المسيح ابن الله، المسيا الذي تنبأ عنه كل الأنبياء. وهو رجاء إسرائيل كلها. وهو الذي يؤسس مملكة الله. يسوع هذا الذي رأيناه إنسانًا في وسطنا هو ليس من الأرض بل هو نفسه ابن الله.

2- لكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه= بهذا الإيمان تنالون الحياة الأبدية التي ظهرت في قيامة المسيح آمنتم= هو قبول المسيح والثقة فيه وإعطائه السيادة ليقود الحياة.

فاصل

فاصل

تفسير يوحنا 19 تفسير إنجيل القديس يوحنا
القمص أنطونيوس فكري
تفسير يوحنا 21
تفسير العهد الجديد

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى