تفسير إنجيل مرقس اصحاح 15 للقمص أنطونيوس فكري

(مر1:15-20):

“وللوقت في الصباح تشاور رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة والمجمع كله فأوثقوا يسوع ومضوا به وأسلموه إلى بيلاطس. فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول. وكان رؤساء الكهنة يشتكون عليه كثيرًا. فسأله بيلاطس أيضًا قائلًا أما تجيب بشيء انظر كم يشهدون عليك. فلم يجب يسوع أيضًا بشيء حتى تعجب بيلاطس. وكان يطلق لهم في كل عيد أسيرًا واحدًا من طلبوه. وكان المسمى باراباس موثقًا مع رفقائه في الفتنة الذين في الفتنة فعلوا قتلًا. فصرخ الجمع وابتدأوا يطلبون أن يفعل كما كان دائمًا يفعل لهم. فأجابهم بيلاطس قائلًا أتريدون أن أطلق لكم ملك اليهود. لأنه عرف أن رؤساء الكهنة كانوا قد أسلموه حسدًا. فهيج رؤساء الكهنة الجمع لكي يطلق لهم بالحري باراباس. فأجاب بيلاطس أيضًا وقال لهم فماذا تريدون أن افعل بالذي تدعونه ملك اليهود. فصرخوا أيضًا اصلبه. فقال لهم بيلاطس وأي شر عمل فازدادوا جدًا صراخًا اصلبه. فبيلاطس إذ كان يريد أن يعمل للجمع ما يرضيهم أطلق لهم باراباس واسلم يسوع بعدما جلده ليصلب. فمضى به العسكر إلى داخل الدار التي هي دار الولاية وجمعوا كل الكتيبة. وألبسوه أرجوانًا وضفروا إكليلًا من شوك ووضعوه عليه. وابتدأوا يسلمون عليه قائلين السلام يا ملك اليهود. وكانوا يضربونه على رأسه بقصبة ويبصقون عليه ثم يسجدون له جاثين على ركبهم. وبعدما استهزأوا به نزعوا عنه الأرجوان وألبسوه ثيابه ثم خرجوا به ليصلبوه.”

مرقس يكتب للرومان ويظهر لهم أن الحاكم الروماني لم يجد فيه شرًا، وأنه ليس ثائرًا أو مهيج سياسي. بل هي مؤامرة يهودية. وبيلاطس حكم سوريا واليهودية جزء منها من سنة 26م إلي سنة 36م. وكان فاسدًا قاسيًا. ولكن نجد الإنجيليين لا يشيرون إلي هذا، فهم يلقون كل التبعية على اليهود، إلاّ أنهم لم يبرأوا بيلاطس فهو حكم على من قد إعتقد ببراءته. ونلاحظ أن اليهود استخدموا عن المسيح لقب ملك اليهود ولم يستخدموا لقب المسيا الذي لن يفهمه بيلاطس. وبيلاطس سأل المسيح أنت ملك اليهود. فالتهمة التي وجهها اليهود للمسيح هي أخطر تهمة في ذلك الحين ولا يمكن أن يتهاون فيها بيلاطس وإلاّ حُسِبَ خائنا لقيصر. والمسيح لم ينكر أنه ملك ولكنه أوضح لبيلاطس أنه مُلك روحي ومملكته ليست من هذا العالم كما أوضح إنجيل يوحنا. ولكن بيلاطس أخيرًا أسلمه مع اقتناعه ببراءته. فهو فضل مصلحته الشخصية وأن تهدأ الفتنة عن الوقوف بجانب الحق.

وكان العسكر الرومان يهزأون به، ليس بشخصه ولكن بصفته ملكًا لليهود. فهم لا يحترمون اليهود وكانوا يهزأون بهم في شخصه.

وإكليل الشوك مؤلم جدًا، وهو به رفع عنا لعنة الخطية، وحمل لعنة الأرض. ونلاحظ في آية1 تشاور الرؤساء فجرًا لكي يصبح حكم الإعدام قانونيًا فصدوره ليلًا باطل بحسب الأعراف اليهودية.

(مر21:15-41)

آية(26): “وكان عنوان علته مكتوبًا ملك اليهود.”

ملك اليهود= قيل أن بيلاطس لغيظه من اليهود كتب هذا إعلانًا عن صلب ملك اليهود.

 

آية(27): “وصلبوا معه لصين واحد عن يمينه وآخر عن يساره.”

لقد إحتل اللصين المكانين الذين طلبهما من قبل يعقوب ويوحنا، يمينه ويساره لقد سَمَّر المسيح الخطية حتى لا تملك مرة أخرى. وبسط يديه ليمسك بكل الخليقة ويحملها بذراعيه ليقدمها للآب. وهو مازال فاتحًا ذراعيه فلنسرع بالتوبة ونرتمي بينهما.

 

آية(28): “فتم الكتاب القائل وأحصى مع آثمة.”

(أش12:53)

 

الآيات (29-31): “وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين آه يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام. خلص نفسك وانزل عن الصليب. وكذلك رؤساء الكهنة وهم مستهزئون فيما بينهم مع الكتبة قالوا خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها.”

قال لهُ المستهزئون “يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام” وانتشرت هذه العبارة سريعًا وصارت شاهدة عليهم بعد قيامته بعد 3أيام. بل هم نشروا خبر قيامته بعد 3أيام دون أن يدروا. وقولهم خلَّص آخرين= كان فيه اعتراف من رؤساء الكهنة والقيادات بأن أعماله كانت صالحة. وأنه أتى ليخلص آخرين وليس نفسه.

 

آية(33): “ولما كانت الساعة السادسة كانت ظلمة على الأرض كلها إلى الساعة التاسعة.”

في اللحظة التي صدر حكم الموت على آدم وحواء وأدركا أنهما تحت حكم الموت، سادت الظلمة على الأرض ليحمل آدم الجديد ذات الحكم وهو معلق على الشجرة.

لهذا فالظلمة هنا تشير إلى السلطان الذي أعطى للظلمة على السيد المسيح إلى حين كقوله “هذه ساعتكم وسلطان الظلمة” (لو53:22).

فآدم خالف الوصية في اليوم السادس وفي حوالي الساعة السادسة (كما جاء في التكوين أن صوت الرب كان ماشيًا في النهار). وسادت الظلمة بالخطية على العالم إلى أن أنهاها المسيح بموته في الساعة التاسعة.

 

آية(34): “وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلًا الوي الوي لما شبقتني الذي تفسيره الهي الهي لماذا تركتني.”

إلهي إلهي لماذا تركتني = لن نستطيع فهم هذه العبارة تمامًا، كما لن نستطيع فهم آلام المسيح تمامًا ولكننا نقف صامتين أمام عظمة كفارة المسيح.

 

آية(37): “فصرخ يسوع بصوت عظيم واسلم الروح.”

 وأسلم الروح= موته لم يكن بأسباب طبيعية بل بسلطانه أسلم روحه لذلك لم يقل أيٌ من البشيرين أنه مات بل هو أسلم الروح طواعية. والمسيح بعد أن أسلم الروح نزل إلى الجحيم يكرز لهم ويخرج من مات على الرجاء من أباء العهد القديم (1بط19:3+أف9:4،10).

 

آية(38): “فانشق حجاب الهيكل إلى اثنين من فوق إلى اسفل.”

شق حجاب الهيكل يشير لأن اليهود صاروا غير مستحقين لوجود الله في وسطهم وكما غادر الرب الهيكل مرة سابقة فخربه البابليين (حز18:10+23:11) فارقه هذه المرة أيضًا فحطمه الرومان سنة 70م.

 

آية(41): “اللواتي أيضًا تبعنه وخدمنه حين كان في الجليل وآخر كثيرات اللواتي صعدن معه إلى أورشليم.”

النساء تبعن السيد في شجاعة بينما الرجال هربوا.

(مر42:15-47):

“ولما كان المساء إذ كان الاستعداد أي ما قبل السبت. جاء يوسف الذي من الرامة مشير شريف وكان هو أيضًا منتظرا ملكوت الله فتجاسر ودخل إلى بيلاطس وطلب جسد يسوع. فتعجب بيلاطس أنه مات كذا سريعًا فدعا قائد المئة وسأله هل له زمان قد مات. ولما عرف من قائد المئة وهب الجسد ليوسف. فاشترى كتانا فأنزله وكفنه بالكتان ووضعه في قبر كان منحوتًا في صخرة ودحرج حجرًا على باب القبر. وكانت مريم المجدلية ومريم أم يوسي تنظران أين وضع.”

  •  دفن المسيح يشير إلى أنه مات موت حقيقي (1كو3:15-5)
  •  مات هكذا سريعاً= كانت آلامه الجسدية والنفسية والروحية التي لن نستطيع أن نتصورها ولا نفهمها ولا ندركها. لكنه هو الذي أسلم روحه بإرادته بعد أن أنهى مهمته في خلاص الإنسان (إش8:53). من الضغطة والدينونة أخذ، بينما أن المصلوب العادي قد يستمر مصلوباً لأكثر من يوم قبل أن يموت.
  •  ولما كان المساء إذ كان الاستعداد. أي ما قبل السبت= كل يوم جمعة يسمى الاستعداد للسبت. ولكن هذا السبت كان عظيمًا لأنه الفصح. لقد مات المسيح يوم الجمعة أي اليوم السادس، ليستريح في السابع، وراحته كانت بأن أكمل لنا الفداء.

    فاصل

    إنجيل معلمنا مرقس: 12345678910111213141516

    تفسير إنجيل معلمنا مرقس: 12345678910111213141516

 

زر الذهاب إلى الأعلى