تفسير يشوع ابن سيراخ 45 للقمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاح الخامس والأربعون
تمجيد موسى وهرون وفينحاس خائفي الرب

اهتم ابن سيراخ بالكشف عن شخصية أخنوخ الفريدة في وسط ظلمة العالم قبل نوح الذي بأسرته يُمَثِّلون كنيسة العهد الجديد المحفوظة في فلك وسط الطوفان، ثم تحدَّث عن إبراهيم أب المؤمنين وإسحق ثم يعقوب. الآن خلال نسل يعقوب نشأ شعب الله، وصارت له شريعة الله دستورًا. استلم موسى الشريعة، وأُقِيم هرون رئيس كهنة وشفيع عن الشعب، ثم فينحاس الذي لم يطق الفساد خاصة بين الكهنة. أعلن عمليًا أنه لا شركة بين النجاسة (الزنا) والقداسة. فالله القدوس يُقِيم كنيسة مقدسة!

1. موسى يُمَجّد الله

     

[1 –5] (ت: 1 –6)

2. هرون يُمَجِّد الله

     

[6 –22] (ت: 7 –27)

3. فينحاس يُمَجِّد الله

     

[23 –26] (ت: 28 –31)

* من وحي سيراخ 45: اكشف لي عن خطتك من نحوي!

1. موسى يُمَجِّد الله

كُرِّم موسى بين القديسين، فاتحًا باب الرجاء لكل المؤمنين، فقد تعثَّر في بعض المناسبات (خر 4: 13-15؛ 5: 11-23؛ عد 20: 11-12)، لكنه تاب وتبع الله. لذلك كَرَّمه الله [3] وقَدَّسه [4].

أقام الرب من نسله رجل رحمة، الذي وجد نعمة في أَعيُن كلّ بشرٍ،

المحبوب من الله والإنسان، موسي، الذي ذِكْره مبارك [1].

أقام الرب من نسل يعقوب موسى، دعاه هنا “رجل رحمة“. وهو أول قائد لشعب الله، اختاره ليُحَرِّرَهم من عبودية فرعون، بدالة وقف أمام غضب الله يُعلِن حُبَّه لهم، إذ قال: “الآن إن غفرت خطيتهم، وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت” (خر 32: 32). شفع فيهم معطيًا الأولوية لهم عن نفسه، كرجل رحمة نال نعمة في عيني الله، وفي أعين البشر، ليس فقط في عصره، وإنما عبر الأجيال. أحبه الله والناس، صار مُجَرَّد ذكره يُحسَب بركة [1].

جعل مجده كمجد القدّيسين، وجعله عظيمًا يرهبه أعداؤه [2].

وصف موسى بكونه مساويًا في المجد مع القديسين. تطلَّع إلى موسى الذي كان وجهه يلمع كانعكاس لمجد الله عليه (خر 34: 33-35؛ 2 كو 3: 13)، إذ كان يتحدَّث مع الله وجهًا لوجه.

أعطاه الرب رهبة أمام أعدائه، جاء في المخطوط اليوناني أنه كُرِّم مثل الله (الذي أرسله). وضع موسى النبي في مواجهته لفرعون (خر 5: 1) منهجًا للأنبياء فيما بعده حيث واجهوا ملوكًا بشجاعةٍ بلا خوفٍ مثل: صموئيل مع شاول الملك (1 صم 15: 16)، ناثان مع داود الملك (2 صم 12: 7-12)، وحناني الرائي مع آسا ملك يهوذا (2 أي 16: 7)، وإيليا مع أخآب الملك (1 مل 17: 1)، وميخا بن يملة مع أخآب الملك (1 مل 22: 8)، وإشعياء مع آحاز، وإرميا مع صدقيا.

بكلامه أوقف آيات، والربّ مَجَّده أمام الملوك،

وأعطاه وصايا من أجل شعبه، وأراه مجده [3].

وهبه صنع آيات وعجائب (مز 15-17)، ومَجَّده أمام الملوك. كان “يكلم الرب موسى وجهًا لوجه، كما يكلم الرجل صاحبه” (راجع خر 33: 11)، سلَّمه الشريعة التي تُحسَب تجسيم للحكمة الإلهية (خر 20-23)، وأراه شيئًا من مجده (خر 24، 33)، ودخل مع الله في ميثاق.

قَدَّسه من أجل أمانته ووداعته،

واختاره من بين جميع البشر [4].

اتَّسم بالأمانة والوداعة (عدد 12: 3)، وهو مدين في هذا للقدوس الذي قَدَّسه بهاتين السمتين، واختاره من بين جميع البشر.

أسمعه صوته، وقاده في الغمام المُظلم،

وأعطاه الوصايا وجهًا لوجه،

شريعة حياة ومعرفة ليُعَلِّم يعقوب العهد وإسرائيل أحكامه [5].

الغمام الذي قاده الله فيه يشير إلى دخوله في السحاب ليسمع كلمات الرب على جبل سيناء (خر 19: 16-19؛ 20: 21)، وأعطاه فهمًا وحياة مقدسة (تث 4: 6؛ 30: 15)، حتى يستطيع أن يُعَلِّم إسرائيل (تث 4: 14؛ مز 47: 19).

v قام موسى أيضًا وصنع حسنًا مع الله، وأقام جبهة للإيمان حسب استطاعته.

ازداد جمالًا ساميًا بالتواضع، واقترب من الله بالإيمان.

جمُل واستنار إلى أن صار إناءً مختارًا، لتستخدمه النبوة بغزارة.

صار باطنيًا بمحبة نفسه لله، إلى أن جعله مثل وكيلٍ لكل خزينته.

أَحَبّ شعب الرب وقت الضيق والاضطهاد، فأخذ عاره وترك غِنَى كل مصر[1].

القديس مار يعقوب السروجي

2. هرون يُمَجِّد الله

غَطَّى السفر هنا شخصية هرون ودوره أكثر من موسى، ليس لأنه أعظم من موسى، وإنما ليؤكد أن الله عامل في القادة عبر الأجيال، خاصة الكهنة. يبدأ هنا بهرون كأول رئيس كهنة، وينهي الحديث بسمعان بن أونا رئيس الكهنة المعاصر لابن سيراخ (50: 1- 12).

جاء الحديث عن هرون كأول رؤساء الكهنة في سبعة عشر عبارة أكثر من أي بطل مذكور في هذا السفر ما عدا رئيس الكهنة سمعان بن أونيا (50: 1-21)، ذلك لأن هذا يُعتبَر الوحيد بين الأسفار الحكمية الذي اهتم بالعمل الكهنوتي والعبادة الليتورجية.

 جاءت القصيدة بخصوص هرون في جزئين: ثيابه (45: 6- 13)، والذبائح التي يُقَدِّمها (45: 14-22). فثياب البهاء وحلته المجيدة مع بقية الثياب تشير إلى السيد المسيح الذي يلتحف بكنيسته المقدسة التي بلا لومٍ كثوبٍ له يعكس بهاءه عليها ويُقَدِّسها. أما الذبائح فتشير إلى ذبيحة المسيح الفريدة.

استلم موسى الشريعة التي تقوم على وجود ميثاق بين الله والشعب، فصارت هناك حاجة إلى القداسة التي هي عطية القدوس، يتمتَّع بها المؤمنون خلال العبادة الروحية والكهنوت الذي هو ظل لكهنوت المسيح. ما أراده سيراخ من سلسلة أبطال إسرائيل هو: التركيز على الإخلاص لله في عبادة حقيقية، وعدم الإخلاص يجلب موتًا.

عظَّم هارون، قديسًا نظير موسى أخيه، من سبط لاوي [6].

كان هرون مُقَدَّسًا نظير أخيه. كان دور موسى كنبيٍ أخذ الإعلان من الله وتبليغه إلى الشعب، في حين دور هرون ككاهنٍ هو رفع توبة الشعب وطلباتهم وذبائحهم إلى الله، وبهذا يكتمل عملهما.

قطع معه عهدًا أبديًا، وجعله كاهن الشعب. باركه بنظامٍ كهنوتي بهي، وسربله بحلّة مجيدة[2] [7].

ركَّز ابن سيراخ على أن الله قد أودع عطية الكهنوت وممارسة العبادة لهرون وأبنائه. ما يؤكده ابن سيراخ أن الله هو الذي عَيَّن عبادة إسرائيل له، مقدمًا بركاته الإلهية لشعبه، لذلك إذ اغتصب داثان وأبيرام وقورح لسلطان الكهنة عاقبهم (عد 16، 26) لتكفيره عن إثم إسرائيل.

ألبسه كمال الفخر[3]، وثبّته برموز القوة، وألبسه سروالًا كتانيًا ورداءً طويلًا وأفودًا [8].

وجعل حوله رُمَّنات مع جلاجل كثيرة من ذهب حوله، كانت ترن مع كل خطوة من خطاه،

ويُسمَع صوتها وهو يسير في الهيكل، ذكرًا لبني شعبه [9].

وحُلَّة مُقدَّسة من ذهب وزنابق وأرجوان مُطَرَّز، وصدرة القضاء بها الأوريم والتميم،

ونسيجها من قرمز صنع نسَّاج حاذق [10].

وعليها حجارة كريمة كنقش الختم، مُرصَّعة بالذهب،

صنع نقاش جوهر منقوشة بحسب عدد أسباط إسرائيل [11].

ورد وصف هذه الثياب الفخمة الثمينة في (خر 28)، وأعطى الله الحكمة للصناع حتى يصنعوها بحذقٍ، كما نُقِشَت أسماء أسباط إسرائيل على حجارة كريمة، أي على كتفه اليمنى وعلى اليسرى، إذ يتقدَّم بنو إسرائيل جميعًا إلى الله من خلال هرون. وكانت الرمانات تعمل مثل أجراس لتنبيه بني إسرائيل عند حركته، كما زيَّنه بالأوريم والتُّميم، وهي حِجارَةٌ كَريمةٌ معناها الكمالات والأنوار، وكان بنو إسرائيل يستطلعون رأي الله من خلال اتجاه أشعتها (خر 28: 6).

وكان على العمامة الكهنوتية إكليل من ذهب، شكل الختم المقدس،

علامة امتياز الكرامة، من صنع خبير، بهجة العيون لغِنَى زينته [12].

لم يكن لكل هذا مثيل قبله في الجمال، ولم يلبسها غريب فيما قبل،

إنما يلبسه بنوه ونسله وحدهم على الدوام [13].

كانت ذبائحه مُحرَقة كاملة تمامًا، تُقدَّم كل يومٍ مرتين بلا انقطاع [14].

ذبيحة الصباح وذبيحة المساء وهما عبارة عن مُحرَقة للرب تقدم عن الشعب مرتين يوميًا.

موسى هو الذي سامه، ومسحه بالدهن المقدس،

فصار ذلك عهدًا أبديًا له ولنسله إلى الأبد،

ليخدم الرب، يخدم ككاهنٍ ويبارك شعبه باسم (الربّ) [15].

يقارن القديس إكليمنضس السكندري[4] بين هرون رئيس الكهنة والمرأة الخاطئة:

  1. تَمتَّع هرون بمسحه بالدهن المقدس، فصار ذلك عهدًا أبديًّا له ولذريته (سي 45: 15)؛ وأثمن ما كان لدى المرأة الخاطئة الطيب الذي سكبته على السيد المسيح.
  2. ارتدى هرون إكليلًا من ذهب (سي 45: 12)، والمرأة الخاطئة مسحت قدميّ السيد بشعر رأسها الذي يُعتبَر تاج المرأة وإكليلها.
  3. إذ لم تكن بعد قد دخلت في شركة مع رب المجد كخاطئة سكبت دموع التوبة.

اختاره من بين جميع الأحياء،

ليُقَرِّب التقدمة للرب، البخور ورائحة الرضى كذكرى، ويُكَفِّر عن شعبك [16].

كان الكهنة مسئولون عن تقديم البخور وتعليم الشعب وتفسير الشريعة (تث 31: 9-13؛ 33: 10) ولهم السلطة والحق في نظر القضايا الصعبة [17] (راجع تث 17: 8-12؛ 21: 5).

وأعطاه سلطانًا بوصاياه على أحكام الشريعة، ليُعلِّم يعقوب الشهادت،

ويُنِير إسرائيل في شأن شريعته [17].

يوضح سيراخ التكامل بين العبادة والطاعة للوصية الإلهية، بكونها مصدر الحكمة السماوية.

تآمر عليه غُرباء، وحسدوه في البريّة،

الرجال الذين اجتمعوا مع داثان وأبيرام وجماعة قورح في سخطٍ وغضبٍ [18].

مارس هرون الكهنوتً لمدة أربعين سنة، وقد ثبَّت الرب كهنوته ضد الثائرين عليه وهم قُورَحَ وداثانَ وأبيرامِ، الذين حاولوا تقديم نار غريبة للرب، فهلكوا مع مائتين وخمسين من جماعتهم (عد 16)، وأما تثبيت الرب لكهنوته فجاء عن طريق قضيب اللوز الذي أزهر وأفرخ (عد 17: 8).

رأى الربّ ذلك فلم يرضَ، فأُبيدوا في سخط غضبه،

أجرى ضدهم عجائب وأفناهم في ناره المُلتهِبة [19].

أشار ابن سيراخ إلى تمرُّد قورح وداثان وأبيرام الذين تحدُّوا هرون وموسى (عد 16: 3)، صارت هذه الجماعة أعجوبة حيث ابتلعتهم الأرض فجأة مع ظهور نار حَطَّمت الذين جروا وراءهم.

وزاد هارون مجدًا، وأعطاه ميراثًا، وقسم له أول بكور الثمار،

وأَعدَّ له الخبز من البكور بفيضٍ [20].

زاد الرب مجد هرون بتخصيص اللاويين لمعاونة الكهنة، ومنح الكهنة نصيبًا في الذبائح (لا 24: 5-9؛ عد 18: 5-9). وإذ صار الرب نفسه نصيبًا لهم وميراثًا، لم يرث اللاويين نصيبًا في أرض الموعد (عد 18: 20).

فإنهم يأكلون من ذبائح الربّ،

التي أعطاها له ولنسله [21].

إلا أنه لم يرث في أرض الشعب، ولم يكن له نصيب فيما بين الشعب،

لأنه الربّ نفسه هو نصيبه وميراثه [22]

كثير من الخدام عاشوا على الكفاف، لكنهم لم يشعروا بالعوز، ولا تطلعوا إلى مكافأة زمنية، إنما تمتَّعوا بالوعد الإلهي أن الرب نفسه هو نصيبهم، هذا هو ميراثهم الأبدي.

3. فينحاس يُمَجِّد الله

فينحاس اسم عبري، معناه “فم النحاس”، وهو ابن ألعازر بن هارون.

بعد ذلك فينحاس بن ألعازار هو الثالث في المجد، عندما أظهر غيرته في مخافة الربّ،

ولأنه ثَبَت عند ارتداد الشعب، بصلاح غيرة نفسه[5]، فكفَّر عن إسرائيل [23].

بقوله “الثَّالِثُ في المَجْد” يعني الجيل الثالث من هرون (خر 6: 25)، وهو بمثابة الوارث في الكهنوت في العهد القديم. مصدر كرامته التزامه بعبادة الله ووضع حدود بين المؤمنين وعابدي الأصنام (عد 25: 1-9). غار غيرة الرب عندما زنى الشعب مع بنات موآب، فقام بقتل زمري بن سالو رئيس بيت الشمعونيين مع المرأة المديانية كزبى بنت صور، فامتنع الوبأ ونال من الرب ميثاق عهد سلام له ولبنيه، وظلت رئاستهم للكهنوت حتى خراب الهيكل سنة 70 م [24].

لذلك أُقام (الربّ) معه عهد سلام، لكي يكون مسئولًا عن المقدس[6] وقائدًا لشعبه،

فتبقى له ولنسله عظمة الكهنوت مدى الدهور [24].

وقُطِع عهدًا مع داود بن يسى من سبط يهوذا،

لكنّ ميراث المُلك ينتقل من ابن إلى ابن فقط، وأما ميراث هرون فلنسله [25].

إذ تحدَّث سيراخ عن هرون رئيس الكهنة وفينحاس الكاهن، أراد تأكيد التمييز بين العهد الكهنوتي الهاروني والعهد الملوكي الداودي، لتأكيد أن الكهنوت خاص بسبطٍ واحدٍ، وهو سبط لاوي، والملوكية خاصة بسبط يهوذا. العهدان متكاملان لكن ليس من حق الكاهن أن يجلس ملكًا على عرش إسرائيل، ولا من حق الملك أن يغتصب العمل الكهنوتي.

  1. إن كان سبط داود قد انفرد بالملوكية غير أن ميراثه يُسَلَّم من ابنٍ واحدٍ إلى ابنٍ واحدٍ، أما ميراث هرون فليس لابنٍ بل لنسله [25].
  2. ظهرت ملوكية إسرائيل وكهنوته في رؤى زكريا النبي ليسا زيتونة واحدة بل زيتونتان (زك 4: 3)، حتى لا يغتصب سبط ما هو للسبط الآخر. وقد تم تكاملهما كرمزٍ للسيد المسيح الذي وحده هو ملك الملوك (رؤ 19: 16) وفي نفس الوقت رئيس الكهنة السماوي (عب 8: 1).

العاملان الكهنوتي والملوكي يشرقان بالنور خلال زيت نعمة الله ليتمتَّع شعب الله بالاستنارة، أما السيد المسيح فهو نور العالم (يو 9: 5) الذي يهب المؤمنين من كل الشعوب أن يصيروا نورًا للعالم (مت 5: 14).

  1. خلال الناموس كان شعب اللهمحتاج إلى الزيتونتين معًا، إحداهما عن يمين الكوز المملوء بزيت النعمة، والأخرى عن يساره (زك 4: 3). هذا التكامل للعمل معًا ظهر قبل الناموس في شخص ملكي صادق الذي هو ملك ساليم وفي نفس الوقت كاهن الله العلي (عب 7: 1).

ليعطيكم الربّ الحكمة في قلوبكم، لكي تحكموا شعبه بالعدل،

فلا تزول خيراتهم، ويبقى مجدهم مدى أجيالهم [26].

إن كان نسل هرون قد تمتَّع بالعهد الإلهي لممارسة العمل الكهنوتي، لكنهم كانوا محتاجين إلى الصلاة عنهم، شعر سيراخ بهذا، فكان يصلي عنهم، قائلًا: “ليعطيكم الربّ الحكمة في قلوبكم لكي تحكموا شعبه بالعدل” [26].

هذا ما يطلبه الشماس من الشعب في القداس الإلهي والليتورچيات، قائلًا: “صلوا واطلبوا عن أبينا البابا البطريرك” كما يسأل نفس الأمر بخصوص الأساقفة والكهنة والشمامسة.

لماذا صلَّى ابن سيراخ من أجل رؤساء الكهنة والكهنة الذين من نسل هرون؟ بلا شكٍ كانت نفس سيراخ مُرَّة، لأن بعض الأشخاص اشتروا الكهنوت من الملوك السلوقيين في القرن الثاني ق.م. ليخدموا في الهيكل بأورشليم. إن كان الكاهن يُصَلِّي طالبًا البركة للشعب، فإن ابن سيراخ يتلامس مع البركة التي تحلّ على كهنة الله من أجل خدمتهم شعب الله.

v قام فينحاس وصنع ظفرًا بسبب الزناة وأبان غيرته: ومدى قربه من الله.

عمله يشهد كم كان ضميره يقظًا، لأنه طرد الزنا من المعسكر ببرِّه.

انظر إلى فعله، ومنه تتعرَّف على محبته: كم كان يهتم أن يزيل الشر من شعبه.

كانت نفسه مقدسة ونقية وتبغض الزنا، فرمى الزناة بالرمح حتى يُبطل الشر.

قام في الصلاة ومنع الموت عن كثيرين، وبالشخصين اللذين قتلهما أنقذ آلافا لئلا يبادوا[7].

القديس مار يعقوب السروجي

من وحي سيراخ 45

اكشف لي عن خطتك من نحوي!

v يا للعجب كيف كان فرعون بكل جبروته يخشى الطفل العبراني موسى!

تربَّى في بيت فرعون العنيف، ولم يُدرِك أن الطفل الذي في بيته رجل رحمة!

لم تُفارِق الرحمة قلبه من طفولته إلى يوم نياحته!

وهبته روح القوة والقداسة، فصنع آيات أمام الملوك.

أظهرت له مجدك وسلَّمته الشريعة.

أملت أذنك، واستعذبت شفاعته في الشعب عندك.

كان موضوع رضاك من أجل أمانته ووداعته.

v قطعت مع هرون عهدًا، فارتدى ثوب الكهنوت البهي.

مع كل خطوة في الهيكل يتهلل السمائيون لصوت الجلاجل التي في هدب ثوبه!

يحمل على صدرته أسماء الأسباط الاثني عشر.

نُقِش على عمامته “قدس للربّ”.

قبلت ذبائحه اليومية النهارية والليلية وبخوره العطِر.

رفعته في أعين السمائيين والأرضيين،

إذ لم تعطه نصيبًا في أرض الموعد،

لأنك أنت هو نصيبه.

v التهب قلب فينحاس حفيد هرون بالمخافة الإلهية.

لم يَقْبَل الصمت على كاهن يزني مع سيدة وثنية.

قدَّست نفس فينحاس، وبصلاته الطاهرة مُنع الموت عن كثيرين!

ماذا أطلب إلاَّ أن تقود حياتي بالقداسة والأمانة.

فيكون لي نصيب في أحضانك الأبدية!

_____

[1] الميمر 63 على محبة الله للبشر وعلى محبة الأبرار (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوني).

[2] بحسب الأصل اليوناني εὐκοσμία تعني باركه بمنزلة جيدة.

[3] بحسب OSB: boasting والكلمة اليونانية καύχημα تعني honour.

[4] Paedagogus, FOTC, Vol. 23, p. 146-147.

[5] Soul.

[6] Sanctuary.

[7] الميمر 63 على محبة الله للبشر وعلى محبة الأبرار (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوني).

زر الذهاب إلى الأعلى