تفسير رسالة تيموثاوس الأولى أصحاح 6 للقمص أنطونيوس فكري

شرح تيموثاوس الأولى – الإصحاح السادس

 

آية 1:- “جَمِيعُ الَّذِينَ هُمْ عَبِيدٌ تَحْتَ نِيرٍ فَلْيَحْسِبُوا سَادَتَهُمْ مُسْتَحِقِّينَ كُلَّ إِكْرَامٍ، لِئَلاَّ يُفْتَرَى عَلَى اسْمِ اللهِ وَتَعْلِيمِهِ.”

نادت المسيحية بالمساواة بين جميع الناس المعمدين (غل 3: 28) ولكنها لم تشأ أن تقحم نفسها في محاربة الأوضاع الاجتماعية السائدة، ومنها نظام الحكم أو نظام العبودية. وكانت رسالتها روحية لتحرير الإنسان من خطاياه وبناء شخصيته لحياة أبدية، فلم تطالب العبيد بالثورة طلبًا للمساواة بل أن يكرموا سادتهم. لو تمرد العبيد بسبب المسيحية لكان في هذا سببًا للتجديف على المسيحية. ولقد عالج بولس موضوع العبيد في (أف 6: 5-9) + (كو 3: 22) + (فل 8، 21) وهذه الآية. ونجده هنا في هذه الآية ينظر من وجهة نظر العبد. وفي رسالة فليمون ينظر من وجهة نظر السيد. وفي كلًا من كولوسي وأفسس يخاطب كلا السادة والعبيد دون أن يهاجم الرسول أحقية الأسياد في ملكيتهم للعبيد. فالثورة لا تلد إلا ثورة مضادة والعنف والدماء لا يجلبا سوى عنف ودماء أما المحبة فلا تسقط أبدًا.

بل أن بولس اهتم بأن العبد عليه أن يلتزم بالخضوع لسيده، كما قدم للسادة وصايا بالحب لعبيدهم فكأنه كان يهدم النظام من جذوره، هذا الكلام كان موجهًا لنظام كان يسمح للسيد أن يقتل عبده وقتما شاء.

شعر الرسول بآلام العبيد وأنهم تحت نير رهيب وأنه لا يستطيع أن يعمل لهم شيء لرفع هذا النير، فقدم لهم السيد المسيح ليرفع عن نفوسهم كل نير مادي أو نفسي بحياتهم الجديدة في المسيح، إذ يشعرون أنهم محبوبين من المسيح وأنه شريك آلامهم، بل هو بالمسيح الذي فيه وطاعته ومحبته لسيده سيعلن المسيح لسيده، ويجذب سيده للإيمان بالمسيح بالحب، وتاريخيًا استطاع كثير من العبيد أن يجذبوا سادتهم للمسيحية، وهكذا سلك يوسف في بيت فوطيفار فأحبه فوطيفار. وكثير من السادة ثاروا على هذا النظام الجائر.

 

آية 2:- “وَالَّذِينَ لَهُمْ سَادَةٌ مُؤْمِنُونَ، لاَ يَسْتَهِينُوا بِهِمْ لأَنَّهُمْ إِخْوَةٌ، بَلْ لِيَخْدِمُوهُمْ أَكْثَرَ، لأَنَّ الَّذِينَ يَتَشَارَكُونَ فِي الْفَائِدَةِ، هُمْ مُؤْمِنُونَ وَمَحْبُوبُونَ. عَلِّمْ وَعِظْ بِهذَا.”

كثير من السادة كانوا مؤمنين فما موقف العبيد المسيحيين منهم؟ على العبد طاعة سيده بأمانة والخضوع له بكل طاعة، حقًا المسيحية أعلنت الأخوة بين الجميع (غل 3 : 28) + (كو 3: 11) ولكن علينا أن لا نسلب كرامة أحد، فالابن يخضع لأبيه، والعامل لرئيسه.

وإن كان يجب خضوع العبد لسيده هكذا، فكم ينبغي أن نخضع لله. لأن الذين يتشاركون في الفائدة = لأن هؤلاء أي السادة الذين يستفيدون من خدمتك أيها العبد هم سادتك وهم مؤمنون وهم محبوبون منك لأنهم مؤمنون، فلماذا تعطل فائدتهم بتمردك. والترجمة في الإنجليزية هي ” لأن هؤلاء الذين يستفيدون من خدمتكم هم أيضًا مؤمنون ومحبوبون”. علم وعظ بهذا = بأن العبد يخضع لسيده، ويحيا حياة التقوى في المسيح.

 

آيات 3-5:- “إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيمًا آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الصَّحِيحَةَ، وَالتَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى، فَقَدْ تَصَلَّفَ، وَهُوَ لاَ يَفْهَمُ شَيْئًا، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّلٌ بِمُبَاحَثَاتٍ وَمُمَاحَكَاتِ الْكَلاَمِ، الَّتِي مِنْهَا يَحْصُلُ الْحَسَدُ وَالْخِصَامُ وَالافْتِرَاءُ وَالظُّنُونُ الرَّدِيَّةُ، وَمُنَازَعَاتُ أُنَاسٍ فَاسِدِي الذِّهْنِ وَعَادِمِي الْحَقِّ، يَظُنُّونَ أَنَّ التَّقْوَى تِجَارَةٌ. تَجَنَّبْ مِثْلَ هؤُلاَءِ.”

غالبًا كان قد انتشر في أفسس أفكار من بعض المعلمين المسيحيين عن ثورات ضد السادة، وكان هناك خطباء يثيرون العبيد، وكان هذا ضد ما يعلم به الرسول عن طريقة المسيح في تغيير النفوس، فالمسيح هو الذي علَّم أن نخضع في حب ونترك الرداء ونسير الميل الثاني. فخضوع العبيد هو التعليم الصحيح ومن يقول بغير ذلك فتعليمه مرفوض من الله وهو يعارض التقوى ويكون كلامه سفسطة وصلف أي هو معجب بأفكاره فيتسبب في منازعات ينتج عنها الخصام. أما الرسول فكان مهتمًا أن كل إنسان يهتم بالتقوى وليس بالثورات مهما كان مركزه. وهذا ما قصده في الآية السابقة “علم وعظ بهذا” أن العقيدة المسيحية هي امتزاج العقيدة بالسلوك العملي، روح التقوى العملية. ومن ينحرف عن ذلك فهو يعلم من عنده ومن فلسفته، وهذا يكون متكبرًا وهو لا يعلم بأفكار الروح القدس. والكبرياء يحول الإيمان إلى مماحكات ومباحثات غبية تفسد حياة الإنسان الروحية وتنزع عنه روح التقوى وتدفع بالكنيسة إلى الخصام والافتراءات والظنون الرديئة، وتنشأ نزاعات فاسدة كلها خبث ودهاء واحتيال ليس فيها شيء من الحق. بهذا تتحول التقوى إلى تجارة إذ يعمل أصحاب المنازعات لا لحساب المسيح وبنيان الكنيسة وإنما لحسابهم الخاص.. لذا يؤكد الرسول تجنب مثل هؤلاء “ولا ينبع التصلف عن المعرفة إنما عن عدم المعرفة، فمن يعرف تعاليم التقوى يميل بالأكثر إلى الاتضاع” من أقوال يوحنا فم الذهب.

 

آية 6:- “وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ.”

الرسول إذ تكلم عن من يحولون الحياة التقويَّة إلى تجارة كان المقصود هؤلاء المتكبرين الذين يريدون بأفكار فلسفاتهم اكتساب جماهير تؤيد آرائهم الخاصة وتزداد شعبيتهم وكان هذا من خلال مواقفهم الداعية للثورة ضد الأسياد، وهنا في هذه الآية يلمس الرسول طائفة أخرى من المعلمين يكتسون بثياب الدين من أجل ربح مادي، هؤلاء يتاجرون بالدين، مثل من يدعو لتجارته عن طريق التبرع للكنيسة، أو أي طريق يبدو كأنه طريق روحي ولكن الهدف منه الكسب المادي. والرسول يقول إن التجارة الحقيقية العظيمة هي التقوى مع القناعة، فيها يربح الإنسان السلام على الأرض والفرح الحقيقي وينعم بالمجد في السماء. يعيش على الأرض في سلام يفوق كل عقل شاعرًا بِغِنَى النفس، فمن هو قانع تجده شاكرًا دائمًا لا يظلم أحد. على من يظن أن الدين تجارة، عليه أن يعلم أنه تجارة فعلًا، ولكنها ليست كسب ماديات بل تجارة نكسب بها السماء، هذا إن كان هناك تقوى وقناعة، ولنرى مثالًا فإن أبينا إبراهيم ترك للوط النصيب الأكبر، فخسر لوط كل شيء وكسب أبينا إبراهيم كل شيء. فكلما ترك الإنسان محبة العالم وراء ظهره أشبعه الله روحيًا ونفسيًا وماديًا أيضًا، كلما زهد الإنسان فيما للعالم يعطيه الله بالأكثر إذ لا يخشى عليه من أمور العالم.

 

آيات 7، 8:- “لأَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ. فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ، فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا.”

ما يدعو للقناعة أننا لن نأخذ معنا شيئًا حين نغادر الدنيا والأجدر بنا أن نعمل للحياة الأخرى الأبدية، نعمل هنا لمجرد أن نعيش فنحن عابرون في هذه الحياة غير خالدين فيها، نريد منها ما يكفي قوت الجسد وما نلبسه فقط ولكن نحيا بقوة الروح حتى نخرج منها، أما من يشتهي غني هذا العالم فيعيش في فقر داخلي لا تقدر أمور العالم أن تشبعه.

 

آيات 9، 10:- “وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ.”

أما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء = ولم يقل الذين هم أغنياء فالغنى ليس شرًا إن:

  1. استخدم الغني ماله بطريقة صحيحة وخدم به من هم فقراء محتاجين.
  2. لا يبالغ في تقييمه للمال.
  3. لا يسعى بشراهة لزيادته فمن يحبون المال لذاته يدفعهم حب المال لارتكاب الشرور كالرشوة والسرقةوالظلم والكراهية بل والقتل (مت 6: 24) + (يع 4: 4). وينطبق هذا على الفقير الذي يظل يحلم بالغنى ولا يقتنع بما هو فيه (مر10: 24، 25).

ليس الغني وإنما الاستعباد للغنى هو الذي يدفع الإنسان إلى الدخول في تجارب وفخاخ وشهوات كثيرة غبية مضرة تدفع الناس للهلاك. ومن وجد الشبع في يسوع حقًا سيدرك تفاهة كل العالم (في 3: 8) + (1 كو 1: 5).

 

آية 11:- “وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ.”

هي دعوة لتيموثاوس أن يترك ويهرب من محبة الغني الزمني ويطلب الغني الذي في المسيح، فكل مؤمن حقيقي يكون مختلفًا عن العالم أما من يغرق في لذات العالم فليس إنسان الله، والرسول يذَكِّره أنه إنسان الله وليس إنسان العالم. ونحن كلنا إنسان الله فلنطلب غنانا فيما هو لله.

 

آية 12:- “جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضًا، وَاعْتَرَفْتَ الاعْتِرَافَ الْحَسَنَ أَمَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ.”

هذه الحياة الغنية والمجيدة في المسيح، التي ترفعنا فوق الزمنيات تتطلب في المؤمن الجهاد المستمر والتمسك بالوعود الأبدية وإعلان اعترافنا أو شهادتنا الإيمانية أمام الجميع. جاهد جهاد الإيمان الحسن إذًا هناك جهاد حسن وهو الصلاة والصوم والخدمة والتعليم، وهذا في مقابل جهاد الأغنياء للحصول على المال، فهو بجهاده الحسن يحصل على أكاليل لا تفنى، وهؤلاء الجشعين يحصلون على أكاليل تفنى.الجهاد الحسن هو مثل الرياضي الذي يحرم جسده من الأكل الكثير ومن الراحة حتى يفوز بإكليل. واعترفت الاعتراف الحسن = هذا كان يوم قَبِلَ المعمودية بجحد الشيطان وإعلان الإيمان بالمسيح. وعليه أن يظل شاهدًا ومدافعًا عن إيمانه طول العمر.

 

آيات 13-16:- “أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ، وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاعْتِرَافِ الْحَسَنِ: أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ: مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.”

المعنى اعترف وجاهر بالحق كما فعل المسيح نفسه. وإذ هي وصية خطيرة يشهد عليه الله الآب وابنه المسيح لكي يحفظ إيمانه بلا دنس حتى النهاية، أي حتى المجيء الأخير، إلى ملاقاة السيد نفسه الذي وحده له عدم الموت = الذي يحيي الكل. إذًا أهمية حفظ هذه الوصايا أننا سنقوم مرة أخرى وندان على كل ما فعلناه، علينا أن نتمسك بإيماننا بالمسيح إلى يوم ظهوره.

الذي سيبينه في أوقاته = أي أن الآب سيظهر ابنه في مجده آتيًا للدينونة في الوقت المحدد، فمن شهد له واعترف به سيعترف به المسيح ويمجده معه.

بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ = أي يعترف إيمانيًا بالمسيح ويحيا أيضًا بطهارة وبلا خطية، خصوصًا محبة المال وشهوته التي أشار إليها الرسول فيما سبق، ومجاهدًا الجهاد الحسن منتظرًا إكليله في السماء. والمسيح شهد أمام بيلاطس بالاعتراف الحسن حين قال *”ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق” وأيضًا حين سأله بيلاطس “أفأنت ملك” فأجاب *”أنت تقول” وهذا تعبير يهودي يعني نعم فالحقيقة كما تقول، فهو لم ينكر أنه ابن الله ولم يؤكد أيضًا حتى يظل السر مخفيًا عن الشياطين حتى الصليب. وأيضًا قال يسوع *”إن مملكته ليست من هذا العالم وأنه لهذا ولد”. وأنه “أتى ليؤسس مملكة الحق” في مقابل مملكة الباطل التي أسسها إبليس، فالمسيح لخص عمله الفدائي وتأسيس ملكوته في كلمات قليلة أمام بيلاطس. *في (يو 18: 33 – 19: 11) سأل بيلاطس المسيح “أَأَنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟” (أي: هل هو ملك كما اتهمه اليهود)، وكان يجب أن يكون رد المسيح صريحًا ولكن أن لا يكون واضحا تمامًا فبولس الرسول يقول “التي لم يعلمها احد من عظماء هذا الدهر. لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد” (1كو2: 8). وشرح المسيح لبيلاطس أن مملكته سماوية وأنه لا ينافس قيصر في مملكته، ولكن اليهود لم يفهموه فكل فِكرهم أرضي، ولم يقبلوا موضوع الملكوت السماوي.

ولكن لاحظ قول الرب الآن = والسبب كما قال القديس بولس الرسول أنه ليس الكل بعد قد خضع له الآن (عب2: 8). المسيح يملك الآن على قلوب من يؤمنوا به ويحبونه فملكوه على قلوبهم. ولكن في الدينونة سيملك على الكل، إما بالحب على من أحبوه، أو يضع الباقين من أعدائه عند موطئ قدميه. هو سيملك على الكل ولكن ليس الآن. هو الآن يؤسس ملكوته على من يؤمنوا به ويحبونه. وراجع أيضًا تفسير (1كو15: 24 – 28). وعلى كل منا أن يشهد لهذا الحق الذي شهد به المسيح. فهذا دور الكنيسة التي قال عنها الرسول عمود الحق وقاعدته (1تى3: 15).

وكان المسيح يجيب على أسئلة بيلاطس أو لا يجيب أو يجيب باختصار ، وكل ذلك بحكمة عجيبة .

المبارك = أي الذي نقدم له تسبحة البركة بكونه واهب البركات.

العزيز = أي صاحب العزة والقوة والسلطان الذي لا يعلو عليه سلطان فإن كان يسمح لنا هنا ببعض الآلام فذلك ليس عن ضعف وإنما كطريق لدخولنا معه إلى أمجاده. بل أننا نرى في شهادة المسيح الإله الجبار والذي كان في صورة ضعف أمام بيلاطس الضعيف أمامه ، صورة نقتدى بها، فنحن بالمسيح الذي فينا أقوياء جدًا لكننا نبدو أمام العالم في صورة ضعف. فلنشهد به أمام العالم بلا خوف، لقد شهد بالحق فنشهد نحن بالحق خلال إتحادنا به، بهذا نقدم له الكرامة حينما نحمل اعترافه الحسن وتظهر سماته فينا إذ نشهد له.

له وحده عدم الموت = وهو وحده قادر أن يقيمنا ويعطينا حياة كلها مجد.

 

آيات 17-19:- “أَوْصِ الأَغْنِيَاءَ فِي الدَّهْرِ الْحَاضِرِ أَنْ لاَ يَسْتَكْبِرُوا، وَلاَ يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى غَيْرِ يَقِينِيَّةِ الْغِنَى، بَلْ عَلَى اللهِ الْحَيِّ الَّذِي يَمْنَحُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِلتَّمَتُّعِ. وَأَنْ يَصْنَعُوا صَلاَحًا، وَأَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَكُونُوا أَسْخِيَاءَ فِي الْعَطَاءِ، كُرَمَاءَ فِي التَّوْزِيعِ، مُدَّخِرِينَ لأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبِلِ، لِكَيْ يُمْسِكُوا بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.”

لئلا يفهم من حديثة السابق أنه هجوم على الأغنياء نجده هنا يقدم وصايا للأغنياء، وأن عليهم أن يفهموا أن لا يضعوا رجاءهم في أموالهم فهي زائلة = غير يقينية الغنى بل يضعوا رجاءهم في الله الحي. أن لا يستكبروا = هذه سقطة يسقط فيها الأغنياء عادة إذ يشعرون بقوة أموالهم، أما الأغنياء روحيًا فنجد أنهم متواضعين، هم أغنياء بالسيد المسيح واهب الاتضاع. أما أغنياء الدهر الحاضر بالأموال نجدهم في اعتدادهم بالذات وثقتهم في أموالهم يستكبرون وبالتالي فالنصيحة التي يقدمها الرسول للأغنياء هي أن يكونوا أسخياء في العطاء، أي يمارسوا أعمال الحب التي يبقى رصيدها سر غناهم الأبدي، فالغني وزنة مقدمة لهم لا لاكتنازها بل لتحويلها إلى كنز في السماء.

 

آيات 20-22:- “يَا تِيمُوثَاوُسُ، احْفَظِ الْوَدِيعَةَ، مُعْرِضًا عَنِ الْكَلاَمِ الْبَاطِلِ الدَّنِسِ، وَمُخَالَفَاتِ الْعِلْمِ الْكَاذِبِ الاسْمِ، الَّذِي إِذْ تَظَاهَرَ بِهِ قَوْمٌ زَاغُوا مِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ. اَلنِّعْمَةُ مَعَكَ. آمِينَ.”

احفظ الوديعة = أي:-

(1) الإيمان الحيّ المُسَلَّم مرة للقديسين (يه 3).

(2) حِفْظ نفسه.

(3) حفظ نفوس رعيته الذين أقيم عليهم رقيبًا ثابتين في الإيمان.

(4) والتقليد الذي سلمه له الرسول من قبل دون أن يتأثر هذا الإيمان بتشويش المعلمين الكذبة كالمتهودين أو الغنوسيين الذين كلامهم هو هرطقة = الكلام الباطل الدنس, ومخالفات العلم الكاذب الاسم = فالغنوسيون استبدلوا الإيمان بالمعرفة، فسقطوا في العلم الكاذب فحيث لا يوجد إيمان لا توجد المعرفة الحقة، يتحول الإيمان الحي إلى تعبيرات وألفاظ لغوية بلا حياة أو خبرة، هذا الذي يفقد الإنسان حياته.

تفسير رسالة تيموثاوس الأولى 5 رسالة تيموثاوس الأولى 6 تفسير رسالة تيموثاوس الأولى  تفسير العهد الجديد فهرس
القمص أنطونيوس فكري
تفاسير 1 تيموثاوس 6 تفاسير رسالة تيموثاوس الأولى  تفاسير العهد الجديد
 

زر الذهاب إلى الأعلى