تفسير سفر أخبار الأيام الأول أصحاح 17 للقمص تادرس يعقوب ملطي

داود والهيكل وعهد الرب

لقد سُرّ الله برغبة داود أن يبني له بيتًا لدرجة أن الوحي الإلهي سمح أن يُعاد تسجيل سلسلة الأحداث كما وردت في (2صم 7)، ويمكن الرجوع إلى التأملات التي ذكرت في كتابنا عن تفسير وتأملات الآباء الأولين لسفر صموئيل الثاني وهذا الأصحاح يشمل موضوعين رئيسيين:

  1. رأفة الله في قبول رغبة داود لبناء بيت له والوعد الذي منحه الله لداود كرد فعل (أعداد 1- 15).
  2. قبول داود بلطف وأدب وعد الله ببناء بيت داود، وصلاة داود كرد فعل.

1. قبول الله لاقتراح داود ووعد الله له (1أيام 17: 1، 15):        

هنا نرى الآتي:

أ. لم يكن  بال داود مرتاحًا بأن يسكن هو في بيت من أرز بينما التابوت موضوع في خيمة (عدد 1)، أنه ومرغوب أن نهتم بخدمة ملكوت الله في العالم، والاهتمام بكنيسته يجب أن يكون قريبًا من قلوبنا، فكيف يكون فرحنا لانتعاش أحوالنا إن كنا لا ننكر خير أورشليم (مز 137: 6).

أنظر كيف كان اهتمام داود ومشروعاته عندما كثُرت ثروته وعظمت قوته، أنه لم يفكر ماذا يعمل لأولاده ليشركهم في الثروة، أو كيف يملأ خزائنه ويوسع سلطانه، بل بالحري فكر ماذا يفعل لكي يخدم ويمجد الله.

ب. حالما علم ناثان النبي برغبة داود قال: “افعل كل ما في قلبك لأن الله معك”(عدد 2)، لأنه لم يكن لديه أدنى شك في أن الله كان مع داود. أنه من الواجب على خدام الله أن يُثيروا في أنفسهم وفي الآخرين حركة النعمة والمواهب التي فيهم.

يرى بعض الُشراح (مثًلا J. H. Blunt) (3) أنه حيث أن نصيحة ناثان النبي قد عُدِّلَت بعدما جاءت إليه كلمة الله تلك الليلة (عدد 3- 4) فإنه يُحْتَمَل أن الأنبياء لم يكونوا دائمًا تحت الإلهام الإلهي وفي الإمكان أن يتكلموا في بعض الأمور تحت تأثير فكرهم البشري فقط.

ج. الله لا يريد المظهر الخارجي في الأبّهة والفخامة في خدمته، فتابوت عهده كان راضيًا بخيمة (عدد 5) ولم يطلب بناء بيت له حتى بعدما أراح الله شعبه في مدن عظيمة جيدة لم يبنها (تث 6: 10)، وقد أمر القضاة أن يرعوا شعبه ولكنه لم يسألهم قط أن يبنوا له بيتًا (عدد 6)، فليتنا نقنع أحيانًا بوسائل راحة متواضعة كما كان تابوت الله.

د. داود لا يبني هذا البيت (عدد 4). يجب أن يُعّد له ولكن لا يبنيه، مثلما أتى موسى بشعب إسرائيل بالقرب من كنعان ولكن ترك يشوع ليدخلهم إليها. إنه من حق السيد المسيح وحده أن يكون رئيسًا لعمله ومكمًلا له. الله يتنازل ويقبل الآراء الجيدة من شعبه حتى وإن منعهم من تتميمها، وفي هذه الحالة أرسل ناثان النبي ليطيّب خاطر داود ويقول له:

  1. 1.يا داودإن ترقيتك للمنصب الرفيع لم تضيع سدى، “أنا أخذتك من المربض من وراء الغنم ليس لبناء الهيكل، بل لتكون رئيسًا على شعبي إسرائيل، وهذا شرف كاف لك، واترك البناء لآخر يأتي بعدك (عدد 7)، فلماذا يظن أحد بأنه يقوم بالكل ويتمم كل عمل صالح إلى النهاية؟ فليترك شيئًا لمن يخلفونه. فالله أعطى داود انتصارات وعمل له اسمًا (عدد 8)، وفوق ذلك فقد عزم أن يعّين خلاله مكانًا لشعبه إسرائيل ويحصّنه ضّد أعداءه (عدد 6)، فذلك يجب أن يكون عمله كرجل حرب ولا بُد أن يترك بناء الكنائس لمن لم يتعين أبدًا أن يكون جنديًا.
  2. 2.يا داود لا تظن أن غرضك الحسن قد ضاع سدى أو أنك ستفقد جزاءه، فبالرغم من أن الله منعك من أن تنفذه إلاَّ إنك ستجازى كما لو كنت قد عملته، “فالرب يبني لك بيتًا، ويضم تاج إسرائيل إليه”(عدد 10)، فحينما توجد الإرادة الحسنة فهي لا تُقبل فقط بل تجازى أيضًا.
  3. 3.يا داودلا تظن أنه يمنعك من القيام بهذا العمل الجليل قد لا يتم أبدًا وأن تفكيرك فيه قد ضاع سدى، فإنني سأقيم نسلك وهو يبني لي بيتًا (عدد 11- 12). فهيكل الله سوف يُبنى في الميعاد المحدد ولو لم يكن لنا شرف المساعدة في بنائه أو الفرح لرؤيته مستكمًلا.
  4. 4.يا داودلا يجب أن تحصر أفكارك في الرخاء الدنيوي لأسرتك، بل يجب أن تُعّلل نفسك بمملكة المسيا المرتقبة، فهو الذي يأتي من بين حقويك ويكون عرشه ثابتًا إلى الأبد (عدد 14). فسليمان نفسه لم يكن قد تثبّت في بيت الله كما كان يجب، ولم تُثبّت أسرته في المملكة: “ولكن سيأتي من نسلك الذي أُثبّته وفي مملكتي” وهذا يعني أنه سيكون رئيس كهنة على بيت الله وسيكون له وحده السلطان على أعمال مملكة الله بين البشر، وكل القوة في السماء وعلى الأرض، في البيت وفي المملكة، في الكنيسة وفي العالم، فهو سيكون كاهنًا على عرشه، وتكون مشورة السلامة بينهما كليهما، وسوف يبني هيكل الرب (زكريا 6: 12- 13).
  5. وعد الله لداود أن يبني له بيتًا، وصلاة داود ترى هنا(1أيام 17: 16، 27) مخاطبة داود لله في مهابة ووقار ردًا على رسالة النعمة التي استلمها من الله، فبالإيمان نال المواعيد واحتضنها واقتنع بها كما فعل الآباء البطاركة (عب 11: 13).

أنظر كيف ينزل نفسه باتضاع ويعترف بعدم استحقاقه، وكيف يُعّظم اسم الله ويُعْجب بتعطفه بالنعمة والأفضال، وكيف بورع ومحبة يُعظّم إله إسرائيل وأيّ تقدير يقدمه لإسرائيل الله! ومقدار الثقة التي يبنى بها على الموعد، وبأيّ إيمان محبة بضعة في نصابه. أنظر أيّ مثال لنا للصلاة بتواضع وإيمان وحماس. ليت الله يدعنا نتبعه (أنظر التأملات المذكورة في كتابنا عن 2صم 7). نود هنا فقط أن نلاحظ العبارات القليلة التي اختلفت عما ورد في صلاة داود كما سجلت في سفر صموئيل:

أ. ما ورد في (2صم) كسؤال (هل هذه هي عادة الإنسان يا سيدي الرب؟) وردت هنا بصيغة اعتراف (ونظرت إليّ من العلاء كعادة الإنسان أيها الرب الإله. لقد جعلتني رجًلا عظيمًا وعاملتني كذلك). الله من خلال علاقة العهد التي يقبل بها المؤمنين يعطيهم ألقابًا وينعم عليهم بعطايا ويُعّد لهم الكثير ناظرًا إليهم كأشخاص ذوي مرتبة عالية مع أنهم تراب ورماد.

بعض الشراح يقرأون هذه الكلمات كالآتي: “لقد نظرت إليّ في هيئة إنسان في العلاء أيها السيد الرب” أو “لقد جعلتني أنظر حسب هيئة الأنسان مجد السيد الرب”، لذلك فهي تشير إلى المسيا لأن داود كإبراهيم رأى يومه وفرح، رآه بالإيمان، رآه في شكل إنسان، الكلمة المتجسد، مع أنه رأى مجده كما لوحيد من الآب. وهذا هو ما تكلم الله عنه بخصوص بيته إلى مدى بعيد، فهذه الرؤية هي في نظر الله أعظم من أيّ شيء، أنه ليس أمرًا غريبًا أن يتكلم داود عن طبيعتي السيد المسيح الذي دعاه ربي بالروح (طبيعة اللاهوت) مع أنه علم أنه سيكون ابنه (مز 110: 1)، ورآه أقل من الملائكة لفترة وجيزة (طبيعة الناسوت) ولكن بعد ذلك مكلًلا بالمجد والبهاء (عب 2: 6، 7).

ب. بعد الكلمات “فماذا يزيد داود بعدلك” أضيف هنا “لأجل إكرام عبدك”(عدد 18). لنلاحظ الإكرام الذي يضيفه الله على خدامه، بإدخالهم في عهد وشركة معه، على درجة عظيمة حتى أنهم لا يستطيعون ولا يرغبون أن يكرّموا أكثر من ذلك، وإذا ما بدأوا يفكرون فإنهم لا يستطيعون أن يتكلموا عن كرامتهم أكثر مما تكلم الله.

ج. أنه جدير بالملاحظة أن ما ذكر في (2 صم) “من أجل كلمتك” ذكر هنا، “من أجل عبدك”(عدد 19)، فيسوع المسيح هو كلمة الله (رؤ 19: 13) وخادم الله (أش 40: 1)، فمن أجله ذكرت المواعيد وأبطأ لكل المؤمنين، ففيه تصير هذه المواعيد نعم وآمين. من أجله عُمِلَت كل رأفة، لأجله جعلت معروفة، له نحن مدينون بكل هذه العظمة ومنه ننتظر كل هذه الأشياء، فهي غنى المسيح غير المستقصى. الذي إذا نظرنا إليه بالإيمان ونظرنا إلى يد السيد المسيح، لا يسعنا إلاَّ أن نمجد لا الأشياء العظيمة فقط بل الشيء الوحيد الأعظم الذي هو عمل وغنى المسيح ونتكلم عنه بكرامة.

د. في سفر صموئيل رب الجنود يُذكر “الله فوق إسرائيل” بينما هنا يُذكر “إله إسرائيل” وهو “الله لإسرائيل”(عدد 24)، وبما أنه إله إسرائيل فهذا يُوضّح الاسم إنه إلههم كما يدعو نفسه، وبما أنه الله لإسرائيل فهذا يُوضّح استجابته للاسم، توطيده للعلاقة، وقيامه بعمل كل ما يلزمهم وما يتوقعونه منه، فهناك ما كانوا يُدعون آلهة للأمم، كآلهة آشور ومصر، وآلهة حماه وأرفاد ولكنهم لم يكونوا آلهة لهم لأنهم لم يقفوا بجانبهم بالمرة بل كانوا مجّرد شفرة أيّ ليسوا بشيء إلاَّ اسم، ولكن إله إسرائيل هو إله لإسرائيل فكل أوصافه وكمالاته تفيض لمنفعتهم الحقيقية، فمطوّب ومثلّث التطويب هو الشعب الذي يهوه إله لأنه سيكون إلهًا لهم كامل الصفات.

ه. الكلمات الختامية في (2صم 7) تقول: “فلُيبارك بيت عبدك ببركتك إلى الأبد” وهذه لغة رغبة مقدسة، أما الكلمات الختامية هنا فهي لغة إيمان مقدس: “لأنك أنت يا رب باركت وهو مبارك إلى الأبد” (عدد 27) وهنا نرى:

(1) تشجّع داود أن يطلب البركة لأن الرب أظهر له أن عنده بركات مخزونة له ولنسله: “لأنك أنت يا رب باركتني، ولذلك فإنه يأتي إليك كل بشر لنوال البركة، إليك آتي البركة التي وعدتني بها”، فالمواعيد قد أُعطيت لتقودنا وتثير فينا روح الصلاة، فحينما قال الله أنا أبارك فلتجاوب قلوبنا نعم يا رب باركني.

(2) داود كان جادًا في طلب البركة لأنه آمن أن من يباركهم الله فبالحقيقة يكونون مباركين إلى الأبد: “قد باركت وهومبارك إلى الأبد”، الإنسان يترجى البركة ولكن الله هو الذي يأمر بها، فما يُدّبره الله فإنه يُنفّذه، وما يعد به يفعله، فالقول والفعل عند الله ليسا شيئان منفصلان حاشا “فهو مبارك إلى الأبد”، فبركات الله لا تُرد ولا تُعارض، ومنافعةا تتخطى الزمن والأيام.

ويختم داود صلاته كوعد الله (عدد 14) بما هو “إلى الأبد” فكلام الله ينظر إلى الأبدية وكذلك يجب أن تكون رغباتنا وآمالنا.

 

وَكَانَ لَمَّا سَكَنَ دَاوُدُ فِي بَيْتِهِ قَالَ دَاوُدُ لِنَاثَانَ النَّبِيِّ:

«هَئَنَذَا سَاكِنٌ فِي بَيْتٍ مِنْ أَرْزٍ،

وَتَابُوتُ عَهْدِ الرَّبِّ تَحْتَ شُقَقٍ!» [1]

فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «افْعَلْ كُلَّ مَا فِي قَلْبِكَ لأَنَّ اللَّهَ مَعَكَ». [2]

وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَانَ كَلاَمُ اللَّهِ إِلَى نَاثَانَ: [3]

«اذْهَبْ وَقُلْ لِدَاوُدَ عَبْدِي:

هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: أَنْتَ لاَ تَبْنِي لِي بَيْتًا لِلسُّكْنَى، [4]

لأَنِّي لَمْ أَسْكُنْ فِي بَيْتٍ مُنْذُ يَوْمَ أَصْعَدْتُ إِسْرَائِيلَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ،

بَلْ سِرْتُ مِنْ خَيْمَةٍ إِلَى خَيْمَةٍ وَمِنْ مَسْكَنٍ إِلَى مَسْكَنٍ. [5]

فِي كُلِّ مَا سِرْتُ مَعَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ،

هَلْ تَكَلَّمْتُ بِكَلِمَةٍ مَعَ أَحَدِ قُضَاةِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ أَمَرْتُهُمْ

أَنْ يَرْعُوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: لِمَاذَا لَمْ تَبْنُوا لِي بَيْتًا مِنْ أَرْزٍ؟ [6]

وَالآنَ فَهَكَذَا تَقُولُ لِعَبْدِي دَاوُدَ:

هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ:

أَنَا أَخَذْتُكَ مِنَ الْمَرْبَضِ مِنْ وَرَاءِ الْغَنَمِ

لِتَكُونَ رَئِيسًا عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، [7]

وَكُنْتُ مَعَكَ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ،

وَقَرَضْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ،

وَعَمِلْتُ لَكَ اسْمًا كَاسْمِ الْعُظَمَاءِ الَّذِينَ فِي الأَرْضِ. [8]

يرى القديس كيرلس أن الذين لا يخافون الله لا يستحقون أن يذكر المرتل أسماءهم بشفتيه [4] أما المسكين فيذكر الله اسمه بلسانه (لو 16: 19، 20)(1).

وَعَيَّنْتُ مَكَانًا لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ وَغَرَسْتُهُ فَسَكَنَ فِي مَكَانِهِ،

وَلاَ يَضْطَرِبُ بَعْدُ وَلاَ يَعُودُ بَنُو الإِثْمِ يَبْلُونَهُ كَمَا فِي الأَوَّلِ [9]

وَمُنْذُ الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا أَقَمْتُ قُضَاةً عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ،

وَأَذْلَلْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ،

وَأُخْبِرُكَ أَنَّ الرَّبَّ يَبْنِي لَكَ بَيْتًا  [10]

وَيَكُونُ مَتَى كَمُلَتْ أَيَّامُكَ لِتَذْهَبَ مَعَ آبَائِكَ

أَنِّي أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ بَنِيكَ وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ. [11]

هُوَ يَبْنِي لِي بَيْتًا وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّهُ إِلَى الأَبَدِ. [12]

أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا،

وَلاَ أَنْزِعُ رَحْمَتِي عَنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا عَنِ الَّذِي كَانَ قَبْلَكَ. [13]

وَأُقِيمُهُ فِي بَيْتِي وَمَلَكُوتِي إِلَى الأَبَدِ،

وَيَكُونُ كُرْسِيُّهُ ثَابِتًا إِلَى الأَبَدِ». [14]

فَحَسَبَ جَمِيعِ هَذَا الْكَلاَمِ وَحَسَبَ كُلِّ هَذِهِ الرُّؤْيَا كَذَلِكَ كَلَّمَ نَاثَانُ دَاوُدَ. [15]

فَدَخَلَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَلَسَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ:

«مَنْ أَنَا أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ، وَمَاذَا بَيْتِي حَتَّى أَوْصَلْتَنِي إِلَى هُنَا؟ [16]

وَقَلَّ هَذَا فِي عَيْنَيْكَ يَا اللَّهُ فَتَكَلَّمْتَ عَنْ بَيْتِ عَبْدِكَ إِلَى زَمَانٍ طَوِيلٍ،

وَنَظَرْتَ إِلَيَّ مِنَ الْعَلاَءِ كَعَادَةِ الإِنْسَانِ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ. [17]

فَمَاذَا يَزِيدُ دَاوُدُ بَعْدُ لَكَ لأَجْلِ إِكْرَامِ عَبْدِكَ وَأَنْتَ قَدْ عَرَفْتَ عَبْدَكَ؟ [18]

يَا رَبُّ مِنْ أَجْلِ عَبْدِكَ وَحَسَبَ قَلْبِكَ قَدْ فَعَلْتَ كُلَّ هَذِهِ الْعَظَائِمِ،

لِتَظْهَرَ جَمِيعُ الْعَظَائِمِ [19]

يَا رَبُّ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا! [20]

وَأَيَّةُ أُمَّةٍ عَلَى الأَرْضِ مِثْلُ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ

الَّذِي سَارَ اللَّهُ لِيَفْتَدِيَهُ لِنَفْسِهِ شَعْبًا،

لِتَجْعَلَ لَكَ اسْمَ عَظَائِمَ وَمَخَاوِفَ بِطَرْدِكَ أُمَمًا مِنْ أَمَامِ شَعْبِكَ الَّذِي افْتَدَيْتَهُ مِنْ مِصْرَ. [21]

وَقَدْ جَعَلْتَ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ لِنَفْسِكَ شَعْبًا إِلَى الأَبَدِ،

وَأَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ صِرْتَ لَهُمْ إِلَهًا. [22]

وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ، لِيَثْبُتْ إِلَى الأَبَدِ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمْتَ بِهِ عَنْ عَبْدِكَ

وَعَنْ بَيْتِهِ

وَافْعَلْ كَمَا نَطَقْتَ. [23]

وَلْيَثْبُتْ وَيَتَعَظَّمِ اسْمُكَ إِلَى الأَبَدِ، فَيُقَالَ:

رَبُّ الْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ.

هُوَ اللَّهُ لإِسْرَائِيلَ وَلْيَثْبُتْ بَيْتُ دَاوُدَ عَبْدِكَ أَمَامَكَ. [24]

لأَنَّكَ يَا إِلَهِي قَدْ أَعْلَنْتَ لِعَبْدِكَ أَنَّكَ تَبْنِي لَهُ بَيْتًا،

لِذَلِكَ وَجَدَ عَبْدُكَ أَنْ يُصَلِّيَ أَمَامَكَ. [25]

وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ، أَنْتَ هُوَ اللَّهُ،

وَقَدْ وَعَدْتَ عَبْدَكَ بِهَذَا الْخَيْرِ. [26]

وَالآنَ قَدِ ارْتَضَيْتَ بِأَنْ تُبَارِكَ بَيْتَ عَبْدِكَ لِيَكُونَ إِلَى الأَبَدِ أَمَامَكَ،

لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ بَارَكْتَ وَهُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ». [27]

_____

(1) In Luc. Sermon 111.

زر الذهاب إلى الأعلى