تفسير سفر الرؤيا اصحاح 5 للأنبا بولس البوشي

الأصحاح الخامس

من الرؤيا: «وكانوا يبكون[1] جميعهم لأنه لم يكن فيهم أحد يستحق أن يفتح ذاك الكتاب ولا (أن) ينظر ما فيه. فأتى إلي أحد القسوس الروحانيين فقال لي: لا تبك، قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا، وأصل داود، وهو الذي يفتح هذا الكتاب ويفك ختومه. ورأيت في وسط الكرسي والقسوس الروحانيين والأربعة حيوانات الغير متجسدة، خروفا واقفا مذبوحًا، وله سبعة قرون وسبع عيون، الذين هم سبع أرواح الله، التي يرسلها إلى كافة الأرض» (رؤ5: 4-6).

التفسير: «أحد القسوس» هو أحد القوات العقلية الغير متجسدة، أصحاب الكراسي.

وقوله ليوحنا: «لا تبك، قد ظهر الأسد من سبط يهوذا»، مثل قول يعقوب إسرائيل ليهوذا ولده، نبوة على سيدنا المسيح: «إنك يهوذا ولدي فرخ الأسد، إذا رقدت من يستطيع أن يوقظك»[تك49: 9] ، عني موت الرب وقيامته. كما قال الرب: «لي سلطان أن أضع روحي، ولي سلطان أن أخذها أيضاً»، وهو الذي غلب وقهر العدو المضاد لجنسنا بآلامه المحيية ، وله السلطان على كل الأزمان ، لأنه خالق الأوقات وهو قبل كل زمان.

 وقوله: «رأيت خروفا مذبوحًا»، فمعلوم أن الخروف غير الأسد، وقد سماه بهذين الاسمين. فهو خروف بحق لأجل دعة قلبه ورفعه ذاته عنا قربانا مقدسا، كنبوة إشعياء: «كمثل خروف سيق إلى الذبح» . ويوحنا المعمدان يقول: «هذا حمل الله الذي يحمل خطايا  العالم»

وهو «أسد» بحق لأنه غلب وقهر بالصليب المقدس أولئك الذي لا يغلبون بسلاح جسداني ، وأعطانا بهذا مثالاً أننا بالوداعة والاتضاع نغلب المعاند لجنسنا. كما قال: «تعلموا مني فإني وديع وساكن القلب، وتجدون راحة لنفوسكم».

وقوله: «قائماً مذبوحاً»، ومعلوم أن الذي يذبح يموت، فأما هذا فإنه قائم حي قاهر غير مغلوب، عني أنه وإن كان تألم ومات عن كافتنا بالجسد المأخوذ منا، فهو باق حي بقوة لاهوته لم يزل. وإن كان ظهر متجسدا فله شرف الربوبية أزليا مع الآب والروح.

وأما قوله: «سبعة قرون» عني رأس أزمان العالم بأسرها، السبعة آلاف الذين كانوا منها، والذين هم مزمعون أن يكونوا ويكملوا على يديه، لأنه «الأول والآخر» كما قال.

وقوله: «له سبع عيون الذين هم سبع أرواح الله»، عني المواهب المختلفة الأنواع، التي تُعطى بهذا الروح الواحد، كما ذكر بعد ذلك قائلاً: «الذي يرسله في كل الأرض» عنى أنه روح فاعل بسلطان وقوة واقتدار، لأنه منبثق من الأب بلا ابتداء، مستقر في الابن بوحدانية، بلا انتهاء. إذ الابن له كل ما للآب، مساو له في الجوهر، ولا يميز إلا في الخواص لا غير، وهي الأبوة والبنوة والانبثاق، وهو إذا واحد في كل شيء، في الفعل والقوة والضباطة واللاهوتية والأزلية، بلا تجزء، لاهوت واحد غير مفترق، له المجد دائماً.

من الرؤيا: قال: «فأتى وأخذ الكتاب من يمين الذي هو جالس على الكرسي. فلما أخذ الكتاب، خر له الأربعة حيوانات، والأربعة وعشرون قسيسا، وسجدوا أمام الحمل، ومع كل واحد منهم قيثارة وجامات ذهب مملوءة بخورا، وهو صلوات القديسين» (رؤ 5: 7-8).

التفسير: عني «أخذه الكتاب من الجالس على الكرسي» السلطان الذي له مع الآب دائما، وأنه مسلط على الأزمان وعالمها. وقوله: «خرّ له الكاروبيم والقسوس» بين لاهوت الكلمة المساوي مع الآب في الضباطة والأزلية، وهو خالق كل شيء كما يقول الإنجيل والرسول أن «به خلق كل شيء وبغيره لم (يكن) شيء مما كان.

من الرؤيا: قال: «وسبحوا تسبيحًا جديدا قائلين: أنت المستحق أن تأخذ الكتاب وتفك ختومه، لأنك اشتريتنا بدمك من كل قبيلة ولسان وأمة وشعب، وصنعتهم لإلهنا ملوكا وكهنة تملك على الأرض. ورأيت وسمعت صوت – ملائكة كثير حول الكرسي مع الحيوانات والأربعة وعشرين قسيسا، عددهم ألوف ألوف وربوات، يصرخون بصوت عال قائلين: مستحق الخروف الذي ذبح القوة والغنى والحكمة والكرامة والمجد والبركة. وكل الخلائق أجمع الذين في السماء والأرض والبحار وما فيها سمعتهم يقولون للجالس على الكرسي: البركة والعز والكرامة لك إلى الأبد. وقال الأربعة حيوانات: آمين. وخروا القسوس وسجدوا على وجوههم» (رؤ5: 9-14).

  1. تأتي في النص اليوناني: فصرت أنا أبكي  لكنها تأتي في القبطي البحيري فكانوا يبكون جميعهم ، وتتفق الترجمة القبطي الصعيدي مع النص اليوناني.

 تفسير رؤيا 4 تفسير سفر الرؤيا تفسير العهد الجديد  تفسير رؤيا 6
الأنبا بولس البوشي
تفاسير سفر الرؤيا تفاسير العهد الجديد

 

زر الذهاب إلى الأعلى