نش 1:2 أنا نرجس شارون سوسنة الأودية

 

أَنَا نَرْجِسُ شَارُونَ، سَوْسَنَةُ ٱلْأَوْدِيَةِ. (نش 1:2)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

أَنَا نَرْجِسُ شَارُونَ، سَوْسَنَةُ الأَوْدِيَةِ“ [١].

شارون سهل في اليهودية، منطقة خصبة جدًا والمياه فيها متوفرة، لكنها لم تُزرع إذ هي مكان ضيق كان يستخدم كطريق بين مصر وسوريا. نرجس هذا السهل من نوع ممتاز، يظهر دون أن يزرعه أحد من البشر أو يتعب فيه. هكذا يظهر حبيبنا في أرضنا، جاء إلينا بنعمته، وليس لبرٍّ فينا.

وفي وسط الأودية القاحلة يظهر الرب كسوسنة، يصفها القديس غريغوريوس أسقف نيصص أنها تصعد مستقيمة إلى أعلى، زهرتها في القمة بعيدة عن الأرض… هكذا جاء الرب إلى أوديتنا القاحلة حتى يرفعنا به إلى فوق ويكون لنا الزهرة السماوية.

جاءت هذه العبارة في الترجمة السبعينية هكذا: “أنا زهرة الحقل (السهل)، سوسنة الأودية”. ويعلق العلامة أوريجانوس هكذا[62]: [الحقل هو قطعة الأرض التي تحت الفلاحة، يحرثها الفلاحون، أما الأودية فغالبًا ما تكون أراضي محجرة لم يسبق فلاحتها. هكذا يمكننا أن نفهم بالحقل أو السهل الشعب الذي فلحه الناموس والأنبياء، وبالأودية المحجرة غير المحروثة الشعوب الأممية… هكذا يظهر العريس كالزهرة بين ذاك الشعب، لأن الناموس لم يدخل بأحد إلى الكمال (عب ٧: ١٩)، إذ لم تستطع كلمة الله (في العهد القديم) أن تتقدم بهم ليكونوا زهرة ولا بلغت بهم إلى كمال الثمرة. وفي الأودية التي 

هي جماعة الأمم صار هو السوسنة].

السيد المسيح هو زهرة الشعب اليهودي، فقد قاد الناموس إلى المسيح، وهو سوسنة الشعوب الأممية إذ قبلته مخلصًا… أنه مسيح العالم كله: اليهود والأمم.

ويرى القديس چيروم أن زهرة الحقل أو سوسنة البرية (الأودية) إنما هي شخص المسيا الذي نبت في عصا هرون، الزهرة التي نبتت في القديسة مريم، التي وإن كانت في ذاتها لا تحمل حياة لكنها حملت “الحياة” ذاته[63].

يقول أيضًا: [القول بأنه جاء من (البرية)[64] يُشير إلى البتول التي قدمت لنا الله في شكل دون وجود علاقة جسدية أو زرع بشري… فنرنم بكلمات المزمور: “كما في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء أظهر لك في القدس” (مز ٦٣: ١-٢)].

ويقول القديس أمبروسيوس[65]: [مريم هي العصا، والمسيح هو زهرة مريم التي تنتشر رائحة الإيمان به الذكية في العالم كله، إذ يظهر كبرعم في الأحشاء البتولي، إذ قال عن نفسه: “أنا زهرة السهل أو سوسنة الأودية” [١].

إذ تُقطف الزهرة تحتفظ برائحتها، وإذ تُسحق يزداد عبيرها، وإن قطعت إربًا لا تفقد رائحتها. هكذا أيضًا إذ علق الرب يسوع على الصليب لم يفشل حين سُحق، ولا ضعف حين مُزق، وإذ طُعن بالحربة صار أكثر جمالًا بالدم المنسكب منه، وكأنه قد حمل جمالًا جديدًا لا يقدر أن يموت في ذاته (موتًا روحيًا) إنما يهب الأموات عطية الحياة الأبدية. وقد أستقر الروح القدس على هذه الزهرة التي أفرخت في العصا الملوكية].

هذا هو حبيبنا بالنسبة لنا نحن عروسه، لقد حمل بآلامه الرائحة الذكية، يشتَمّها الذين في السهل أي اليهود والذين في الوادي أي جماعة الأمم… أما نحن فماذا بالنسبة له؟فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (1): “أنا نرجس شارون سوسنة الأودية.”
نرجس شارون= شارون هو وادي قفر ضيق غير مأهول، كان يستخدم كطريق بين مصر وسوريا. وكان مملوءَّاَ بهذا النرجس الممتاز الذي قال عنه المسيح “ولا سليمان كان يلبس كواحدة منها” وهذا النرجس ينمو طبيعياً، لا أحد يتعب في زراعته، فلم يكن أحد ليتعب ويزرع في وادٍ ضيق غير مأهول وقفر ومُحْجِرْ. وهكذا السيد المسيح الذي أتى لهذا العالم دون زرع بشر ليكون سوسنة الأودية= أو النرجس المملوء جمالاً فهو أبرع جمالاً من بني البشر وَوُجِدَ وسط هذا العالم المملوء خطية، فالأودية أماكن محجرة.

فاصل

زر الذهاب إلى الأعلى