تفسير سفر التثنية ١٩ للقمص أنطونيوس فكري


 

الإصحاح التاسع عشر

جاء الحديث عن مدن الملجأ بعد النبوة عن المسيح فهى تشير للمسيح ملجأنا الحقيقى

هذا الإصحاح شرح للوصايا     أ- لا تقتل       ب- لا تسرق         ج- لا تشهد بالزور

آية1، 2:- متى قرض الرب الهك الامم الذين الرب الهك يعطيك ارضهم و ورثتهم و سكنت مدنهم و بيوتهم. تفرز لنفسك ثلاث مدن في وسط ارضك التي يعطيك الرب الهك لتمتلكها.

قارن مع (رو22:11) ” هوذا لطف الله وصرامته. ونجد هنا الصرامة مع الشعوب التى أعطاها الله فرصاً للتوبة بلا فائدة وها هو يقرض هذه الشعوب. أما لطف الله نجده فى تعيين مدن للملجأ وقد نفذ يشوع هذا الأمر بتعيين 3 مدن غرب الأردن وكان موسى قد حدد 3 مدن شرق الأردن. ولاحظ فى آية (1) وعد الله بأن يعطيهم الأرض.

آية3:- تصلح الطريق و تثلث تخوم ارضك التي يقسم لك الرب الهك فتكون لكي يهرب اليها كل قاتل.

الطرق لهذه المدن يجب أن تكون صالحة لسهولة الهرب وقريبة من كل مدينة من مدنهم تثلث تخوم أرضك = لأنهم ثلاث مدن فيجب أن تكون مدينة فى كل ثلث حتى يصل لها كل لاجىء. وقوله تصلح الطريق = يظهر أن الطريق هنا هم خدام الله الذين يجب أن يكونوا صالحين للإرشاد خصوصاً أن المعنى يتضح حين نعرف أنه كانت تعلق لافتات بطول الطريق مكتوب عليها (الملجأ الملجأ) ومن المعروف أن مدن الملجأ تشير للمسيح والكتاب المقدس هو اللافتات التى تقودنا إليه.

 

آية4، 5:- و هذا هو حكم القاتل الذي يهرب الى هناك فيحيا من ضرب صاحبه بغير علم و هو غير مبغض له منذ امس و ما قبله.و من ذهب مع صاحبه في الوعر ليحتطب حطبا فاندفعت يده بالفاس ليقطع الحطب و افلت الحديد من الخشب و اصاب صاحبه فمات فهو يهرب الى احدى تلك المدن فيحيا.

بغير علم = أى بدون قصد القتل ولم تكن بينهما عداوة من قبل.

 

آية6:- لئلا يسعى ولي الدم وراء القاتل حين يحمى قلبه و يدركه اذا طال الطريق و يقتله و ليس عليه حكم الموت لانه غير مبغض له منذ امس و ما قبله.

كلمة ولى الدم فى العبرانية تشير لثلاثة معان  1- الفادى         2- المنتقم        3- النسيب

وهو أقرب قريب للشخص المتوفى أو المقتول وكان له حق الفك لأملاك قريبه المتوفى المباعة أو المرهونة وكان عليه أن يتزوج بإمرأته ليقيم له نسلاً (راعوث)

 

آية8-10:- و ان وسع الرب الهك تخومك كما حلف لابائك و اعطاك جميع الارض التي قال انه يعطي لابائك.اذا حفظت كل هذه الوصايا لتعملها كما انا اوصيك اليوم لتحب الرب الهك و تسلك في طرقه كل الايام فزد لنفسك ايضا ثلاث مدن على هذه الثلاث.حتى لا يسفك دم بري في وسط ارضك التي يعطيك الرب الهك نصيبا فيكون عليك دم.

الكلام يفيد أنه حين تتسع الأرض فى المستقبل عليهم أن يحددوا ثلاث مدن جديدة. وهذا لم يحدث فقد كانت المملكة فى أوسع صورة لها أيام سليمان الملك وبالرغم من هذا لم تزد مدن الملجأ عن ست مدن فيكون موسى بروح النبوة يتكلم عن الكنيسة التى ستمتد عبر العالم (اش1:54-3) والملجأ هو المسيح

 

آيات 11-13:- و لكن اذا كان انسان مبغضا لصاحبه فكمن له و قام عليه و ضربه ضربة قاتلة فمات ثم هرب الى احدى تلك المدن.يرسل شيوخ مدينته و ياخذونه من هناك و يدفعونه الى يد ولي الدم فيموت.لا تشفق عينك عليه فتنزع دم البري من اسرائيل فيكون لك خير.

أما القاتل المتعمد فلابد أن يقتل حتى لو إلتجأ إلى مدن الملجأ

 

آية14:- لا تنقل تخم صاحبك الذي نصبه الاولون في نصيبك الذي تناله في الارض التي يعطيك الرب الهك لكي تمتلكها.

هذه الوصية ضد أى سرقة لممتلكات الغير والتخم هو حد الملكية الذى كان يوضع كعلامة تحدد ملكية الأسرة وتفصل ملكها عن ملك الجار وكان الحد إما حجراً أو رجمة من الحجارة. والرب ينهى عن إغتصاب حقوق الغير. فالله هو صاحب الأرض وهو وزعها بحسب إرادته (1مل3:21 نابوت اليزرعيلى). وجاءت شريعة نقل التخم بعد شريعة القتل كأن نقل التخم فى أهمية إن لم يكن يعادل القتل لأن هذا يشير لما حملته أرض الموعد من رمز للحياة السماوية الموعود بها فكأن من يحرم أحد من نصيبه الأبدى كأنه يسفك دم برىء (مت7:18).

لا تنقل تخم صاحبك الذى نصبه الأولون = إن كان هذا ينطبق على الأرض فبالأولى ينطبق على الإيمان الذى سلمه لنا الأباء (يه4،3)

 

آية15-20:-  لا يقوم شاهد واحد على انسان في ذنب ما او خطية ما من جميع الخطايا التي يخطئ بها على فم شاهدين او على فم ثلاثة شهود يقوم الامر. اذا قام شاهد زور على انسان ليشهد عليه بزيغ. يقف الرجلان اللذان بينهما الخصومة امام الرب امام الكهنة و القضاة الذين يكونون في تلك الايام. فان فحص القضاة جيدا و اذا الشاهد شاهد كاذب قد شهد بالكذب على اخيه. فافعلوا به كما نوى ان يفعل باخيه فتنزعون الشر من وسطكم. و يسمع الباقون فيخافون و لا يعودون يفعلون مثل ذلك الامر الخبيث في وسطك.

إذا إتضح أن الشاهد كاذب يعاقب بالعقوبة التى كان يطلبها للشخص البرىء.

 

آية21:- لا تشفق عينك نفس بنفس عين بعين سن بسن يد بيد رجل برجل

هذه الشريعة حتى لا ينتقم الإنسان لنفسه بأكثر من الضرر الذى حدث لهُ أو بأكثر مما فقده. وهذا إرتفاع عن مستوى الإنسان البدائى وتمهيد للدخول لعهد النعمة، عهد التسامح ومقاومة الشر بالخير. ولكن لم يكن كل إنسان مخول له الإنتقام لنفسه بمقتضى هذه الشريعة بل أمام محكمة.

زر الذهاب إلى الأعلى