تفسير رسالة تسالونيكي الأولى أصحاح ١ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح الأول

أية 1 :- بولس و سلوانس و تيموثاوس الى كنيسة التسالونيكيين في الله الآب و الرب يسوع المسيح نعمة لكم و سلام من الله ابينا و الرب يسوع المسيح.

في الله الآب والرب يسوع المسيح = هذه تحقيق لقول السيد المسيح في (يو17: 21).

الله الأب والرب يسوع = هنا نرى أن مكانة الرب يسوع لا تقل عن الآب. ولا يذكر الرسول لقبه الرسولى كما فعل فى رسائل كثيرة والسبب:

أ‌.        أنهم لا يشكون فى رسوليته مثل أهل غلاطية مثلاً الذين إهتم بتأكيدها لهم.

ب‌.    هو فرح بسبب إيمانهم فيعلن محبته لهم لا سلطانه عليهم.

ت‌.    هم فى ضيقة فيكتب لهم بروح الصداقة الأخوية لا بسلطان. 

وبنفس المفهوم يقول بولس وسلوانس وتيموثاوس. فمع أنه وحده كاتب الرسالة إلا أنه يضع إسمى سلوانس وتيموثاوس المعروفين لدى أهل تسالونيكى ليعلن لهم محبة الجميع وتعاطف الجميع معهم. وسلوانس هو سيلا (أع18) فبولس يستخدم الإسم الرسمى، ولوقا فى الأعمال يستخدم اسم التدليل المشهور به وسط الناس. والرسول يلقب الله أبانا فالمؤمنون محتاجون فى ضيقتهم إلى التمتع بأبوة الله الحانية وإدراك إهتمامه بخلاصهم وإذ يكتب الرسول فى رسالته عن أبوته لهم أراد فى المقدمة أن يؤكد أبوة الله نفسه التى هى مصدر كل أبوة روحية وجسدية.

نعمة وسلام = هم محتاجون لهذا السلام وسط ضيقاتهم وآلامهم.

 

أية 2 : نشكر الله كل حين من جهة جميعكم ذاكرين إياكم في صلواتنا.

يشكر الله على نجاح كنيسة تسالونيكى، ويصلى ليثبتوا ويزداد إيمانهم.

 

أية 3 : متذكرين بلا إنقطاع عمل إيمانكم و تعب محبتكم و صبر رجائكم ربنا يسوع المسيح أمام الله و أبينا.

نرى ثلاثية بولس الرسول (الإيمان والرجاء والمحبة) (1كو 13 : 13) + (1تس 5 : 8) + (عب 6 : 10- 12) + (عب 10 : 22 – 24). ونلاحظ أن الإيمان العامل والمحبة والرجاء اللذين فى تسالونيكى جعل بولس يفرح بشعب تسالونيكى أكثر من كورنثوس بمواهبها وألسنتها. ونلاحظ هنا أن الرسول ينسب للإيمان العمل، وللمحبة التعب، والرجاء الصبر. فمن يؤمن يحتمل الكثير، وإيمان الإنسان يظهر خلال أعماله، فالإيمان ليس أمراً مجرداً. ومن لا يتعب لم يعرف المحبة، بل لم يعرف الله. ونلاحظ أن الإيمان الفعال العامل والمحبة الباذلة يولدان رجاءً صابراً. هنا الرسول يحول أنظار التسالونيكيين عن التفكير فى الأحداث الجارية إلي التأمل في عمل نعمة الله داخلهم خلال الإيمان والرجاء والمحبة فالله هو العامل فيهم في إيمانهم ومحبتهم ورجائهم. أمام الله وابينا = الله يري عملهم ومحبتهم ورجائهم وهو وحده الذي يحكم عليها. صبر رجائكم ربنا يسوع = يسوع المسيح هو رجاؤنا. وبسبب هذا الرجاء نصبر على ألم الإضطهاد. 

 

أية 4 : عالمين أيها الأخوة المحبوبون من الله إختياركم.

بولس رأي في إيمانهم ومحبتهم ورجائهم أن هذا دليل علي أن الله إختارهم، والله يختار من بسابق معرفته يعرف أنه سيقبل دعوته (رو 8 : 29) ومن ناحية أخري فالرسول خاف عليهم أن يسقطوا في الكبرياء بسبب أنهم أحتملوا في صبر فيشرح لهم هنا أن الله هو الذي إختارهم، والله هو سر قوتهم، هو يرفع عيونهم نحو الذي أحبهم، وما زال يعمل فيهم حتى يدخل بهم إلي أمجاده، والله أختارهم، إذ هو سيكمل معهم (في 6 : 1) ولكن هذا لمن يثبت في المسيح، فالمسيح قد أختار يهوذا وهلك يهوذا.

 

أية 5 : إن إنجيلنا لم يصر لكم بالكلام فقط بل بالقوة أيضا و بالروح القدس و بيقين شديد كما تعرفون أي رجال كنا بينكم من أجلكم.

بولس هنا يؤكد لهم إختيار الله ومحبته لهم إذ أرسل لهم بولس مزوداً بـ:

1.     القوة :- قوة الإنجيل وما فيها من سر حياة اجتذبتهم للخلاص فبولس كان مزوداً متسلحا بالإنجيل القادر أن يأسر الإنسان فى الحب الإلهى.

2.     الروح القدس :- الروح كان يعمل فى بولس ليتكلم ويعمل فيهم ليفهموا فالروح القدس وحده هو القادر أن يشرح محبة الله لنا.

3.     بيقين شديد:- كان بولس رجاء قوى ويقين شديد أن الله يريد خلاصهم، فأحتمل كل ضيقات اليهود واليونانيين.

كما تعرفون اى رجال كنا بينكم = من هو متسلح بما ذكره الرسول يكون جباراً وبولس يود أن يقول، الفضل ليس لى بل لله الذي أحبكم واختاركم = من أجلكم = أي أن الله أعطاني كل هذا لأجلكم.

 

أية 6 : و أنتم صرتم متمثلين بنا و بالرب إذ قبلتم الكلمة في ضيق كثير بفرح الروح القدس.

بفرح الروح القدس = فالروح الذى عمل فى بوس عمل فيهم فصاروا متمثلين ببولس بل وبالرب. وأعطاهم الروح فرحاً وعزاء فقبلوا الكلمة وسط الضيقات الكثيرة التى وقعت عليهم = فى ضيق كثير. فكما أن المسيح تألم لخلاصنا تألم بولس في كرازته، فهم في صبرهم علي الضيقات والاضطهاد تشبهوا بالمسيح وببولس، والذي يعطي الفرح وسط الضيق هو الروح القدس، كما فعل الله مع الثلاثة فتية في آتون النار ولنفهم أن النصرة في المسيحية هي الفرح وسط الضيق فالألم دخل إلى العالم بالخطية، والله أبقي الألم بعد أن أتم الفداء لنكمل به، لكنه أعطانا أن نفرح وسط الألم. بل استغل الله الألم في قطع رباطات خطايانا كما احترقت رباطات الثلاثة فتية في أتون النار دون أن يصابوا هم بأذى.

 

أية 7 : حتى صرتم قدوة لجميع الذين يؤمنون في مكدونية و في أخائية.

مكدونية وأخائية تمثلان معظم اليونان الحديثة وكانتا مقاطعتان مزدوجتان وأبرز كنائس مكدونية هي فيلبي وابرز كنائس اخائية كورنثوس ولكن تسالونيكي تفوقت علي الكل وتسالونيكى في مكدونية.

 

أية 8 : أنه من قبلكم قد أذيعت كلمة الرب ليس في مكدونية و اخائية فقط بل في كل مكان ايضا قد ذاع ايمانكم بالله حتى ليس لنا حاجة أن نتكلم شيئاً.

كانت تسالونيكي مركزاً تجارياً هاماً، وذلك ساعدهم علي أن يذيعوا للعالم الكرازة. كانوا كالطيب الذي ينتشر، كانوا مملوءين قوة. = حتى ليس لنا حاجة أن نتكلم شيئاً = قوتهم صارت معروفة وفى غير حاجة لبرهان فالكل كان يشهد عنهم ويقتدى بهم.

 

 

 

أية 9 : إنهم هم يخبرون عنا أي دخول كان لنا إليكم و كيف رجعتم إلى الله من الأوثان لتعبدوا الله الحي الحقيقي.

لأنهم هم = الذين جاءوا إليكم في تسالونيكي ورأوكم وسمعوكم ثم ذهبوا وقابلهم الرسول في مكدونية وإخائية هؤلاء كانوا يخبرون عن إيمانكم، بل كانوا في كلامهم يخبرون عني ويطوبوني = يخبرون عنا إذ أنا الذي ولدتكم في المسيح حينما بشرتكم بالإنجيل.

 

أية 10 : و تنتظروا إبنه من السماء الذي أقامه من الأموات يسوع الذي ينقذنا من الغضب الاتي

الإيمان بيسوع والثبات فيه هو الطريق الوحيد الذي ينقذنا من غضب الله الذي سيأتي في يوم الدينونة علي كل الأشرار وغير المؤمنين.

فاصل

فاصل

تفسير تسالونيكي الأولى – مقدمة تفسير رسالة تسالونيكي الأولى
القمص أنطونيوس فكري
تفسير تسالونيكي الأولى 2
تفسير العهد الجديد

زر الذهاب إلى الأعلى