تفسير سفر أعمال الرسل ١٨ للقس أنطونيوس فكري


 الإصحاح الثامن عشر

آية (1):-

وبعد هذا مضى بولس من اثينا وجاء الى كورنثوس

كان هذا غالباً بطريق البحر. وكانت أثينا مركزاً ثقافياً بينما كانت كورنثوس مركزاً للإباحية. وقيل أن الفرق بين أثينا وكورنثوس هو كالفرق بين أكاديمية علمية وسوق مزدحم. ومن كورنثوس كتب بولس الرسول أول رسالة له وهى إلى تسالونيكى الحديثة الإيمان. ونرى فيها عواطف المحبة الأبوية لهم. وكورنثوس لها ميناءان. وكانت مقر حاكم إخائية.

آية (2-3):-

فوجد يهوديا اسمه اكيلا بنطي الجنس كان قد جاء حديثا من ايطالية وبريسكلا امراته لان كلوديوس كان قد امر ان يمضي جميع اليهود من رومية فجاء اليهما. ولكونه من صناعتهما اقام عندهما وكان يعمل لانهما كانا في صناعتهما خياميين.

وُجدَ فى كورنثوس عدد ضخم من اليهود الذين طردهم كلوديوس قيصر من روما وقرار كلوديوس شمل المسيحيين. فكانوا أن المسيحية هى طائفة من اليهود. وكان غالباً طرد اليهود من روما بسبب شغبهم الذى أثاروه ضد المسيحيين. فلقد سجل المؤرخ أن اليهود تشاجروا بسبب شخص إسمه خريستوس
(أى المسيح وهو ظن أنه إسم أحد الأشخاص). وكان طَرْدُ اليهود من روما سنة49- 50م. وبولس حين أتى إلى كورنثوس بحث عمن لهم نفس صناعته ليأكل من عمل يديه فوجد اكيلا وبريسكلاً. كان اليهود يقولون من لا يعلم إبنه حرفة كمن يعلمه أن يكون لصاً. فكان لكل واحد حرفة مهما كان مركزه بريسكلا= إسم تصغير لبريسكا.

آية (4):-

وكان يحاج في المجمع كل سبت ويقنع يهودا ويونانيين.

آمن بعض اليهود من المجمع وبعض اليونانيين، بل أن رئيس مجمع اليهود قد آمن (راجع آية 8).

آية (5):-

ولما انحدر سيلا وتيموثاوس من مكدونية كان بولس منحصرا بالروح وهو يشهد لليهود بالمسيح يسوع.

منحصراً بالروح= الروح القدس يدفعه للكلام بقوة ويشهد للمسيح شهادة واضحة. وتعنى أن بولس كان خاضعاً للروح تماماً ولإرشادات الروح القدس.

آيات (6،7):-

واذ كانوا يقاومون ويجدفون نفض ثيابه وقال لهم دمكم على رؤوسكم انا بريء من الان اذهب الى الامم. فانتقل من هناك وجاء الى بيت رجل اسمه يوستس كان متعبدا لله وكان بيته ملاصقا للمجمع.

صار بيت يوستس هذا مقراً لإجتماع المسيحيين ومقابلة بولس لهم.

آية (10):-

لاني انا معك ولا يقع بك احد ليؤذيك لان لي شعبا كثيرا في هذه المدينة.

كانت ثورة اليهود ضد بولس شديدة بالإضافة للفساد الخلقى المنتشر، فكان بولس خائفاً من فشل خدمته فى كورنثوس.بولس لم يكن خائفاً من الإضطهاد أو الإيذاء ولكن الرب يخبره بأنه لن يضطر لترك المدينة كما حدث فى أماكن أخرى، وأن شيئاً لن يعوق الخدمة. وكان عمل الله عجيباً فى كورنثوس.

آيات (12-13):-

ولما كان غاليون يتولى اخائية قام اليهود بنفس واحدة على بولس واتوا به الى كرسي الولاية. قائلين ان هذا يستميل الناس ان يعبدوا الله بخلاف الناموس.

كان الوالى رجلاً حكيماً مقتدراً وهو غاليون أخو سينكا الفيلسوف المشهور. يعبدوا الله بخلاف الناموس= أى أنه ينشر ديناً ممنوع شرعاً وغير مرخص به فى الشريعة الرومانية التى تعترف باليهودية كدين شرعى.

آيات (14-16):-

واذ كان بولس مزمعا ان يفتح فاه قال غاليون لليهود لو كان ظلما او خبثا رديا ايها اليهود لكنت بالحق قد احتملتكم. ولكن اذا كان مسئلة عن كلمة واسماء وناموسكم فتبصرون انتم لاني لست اشاء ان اكون قاضيا لهذه الامور. فطردهم من الكرسي.

إكتشف غاليون أن هناك مؤامرة من اليهود ضد بولس فلم يعبأ بثورة اليهود المفتعلة وطردهم. وكان معنى قرار وكلام غاليون أن الإنجيل هو فرع من اليهودية الدين الذى تحميه الشريعة الرومانية بشكل خاص. وكان قرار غاليون سابقة مهمة لحماية المسيحيين لمدة عشر سنوات تقريباً.

آيات (17):-

فاخذ جميع اليونانيين سوستانيس رئيس المجمع وضربوه قدام الكرسي ولم يهم غاليون شيء من ذلك.

أخذ اليونانيون (ربما الوثنيون أو الذين آمنوا) وهؤلاء كانوا متضايقين من مؤامرات اليهود وإثارتهم الشغب فى المدينة بسبب أمورهم الدينية. هؤلاء اليونانيون أخذوا رئيس مجمع اليهود الذى أقام القضية ضد بولس وضربوه. ولكن هذه العلقة كانت بركة لسوستانيس هذا إذ أنه آمن بعد ذلك بالمسيح 1كو 1:1.

آية (18):-

واما بولس فلبث ايضا اياما كثيرة ثم ودع الاخوة وسافر في البحر الى سورية ومعه بريسكلا واكيلا بعدما حلق راسه في كنخريا لانه كان عليه نذر.

لبث أياماً كثيرة= كتب فيها الرسالة الثانية إلى تسالونيكى. وكانت مدة إقامة بولس الرسول فى كورنثوس 18 شهراً (آية 11).

حلق رأسه= هذا تقليد يهودى حينما يكون أحد عليه نذر. ولكن الآية لا توضح هل كان بولس أو أكيلا هو الذى صنع هذا النذر وأطلق شعره. ويقال إنه بولس وأنه صنع هذا النذر وأنه سوف يحلق شعره حين تتم شهادته فى كورنثوس وعلى أوسع نطاق. وحلق الرأس كان لابد أن يتم عند الهيكل فى أورشليم ويحُرق الشعر مع ذبيحة السلامة ولكن لأن إطلاق الشعر كان عيباً عند الرجل ( 1كو 14:11) ولأن الأمم لا يفهمون معنى هذا النذر، فتسامحت القوانين اليهودية للمقيمين خارج أورشليم وسمحت لهم بحلق رؤوسهم عند أقرب مدينة ويأخذوا معهم شعرهم إلى أورشليم ليحرق عند المذبح. وإن كان بولس هو الذى صنع هذا فهو يريد أن يكون لليهود كيهودى فشوق قلبه أن يذهب لأورشليم. كنخريا= هى ميناء كورنثوس (أحد المينائين) هى الميناء الشرقى على بحر إيجة.

آية (19):-

فاقبل الى افسس وتركهما هناك واما هو فدخل المجمع وحاج اليهود.

تخلف فى أفسس أكيلا وبريسكلا. أماّ بولس فإستقل المركب ثانية إلى سوريا. ولكن بولس إستغل فترة توقف المركب وكرز فى المجمع. والمركب لم تمكث طويلاً فى الميناء.

آية (20):-

واذ كانوا يطلبون ان يمكث عندهم زمانا اطول لم يجب.

بولس شعر بالروح أنه سيتوفر له الوقت ليستمر فترة أطول فى أفسس وبالفعل قضى فى أفسس بعد ذلك 3 سنوات ( أع 31:20) وهذه أطول مدة قضاها بولس فى مكان يكرز فيه.

آية (21):-

بل ودعهم قائلا ينبغي على كل حال ان اعمل العيد القادم في اورشليم ولكن سارجع اليكم ايضا ان شاء الله فاقلع من افسس.

العيد غالباً هو عيد الخمسين. وهذا العيد فيه أكبر تجمع لليهود فى أورشليم وكان يريد أن ينتهز الفرصة ويبشرهم.

آية (22):-

ولما نزل في قيصرية صعد وسلم على الكنيسة ثم انحدر الى انطاكية.

صعد وسلَّم على الكنيسة= وهو غالباً ذهب إلى أورشليم. ثم ذهب إلى إنطاكية وبهذا انتهت الرحلة الثانية.

فالرحلة الأولى بدأت من إنطاكية وإنتهت فى إنطاكية.

والرحلة الثانية بدأت من إنطاكية وإنتهت فى إنطاكية.

والرحلة الثالثة بدأت من إنطاكية وإنتهت فى أورشليم.

 

 

 

 

 

 

 


 

رحلة بولس الرسول الثالثة

الإصحاح الثامن عشر

آية (23):-

وبعدما صرف زمانا خرج واجتاز بالتتابع في كورة غلاطية وفريجية يشدد جميع التلاميذ.

بدء رحلة بولس الرسول الثالثة. ونرى بولس هنا يفتقد الكنائس التى سبق وبشر فيها. وغالباً كان يرافقه تيموثاوس (22:19). وبولس ذهب إلى كنائس غلاطية 4 مرات، مرتين فى الرحلة الأولى ومرة فى الثانية ومرة فى الثالثة.

آية (24):-

ثم اقبل الى افسس يهودي اسمه ابلوس اسكندري الجنس رجل فصيح مقتدر في الكتب.

أفسس= كانت قبل المسيح من كبريات مدن العالم. وهى عاصمة أسيا الصغرى وملتقى الشعوب والحضارات، ذات طبيعة غنية فى أرضها وأنهارها ومينائها، لها مواصلات مع كل العالم، مملوءة من الأبنية الفخمة. بها هيكل أرطاميس الفخم المذهب وهو أحد عجائب الدنيا السبع (أرطاميس هى ديانا) وأهل أفسس كانوا يتفاخرون به قائلين إن الشمس فى عبورها من الشرق إلى الغرب لا تجد أعظم من هيكل أرطاميس. وكان تمثال أرطاميس له ثُدَّىْ عديدة رمزاً لخصب الطبيعة التى ترضع الإنسان من فيض ينابيعها. وكان عبّادها يعتقدون أن هذا التمثال هبط من السماء. وقد تبارى صناع الفضة فى عمل تماثيل مصغرة لهذه الإلهة يأخذها العباد إلى بيوتهم، والسياح فى زياراتهم وذلك كتذكارات بركة. فكان هذا مكسباً للصناع وغنى لأفسس. لقد أسس الشيطان له مدناً وهياكل وأنظمة وفلسفات ولها صناع يرتزقون من هذه العبارة. لقد تحصَّن الشيطان بكل هذا قبل المسيح، قبل أن يأتى المسيح ويحطم كل هذا. وأفسس تحوى

1)    قبر فارغ للقديسة العذراء مريم.

2)    قبر القديس يوحنا الحبيب.

3)    قبر تيموثاوس أول أسقف عليها بعد بولس الرسول.

أبلوس= كان يعْلَمْ طريق الرب حتى معموديه يوحنا فقط ولكنه لم يسمع أن المسيا قد جاء. وأخذه أكيلا وبريسكلا وعلماه طريق المسيح فأخذ يبشر وكان فصيحاً مقتدراً فتحيز له بعض مؤمنى كورنثوس إلاّ أنه عندما إكتشف ذلك الشقاق الذى حدث بسببه رفض أن يذهب لهم فيما بعد 1كو 12:16. ولكن كان لأبلوس دوراً كبيراً فى كورنثوس حتى أن بولس قال أنا زرعت وأبلوس سقى. وهناك عدة إحتمالات أن أبلوس قد تتلمذ على يد يوحنا المعمدان وسمع منه أنه يعد الطريق للمسيا وبسبب أسفاره لم يعرف أن المسيا قد جاء فعلاً. أو هو تتلمذ على يد تلاميذ يوحنا الذين كانوا منتشرين بعد إستشهاده ولكنه لم يعرف عن المسيح
أو معمودية المسيح. أو هو رأى المسيح وشاهد معجزاته ولكنه لسفرياته خارج أورشليم لم يعرف الأحداث بدقة ولا عاصر تأسيس الكنيسة فى أورشليم.

آية (27):-

واذ كان يريد ان يجتاز الى اخائية كتب الاخوة الى التلاميذ يحضونهم ان يقبلوه فلما جاء ساعد كثيرا بالنعمة الذين كانوا قد امنوا.

إخائية= مقاطعة يونانية عاصمتها كورنثوس.

فاصل

سفر أعمال الرسل : 123456789101112131415161718192021222324  – 25262728

تفسير سفر أعمال الرسل : مقدمة1 23456789101112131415161718192021222324 25262728

زر الذهاب إلى الأعلى