تفسير سفر عزرا ١ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح الأول

الآيات 1-4

“وفي السنة الاولى لكورش ملك فارس عند تمام كلام الرب بفم ارميا نبه الرب روح كورش ملك فارس فاطلق نداء في كل مملكته وبالكتابة ايضا قائلا. هكذا قال كورش ملك فارس جميع ممالك الارض دفعها لي الرب اله السماء وهو اوصاني ان ابني له بيتا في اورشليم التي في يهوذامن منكم من كل شعبه ليكن الهه معه ويصعد الى اورشليم التي في يهوذا فيبني بيت الرب اله اسرائيل هو الاله الذي في اورشليم. وكل من بقي في احد الاماكن حيث هو متغرب فلينجده اهل مكانه بفضة وبذهب وبامتعة وببهائم مع التبرع لبيت الرب الذي في اورشليم.

فى السنة الأولى = السنة الأولى من ملكه على بابل أى ملكه على اليهود لأن اليهود منذ أن تم سبيهم إلى بابل ظلوا خاضعين لبابل ثم صاروا خاضعين لفارس بعد أن سقطت بابل. كورش = وُلد فى علام سنة 590 ق. م وملك فى عيلام سنة 558 وفتح مادى سنة 549 وفارس سنة 548 ولود سنة 540 وبابل سنة 538 ولأن فارس كانت أهم أجزاء مملكته تلقب بملك فارس. وكان من أفضل الملوك القدماء فى أخلاقه وإقتداره فى الحرب.

عند تمام كلام الرب = إفتتاحية سفر عزرا هى نفسها خاتمة سفر أخبار الأيام الثانى وفى نهاية سفر أخبار الأيام الثانى (2 اى 1:36) ذكر أن مدة السبى كانت 70 عاماً وكان ارمياء النبى قد سبق وتنبأ بأن مدة السبى هى 70 عاماً (أر 10:29) (أر 1:25) وكان النبى أشعياء قد تنبأ بأن كورش الملك هو الذى سيصنع هذا (اش 27، 26:44 + أش 2، 1:45) وكانت نبوة أشعياء عن كورش بالإسم قبل مجىء كورش بحوالى 150 سنة. ويقول يوسيفوس المؤرخ اليهودى أن دانيال أتى بهذه النبوات لكورش الذى تأثر بها جداً فأطلق نداء = كان ذلك سنة 536 ق. م. وكان السبى قد بدأ فى السنة الرابعة ليهوياقيم ملك يهوذا أى سنة 606 ق. م فتكون مدة السبى 70 سنة تماماً. نبه الرب روح كورش = كورش كان ملك وثنى ولكنه هو آلة فى يد الرب يقيم بها مقاصده. فكما كان نبوخذ نصر آلة للتأديب كان كورش آلة يعود الشعب بواسطتها. ولاحظ أن كورش لم يكن يعرف الرب لكن الرب كان يعرف كيف يستخدم كورش لمجد إسمه. ولكن يُحسب لكورش أنه أطاع الرب وهذا مما ضاعف خطية شعب إسرائيل فى عدم طاعتهم للرب فقد أطاعه هذا الملك الوثنى أما هم شعبه فعصوه ومعروف تاريخياً أن كورش كان يحترم آلهة بابل بل خدمهابنفسه لكن معروف أيضاً أنه كان متسامح دينياً وأقر برد إلهة الشعوب لأماكنها فقد إستولى الملوك البابليين على آلهة الأمم التى أخضعوها مما أثار حفيظتهم على ملوك بابل فأتى كورش ورد لهم آلهتهم ولما كان شعب اليهود شعباً يعبد الله وليست لهم أية أصنام أمر كورش برد آنية بيت الله إلى أورشليم وقد وُجدت وثيقة لكورش بأنه أمر برد أوثان الشعوب إلى بلادها وربما كانت سماحة كورش الدينية سببها تعاطفه مع اليهود بعد الذى رآه من النبوات لديهم وبعد أن أمر بإطلاقهم كرر نفس الشىء مع باقى الشعوب المسبية. وبالكتابة = أى نداءً قانونياً والكتابة محفوظة فى سجلات الحكومة. فى كل مملكته = لاحظ أن اشور من ضمن مملكته لذلك غالباً عاد أعداد من الأسباط العشرة الذين تم سبيهم إلى أشور سابقاً لأورشليم جميع ممالك الأرض دفعها لى الرب إله السماء = كورش لم يتحول إلى عبادة الرب بل هو أكرمه وخاف منهُ لما سمعه عنهُ. ولكن ثبت من الأثار أنه كان ينسب فتوحاته لمرودخ إله بابل. المهم أن نفهم أن الله قادر أن يستخدم حتى الوثنيين لمجد إسمه وكورش يرمز للمسيح الذى حررنا من سبى الخطية ولكن بينما كورش لهُ كل ممالك الأرض فالمسيح له كل ممالك الأرض والسماء أيضاً

وهو أوصانى أن أبنى لهُ بيتاً = فى هذا أيضاً يرمز كورش للمسيح لأن الآب أرسل المسيح ليبنى بيتاًهو الكنيسة وكما أطلق كورش نداء لأن يعود كل واحد لأورشليم هكذا المسيح يدعو كل واحد أن يعود بالتوبة فيفتح لهُ بيته ويحرره من سبيه. وقوله أوصانى لأنه فهم هذا من النبوات هو الإله الذى فى أورشليم= أى الذى بيته فى أورشليم أو هو يتكلم بطريقة الوثنيين أن لكل إله منطقة معينة ويكون قد ظن أن الله يملك على أورشليم فقط. فلينجده أهل المكان = إما إختياراً لأن كثير من اليهود كانوا محبوبين عند شعب بابل أو بتوصية من الملك. وأهل المكان يقصد الجميع وثنيين أو اليهود الذين بقوا فى بابل ولم يعودوا إلى أورشليم ولنلاحظ أنه بهذا يشترك الوثنيين بتبرعاتهم مع اليهود فى بناء هيكل الرب، كما أشرك سليمان الوثنيين فى البناء رمزاً لدخول الأمم واليهود فى كنيسة المسيح، أى جسده. ونلاحظ أن معنى إسم كورش هو شمس فهو رمز للمسيح شمس البر. ومعنى دعوة كورش للجميع أن يتبرعوا أن اليهود غير الراغبين فى العودة أنهم يتبرعوا لبناء الهيكل على الأقل. عمل كورش هذا وتبرع الوثنيين هو نوع من معونة الأرض للمرأة (رؤ 16:12). فى آية (3) يصعد إلى أورشليم = فالرجوع إلى أورشليم هو صعود وبالتوبة نصعد ونرتفع وبالخطية ننزل (يون 5، 3:1).

 

الآيات 6، 5

“فقام رؤوس اباء يهوذا وبنيامين والكهنة واللاويون مع كل من نبه الله روحه ليصعدوا ليبنوا بيت الرب الذي في اورشليم. وكل الذين حولهم اعانوهم بانية فضة وبذهب وبامتعة وببهائم وبتحف فضلا عن كل ما تبرع به.

كل من نبه الله روحه = كان قرار العودة لأورشليم قراراً صعباً لليهود فى بابل لماذا؟

أورشليم محروقة بالنار وبلا أسوار ومحاطة بالأعداء والطريق شاق وهم معهم نساؤهم وأطفالهم وهناك مخاطر فى الطريق من قطاع الطرق والرحلة طويلة إلى أورشليم، بل إن أورشليم الآن غريبة عنهم فهم لا يعرفونها وربما كثيرين لا يذكرونها أو وُلدوا فى بابل ولم يروها أصلاً. عدا هذا فهم لهم الآن مصالحهم فى بابل من أراضٍ واموال وعبيد بل لهم مغنيين ومغنيات 65:2 فهم مستقرين فى بابل ولا داعى لمخاطر الطريق ولا داعٍ لمشقات بناء مدينة منهدمة خربة محروقة ولا داعٍ لحروب أعداء محيطين بها. هذا هو الشعور الطبيعى داخل كل منهم، لكن الله ينبه روحهم حتى لا يهتموا بمشاق السفر ولا بمتاعب البناء فهو الذى سيدبر كل شىء والروح القدس الذى نبه كورش ليطلقهم ينبههم الآن ليعودوا (زك 6:4) وهو الذى سيعوضهم عن أى خسارة ونلاحظ أن كل مما سبق هو وصف لمن يحيا فى خطايا العالم ويجد صعوبة فى ترك ما إعتاد عليه من ملذات العالم مستصعباً الحرب ضد الخطية وشهوات العالم وشهوات الجسد وإبليس. مثل هذا نقول عنهُ أنه ما زال فى بابل مسبياً والروح القدس ينبه روحه ليترك خطاياه وكان مثال لذلك أبونا إبراهيم الذى كان فى بابل وترك كل شىء ليتبع الله، ومن صعد من الشعب الآن من بابل يتشبه بإبراهيم ومن يترك الخطية الآن يصير إبناً لإبراهيم بالإيمان فإبراهيم ترك بابل بخطاياها وإنطلق إبراهيم للمجهول ولكن أين إبراهيم الآن وما الذى خسره وما الذى كسبه ولنعلم أن كل حركة نحو أورشليم، أى نحو التوبة هى بدعوة من الروح القدس الذى ينبهنا والمهم من الذى يستجيب ولا يقاوم الروح القدس. وكل من إستمر فى بابل صار مثلاً لكل من أحب الخطية وعبوديتها. ولنلاحظ أن من يترك الخطية أى بابل لن يعود فارغاً أى لن يخسر شىء بل سيأخذ الكثير = كل الذين حولهم أعانوهم بآنية فضة وبذهب

 

الايات 7-11

“والملك كورش اخرج انية بيت الرب التي اخرجها نبوخذناصر من اورشليم وجعلها في بيت الهته. اخرجها كورش ملك فارس عن يد مثرداث الخازن وعدها لشيشبصر رئيس يهوذا. وهذا عددها ثلاثون طستا من ذهب والف طست من فضة وتسعة وعشرون سكينا. وثلاثون قدحا من ذهب واقداح فضة من الرتبة الثانية اربع مئة وعشرة والف من انية اخرى. جميع الانية من الذهب والفضة خمسة الاف واربع مئة الكل اصعده شيشبصر عند اصعاد السبي من بابل الى اورشليم.

الملك كورش أخرج آنية بيت الرب = هذه الآنية أخذها نبوخذ نصر بعد أن دمر الهيكل وهذه الآنية كثيرة وثمينة ولكن عناية الله أحاطتها فلم يكسروها ولا صهروها ولا اعادوا تشكيلها بل بقيت كما هى. وآنية بيت الله هى نحن والله قادر أن يحفظ آنيتنا من الهلاك أى أجسادنا (2 تى 20، 19:2) + (2 تى 12:1) بل الله قادر أن يعيد لهذه الآنية كرامتها حتى بعد أن إستخدمت فى الهياكل الوثنية فالله قادر أن يحرر عبيده لأنه هو الغالب. ولاحظ أن هذه الآنية هى التى شرب فيها بيلشاصر ملك بابل الخمر (دا 5) ولكنها الآن تعود بكرامة إلى بيت الرب فى أورشليم. شيشبصر = هو زربابل. ومعنى الإسم شيشبصر الفرح فى وسط المتاعب وهذا إسمه فى بابل أما الإسم العبرانى لهُ فهو زربابل ومعناه المولود فى بابل أو الغريب فى بابل. وكورش جعلهُ والياً على اليهود = رئيس يهوذا. وهناك أراء فى هذا :- أن زربابل كان مسئولاً عن اليهود بعد موت يهوياكين أو هناك رأى يقول أنه كان قائد الحرس الخاص لملك بابل وفى 63:2 يسمى الترشاثا وهى كلمة فارسية تدل على منصب عالٍ (راجع عز 8، 2:3 + حج 1:1 + عز 14:5) وزربابل مع يهوشع الكاهن بنوا الهيكل.

جميع الآنية 5400 = وبجمع الأعداد المفردة نجد الحاصل 2499 والسبب أن هناك آنية لم تحص ربما لصغرها أو لأنها مكسورة والله لا يهتم بعدد الآنية بل بعدد المؤمنين المكتوبة أسمائهم فى سفر الحياة الأبدية ” الذين هم فى يدى لم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك) فالآنية رمز للمؤمنين.

فاصل

فاصل

مقدمة

تفسير سفر عزرا
القمص أنطونيوس فكري

تفسير عزرا 2
تفسير العهد القديم

 

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى