تفسير يشوع بن سيراخ ١٤ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الرابع عشر
الآيات (1-2): “1 طوبى للرجل الذي لم يزل بفيه ولم ينخسه الندم على الخطيئة. 2طوبى لمن لم يقض عليه ضميره ولم يسقط من رجائه.”
تكملة لما سبق، فالفرح الحقيقي هو في القداسة= لم يزل بفيه= لا يخطئ بفمه. ولا يوجد أي تبكيت على خطية داخله= لم ينخسه الندم + لم يقضِ عليه ضميره. عدو الخير يصور للإنسان أن لذة الخطية هي التي تعطي السعادة، والحكيم هنا يقول لا، فبعد الخطية هناك ندم يجلب التعاسة. ولكن أيضاً هناك توبة بها نستعيد الرجاء، أما الذي لا يقدم توبة بل يعيش في يأس يَسقُطْ من رجائه. فطوبى لمن لم يخطئ وطوبى لمن تاب. ولم يسقط من رجائه.
(3-10): “3 الغنى لا يجمل بالرجل الشحيح وما منفعة الأموال مع الإنسان الحسود. 4من اختزن بخسران نفسه فإنما يختزن للآخرين ويتنعم بخيراته غيره. 5 من أساء إلى نفسه فإلى من يحسن ألم تره لا يتمتع من أمواله. 6 لا أسوا ممن يحسد نفسه أن ذلك جزاء خبثه. 7 وان هو احسن فعن سهو وفي الآخر يبدي خبثه. 8 لا اخبث ممن يحسد بعينه ويحول وجهه ويحتقر النفوس. 9عين البخيل لا تشبع من حظه وظلم الشرير يضني نفسه. 10 العين الشريرة تحسد على الخبز وعلى مائدتها تكون في عوز.”
هي عن البخل والحسد:
البخل= أن يكون للإنسان أموال ولا يستفيد منها، لا هو ولا من معه من أولاده وعائلته، وبالتالي ولا من الفقراء. قد يجوع ولكنه يفرح بأن أمواله تزداد؟
الحسد= هو أن يظن أن الأموال التي للغير هم لا يستحقونها، بل هو أحق بها. ومن هنا نسمع في أية (6) أن هناك من يحسد نفسه أي يرى أنه حتى نفسه لا يستحق أن يفرح بأمواله فلا ينفق على نفسه من أمواله، الأولى أن يكتنزها. ومن هنا يتقابل هذا النوع من الحسد مع البخل. لذلك يقول ما منفعة الأموال مع الإنسان الحسود فهو لن ينفقها لأنه يظن أنه غير جدير بأن يتمتع بها، هو ينكر الخير على الآخرين بل وعلى نفسه.
الغني لا يجمل بالرجل الشحيح= لا يظهر جمال الغني إلاّ حينما يستفيد الإنسان بأمواله وينفقها فيتمتع بها. ومن يفعل فهو سيموت دون أن ينتفع بأمواله وسيترك أمواله للآخرين. ومن أساء إلى نفسه (ببخله) فإلى من يُحسن. ألم تره لا يتمتع من أمواله= ألا تجده لا يتمتع بأمواله. بل هو لو أعطى أمواله للمحتاجين فسيفرح برضى الله عليه. وهذا إن حدث وأحسن إلى أحد فذلك سيكون عن سهو= أي عن طريق الخطأ كأن يحرجه أحد مثلاً، لذلك في الأخر يبدي خُبثَه هو لا يقدر أن يخفي عن الناس خبثه. والبخيل الحسود، يحول وجهه وتحتقر النفوس= إذا رأى خيراً عند أحد، يدير وجهه كإحتجاج أن هذا لا يستحق ما عنده، وهو بهذا يحتقر الناس الذين يرى الخير عندهم. وهو لا يشبع من حظه= أي بما قسم الله له به. بل هو قد يظلم الناس سواء بإغتصاب ما عندهم (قصة نابوت اليزرعيلي) أو بأفكاره عنهم، وهذا يسبب له شقاء= يفني نفسه. بل هو يحسد الفقير على الخبز اليابس الذي عنده. ومع أن عنده أموال إلاّ أنه هو نفسه لا ينفق أمواله لكي يأكل= وعلى مائدتها تكون في عوز.
(11-17): “11 يا بني انفق على نفسك بحسب ما تملك وقرب للرب تقادم تليق به. 12اذكر أن الموت لا يبطئ ألم يبلغك عهد الجحيم. 13 قبل أن تموت احسن إلى صديقك وعلى قدر طاقتك ابسط يدك وأعطه. 14 لا تخسر يوما صالحا ولا يفتك حظ خير شهي. 15 الست مخلفا أتعابك لآخر وما جهدت فيه للاقتسام بالقرعة.16 أعط وخذ وزك نفسك. 17 قبل وفاتك اصنع البر فانه لا سبيل إلى التماس الطعام في الجحيم.”
هذه نصائح لكي يعيش الإنسان بما عنده من الأموال، ويعطي منها الفقراء، فلن ينتفع الإنسان بأمواله بعد أن يموت. تقادم= تقدمات للرب. تليق به= لا تعطى الرب بالشح. ألم يبلغك عهد الجحيم= ألم تكتشف أن الموت مصير كل إنسان فكانوا يسمون الموت الجحيم، قبل المسيح. بالقرعة= الميراث. أي أن أموالك التي ستتركها ستقسم على من تتركهم. إعط وخذ وزكِّ نفسك= عش بالمحبة أي فأقبل من الآخرين ما يعطونه لك وأعطهم ومتع= زك نفسك= عِش حياة إجتماعية ولا تحيا في عزلة لتزيد أموالك. إصنع البر= مع الفقراء والمحتاجين، أي إشتري أصدقاء بمال الظلم، فهذا سينفعك بعد الموت= في الجحيم= كما يسمونه في العهد القديم، ولكن بعد أن نزل المسيح إلى الجحيم وأنقذ أسرى الرجاء، وأدخلهم للفردوس سمى المسيح هذا المكان “المظال الأبدية” (لو9:16) حيث أن عيد المظال هو أكثر الأعياد بهجة وفرح يذكرون فيه غربتهم في أرض مصر في سيناء وكيف أنه صارت لهم بيوت في أرض الميعاد. وهذا ما سيكون في السماء، أفراح نذكر فيها ما أعطاه الله لنا من بيوت غير مصنوعة بيد، وأبدية (2كو1:5) بعد أيام غربتنا على الأرض.
(18-21): “18 كل جسد يبلى مثل الثوب لان العهد من البدء انه يموت موتا فكما أن أوراق شجرة كثيفة. 19 بعضها يسقط وبعضها ينبت كذلك جيل اللحم والدم بعضهم يموت وبعضهم يولد. 20 كل عمل فاسد يزول وعامله يذهب معه. 21وكل عمل منتقى يبرر وعامله يكرم لأجله.”
هذه سُنَّة الحياة، أن كل إنسان يموت وعمله يتبعه (رؤ13:14)”. ويأتي على الأرض أولاد لمن ماتوا، كالشجرة يسقط بعض أوراقها لينبت بدلها ورق آخر.
(22-27): “22 طوبى للرجل الذي يتأمل في الحكمة ويتحدث بها في عقله. 23 ويتفكر في طرقها بقلبه ويتبصر في أسرارها ينطلق في أثرها كالباحث ويترقب عند مداخلها. 24 ويتطلع من كواتها ويتسمع عند أبوابها. 25 ويحل بقرب بيتها ويضرب وتدا في حائطها وينصب خيمته بجانبها وينزل بمنزل الخيرات. 26يجعل بنيه في كنفها ويسكن تحت أغصانها. 27 يستتر بظلها من الحر وفي مجدها يجد راحة.”
هي تطويب لمن يسلك بالحكمة ويفتش عنها:-
- يتبع وصايا الله.
- المسيح هو أقنوم الحكمة، فطوبي لمن يبحث عن المسيح.
- من الحكمة أن نعرف أننا سنموت (الآيات السابقة) فنسلك بعقل في الوزنات التي أعطاها لنا الله ومنها المال.
يضرب وتداً= هذا يضعونه في الأرض لتثبيت الخيمة= والمعنى الإلتصاق بالحكمة كل أيام حياتنا المشبهة بالخيمة التي سريعاً ما تنقض أي تنتهي حياتنا بالجسد على الأرض (2كو1:5)