سر فرحك قوتك

– “كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ.” (يو 11:15)

افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضا افرحوا” (في 4:4)

 اختار ما يفرحك؟

– امتلاك المال.     – تقدير الناس.     – الدخول في علاقة جديدة.
– عندما أشعر أنني مرغوب فيَّ        – الخروج للتنزه.
– الألعاب الإكترونية    – تغيير روتين الحياة.
– وظيفة مرموقة.        – الاهتمام العائلي.
– علاقة عاطفية.       – الأكل اللذيذ.      – النجاح الدراسي.
– تعلم شئ جديد.     
– عندما أحصل على ما احتاجه.
– شراء ملابس جديدة.     

 ما رأيك ما هو الفرق بين الفرح الحقيقي والسعادة؟

فاصل

 أمثلة أفراح العالم

  1. الغني الغبي: “وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! 20فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَاغَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ ” (لو 19:12, 20).
  2. حفل عيد ميلاد هيرودس:لما صار مولد هيرودس رقصت ابنة هيروديا في الوسط فسرت هيرودس” (مت 6:14). والنهاية طلبت رأس يوحنا “فاغتم الملك. ولكن من أجل الأقسام والمتكئين معه أمر أن يُعطى” (مت 9:14). فقتل أعظم مواليد النساء.
  3. حفل الملك بيلشاصر:” بيلشاصر الملك صنع وليمة عظيمة لعظمائه الألف وشرب خمراً قدام الألف” (دا 1:5). وطلب آنية الهيكل ليشرب فيها “في تلك الساعة ظهرت أصابع يد إنسان وكتبت.. ففزع الملك بيلشاصر جداً وتغيرت فيه هيئته واضطرب عظماؤه” (دا 5:5-9) والنتيجة (تفسير الكلام). أحصى الله ملكوتك وأنهاه، وزنت بالموازين فوجدت ناقصاً، قسمت مملكتك وأعطيت لمادي وفارس. في تلك الليلة قُتل بلشاصر ملك الكلدانيين فأخذ المملكة داريوس المادي” (دا26:5 -30).

هذا هو حال الفرح بعيداً عن الله؟

فرح الفاجر إلى لحظة!” (أي 5:20). إرميا النبي يقول: “مضى فرح قلبنا. صار رقصنا نوحاً. سقط إكليل رأسنا. ويل لنا لأننا قد أخطأنا” (مرا 16,15:5 ).

فاصل

 لماذا أفرح؟ وهل هناك ما يدعو إلى الفرح؟

الدنيا وحشة والناس وحشة والمجتمع فاسد, الماضي مظلم والحاضر کئیب والمستقبل مجهول, القلق والكأبة هي سمة العصر الحالي – معدل الجريمة زاد بطريقة مذهلة – البطالة – الغلاء – الشر – الفساد, الإنسان أصبح بلا ثمن ولا معنی – الكراهية والحقد – الاضطهاد – كبت الحرية في عالم ينادي بالحرية وحقوق الإنسان – الظلم.. إلخ.

 فهل هذا يدعو إلى الفرح.. وبماذا أفرح؟ 

 هناك فرح العالم, وكل العالم قد وضع في يد الشرير.. لذا فهو فرح غير متزن وغیر روحانی. ولكن الفرح الروحی مختلف تماماً. إنه الفرح الحقيقي إنه فرح دائم لا يخضع للظروف ولا للأحداث ولا للأشخاص ولا حتى للإنجازات.

 لقد خلقنا الله لنفرح ونتلذذ ونتمتع به

والفرح الروحي له أسبابه الكثيرة منها: 

  1.  أفرح بالرب : حينما يكون الإنسان ملتصقاً بالله وقريباً منه, وله شركة حية معه يكون سعيداً ويفرح فرحاً لا ينطق به ومجيد.
  2.  أفرح بعطايا الرب الثمينه: أفرح ببنوتي لله, بكنيستي, أفرح بالأسرار المقدسة ووسائط النعمة التي تقودني للخلاص.
    – أفرح بأسرتي الصغيرة.
    – أفرح بصحتي

    – أفرح بمواهبي ووزناتي.
    – أفرح بخدمتی ومشاركتي لله في العمل.
    ماذا يفرحك في حياتك ويجعلك تشكر الله؟
     الفرح المسيحى يرتبط بعمل فوق الطبيعة البشرية، لأنه ليس نتاج عواطف، وإنما هو عمل الروح القدس وثمره. إنه فرح في الرب. “إفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضا افرحوا” (في 4:4).
  3.  التمتع بالخلصص والنصرة: إذا كانت الخطية هي مصدر التعاسة والشعور بالإثم وسيادة الظلام، فإن التمتع بخلاص السيد المسيح وحضوره, ورفقته وعنايته ورعايته كل الأيام، وعمل الروح القدس، هو الينبوع الرئيسى للفرح المسيحى, والرب أذاع هذا السر لتلاميذه قبل الصليب والقيامة قائلا: “المرأة وهى تلد تحزن لأن ساعتها قد جاءت ولكن متى ولدت الطفل لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح لأنه قد ولد إنسان في العالم. فأنتم كذلك عندكم الآن حزن. ولكني سأراكم أيضا فتفرح قلوبكم ولا ينتزع أحد فرحكم منكم “(يو21:16,22 ). وها هم تلاميذ الرب يفرحون “إذ رأوا الرب” بعد قیامته (يو 20:20), ثم يودًعونه صاعداً إلى السماء، ولكنهم يرجعون من لقائهم الأخير معه بالجسد “بفرح عظيم” (لو 52:24).
    + دوام التوبة يؤدي أولاً بأول إلى التخلص من الخطية المسببة للهم وثقل الضمير, كما أن التوبة هي الباب المفتوح للحاق بمواكب المنتصرين واختبار حياة الفرح الحقيقي والتمتع بالحرية في المسيح: “فإن حرر كم الابن بالحقيقة تكونون أحراراً” (يو 36:8 )
  4.  السلوك بالإيمان: بمعنى الاتكال على الله والثقة في مواعيده، وتسليم كل الحياة له وقبول كل ما يسمح به الله بالشكر، وهذا هو أحد منابع الفرح المسيحي. فالذي يتيقن “أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله” (رو 28:8 ), يحيا فرحاً، مطمئناً إلى محبة الله وتحننه. أما من غاب عنهم الإيمان وإلقاء أثقالهم على كاهل الرب يسوع، فكيف يختبرون الفرح, بينما الهموم تقتحم قلوبهم؟ كما أن قلقهم، بل رعبهم، من جهة الغد، لن يتيح للفرح أن يسود حياتهم يوماً.
    إن السلام الذي يتمتع به أولاد الله, لا يعرفه الأشرار (أش 22:48 , 21:57 ) ولا يستطيع العالم أن يعطية لأن الله قد وهبه للمؤمنين: “سلاما أترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا” (يو 27:14 ), “فجاء يسوع والأبواب مغلقة ووقف في الوسط وقال : سلام لكم” (لو 36:24, يو 20 :21 ، 26), وهو ناجم عن حالة المصالحة بين المسيحي والله, ومع نفسه ومع الآخرين, كإحدى ثمار الخلاص وثمار الروح، وثمار التوبة والإعتراف. وهذا أيضا يهيئ النفس للفرح في الروح.
    ولكن هذا لا يعني أن الآلام لا تعرف طريقها إلى حياة الإنسان المسيحي، أو أنها لا تهدد سلامه وفرحه، فإبليس يترصد أولاد الله ويضيق عليهم، إلا أن الآلام مع هذا لا تستطيع أن تقتحم مركز السلام في القلب..
    والحزن إن جاء (على فقدان الأحباء أو تعثرهم، مثلاً)، فهو يبقى عاطفة خارجية لا تهز استقرار القلب في يد القدير. على أن الكتاب يشير إلى حزن “حسب مشيئة الله” علی الخطية الملوثة لنقاوة المسيحي والمهينة للكرامة الإنسانية، وهذا الحزن النبيل ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة” (2كو 10:7 ).
  5. التقوى مع القناعة: هي تجارة عظيمة كما يصفها معلمنا القديس بولس (1تي 6:6) بينما التطلع إلى الغنى والرفاهية والطمع لا يجلب سوى الآلام. خلال الحياة يحدث نمو طبیعی في الوظائف والدخول والممتلكات، ويتم التدرج في المراكز، وعلى قدر العزم والاجتهاد ينال المرء نصيبه من خيرات هذه الدنيا. والكسول الذي يريد أن يأخذ دون أن يتعب سيبقى في الظل. ولكن هذا كله غير الانحصار والسعي إلى جمع المال بكل الطرق، وعقد المقارنات بين من صعدوا في المراتب أو صاروا أغنياء. هنا تأتي التعاسة والهموم ويتوارى الفرح ويفقد السلام وتتعثر العلاقة مع الله. وليس من منقذ غير أن يثوب الإنسان إلى رشده ويصحح مساره بالتوبة, ويترك العالم لأهله، راضياً بعطايا الله ومعها التقوى وسلوك في مشيئة الله، لأنه “ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟” (مت 26:16 , مر 36:8 , لو 25:9 ).
  6.  الخروج من الذات إلى الآخر: العطاء والخدمة أحد منابع الفرح, والرب نفسه قال:”مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ” (أع 35:20 ). فالأنانية حزن وهم وخوف وقلق وفقر إنساني وحرمان من الاتحاد مع الله , بينما الخروج إلى حب الله والقريب وخدمة الفقير واليتيم والغريب والضيف والسجين والمسن والمريض وذوي الاحتياجات الخاصة، وضحايا الحروب والمجاعات واضطرابات الطبيعة، هو الطريق إلى إسعاد هؤلاء وتخفيف آلامهم، فيأتي الفرح في الحال كمكافأة لا تقدر بثمن, ليتك تخرج من ذاتك إلى خدمة الآخرين واغترف غنى فرح وسلام لم تعرفه في حياتك الفقيرة الأولى. لأنه: “مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ” (أع 35:20 ). وبدل أن يصبح مالك باباً للشرور، خانقا للكلمة، ملتصقاً بالموت, اجعله بابا للدخول إلى فرح السيد الأبدي.
  7.  التطلع إلى الأبدية: هو الينبوع الأبدي للفرح. فالأبدية هي النهاية السعيدة التي تهون أمامها كل آلام الزمان الحاضر، التي يصفها القديس بولس أنها “لا تقاس بالمجد العيد أن يستعلن فينا” (رو 18:8 ).
    – تطلع دوما إلى الساعة الأخيرة، حيث الاحتفال بنوال إكليل البر, تمجيداً لحياة شاركت المسيح الامه وحفظت كلمته, وذاقت حلاوة عشرته.
    + هكذا تعبر على النفس رياح الهموم والتجارب والأحزان دون أن تخصم شيئاً من رصيد الفرح المستقر في الأعماق, ولا تلمس غير سطح الأمواج التي قد تعلو وتهبط، ولكن الفرح والسلام هناك لا يضرهما شيء.
    + المقابلة بين خفة ضيقتنا الوقتية وثقل المجد الأبدي (2كو 17:7 )، تجرد التجارب من أشواكها الحادة، وتجعل من دموعنا مجرد مخرج طبيعى لضغوط التجارب، ولكنها مع هذا لن تكون منسية قدام الله.
    +انتظارنا لمجيء الرب في خلاصة الأخير, يحول ألامنا وأسقامنا وأحزاننا من أدوات لتكديرنا وسحقنا (كما هي للبعيدين عن الله) إلى رصيد لحسابنا نتمجد به في اليوم الأخير “إن كنا نتألم معه لكى نتمجد أيضا معه” (رو8: 17). وهكذا لا تعطل استمرار فرحنا وسلامنا ونحن هنا على الأرض.

لا حظ أن النفس المتضعة هي التي لا تبرح الابتسامة عن وجهها أبدا..
نعم لم يذكر الكتاب عن الرب أنه ضحك، إلا إننا لا نشك أنه كان مبتهجاً, وهو يشارك في عرس قانا الجليل, ويصنع فيه أول معجزاته ويزيل الحرج عن أهل العُرس الذين نفد خمرهم, ولابد أنه ابتسم عندما نظر إلى الشاب الغنی “وأحبه” (مر21:10 ), ولابد أن وجهه كان يطفح سرورا “عندما تهتل يسوع بالروح” (لو 21:10 ). وأغلب الظن أنه أبدى فرحه وهو يذكر في أمثاله فرح السماء بتوبة الخاطئ (لو 10,7:15 ), وفرح الراعي الصالح بعثوره على خروفه الضال (لو 5:15, 6)، وفرح المرأة التي وجدت درهمها المفقود (لو 9:15)، وفرح الآب وسروره بعودة ابنه الشارد (لو 32:15 )، وهو الذي أوصانا – على لسان بولس الرسول – بالفرح مع الفرحين (رو 15:12 ). والكتاب ملئ بكلمات من نوع “العريس والعروس” (مر19:2 , 20)، و”عشاء عظيماً” (لو 16:14)، و”العرس” (مت22: 2-12 ) و تسابيح وأغاني روحية” (أف 19:5 , كو 16:3 ), وكلها تتشح بالبهجة التي تسود الحياة في المسيح.

فاصل

 الفرح المسيحي

المسيحي الحقيقي لا يعرف الهزل أو النكات القبيحة، ولا يجرؤ على كسر الوصية، ولا يتشح بوسائل الفرح المصطنع كالخمر والصخب، ولا بتغييب الوعي بالمخدرات. أما الإنسان الطبيعي لا يعرف غير الفرح السطحي المفتعل، بينما الهموم لا تفارقه أينما سار مهما اجتهد أن يهرب منها.

حياة الفرح المسيحي هي من أعمال النعمة، وهي متاحة لكل من يؤمن “فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله” (رو 8:8). فالمسيحي ليس إنسانا أسطورياً، ولكنه إنسان أدركته نعمة الخلاص، فتغير حاله من البؤس إلى الفرح المجيد. وباسم كل البعيدين الحائرين كانت صرخة القديس بولس: “إذا أجد الناموس لى حينما أريد أن أفعل الحسنى أن الشر حاضر عندي … ويحي أنا الإنسان الشقى! من ينقذني من جسد هذا الموت؟” (رو 21:7 , 24)، ثم كان إعلانه عن سر الفرح: “لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت… وإن كان المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطية وأما الروح فحياة بسب البر” (رو 2:8, 10). “القلب الفرحان يجعل الوجه طلقاً وبحزن القلب تنسحق الروح” (أم 13:15). 

فاصل

وجهك يظهرك 

إن الوجه يصبح ميزاناً لحالة القلب! كما أنه يظهر حالتنا على حقيقتها! يخبرنا “أدريان روجرز” في أحد كتبه عن بعض المنقبين عن الذهب، الذين وجدوا منجماً غنياً، فقال أحدهم: إنه لنا طالما لا نخبر أحدا عنه! فوعده الجميع بكتم السر.
ولأنهم احتاجوا إلى عدة ومؤونة، توجهوا إلى المدينة وبعد شراءهم كل ما احتاجوا إليه، توجهوا من جديد إلى المنجم…
ولكن في هذه المرة لم يكونوا وحدهم، لأن جموع غفيرة من سكان المدينة تبعتهم، والسبب عائد إلى أن اكتشافهم للذهب وسرهم المكتوم في قلوبهم كان مرسوماً بوضوح على وجوههم! إن ما يحدث في الداخل، يظهر في الخارج! إن مجد الله الذي اختبره موسی على الجبل، انعكس كل الانعكاس على وجهه لدرجة أنه عندما نزل من الجبل، كان وجهه يلمع بقوة أمام الشعب وبشكل لم يسبق له مثيل … 

إننا كموسى، لا نستطيع أن نصرف الوقت أمام الله دون أن ينعكس نوره علينا، ويظهر ذلك للأخرين ويلفت نظرهم. لا غنى في ظلمة هذا العالم عن المسيحي الفرح بانعکاس نور الله على وجهه… إنه الفرح الحقيقي الصادر من أعماق القلب، والناتج عن شركة قوية، وعلاقة طيبة مع الرب يسوع المسيح. إن كان نور الله في قلبك، فسيظهر على وجهك.


من المسابقة الدراسية – مرحلة جامعيين –  مهرجان الكرازة 2011

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى