بلا حدود

  • إِنْ أَعْطَى ٱلْإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ ٱلْمَحَبَّةِ، تُحْتَقَرُ ٱحْتِقَارًا.” (نش 7:8).
  • وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، 19وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ.” (أف 18:3 )

محبة المسيح الفائقة للكل 

المحبة: هي الوصية الأولى والعظمى.. وجميع الوصايا الإلهية مرتبطة بها ومتعلقة بها.

– يضعها معلمنا بولس الرسول فوق الإيمان الذي ينقل الجبال, والرجاء الذي به نخلص.

ويصفها أنها :ثمرة ويجعلها أول ثمرة من ثمار الروح القدس. ورباط ويدعوها “رباط الكمال”.

المحبة مثل: المونة: تخيل قوالب الطوب في بناء مرصوصة بدون المونة ماذا تكون النتيجة؟!
إن المحبة تربط الإنسان بالله, وتربطه بأخيه الإنسان, وتربط الفضائل كلها ببعضها.

– خيط السبحة: هي تمثل خيط السبحة الذي ينفذ في كل حبات الفضائل ويربطها جميعاً. لذا إذا خلت أي فضيلة من المحبة فهي مرفوضة.

وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ.” (1يو8:4)

إن الإنسان يكافأ عن أعماله الحسنة بقدر ما يكون الدافع لها هو المحبة، وهكذا فإن الأعمال ليس لها استحقاق إلا على قدر المحبة.

القديس أغسطينوس

– هل يمكنك أن تعبر عن المحبة في كلمات؟

ما هي.. وقف القديسون والآباء أمام المحبة مشدوهين فلقد عجزوا عن التعبير عن کنهها وحصرها بالألفاظ.

المحبة هي اللؤلؤة الكثيرة الثمن فإن كانت لديك فإنها تكفيك..

القديس اغسطينوس

عجيبة هي المحبة التي هي لغه الملائكة ويصعب على اللفظ ترجمتها، المحبة اسم الله الكريم. من يستطيع أن يتفحصها أو يحدها؟ من يشاء أن يتكلم عن محبة الله، فهو يبرهن على جهله. لأن الحديث عن هذه المحبة الإلهية غير ممكن البته.

الشيخ الروحاني

– هذه المحبة عريضة لدرجة أنها تتسع للعالم أجمع, وطولها يمتد لطول الأبدية, وعمقها يصل إلى أعماق القلب والنفس, وعلوها قادر على رفع الخطاة البائسين إلى السماء مع المسيح… إنها المحبة الفائقة التي بلا حدود للجميع.

المسيح هو المحب العظيم الذي تعلو محبته كل التشبيهات وتفوق الفهم والادراك. فالله محبه. الله الذي لم يراه أحد قط أراد أن نراه في المحبة. فهي اسم الله وصورته ومنظره.

نحن لم نكن أن نعرف الله ولكن المحبة هي التي أرشدتنا إليه. لأن محبة الله عملية.”لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية” (يو 16:3 ).

الفكرة الأساسية

كيف كان هذا الحب؟! كان بالصليب, وفي حياته على الأرض عاش السيد المسيح المحبة, وقدمها للكل بلا تمييز وبلا حدود, فأحب الأشرار والخطاة وكذلك البعيدين, وأحب العشارين المحتقرين والمطرودين, أحب الفقراء والأغنياء, والحزانى والمتألمين والمتشككين القلقين, ووصلت محبته أيضا إلى الأعداء والمقاومين والمظلومين والفاشلين.
 أحب الأطفال وصغار النفوس, أي أحب الإنسان بكل أحواله و بكل حالاته.

فارغة أم ملأنة

المواد المستخدمة: علبة فارغة (علبة كبريت مثلا) شیء ذو قيمة (ذهب – فضة…. ألخ) 

خطوات اللعبة:

1- امسك علبة الكبريت الفارغة, وافحصها مع أصدقاءك وقدر قيمتها (ليس لها أي قيمة) ثم نجد أن هذه العلبة تشير إلى كثيرين (محتقرين أو صغار نفوس أو المرأة… ألخ) وهم كانوا بلا قيمة عند اليهود قديماً أو في نظرهم أنهم كذلك.

2- ضع شئ ذو قيمة داخل العلبة. ثم قدر مع أصدقاءك قيمتها, ستجد قيمتها هي قيمة الشئ الذي وضع بداخلها. ثم نسأل ما الذي جعل لهذه العلبة قيمة – هو الشئ الذي وضع بداخلها.

هكذا المسيح عندما دخل حياة كثيرين من المطرودين والمحتقرين وصغار النفسوس وقدم لهم الحب, جعل لحياتهم قيمة عظيمة وكثيرة لا تقدر بثمن.

قصة تروس… المحبة!!! 

كان الوالد لديه مصنعا فكان يأخذ صغيره كل يوم ليتعلم كيف يشرف على عمل المصنع كل يوم. وكان الصغير يقف يتأمل في الماكينات وهي تعمل, وفي أحد المرات ماكينة أصابها عطل كبير.

فأتوا بأحد المتخصصين في صيانة الماكينات, وأبتدأ يفحص ليعرف ما هو سبب العطل. وقام بفك كل أجزاء الماكينة, فوجد ترسين قريبين من بعضهما متأكلين نظراً للاحتكاك المستمر بينهما وكان هذا هو سبب العطل, ووقتها قام المتخصص باستبدالهما بترسين جديدين يعملان في انتظام, وهنا قال الأب لابنه: إذا ما وجدت المحبة بين صديقين صارت الأمور على ما يرام. أما كثرة المضايقات (الاحتكاك) فهذا يؤدي إلى توتر في الحياة كما قيل عن المحبة: “المحبة تتأنى وترقق.. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ” (1كو 4:13) “المحبة لا تسقط أبدا. وأما النبؤات فستبطل والألسنة ستنتهي والعلم فسيبطل” (1كو 8:13).

القائمة السوداء 

نسمع كثيرة عن وجود “القائمة السوداء في بعض الأماكن والتي تحتوي على أسماء أشخاص غير مرغوب فيهم أو ممنوعين من بعض الحقوق المكفولة لغيرهم. أما شخص المسيح فليس لديه هذه القائمة.

يوجد في كل العالم من هو غير مرغوب فيه، لكن السيد المسيح قادر أن يحب الكل محبة بلا حدود, محبة غير مشروطة “فهو الذي لا يطفئ حتى الفتيلة المدخنة”.

من الذين قدم لهم المسيح الحب.. وكانوا مرفوضين من الناس؟

  1.  الخطاة والأشرار :
    المرأة الخاطئة (لو 36:7 – 50) : كان الجميع يحتقرها بسبب خطاياها, عندما سمعت عن المسيح الذي يقبل كل من يلتجئ إليه، حتى لو كان مكروهاً, فتح ذلك باب الرجاء في قلبها فهو الوحيد القادر على أن يفهم أعماقها ويعطيها طريقة للتوبة فسكبت الطيب تحت قدميه, وهو أعطاها الغفران لخطاياها. فهو قد أتى لكي يطلب ويخلص ما قد هلك.

    ولا ننسى أيضا كرنيليوس المتدين الأممي. كان صالحا ولكنه من البعيدين عن الحق قبله الله و أرسل له بطرس، الذي أعلن له أن الخلاص من الخطايا لا يكون عن طريق الصدقات والتقوى والأصوام, مهما كانت بدون الدخول إلى حقل المسيح، أو أن يكون ضمن أعضاء جسد المسيح، لذا عمده بطرس، فأمن واعتمد لكى يخلص، وهذا هو عمق الحب: أن الرب يبحث عن كل النفوس ويريد خلاصها قانونياً.
  2.  المحتقرين والمطرودين:
    دعي السيد المسيح متى العشار أن يكون واحداً من تلاميذه (مت 9:9-13). كان العشارين فئة من اليهود محتقرة ومنبوذة من الكل، لأنهم يجمعون الضرائب من اليهود لحساب الإمبراطورية الرومانية. بكل ما استطاعوا من قوة لذلك لم يكن أحدا منهم رحيمة أو أمينة. وكان ينظر له كخائن لشرف أمته, ويعتبر عندهم من أحط الطبقات فی المجتمع فلا يخالطونهم أو يأكلوا معهم ولا تقبل شهادتهم في المحاكم.
    لكن الرب يسوع: أحب هؤلاء المحتقرين حتى أن اليهود كانوا يعيرون السيد المسيح بقولهم عنه: أنه “محب للعشارين والخطاة” (مت 19:11 , لو 34:7 ).

    دعى الرب يسوع منهم متى العشار من مكان الجباية. ليكون واحدة من تلاميذه دعاه بكلمة واحدة ” اتبعني”. وعندها لبي هذا المحتقر المرذول بلا تردد في قبول الدعوة. ولم يفكر في التأجيل بل ترك كل شئ وقام وتبعه في الحال.
    كيف حدث هذا في لحظات؟! إنه الحب الذي قدمه السيد المسيح والتقدير الذي أثر في نفس متى جعله يهتز وجدانيا, وتفيض مشاعره نحو هذا المحب العظيم”. وأصبح هذا العشار الخاطئ كاتب لأول إنجيل “بشارة متي”.
    فما أعظم نعمة ومحبة السيد المسيح التي تحول العشار المحتقر الخاطئ إلى متى البشير المحبوب والكارز بكلمة الله.
  3.  المطرودين:
    أَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ الإِنْسَانُ. لأَنَّ الإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ” (1صم 7:16)”طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. ” (مت10:5)
    الرب يسوع يتحنن على جميع المطرودين:
    المولود أعمى( يو 9).المولود أعمى
    هذا المطرود البائس الفقير الذي لم تتاح له أي فرصة حتى لرؤية أو إدراك معنى النور, بل منذ ولادته يحيطه الظلام من كل مكان، كان جالساً يستعطي وكثيرون لم يشفقوا عليه، نظر له المسيح نظرة الإشفاق والحنان. ونظر إلى أنه ولد أعمى, ليس بسبب خطاياه بل لتظهر فيه أعمال الله. “يا له من إعلان عجیب, أن يكون هذا المطرود الشحاذ الأعمى هو موضع اهتمام الله الكامل, وتدبيره ليعلن فيه رحمته وحنانه وقدرته على كل شئ.
    هذا الأعمى أطاع السيد المسيح الذي قبله, وذهب سيراً على الأقدام ليغسل وجهه. ويبصر ولم تكن القوة في الطين, ولا في ماء البركة, بل في محبة المسيح. الذي قال عن ذاته: “ما دمت في العالم فأنا نور العالم” (يو 5:9). وعندما حكم عليه الفريسيون بالطرد وشتموه لأنه شهد للمسيح. وحرموه من امتيازاته الدينية, وأنه لم يعد قادراً على أن يدخل الهيكل أو المجمع, هنا تقابل مع المسيح وجهاً لوجه لأول مرة و آمن به.
  4. الرب يسوع يحب الأغنياء والفقراء:
    عند الرب يسوع (شئ واحد = كل شئ) كيف ذلك؟!
    نتذكر عندما سأل الشاب الغني للرب يسوع: “ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟! (مت 16:19 ۔22). قال له الرب يسوع: يعوزك شئ واحد أن أذهب بع كل مالك فيكون لك كل شئ (الكنز السمائی) وأعطى له الطريق إلى ذلك, وهو أن يتبعه حاملا الصليب (مر 12:10 ). هذا الشاب مضي حزينة لأنه كان ذا أموال كثيرة (مز 22:1 ) وهنا علق المسيح أن المال ليس هو العقبة أمام دخول الملكوت, بل الإتكال على هذا المال، لأنه يأخذ المكانة الأولى في الحياة. دليل أنه ترك المسيح (ومضى) لأنه لم يكن هو صاحب المكانة الأولى في حياته.. بل المال.

    قدم السيد المسيح الحب و الطريق للأبدية لهذا الشاب، لكن الشاب ترك هذا الطريق لأجل المال الذي يحبه. (فهو مثل المصباح الذي ظل بعيداً عن مصدر التيار الكهربائي “حب المسيح” فلا ينير).
    أما الفقراء: إمتدح عطاياهم كما امتدح (ذات الفلسين) حتى لو كانت قليلة ولكنها من قلب طاهر, قلب لا يتكل على المال (لو 1:21-4). بل (ألقت كل معيشتها) واتكلت على الله (مر 43:12 ). سلكت الطريق الذي أعطاه المسيح. ألقت كل شئ لأجله فإمتدحها وإستنارت.
  5.  المحزونين:
    أحب الرب الحزاني وعزاهم (يو 1:11-44) كما أحب مريم ومرثا وأخوهم لعازر, وأقام لعازر من الموت لأنه تحنن عليهم . فهو قال: “أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي ولو مات فسيحيا” (يو 25:11 ).المولود أعمى
    لقد تفاعل الرب المحب مع مريم ومرثا لأنه شعر بحزنهم وألمهم نتيجة موت أخاهم المحبوب. فهو ليس بعيدا عن أحزاننا و آلامنا.
    حتى الجمهور لاحظوا دموعه وقالوا: “انظروا كيف كان يحبه؟”.
  6.  المتشككين:
    أحب الرب يسوع المتشككين ولم يرفضهم رغم أنهم متشككون في شخصه. (يو 19:2029), (لو 13:24-53).
    نتذكر شك التلاميذ واختبائهم في العلية، معبرين عن فشلهم ويأسهم، حتى عندما جاء إليهم خبر قیامته إلا أن الفرح لم يجد طريقه إلى قلوبهم، لأنهم لم يستطيعوا أن يطرحوا عنهم شكوكهم وحيرتهم.
    وتلميذی عمواس: كان من الضروري أن يصحح الرب لهما معلوماتهما وبطء فهمهما. ففسر لهما الأمور المختصة بملكوت السموات ليفهما الكتب.تلميذي عمواس وعندما انفتحت أعينهما خرجا مسرعين بقلب ممتلئ فرحة ليخبرا التلاميذ بما رأياه وسمعاه.
    جاء الرب يسوع للتلاميذ خصيصاً وقال : سلام لكم, ليخلص توما من شکه. وأمام كل تلك المحبة الغامرة, وذلك التواضع العظيم, ذاب قلب توما المؤمن. وخر عند قدمي الرب يسوع وقال: “ربي وإلهي”.
    إن الشك دليل عدم المعرفة الصحيحة, أو فقدان الأمل والرجاء, أو الإحساس بالظلم, لكن محبة السيد المسيح قادرة على علاج كل هذا.
  7.  القلقين:
    التلاميذ وسط العاصفة (مت 6 : 25 – 34, 14 : 22 – 33)
     رغم محاولاتهم للحفاظ على أنفسهم من الغرق, وإشتراكهم في العمل لتوصيل السفينة إلى البر, وعجزهم في هذا, جاء لهم السيد المسيح على غير انتظار, لينقذهم في ساعة الخوف والقلق, حين كانت الريح مضادة والخطر يقترب إليهم, أتى ليعطيهم السلام والآمان. وأخيرا الكل قال “بالحقيقة أنت ابن الله“؟!
  8.  محبة الأعداء:(لو 13:23 – 49)
    الرب يسوع أحب أعداءه, ففي ليلة القبض عليه كان وسطهم كحمل وديع. واحتمل منهم الإستهزاء, والجلد وتمزيق الثياب, ثم أخيرا الصلب والتعبيرات المنهالة عليه. خرج هنا عن صمته وصلى لأجل أعدائه وصالييه قائلا: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون” (لو 34:23).
    كم أنت محب عظيم, بل ليس لك مثيل؟ كيف وسط آلامك لا تهتم بذاتك بل تنشغل بصالبيك الذين تعاملوا معك بلا رحمة لتطلب لهم الغفران وتلتمس لهم الأعذار.
    لقد كانت محبة السيد المسيح لهم أكثر من عداوتهم له. فأول ما فعله، كان غفرانه لصاليبه قبل مغفرته للص الذي غيره, وقبل إهتمامه بأمه العذراء مريم , ثم أخيرا تكلم عن نفسه.

من المسابقة الدراسية – مرحلة جامعيين –  مهرجان الكرازة 2011

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى