تفسير إنجيل لوقا – المقدمة للقمص أنطونيوس فكري

1-   من هو القديس لوقا؟

هو الوحيد بين كتاب العهد الجديد الذي لم يكن يهوديًا بل أمميًا. وغالبًا هو من إنطاكية سوريا. قَبِلَ الإيمان المسيحي دون أن يتهود. ويعلل الدارسون ذلك بأن الرسول بولس حين أشار إليه في رسالته إلى كولوسي (14:4) لم يضمه إلى من هم من أهل الختان (10:4-11) مثل أرسترخس ومرقس. ورأي البعض أنه كان من السبعين رسولًا وهو أحد تلميذيّ عمواس ولم يذكر اسمه اتضاعًا. ولكن الرأي الغالب أنه لم يكن من الرسل بل قبل الإيمان على يدي بولس الرسول وذلك لأن لوقا نفسه يعترف أنه لم يعاين المسيح بنفسه بل “كما سلمها إلينا الذين كانوا من البدء معاينين وخدامًا للكلمة” (2:1)

وكان القديس لوقا طبيبًا (كو14:4) وكان الرومان لا يسمحون لأحد أن يمتهن مهنة الطب إن لم يجتاز امتحانات عديدة صعبة ودقيقة، لذلك فشخصية لوقا كطبيب نرى فيه شخصية العالم المدقق، والرجل العملي المحقق. وإضافة لذلك فأسلوبه رقيق وجميل. ويضيف التقليد أنه أيضًا فنان رسم صورة للسيدة العذراء.

ولقد ارتبط القديس لوقا بالقديس بولس الرسول، رسول الأمم في صداقة قوية. وأول مرة نلتقي فيها في سفر أعمال الرسل بكلمة نحن كانت في (أع10:16) أثناء وجودهما في ترواس في خلال الرحلة التبشيرية الثانية ثم صاحبه في الرحلة الثالثة وكان لوقا هو الوحيد الذي ظل مرافقًا بولس الرسول في أسره وحتى النهاية (2تي11:4) وبسبب هذا الارتباط سجل لنا لوقا كثيرًا من أعمال بولس الرسول وكرازته ودعاه بولس بالطبيب الحبيب (كو14:4+ فل24)

وقيل أنه عاش بتولاً وعمل في إخائية باليونان واستشهد في سن الرابعة والثمانين. وهو الذي كتب أيضاً سفر أعمال الرسل. ووجه إنجيله وسفر الأعمال لنفس الشخص “العزيز ثاوفيلس” (لقب العزيز هو لقب شرف فهو أحد أشراف الإسكندرية) بل يأتي سفر الأعمال في بدايته كتكملة للإنجيل. ولأنه طبيب يصف الأمراض بدقة ولكنه لا يهاجم الأطباء (مر26:5+ لو43:8) احتراماً لمهنة الطب. وبولس إذ يكتب لأممي مثله (ثاوفيلس) يريد نفعاً لكل الأمم.

2-   سمات الإنجيل

‌أ-    يقدم لنا المسيح كصديق للبشرية، جاء يحمل إنسانيتنا لكي يهبنا شركة الطبيعة الإلهية. فإن كانت الفلسفة اليونانية قدمت أفكارًا مجردة لكنها لا تستطيع أن تحتل القلب وتغير الأعماق، أما ابن الإنسان فقد جاء صديقًا للإنسان حتى يقبله في داخله فيهبه خلال هذه الصداقة إمكانيات فائقة تعمل في أعماقه.

‌ب-   كان اليهود يعتقدون أنهم أبرار وأن بقية الشعوب خطاة نجسون مرفوضون ولوقا يقدم المسيح الذي أتى يطلب ويخلص ما قد هلك (10:19)، فهو صديق الخطاة واقتبس العبارات التي تفتح باب الرجاء للأمم “كل جسد يرى خلاص الرب ويركز على إرسال إيليا لأرملة أممية وإليشع يشفي نعمان السرياني الأممي. ولذلك ففي نسب المسيح رجع بالنسب إلى آدم أبو الجميع فالمسيح مخلص العالم كله. واهتم بالفقراء والمعوزين والمطرودين. فالبشارة أرسلت لفتاة الناصرة الفقيرة. والملائكة تهتم بالرعاة البسطاء. وراجع قصص لعازر والغني ووليمة العرج والعمي ومثل السامري الصالح ومثل العشار وقصة الزانية في بيت سمعان الفريسي ومثل الابن الضال وقصة مريم المجدلية وقبول اللص التائب على الصليب فلوقا أظهر اهتمامًا بالأقليات والجماعات المنبوذة المعزولة مثل السامريين والبرص والعشارين. الكل يجد تشجيعًا في إنجيله.

‌ج-           المسيح كصديق يشترك مع الناس في ولائمهم/ بيت سمعان/ زكا/ تلميذيّ عمواس.

‌د-    يوبخ يوحنا لطلبه نارًا تنزل على السامرة فهو صديق الجميع. يقبل المرأة الخاطئة ويعاتب سمعان الفريسي، يوبخ الفريسي ويشجع العشار، يلوم الكاهن ويشجع السامري الصالح. يقبل الابن الضال واللص اليمين أما الابن الأكبر لكبريائه يفقد عطفه.

3- لم يستخدم لوقا ألفاظاً غير مفهومة بالنسبة لليونانيين مثل أبّا أو صفا. ولكنه استخدم ألفاظاً يونانية للتعبير عن الألفاظ الآرامية غير المفهومة بالنسبة للشعوب التي تتكلم اليونانية فهو يستعمل كلمة الغيور بدلاً من القانوي (لو15:6+ مر18:3) وكلمة المعلم بدلاً من رابي وكلمة الجمجمة بدلاً من الجلجثة. وأسلوبه في اللغة اليونانية راقي المستوى جدًاً.

4- يهتم القديس لوقا جدًا بكلمة الخلاص والكلمة تأتي في الإنجيل 8 مرات وفي سفر الأعمال 9 مرات بينما لم تأتي قط في أناجيل متى ومرقس وأمثلة ذلك تبتهج روحي بالله مخلصي (47:1) + يسوع في (لو31:1) يذكر اسم يسوع وفي مت21:1 نسمع تفسير اسمه الله يخلص) يعني الله يخلص (31:1) وزكريا يقول عن المسيح قرن خلاص (71:1+ 76:1 + 11:2 + 50:7+ 48:8+ 19:17+ 42:18) ونرى في عبارة السيد “أن إيمانك قد خلصك” نفس ما يقوله بولس الرسول عن الخلاص بالإيمان. وراجع أيضًا (لو9:19-10)

5-    من المواضيع التي يركز عليها لوقا الإنجيلي:

أ‌-   الروح القدس (35:1+15:1+41:1+67:1+ 25:2-27+21:3+ 1:4+ 14:4-18+ 13:11+ 49:24). ولاحظ أن سفره الأعمال هو أعمال الروح القدس.

ب- الصلاة: (10:1+ 5:11+ 1:18-8، 9:18-14+ 21:3+ 29:9+ 12:6). ونرى في سفر الأعمال صلوات التلاميذ ومعهم آخرين تنفيذاً لذلك ولوقا هو الوحيد الذي ذكر أن المسيح كان يصلي وقت العماد، وفي وقت التجلي. وهو الوحيد الذي ذكر أمثلة المسيح عن الصلاة.

ج- يهتم بذكر التسبيح: (46:1-55+ 42:1 + 68:1-79+ 14:2+ 29:2-32+ 43:18+ 17:13+ 37:19+ 16:7 + 15:17+ 13:13+ 26:5 بل ينتهي الإنجيل بالتسبيح 52:24-53).

6-   يعتبر لوقا الإنجيلي شفيع الأطباء والرسامين.

7- لوقا كتب إنجيله إما من اليونان (أخائية) حيث كرز هناك فترة طويلة أو كتبه من روما في أثناء فترة سجن بولس الرسول الأولى في روما.

8- كانت مصادر لوقا بعد الوحي الإلهي [1] العذراء مريم [2] إنجيلي مرقس ومتى [3] صداقته لبولس.

فاصل

إنجيل القديس لوقا: 1234567891011 12131415161718192021222324 

تفسير إنجيل القديس لوقا: مقدمة123456789 101112131415161718192021222324 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى