الرسم بالكلمات
أنت مدعو لأن تكون هذا الفنان.
هناك أشخاص يجيدون الرسم بالفرشاة والألوان، فهل قابلت من يرسم “بالكلمات”؟ نعم، الكلمات مثل الألوان المتعددة، كل كلمة هى “لون”، له شكل وجمال معين فى حد ذاته، لكن الفنان هو الذى يعرف كيف “يمزج” هذه الكلمات معًا فى تناسق، فيخرج لوحة جميلة، أى عبارات لها معنى جميل، مؤثر، مفيد، مريح، مقنع، يستميل المستمع إليه.
وهذا ما يسمى بالتواصل الذى هو خلق الجسور واللقاء، بين الشعوب، وبين المجموعات، وبين الأفراد.. وهو يرتكز على عمليات تبادل الآراء والأفكار والمعارف بين الأشخاص، سواءً كان هذا التبادل لفظيًا عن طريق استخدام الكلمات، أو غير لفظى، كاستخدام الحركة والتعبير والصورة، وتتضمن أيضًا تقاسيم الوجه وهيئات الجسم.
إن الكلمات التى تقولها هى الوسيلة الأساسية للتعبير عما فى داخلنا، والتى بها توّجد تواصل مع الآخر، ولكن لا تنس ما قاله أحدهم: “إن اللسان مثل القلم الجديد يكتب على القلب سواء بالحسن أو السيئ“، ويقول الكتاب المقدس: “مِنَ الْفَمِ الْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ!” (يع10:3).
أمامك مشهدين قارن بينهما :
المشهد الأول : اقرأ (أع 24:19-34) :
بعدما بشر تيموثاوس وارسطوس بالسيد المسيح، مع القديس بولس
الرسول، شعر ديمتريوس بالخطر الذى يهدده فهيج شعب أفسس –
وهو صانع هياكل فضة للإله أرطاميس – أن وجود هؤلاء
وأنتشار المسيحية سيؤدى إلى:
- الحرمان من المكسب المادى الذى كان يكسبه من صناعة الهياكل.
- فقدان كرامتهم إذا أصبحت إلهتهم أرطاميس إلهة باطلة.
- تشويه صورة أرطاميس.
فعم الإضطراب فى مدينة أفسس، وقام الشعب بثورة، فيها عثروا على شخصين اسمهما: غايوس وإرسترخس وهما مقدونيى الأصل من رفقاء القديس بولس ودفعوهما أمامهما. ودفع اليهود إلى الجمع شخصًا يهودى الأصل اسمه إسكندر يغلب الظن أنه كان قد آمن بالمسيح ثم إرتد (2تى 14:4-15)، وكانت النية إلقاء غايوس وإرسترخس للوحوش.
أراد القديس بولس أن يدخل بين الشعب فلم يدعه التلاميذ، فقد أراد أن يواجه الثائرين فى شجاعة لإنقاذ رفقائه وإثبات براءتهم، فرفض التلاميذ ذلك ومنعوه، وكذلك الرؤساء والأثرياء أصدقاؤه، لئلا يفتكون به.
دفع اليهود إسكندر هذا ووكلوه ليشرح للجمع أن اليهود ليسوا مسيحيين، فالأفسسيين كانوا لا يميزون بين اليهود والمسيحيين، وإسكندر هذا أراد إثبات براءة اليهود من إنتماء القديس بولس إليهم حتى لا يشمل الإتهام اليهود أيضًا، ولأن الأفسسين اكتشفوا أن إسكندر هذا يهوديًا، والأفسسيون لا يحبون اليهود لأنهم يعلمون أن اليهود لا يحترمون آلهتهم، وأيضًا فى نظرهم فلا فرق بين المسيحية واليهودية. لذلك منع الجمهور إسكندر من الكلام وظلوا فى صياح لإلهتهم نحو مدة ساعتين: عظيمة هى ارطاميس الافسسيين.
فى الأديان الوثنية نجد فيها عُبّاد الآلهة يدافعون عن آلهتهم ولكننا نحن الذين نعبد الله الحىّ، هو الذى يدافع عنا ويحمينا.
المشهد الثانى : اقرأ (أع 35:19-41):
خاف كاتب المدينة – هو موظف كبير بها كرئيس لديوانها وأداة إتصال بين إدارة أفسس وبين الحكام الرومان – أن الرومان يعاقبون المدينة بسبب هذا الشغب.
فأخذ يهدئ الموقف بقوله: لن يستطيع أحد من هؤلاء اليهود أن يضر الإله ارطاميس، الإله الذى هبط من زفس (أى من السماء) بشئ، فلماذا هذا الهياج. ينبغى أن تكونوا هادئين، فلا خطر على عبادتكم وحبكم لأرطاميس. وأن تيموثاوس وارسطوس ليسا سارقى هياكل، ولا مجدفين على إلهتكم. هم يبشرون ويدعون لإلههم ولم يشتموا آلهتكم، ولكن يكمن الخطر فى أن نقدم حسابًا عن هذه الفوضى. وكانت طريقـة القديس بولس الرسول إيجابية، فهو يُعّلم ويُبّشر بالمسيح، ونور المسيح وقوته كفيلين بأن يهرب ظلام الأوثان، أنتبه للفرق بين المشهدين..
وخد بالك أن..
- – “الْفَمِ الْعَذْبَ يُكْثِرُ الأصْدِقاءِ، وَالْلِّسَانُ اللَّطِيْفُ يُكْثِرُ الْمُؤانَسَاتِ” (سى 5:6).
- – “وَإنَّمَا الْلُّطْفِ عَلَىَ شَفَتِىْ الْعَاقِلِ” (سى 19:21).
- – “كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِى الْمَسِيحِ” (أف 32:4).
أولاً: ما هو التواصل إذن ؟
– التواصل هو عملية إرسال واستقبال: معلومات، ومشاعر، وأفكار من شخص لشخص، وذلك من أجل إقامة حوار مفيد ومثمر، يستفيد فيه الطرفان من خبرات بعضهما البعض. لذلك يصبح التواصل فعالاً حينما ينجح الطرفان المتحاوران فى نقل الرسالة وإستقبالها بشكل سهل ومفهوم.
– هل تعتقد أن جميع الأركان الخاصة بتعريف التواصل تمت فى المشهدين السابقين؟ إذا كانت الإجابة ب (لا)، فما الذى لم يتوفر فى المشهدين السابقين؟
ثانيًا: ما الذى نريد إذن أن نحققه من التواصل ؟
- توصيل معلومة.
- المشاركة بالمشاعر مثل تقديم واجب العزاء أو المشاركة فى الأفراح.
- الإقناع.
- التفاعل.
- التحفيز بمعنى دفع الطرف الآخر للقيام بتصرف معين.
- قضاء وقت ممتع مثل التسلية.
ثالثًا: عناصر التواصل
– المرسل : هو الشخص الذى يعد الرسالة ويرسلها.
– المستقبل : هو الشخص الذى يستقبل الرسالة ويجيب عليها.
– الرسالة : هى المعلومة التى يريد المرسل أن يوصلها للمستقبل.
– التغذية المرتدة : هى رد فعل مستقبل الرسالة.
نقرأ معًا قصة لقاء الرب يسوع مع السامرية عند البئر فى (يو 4: 1-42)، ثم قابل مفاهيم التواصل الصحيح مع مفردات هذا اللقاء.
رابعًا: أنواع التواصل
– تواصل داخلى : بين الإنسان ونفسه. مثال الابن الضال: “فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِى يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا! أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِى وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِى، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. اِجْعَلْنِى كَأَحَدِ أَجْرَاكَ” (لو 17:14-19).
– تواصل خارجى : هو تواصل الفرد مع الأفراد المحيطين به، وهذا التواصل يحدث خلال الحياة اليومية. مثل حوار الرب يسوع مع: السامرية – زكا – نيقوديموس.
شروط عامة :
المرسل يجب عليه أن :
– يعبر عن أهتمامه بالشخص الذى يستمع إليه.
– يستخدم لغة يفهمها الأخر ويقدرها.
– يراعى مشاعر المستمع.
– يتأكد أنه فهم الرسالة فهمًا صحيحًا.
– يختار الوقت المناسب والمكان المناسب.
– يفهم طبيعة مستمع أو مستقبل الرسالة.
– يستخدم الكلمات السحرية: “من فضلك، لو سمحت، شكرًا..”.
المستمع أو مستقبل الرسالة يجب عليه أن :
– يسمع بإهتمام.
– يقوم بتلخيص ما قاله المرسل.
– لا يتعجل فى أبداء الرأى، بل يسمع المرسل إلى النهاية.
– لا يتفاعل مع الموضوع فى نفس اللحظة.
– لا يقاطع المرسل.
رابعًا: معوقات الاتصال
1- عدم الاهتمام بالأخر.
2- لغة الجسم لا تتفق مع اللغة اللفظية.
3- الحكم المسبق على الأشخاص، فقد تكون لديك صورة ذهنية سلبية عن الشخص الذى تتحدث معه، وهذا يعوق عملية التواصل.
4- أختلاف الأهداف بين الطرفين: المرسل والمستقبل.
5- صعوبة اللغة بمعنى استخدام المرسل مصطلحات ومفاهيم غير واضحة تمامًا عند المستقبل.
6- وجود فروق شخصية بين طرفى التواصل مثل طريقة التفكير والثقافة.
7- فقدان عنصر الثقة بمعنى أن مصداقية المرسل ضعيفة أو مهزوزة عند المستقبل.
8- اللامبالاة من المستقبل للرسالة أو المرسل.
كم مرة قلت لصديقك أو أى شخص تكلمت معه عبارة: “أنت فهمتنى غلط لم يكن هذا قصدى..”.. طبعًا الجواب هيكون كتير. عارف ده معناه إيه؟.. معناه أنه هناك فشل فى عملية التواصل.. فراجع نفسك فى ضوء ما قرأت..
والمتكلمين أنواع مختلفة يلخصهم سفر الأمثال فى الأنواع الآتية:
1- كثير الكلام (19:10).
2- المنافق (9:11).
3- المهزار (18:12).
4- الجاهل (6:18-7).
5- المتعجل (29:20). 6- الكلام اللين (1:15).
7- الكلام الحسن (24:16).
8- الكلمة المقولة فى أوانها (11:25).
استخرج الآية لتعرف من أى نوع من المتكلمين نحن عندما نتواصل مع الآخر.