هذا هو الخبر الذي سمعتموه من البدء
“هذا هو الخبر الذي سمعتموه من البدء أن يحب بعضنا بعضاً” (ایو ۱۱:۳)
هذه هي رسالة الإنجيل الأساسية ، فكل تاريخ استعلان الله للإنسان من الأيام الأولى ، يحمل الوصية عن ممارسة المحبة المشتركة سواء في البيت وفي الكنيسة . في البيت لتكون الأسرة متحدة وملتصقة بالله ، وفي الكنيسة ليتماسك أعضاء الكنيسة في جسد واحد ، لتظهر الكنيسة أنها جسد المسيح فعلاً. فالمحبة هي من الله ومقدمة إلى الله ، ولما أعطانا الله محبته الخاصة في المسيح يسوع ابنه الوحيد المحبوب سكبها علينا من طبيعته المُحبة كأب ، لنكون أبناء محبة. والمحبة التي سكبها الله وغرسها في كياننا الروحي محبة معطاءة ، لأن محبة الله هي هكذا فعلاً، فالله لا يحتجز محبته لنفسه ، بل يسكبها سكباً مطلقاً في ابنه ليكون الآب والابن واحداً.
هذه المحبة نفسها أعطاها لنا لتكون طبيعتنا الجديدة ، وهي لا يمكن حبسها ولا حجزها ، لأن طبيعتها أن تكون مُعطاة للآخرين ، فهي لله لأنها منه ومتصلة به ، وهي أيضا للأخرين لأنها محبة الله وليست محبتنا الخاصة لنعطيها من ذواتنا بل نعطيها من الله ، فهي من الله لله وللآخرين . هذه هي طبيعة المحبة الإلهية ، وهي تخالف وتفترق عن المحبة الجسدية التي تنتمي للحم والدم . أما محبة الله فهي روحية حرة لا يمكن حبسها في الذات ، وقد منحها الله لنا من طبيعته لكي نرتبط بها معاً وفي الله ، لأننا يلزم ويتحتم علينا أن تنتهي حياتنا ونحن واحد كما أن الله واحد ، والمسيح فينا هو ضامن وحدتنا معاً وفي الله.
من هنا جاء التشديد جداً على وصية المحبة فوق كل وصية أخرى لأنها تربطنا معاً في المسيح لله.
![]()
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين