رو 14:14 إني عالم ومتيقّن في الرب يسوع أن ليس شيء نجسًا بذاته

 

إِنِّي عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي الرَّبِّ يَسُوعَ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ نَجِسًا بِذَاتِهِ، إِلاَّ مَنْ يَحْسِبُ شَيْئًا نَجِسًا، فَلَهُ هُوَ نَجِسٌ. (رو 14:14)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

ينقلنا الرسول بولس من الانشغال بإدانة الآخرين أو الاستخفاف بالإخوة إلى الوقوف أمام كرسي الله، لا لنشعر بمهابة ذلك اليوم فحسب، وإنما لكي ترتفع أفكارنا على الدوام إلى “ملكوت الله” الذي يلزم أن ننعم به جميعًا. خلال هذا الملكوت نهتم بأمر واحد هو شركتنا جميعًا مع الله في المسيح يسوع بروحه القدوس.

يقول الرسول: “إني عالم ومتيقّن في الرب يسوع أن ليس شيء نجسًا بذاته، إلا من يحسب شيئًا نجسًا فله هو نجس” [14]. هنا يقدّم الرسول تصريحًا واضحًا من قِبل ربنا يسوع إن كل شيء هو طاهر للطاهرين، ويصير نجسًا للنجسين. خليقة الله طاهرة، إن أكلناها بدون تشكّك تُحسب طاهرة، لكن إن تشككنا بسبب الناموس الذي ميّز بين أطعمة محلّلة وأخري نجسة كرموزٍ وقتيّة تحقّقت في الأصل وتلاشت عندئذ تصير الأطعمة نجسة، وأيضًا إن تشكّكنا إنها قُدمت للأوثان كذبائح تصير نجسة لا لسبب إلا لتشكّك ضميرنا. هذا ما أكده الرسول لأهل كورنثوس: “كل الأشياء تحلّ لي، لكن ليس كل الأشياء توافق… كل ما يباع في الملحمة كلوه غير فاحصين عن شيء من أجل الضمير، لأن للرب الأرض وملؤها؛ وإن كان أحد من غير المؤمنين يدعوكم وتريدون أن تذهبوا فكل ما يقدّم لكم كلوا منه غير فاحصين من أجل الضمير، ولكن إن قال لكم أحد هذا مذبوح لوثنٍ فلا تأكلوا من أجل ذاك الذي أعلمكم والضمير… أقول الضمير، ليس ضميرك أنت بل ضمير الآخر” (1 كو 10: 23–29).

إذن ليس شيء في خليقة الله نجسًا، لهذا فإن الكنيسة في أصوامها تؤكد أنها لا تمتنع عن الأطعمة بكونها نجسة وإلا حسب ذلك بدعة وانحراف عن الحق (1 تي 4: 3-4)، إنما يكون الصوم لأجل قمع الجسد وتدبيره حسنًا تحت قيادة الروح القدس.

حقًا إن كل شيء طاهر، لكن الذي يفسده هو روح الإنسان الذي يتشكّك في استخدام الأشياء الصالحة بطبيعتها كأشياء دنسة، فتصير بالنسبة له هكذا. أمّا القوي وإن كان لا يتشكّك بضميره القوي لكنه من أجل المحبّة، حتى لا يهلك أخوه الذي مات المسيح عنه يمتنع عن هذه الأطعمة، كما يوصينا الرسول: “فإن كان أخوك بسبب طعامك يحزن، فلست تسلك بعد حسب المحبّة؛ لا تهلك بطعامك ذلك الذي مات المسيح لأجله” [15]. في موضع آخر يقول الرسول: “الطعام لا يقدّمنا إلى الله، لأننا إن أكلنا لا نزيد، وإن لم نأكل لا ننقص، ولكن انظروا لئلاّ يصير سلطانكم هذا معثرة للضعفاء. إن كان طعام يعثر أخي فلن آكل لحمًا إلى الأبد لئلاّ أُعثر أخي (1 كو 8: 8-13).

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (14): “أني عالم ومتيقن في الرب يسوع أن ليس شيء نجساً بذاته إلا من يحسب شيئاً نجساً فله هو نجس.”

خليقة الله طاهرة إن أكلناها بدون تشكك (مر14:7،15) وأما أن تشكك أحد أن شيئاً نجساً وأكله فهو بهذا يخالف ضميره الذي يشتكي عليه فيكون له هذا الشيء نجساً. (والكنيسة تصوم ليس لأن الطعام نجس، فنحن نعود لنأكله بعد الصيام بل نحن نصوم لقمع الجسد وتدريبه وتدبيره حسناً تحت قيادة الروح القدس). عالم ومتيقن في الرب يسوعهذا الاقتناع أَلْهَمَني إياه إتحادي مع المسيحبهذا المبدأ هنا فالرسول يقف في صف اليهودي المتنصر الذي تربي ضميره من خلال الناموس علي إعتبار أن بعض الأطعمة نجسة، فلو أكل منها تكون له نجسة فعلاً لأنه يخالف ضميرهويقف أيضاً في صف الأمم الأقوياء بالإيمان لأن لا شئ نجس بذاته. 

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى