مت 25:1 ولم يعرفها حتى ولدت أبنها البكر

 

وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ. (مت 25:1)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

“لم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر،

ودعا اسمه يسوع” [25].

اعتمد هلفيديوس في إنكاره دوام بتوليّة القدّيسة مريم على هذه العبارة، قائلًا بأن كلمة “حتى” تعني أنه عرفها بعد الميلاد، وأن عبارة “ابنها البكر” تُشير إلى وجود أبناء آخرين ليسوا أبكارًا.  يجيب القديس جيروم بأن كلمة “يعرفها” لا تعني حتمًا المعاشرة الزوجيّة، وإن كان يمكن أن تعني هذا، وكأن القدّيس يوسف لم يعرف القدّيسة مريم فيما نالته من نعم عظيمة حتى ولدت يسوع المسيح. أما كلمة “حتى” فلا تعني أن معرفته لها – بالجانب الجسدي – تحقّق بعد الولادة، وقد أعطى القديس جيروم أمثله لذلك. عندما يقول الرسول: “لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه” (1 كو 15: 25)؛ هل سيملك الرب حتى يصير أعداؤه تحت قدميه وعندئذ يتوقّف ملكه؟ أيضًا يقول المرتّل: “أعيننا إليك يا الله حتى يتراءف علينا” (مز 123: 2)، فهل يتطلّع النبي نحو الله حتى ينال الرأفة وعندئذ يحول عينيّه عنه إلى الأرض؟! يقول القديس يوحنا الذهبي الفم[استخدم هنا كلمة “حتى” لا لكي تشك وتظن أنه عرفها بعد ذلك، إنّما ليخبرك أن العذراء كانت هكذا قبل الميلاد لم يمسها رجل قط. ربّما يقال: لماذا استخدم كلمة “حتى“؟ لأنه اعتاد الكتاب أن يستعمل هذا التعبير دون الإشارة إلى أزمنة محدّدة. فبالنسبة للفَلك قيل إن الغراب لم يرجع حتى جفت الأرض (تك 8: 7) مع أنه لم يرجع قط[70].]

أما من جهة تعبير: “البكر” فلا يعني أن السيّد المسيح له إخوة أصغر منه من مريم وأنه هو بكرها. فإن كل فاتح رحم يُحسب بكرًا حتى ولو لم يكن بعده إخوة أصغر منه. يقول القديس جيروم في ردّه على هلفيديوس: [كل ابن وحيد هو بكر، ولكن ليس كل بكر هو ابن وحيد. فإن تعبير “بكر” لا يُشير إلى شخص له إخوة أصغر منه، وإنما يُشير إلى من يسبقه أخ أكبر منه يقول الرب لهرون: “كل فاتح رحم من كل جسد يقدّمونه إلى الرب: من الناس والبهائم يكون لك. ولكن بكر الإنسان ينبغي لك أن تقبل فداءه. وبكر البهائم النجسة تقبل فداءه” (عد 18: 15). قول الرب هنا يّعرف البكر على كل فاتح رحم[71].] لو كان يلزم أن يكون له اخوة أصاغر لكان ينبغي ألا يقدّم البكر من الحيوانات الطاهرة للكهنة إلا بعد ولادة أصاغر بعده، وما كانت تدفع فدية الإنسان والحيوان النجس إلا بعد التأكّد من إنجاب أخوة أصاغِر.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

“ولم يعرفها حتى ولدت أبنها البكر. ودعا اسمه يسوع.”

لم يعرفها حتى= من يريد إنكار دوام بتولية العذراء يستخدم هذه الآية ويقول أن حتى تشير أنه عرفها بعد أن ولدت المسيح. والرد على هذا بسيط:

1) (1كو25:15) “لأنه يجب أن يملك حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه” فهل بعد أن يضع أعداؤه تحت قدميه سيتوقف ملكه.

2)  (2صم23:6) “ولم يكن لميكال ولد إلى يوم موتها” فهل ولدت بعد موتها.

3) (مز2:123) “عيوننا نحو الرب إلهنا حتى يتراءف علينا” فهل تطلع النبي إلى الله حتى ينال الرأفة وعندئذ يحول عينيه عنه إلى الأرض.

مما سبق نفهم أن قوله حتى لا يفيد تغير الوضع بعدها.

أبنها البكر= يفهمون من هذا أيضًا أن العذراء أنجبت أخوة للمسيح من بطنها. والرد على ذلك بسيط. فالبكر هو كل فاتح رحم (عدد 15:18). حتى لو لم يكن له إخوة والدليل أنه كان على شعب الله أن يقدم كل بكر لله دون أن ينتظر ولادة إخوة له. والمسيح صار بكرًا بين إخوة كثيرين (رو29:8) والعذراء استمرت بكرًا كما تنبأ بهذا حزقيال النبي (حز44: 1، 2).

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى