يو3: 26 …الذي أنت قد شهدت له هو يعمد، والجميع يأتون إليه

 

25وَحَدَثَتْ مُبَاحَثَةٌ مِنْ تَلاَمِيذِ يُوحَنَّا مَعَ يَهُودٍ مِنْ جِهَةِ التَّطْهِيرِ. 26فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ، هُوَ يُعَمِّدُ، وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ» 27أجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ:«لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ. 28أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. 29مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ. 30يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. 31اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، 32وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. 33وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللهَ صَادِقٌ، 34لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ اللهِ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْل يُعْطِي اللهُ الرُّوحَ. 35اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. 36الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ».” (يو3: 25-36)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“فجاءوا إلى يوحنا وقالوا له:

يا معلم، هوذا الذي كان معك في عبر الأردن،

الذي أنت قد شهدت له هو يعمد،

والجميع يأتون إليه”. (26)

تقدم بعض تلاميذ يوحنا الذين في محبتهم لمعلمهم وغيرتهم إليه أساءوا إليه إذ كرموه عندما تحدثوا بكل احترام “يا معلم Rabbi” بينما لم يذكروا حتى اسم يسوع المسيح، بل في استخفاف قالوا: “الذي كان معك“. حسبوا أن ما يفعله يسوع فيه جحود لذاك الذي عمده وشهد له. ولم يدركوا أنه لم يكن محتاجًا إلى شهادة يوحنا، ولا إلى تكريم بشر، فإن الآب نفسه شهد له، والروح القدس ظهر مستقرًا عليه. ظنوا أن ممارسة تلاميذ المسيح للمعمودية إهانة لمعمودية يوحنا، كما لو وجدت منافسة بين الفريقين.

v “هوذا الذي كان معك في عبر الأردن، الذي أنت قد شهدت” بمعنى “ذاك الذي كان في رتبة تلميذ، الذي لم يكن أكثر مما كنا نحن عليه، هذا الإنسان عزل نفسه ويعمد”. لقد ظنوا أنهم يجعلونه حاسدًا، ليس فقط بهذا، وإنما أيضا بتأكيد أن شهرتهم بدأت تنقص، إذ يقولون: “والجميع يأتون إليه” [26]. من هذا واضح أنهم لم يكونوا أفضل من اليهود الذين حاورهم؛ لكنهم نطقوا بهذا الكلمات لأنهم كانوا ناقصين في نزعاتهم، ولم يكونوا قد تخلصوا من الشعور بالمنافسة.

القديس يوحنا الذهبي الفم

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

26:3- فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ هُوَ يُعَمِّدُ وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ».

‏واضح للغاية أن تلاميذ المعمدان لم يتأثروا قط بنداء المعمدان من جهة الأقوى الآتي بعده الذي لا يستحق أن يحمل حذاءه، ولا تأثروا من شهادة المعمدان بحسب رؤية وسماع الروح القدس وهو يشهد للمسيح الذي اعتمد من يدي معلمهم، كما لم يتأثروا قط من شخص المسيح ذاته. وكتلاميذ لمعلم مرموق، أخذوا يحاصرون معلمهم حتى يدافع عن نفسه.
‏فابتداوا يشيرون إلى المسيح «هوذا الذي كان معك»، معبرين بذلك عن اعتقادهم بالتساوي بين المعلمين. ثم بدأوا يذكرونه بالإحسان الذي صنعه في المسيح، إذ شهد له كما يشهد القاضي العادل بالحق, وهذا أيضاً يعبر عن اعتقادهم بأفضلية المعمدان وكأنه يشهد لأحد تلاميذه. ولكنهم أبقوا على نقطة الإنزعاج التي ملأت نفوسهم إلى آخر الحديث أو الشكوى، إذ قالوا أخيراً: «هو يعمد والجميع يأتون إليه», معبرين بذلك عن أمرين: الأول أن المسيح بدأ يظهر في أعينهم كمنافس أو متعد على وظيفة معلمهم «هويعمد»؛ والأمر الثاني وهو الأخطر: أن «الجميح يأتون إليه», بمعنى أن وظيفة معلمهم صارت مهددة. وواضح في ذلك التهويل الحاقد والغاضب والمثير.
‏وإذا قارنا هذا التقرير بما قيل عنه في نفس المرضوع بعد ذلك، يظهر التهويل وتلفيق ما يُنسب للمسيح: «وما رآه وسمعه به يشهد وشهادته ليس أحد يقبلها» (يو32:3)؛ وكانوا يعتقدون أن هذا وحده كفيل أن يحرك ساكن معلمهم. وفي الحقيقة وبحسب أسلوب إنجيل يوحنا، فقد أخذ هؤلاء التلاميذ, المتعصبون لمعلمهم, موقف الفريسيين الحاقدين لما واجهوا نفس الموقف: «فقال الفريسيون بعضهم لبعض أنظروا إنكم لا تنفعون شيئاً هوذا العالم قد ذهب وراءه» (يو19:12). كان هذا التقرير المسموم كفيلاً بأن يزعج المعمدان ويهيج غضبه لو لم يكن مرسلاً من الله وروح الله هو الذي يقود نفسه ويوجهها مع لمسات رقيقة من روح الإتضاع .
وكان يمكن أن نفسر هذا التقرير بصورة عكسية تماماً لما يحتمله بأن يكون بشارة سارة ومفرحة للمعمدان من تلاميذه, عن الذي شهد له, أنه هوذا قد صار ناجحا والجميع يأتون إليه! وهذا أيضاً ما يتمش مع كرازة المعمدان بالنسبة للمسيا الآتي, لولا أننا نعرف تماما أن هؤلاء التلاميذ كونوا شيعة تشيعت لمعلمهم وقاومت المسيحية بعنف وبقيت إلى عدة قرون، وكانت في أوج نشاطها أيام كتابة القديس يوحنا لإنجيله (عُرفت هذه الشيعة باسم شيعة المانديين أو الناصريين).

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

(الآيات 25 ،26): وجود المسيح يعمد مع وجود يوحنا أنشأ نوعاً من المنافسة والمباحثات بين تلاميذ المعمدان واليهود المعمدين أو بين تلاميذ المسيح. فالمسيح يعلم أن الخلاص يكون بالميلاد من فوق بواسطة الروح القدس لنكون خليقة جديدة. والمعمدان يعلم أن المعمودية هي توبة فقط، وحين إحتدمت المناقشة أتى تلاميذ المعمدان له ليسألوه، فهم تصوروا أن المعمدان هو المسيا ومعموديته هي الخلاص، وهكذا كانوا يشرحون لليهود. وفي هذا نرى أن تلاميذ المعمدان لم يفهموا شهادة معلمهم بأن الذي يأتي بعده هو أقوى منه. هوذا الذي كان معك= هذه تشير لأنهم يفهمون أن هناك تساوي بين المسيح ويوحنا. بل هم يقولون للمعمدان يامعلم. وفي إستخفاف لا يذكرون اسم المسيحالذي أنت قد شهدت له= بهذا كان تلاميذ يوحنا يريدون أن يثيروه ضد المسيح ولكنه لم يستجب لهم. فهم يذكرونه بأنه صنع معه إحساناً إذ شهد له وربما تصوروا أنه كأحد تلاميذه أي مساو لهم في تلمذته للمعمدان. ومعنى كلامهم أن المسيح بدأ يظهر كمنافس للمعمدان، أو كمتعدٍ على وظيفة معلمهم. وتلاميذ يوحنا المعمدان الذين لم يتبعوا المسيح كونوا جماعة تشيعت له وظنت أنه المسيح وظلوا لقرون طويلة يقاومون المسيحية. وللآن يظن بعضا الخدام أن خادماً أخر صار منافساً له. هذا يطلب مجده هو لا مجد المسيحالجميع يأتون إليه= بالعامية هذه تساوي “إنت راحت عليك”. هو يعمد= أخذ عملك.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى