آلام الفراق المقدسة

1. هل نتجاهل آلام الفراق المقدسة؟

آلام الفراق أمر طبيعى، يعيشها الإنسان الذى وهبه الله الأحاسيس والمشاعر ليمارسها… فقد تألمت مريم ومرثا لانتقال أخيهما (يو 11: 19). وإذ رآهما السيد المسيح متألمين بكى (يو 11: 35)، مشاركاً إياهما آلامهما!

وجاءت العظة التى ألقاها القديس أمبروسيوس فى جنازة أخيه الأصغر ساتريوس Satyrus تكشف عن مشاعر القديس المرهفة نحو أخيه المحبوب لديه جداً.

[أقدم هذه العظة لكى أرافقه، فأكون معه بالروح فى رحلته إلى مدة أطول قليلاً، ولكى احتضنه بعقلى هذا الذى تراه عيناى. لأثبت نظرى بعمق عليه، أودعه ببطء وأظهر له ما فى القلب. لأخاطبه بكل شكل من الأشكال التى تُظهر معزتى له.

توقف ذهنى عن التفكير، لست أظن إنى قادر أن أفكر بأن ذاك الذى لازلت قادراً على رؤيته أمامى قد رحل. لا أستطيع أن أتيقن أنه مات، فإنى لازلت محتاجاً إلى خدماته التى أنسب إليها حياتى ونسماتى… إنى محتاج أن أهدئ من حزنى، لا أن أنتزع مشاعر عواطفى، فتشبع اشتياقاتى لا أن اسكنها لتنام[19]].

عاد بعد أسبوع من موت أخيه يعظ، فيبدأ كلماته بصورة مختلفة تماماً عنها فى يوم الجنازة، إذ يقول: [لقد حجمت اشتياقاى، لئلا وأنا أطلب أدوية قوية لجرحى الملتهب أزيده التهاباً عوض تهدئة آلامه[20]].

سجل لنا أيضاً القديس أغسطينوس مشاعره الفياضة يوم انتقال والدته القديسة مونيكا فقال فى اعترافاته:

[أغمضت عينيها فتملكنى حزن شديد، كاد يتحول إلى دموع لو لم تمتصها عيناى، بأمر صادر من إرادتى، من ينبوعها حتى كادت تجففها. أواه!…

رأينا أنه من المناسب أن نحتفل بهذا المأتم بلا صراخ ولا نواح ولا بكاء، لا كمن يبكون على موتاهم كأنهم ذاهبون إلى الفناء التام، لأن موت أمى لا يدعو إلى الحسرة، ولأنه ليس موتاً كاملاً… لم أذرف دمعة حتى ولا خلال الصلوات، لكننى طوال نهارى كنت أشعر فى داخلى بثقل الحزن على[21]].

وكتب القديس جيروم إلى باولا Paula سائلاً إياها ألا تفرط فى الحزن بسبب وفاة بلاسيللا Blaesilla، يقول: [بالتأكيد الآن إذ نؤمن بالمسيح ونحمله فى داخلنا، فبسبب زيت مسحته التى قبلناها (1 يو 2: 27) يليق بنا ألا نفارق هيكله، أى عملنا المسيحى، ولا نرتبك كالأمم غير المؤمنين، بل نبقى على الدوام فى الداخل كخدام مطيعين لإرادة الرب[22]].

ولعل من أجمل ما قدمته القديس ماكرينا لأخيها القديس غريغوريوس أسقف نيصص قبيل نياحتها هو الحياة المتهللة السماوية كسمة الإنسان الروحى. فى حديثهما معاً تذكرا أخاهما القديس باسيليوس الكبير الذى تنيح منذ سنوات، فتأثر القديس غريغوريوس جداً وانسابت دموعه، أما هى فلم تشعر بانهيار أمام حزنه، بل حولت الحديث عن أخيهما إلى الحديث عن الحكمة السماوية… رفعت قلب أخيها الأسقف من الذكريات إلى الالتهاب بالحياة العلوية. تمالكت نفسها وهى هزيلة الجسد لتقول له إنه لا يليق أن نحزن على الراقدين كمن لا رجاء لهم. كانت تخفى تنهداتها وكل ما تعانيه من ضيق فى التنفس لتبرز الجانب المضئ المفرح. وكانت تتحدث معه وتجيب على أسئلته. وكما قال: [لقد بدت نفسى وكأنها قد ارتفعت تماماً من جوها البشرى بما قالته وتحت تأثير حديثها، ووقفت فى المقادس السماوية].

كتب القديس غريغوريوس مقالاً يحوى حديثه معها، جاء فى مقدمته:

[باسيليوس العظيم بين القديسين قد رحل إلى الله من هذا العالم. لقد حزنت عليه كل الكنائس! كانت أخته “المعلمة” لا تزال حية، وقد سافرت إليها، لكى نتبادل التعزية من أجل فقدان أخيها.

كانت نفسى بحق مضروبة بالحزن، وذلك بتلك الصفعة المؤلمة، فبحثت عن شخص يمكن أن يحمل ذات مشاعرى على قدم المساواة، حتى يمزج دموعه بدموعى.

إذ كنا معاً فى الحضرة ألهبت رؤيتى للمعلمة كل آلامى، إذ كانت راقدة منبطحة حتى الموت… لقد حاولت أن تصلح من أمرى بالحديث معى، وأن تصحح بلجام (شكيمة) براهينها ما أصاب نفسى من تشويش. لقد اقتبست كلمات الرسول إنه لا يليق بنا أن نحزن على الراقدين (1 تس 4: 13)، فإن هذه هى المشاعر من لا رجاء لهم. وبقلب يعتصر ألم سألتها: “كيف يمكن للبشر أن ينفذوا ذلك؟ [23]].

والكنيسة كأم حنون تشارك المتألمين مشاعرهم، فشترك الكهنة والشمامسة والشعب مع أسرة الراقد فى الآلام، معبرين عن ذلك بنغمات الحزن التى يترنمون بها فى صلوات الجنّاز… لكنها نغمات تبعث مع الحزن عزاء ورجاء. وكما يقول الرسول: “ثم لا أريد أن تجهلوا أيها الإخوة من جهة الراقدين، لكى لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم. لأنهم إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضاً معه” (1 تس 4: 13 – 14).

وفى عام 374 م، يبدو أن أمفليكوس Amphilochios لام ابن عمه القديس غريغوريوس أسقف نزينزا لأنه لم يتفاعل معه فى مشاعره عندما مات ابنه، فكتب إليه القديس وهو أصغر منه فى السن:

[إنك تحزن! أنت تبكى! بالنسبة لى، فيُفترض أنى مبتهج! كما ترى إننى كمن فى عيد، وأنا أفتخر بهذا.

أتحزن من أجل ابنك الذى أخذ منك واعطى كرامات يستحقها؟

إنك متأسف لأنه لم يعد بعد يهتم بك فى شيخوختك، ويرد لك كما يليق بما فعلته معه من أمور صالحة.

ماذا بالنسبة لى؟ ألم أحزن إذ تركنى والدى فى رحلته الأخيرة، فلا يعود يرجع ولا يُظهر ذاته لنا؟

مع هذا فأنا لا أنتقدك، ولا أطلب منك ذات التعزية التى لنا، فإننا نعرف أن الشعور بالألم بسبب موت الأحباء لا يترك مجالاً للاهتمام بمتاعب الآخرين…

إنك تتهمنى – كما فهمت – أننا لا نبالى بابنك الذى هو بالحق “أخى”، أو أننا قد خناه، وهذا أمر مؤلم! أتظن أننا لا نشعر بكل ما لحق بك وبأصدقائه وأقاربه أنه خسارة؟ ماذا يالنسبة لى؟ إننى خسرت أكثر من الكل، هو وحده كان سنداً لى، كان مرشدى، ورفيقى فى ممارسة التقوى…

بسبب حزنى القديم كنت عاجزاً عن الحضور إليك مرة أخرى، وذلك بسبب حزنى والتزامى نحو والدى، الذى يستحق الإكرام، فإنه ليس شئ يفوق هذا…

لتلقِ هذا الحزن جانباً الذى يبدو لى أنه ليس بلائقٍ[24]].

يظهر اهتمام المسيحيين بالمشاعر المقدسة نحو فراق الأحباء من الرسالة التى كتبها القديس غريغوريوس أسقف نزينزا إلى القديس غريغوريوس أسقف نيصص ليعزيه فى ثيؤسيبيا التى تبدو أنها كانت زوجته (قبل سيامته وعاشا بعد كأخين)، وإن كان البعض يرى إنها مجرد شماسة، عُرفت بفكرها الراجح وكانت محبوبة جداً[25].

[إنى معجب من ثباتك والفلسفة التى أظهرتها – كما سمعت – عند عبور أختك الطوباوية القديسة.

كان سلوكك هو سلوك رجل صالح وقائد تقى، له معرفة بالإلهيات والأمور البشرية أكثر من غيره. إنك إنسان يتطلع إلى ما هو محزن للغاية بالنسبة لغيره إو وجدوا فى مثل هذه الظروف، على أنها أمور محتملة.

لقد تركتها تذهب إلى القبر وتوضع فى أماكن الراحة كسنبلة قمح تُجمع فى الوقت اللائق (أى 5: 26)، بعدما شاركت فى سحر الحياة وهربت من اللحظات، فإن مدة حياتها مُقاسة تماماً، إذ رحلت قبل أن تحزن على موتك، فنالت كرامات فى جنازتها تليق بالقديسين.

كما تعرف، أود أنا أن أترك هذه الحياة، وإن كان ليس فى ذات العمر مثلك، إذ أريد لك عمراً أطول، إنما على الأقل ان أكون باراً مثلك!

ما هى مشاعرنا نحو ناموس الله الذى وُضع منذ القدم والذى تحقق الآن فى “ثيؤسيبياى” my Theosebia، ادعوها: “لى my” لأنها عاشت فى الله، فى قرابة روحية تفوق قرابة الدم.

ثيؤسيبيا هى مجد الكنيسة، لؤلؤة المسيح، فخر جيلنا، كرامة النساء.

ثيؤسيبيا أعظم مجداً وشهرة بين إخوتها الرائعين.

ثيؤسيبيا هى قديسة وزوجة كاهن، تكرم بالمساواة وتستحق أسراراً فائقة.

ثيؤسيبيا سيقتنيها الجيل القادم ويضعها فى سجل الخالدين، وفى قلوب كل من يعرفها ومن سيأتى بعد.

لا تعجب إن كنت أكرر اسمها، فإنى أجد لذة فى تذكر هذه الطوباوية[26]].

2 – كيف نتغلب على آلام الفراق؟

يقدم لنا القديس أمبروسيوس صورة رائعة عملية للتغلب على آلام الفراق. فقد كان له أخر أصغر منه يُدعى ساتيروس Satyrus، كان محامياً مثله يحملان فكراً واحداً. فالاثنان كانا محاميين ناجحين، وعندما سيم أمبروسيوس أسقفاً على ميلان للحال أغلق ساتيروس مكتبه وطلب أن يتسلم مكتب أمبروسيوس لكى يتفرغ أمبروسيوس للخدمة. بعد سنوات قليلة فى 17 أكتوبر عام 379 م أصيب ساتيروس بمرض خطير. تأثر أمبروسيوس بموت أخيه المحبوب جداً لديه كما لدى الشعب. فسجل كتابين أحدهما بمناسبة جنازة أخيه والثانى بعد أسبوع من الوفاة، أعلن فى الكتابين فى صراحة كاملة عن مشاعره، وفى نفس الوقت كشف لنا كيف تغلب على آلام الفراق.

اقتطفت هنا بعض عباراته التى تكشف عن سرّ عزائه فى موت أخيه وما وراءها:

أ. إعطاء الأولوية لرسالته الإنجيلية فى العالم: فى صراحة كاملة تحدث القديس مع شعبه أنه كان يحب أخاه حتى حسبه جزءاً منه، وبموته مبكراً شعر كمن فقد شيئاً ثميناً، ولكنه حسب أن رسالته أن يشهد لمسيحه مخلّص العالم لها الأولية على مشاعره الخاصة نحو أخيه الراقد. كما فى أثناء جنازة أخيه حوّل حديثه عن محبته لأخيه إلى الحديث عما فيه بنيان ملكوت الله، مشتاقاً أن يموت هو ويحيا شعب الله. لم تستطع محبته لأخيه وشعوره بمرارة آلام الفراق أن تشغله عن محبته للشعب.

[ليس شئ من الأمور الأرضية يا إخوتى الأعزاء أحسبها ثمينة للغاية، وأفضلها عن الحب. ليس شئ عزيز علىّ مثل أخ كهذا، لكن الأمور العامة (التى تخص الجماعة) تتقدم أمام أمورى الخاصة.

يليق بكل أحد أن يتحق ما هى مشاعره مفضلاً أن يُذبح من أجل الآخرين عن أن يعيش لنفسه. لأن المسيح مات حسب الجسد من أجل الجميع، لكى نتعلم ألا نعيش لأجل أنفسنا وحدنا[27]].

ب. شكره لله الذى وهبه أخاه الأصغر قرضاً واسترده منه. فعوض الحزن على موت أخيه، يشكر الله الذى أعطاه هذا الأخ المبارك، يشاركه أفكاره فى الحياة مع الربّ وخدمة شعب الله.

[يليق بى ألا أكون جاحداً لله. إنما أفرح أنه كان لى أخ كهذا عوض أن أحزن على فقدانه. فإن الأول كان هدية من الله (إذ أعطانى هذا الأخ) والثانى (أنه مات). فيلزمنى أن ارد لله ما اقترضته منه… إنه من الخطا أن ترفض، ما اقترضته، ومن التقوى أن ترفض التضحية (أى موت الأحباء) [28]].

ج. ارتفاع فكره من النظر إلى الوراء، ما قدمه أخوه ساتيروس من محبة شديدة وإغلاقه مكتبه ليدير مكتب أخاه وسماته الفائقة من محبة ووداعة وحب لخدمة الآخرين. إنما بالأحرى ينظره وهو فى الفردوس لم يعد أخاً للقديس الذى لم يعد يرتبط فقط بأسرته، بل صارت كل البشرية أسرته وإخوته، يحب الجميع ويصلى لأجلهم.

شعر القديس أمبروسيوس أن عبور أخيه إلى الفردوس هوعبور إلى ما هو أفضل فى كيانه هناك، بهذا حسب أمبروسيوس أنه بالفعل دخل الفردوس، يا لها من مشاعر حب رائعة لدى أمبروسيوس نحو أخيه! يعتبر القديس أمبروسيوس رحيل أخيه إلى الفردوس جعله أكثر التصاقاً به، لأن الفردوس هو الميراث المشترك للاثنين.

[كيف يلزمنى أن أبكيك أيها الأخ الكلىّ المحبة، يا من أنتزعت هكذا منى كى تصير أخاً للجميع؟!

إننى لم أخسر شيئاً، إنما تغيرت علاقتى بك. قبلاً كنا منفصلين عن بعضنا بالجسد، والآن نحن لسنا منفصلين فى الحنو، فإنك تبقى معى وستبقى إلى الأبد معى. بالحق حين كنت تعيش معى لم تزلك بلدنا عنى، وأنت أيضاً لم تكن تفضل بلدنا (أى شعب الكنيسة) عنى، والآن بالتأكيد صرت فى بلد أخرىن فلا أكون غريباً هناك حيث نصيبى الأفضل هناك بالفعل[29]].

د. التطلع إلى محبة إخوته له فى الضيق: يتحدث القديس أمبروسيوس مع شعبه كإخوة له مملوئين حباً وحنواً. فيقول: [بالحقيقة الامتنان عميق نحوكم أيها الإخوة الأعزاء، أيها الشعب المقدس، أنكم تقدرون حزنى. إنه ليس إلا حزنكم، فتحسبون هذه الفاجعة كما لو حلت بكم، فقدتم لى دموع المدينة كلها من كل الأعمار، والأمنيات طيبة من كل الطبقات الاجتماعية بمودة غير طبيعية. هذا ليس بحزن مع تعاطف خاص، وإنما هو خدمة وتقدمة صالحة من العامة.. حقاً كنت أود أن يعيش أخى لكن الحنو العام المزدهر مبهج جداً، وفى الوقت الضيق مُستحب جداً[30]].

ﮪ. تقديره لدموع الباكين: إذ رأى القديس أمبروسيوس دموع المدينة كلها على أخيه تذكر دموع الأرامل على طابيثا، فصلى بطرس وطلب منها ان تقوم، فقامت وجلست (أع 9: 40). أما ساتيروس الذى خدم المدينة فبكت عليه، لكن ساتيروس رقد لا ليقوم فى العالم بل ليتمتع بالقيامة فى يوم الرب العظيم. [هذا الذى مات لا يجلس بعد على النعش، إذ يجد راحته فى المسيح، وإن كان لا يتحدث معنا، فهو يفرح إذ يرى الأمور التى أعلى منا[31]].

و. خطف أخوه وهو صغير السن كى لا يتعرض فهمه للفساد: [ “إنه لا يحتاج أن يقوم إلى حين، ذاك الذى ينتظر القيامة الأبدية. فإنه لماذا يرجع إلى هذه الحالة البائسة والتعسة من الفساد، ويعود إلى الحياة الحزينة…؟ [32]].

تحدث بعض الآباء عن انتقال بعض الأبرار فى سن مبكر، فيقول الشهيد كبريانوس: [هذا كان مسراً فى عينىّ الله أن أخنوخ قد تأهل أن ينطلق من سم هذا العالم. لكن يعلمنا الروح القدس أيضاً خلال سليمان أن يسرون الله يؤخذون من هنا فى سن مبكر، ويتحررون سريعاً، لئلا خلال بقائهم لزمن طويل فى هذا العالم يفسدون بواسطة التعامل مع العالم[33]]. ويقول القديس أمبروسيوس: [إن كان لا يحزن أحد على أخنوخ الذى انتقل (تك 5: 24) حينما كان العالم فى سلام، ولم تكن الحروب قد اشتغلت، وإنما بالحرى يهنئه، كما يقول الكتاب عنه: “خُطف لكى لا يُفسد الشر فهمه” (حك 4: 11)، فكم بالأكثر يمكن أن يُقال هذا بأكثر تبرير حيث كثرت مخاطر العالم للحياة غير المستقرة؟ لقد خُطف لكى لا يسقط فى أيدى البرابرة، لقد أخذ لكى لا يرى دمار الأرض كلها، ونهاية العالم، ودفن أقربائه، وموت زملائه المواطنين، وفوق كل هذا وأكثرهم مرارة من أى موت، لئلا يرى العذارى والأرامل القديسات يُفسدن[34]].

س. يتطلع إلى موت أخيه ليس فقداناً للحياة بل خلاصاً من الخوف من المتاعب التى تهدده: يوجه القديس أمبرسيوس حديثه إلى أخيه الذى انتقل، قائلاً: “هكذا إذن يا أخى أحسبك سعيداً فى كل من جمال حياتك وفى ملائكة موتك. فإنك قد خُطفت ليس منا بل من المخاطر، إنك لم تفقد الحياة بل هربت من الخوف من المتاعب التى تهددك[35]].

ح. أخيراً، إذ يوجه حديث لأخيه الراحل يقول له إنه لا يعود إليه، إنما هو (أمبروسيوس) ذاهب إليه. لقد عاشا فى شركة معاً فى أمور كثيرة وسيتمتع بالشركة معه على مستوى أبدى[36].

فاصل

من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى