إش53: 2 نبت قدامه كفرخ و كعرق من ارض يابسة لا صورة له و لا جمال…
“نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ، لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ.“(إش53: 2)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
جاء الرب المخلص كغصن ينبت قدام إسرائيل وكجذر من أرض يابسة لذلك استخف به الشعب، وخاصته لم تقبله.
“نبت قدامه كفرخ” [2]، إذ جاء من نسل داود كنبتة صغيرة، كغصن وهو خالق الكرمة وموجدها. جاء مختفيًا، في اتضاع، لذا رُمز إليه بالعليقة الملتهبة نارًا التي تبدو نباتًا ضعيفًا لا قوة له، لكنه بلاهوته نار متقدة!
جاء “قدام” إسرائيل بكونه الراعي الذي يتقدم قطيعه!
“وكعرق من أرض يابسة” [2]؛ جاء ظهوره بطريقة غير متوقعة، فقد ظن اليهود أن يروا المسيا ملكًا عظيمًا ذا سلطان، قادرًا أن يُحطم الإمبراطورية الرومانية ويقيم دولة تسود العالم؛ أما هو فجاء كجذرٍ مختفٍ في أرض جافة لا يتوقع أحد أنه ينبت ويأتي بثمر. جاء من أرض يابسة إذ ولد من القديسة مريم المخطوبة ليوسف النجار، وكان كلاهما فقيرين؛ “افتقر وهو غني لكي تستغنوا أنتم بفقره” (2 كو 8: 9).
جاء السيد المسيح كعْرقٍ من أرض يابسة، إذ كان اليهود في ذلك الحين في حالة جفاف شديد، جاء وسط اليبوسة ليقيم من البرية فردوسًا. قالت عنه العروس: “كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين” (نش 2: 3).
“لا صورة له ولا جمال فننظر إليه ولا منظر فنشتهيه، محتقر ومخذول من الناس، رجل أوجاع ومختبر الحزن وكمستر عنه وجوهنا، محتقر فلم نعتد به” [2-3].
هنا ينتقل النبي من منظر التجسد إلى منظر الصليب؛ في التجسد رآه نبتة صغيرة من نسل داود، وجذرًا من أرض يابسة، جاء كابن للبشر حين كانت البشرية كلها بما فيها شعب الله في يبوسة تامة، وجاء من عائلة فقيرة حتى قال نثنائيل: أمن الناصرة يخرج شيء صالح؟! الآن يتطلع النبي إلى منظر الصليب، فيراه بلا صورة، بلا جمال، بلا منظر، محتقر لا يجسر أحد أن يقترب إليه، رجل أحزان، نخفي وجوهنا ونسترها عن رؤيته بسبب الحزن الشديد.
v ليس له شكل ولا جمال في أعين اليهود، أما بالنسبة لداود فهو أبرع جمالاً من بني البشر (مز 45: 2). على الجبل (أثناء التجلي) كان بهيًا ومضيئًا أكثر من الشمس (مت 17: 2)، مشيرًا إلينا نحو سره المستقبل.
القديس غريغوريوس النزينزي
v ذاك الذي هو أبرع جمالاً من بني البشر رآه البشر على الصليب بلا شكل ولا جمال؛ كان وجهه منكسًا، ووضعه غير لائق. مع هذا فإن عدم الجمال هذا الذي لمخلصك أفاض ثمنًا لجمالك الذي في الداخل، فإن مجد ابنه الملك من داخل (مز 45: 2).
القديس أغسطينوس
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (2) نبت قدامه كفرخ و كعرق من ارض يابسة لا صورة له و لا جمال فننظر إليه و لا منظر فنشتهيه.
نبت قدامه = أي قدام الرب. فكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح (لو 2 : 40) كفرخ = لم يخرج في صورة قائد عظيم، بل جاء كفرخ (غصن) من أصل شجرة جافة. خرج كقضيب من جذع يسى الشجرة اليابسة (فأسرة داود انتهت أيام سبى بابل سنه 586 أيام صدقيا الملك أخر ملوك الأسرة) أو تفهم أن المسيح خرج من الطبيعة البشرية التي هي أرض يابسة. لا صورة له ولا جمال = كانت عيون اليهود مغلقة فلم يروا جماله الداخلى، جمال قداسته، وفى هذه كان أبرع جمالاً من بنى البشر (مز 45 :2) إختفى جماله من أمام عيونهم فلم يروا سوى فقره وتواضعه وصليبه، بل كان مكروهاً لتوبيخه الناس على خطاياهم. يقول البعض في أيامنا لو رأينا المسيح لآمنا به. و لا يعرفون أن الإيمان بالمسيح الآن وهو في مجده أسهل من الإيمان به في هذه الصورة المحتقرة التي تناسب ما يريده الناس من قوة ومن عظمة.
- سفر إشعياء النبي – اصحاح 53
- تفسير سفر إشعياء النبي 53 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير سفر إشعياء النبي 53 للقمص أنطونيوس فكري