تفسير سفر اللاويين ١٣ للقمص تادرس يعقوب ملطي
الأصحاح الثالث عشر
تطهير برص الجسد وبرص الثياب
إن كان الله قد أهتم بصحة المرأة التي تلد فأوصها بالإستكانة مدة زمنية تحت الرعاية، فإنه في شريعة الأبرص يهتم بشعبه حتى لا تنتقل عدوى المرض بينهم، ويهتم حتى بثيابهم كي لا ينتقل العث من الثوب إلى ثوب.
1. مرض البرص
“البرص” في الطب الحديث هو مرض جلدي خطير يصل في بعض مراحله الخطيرة إلى تآكل بعض أطراف الجسم وتشويه شكل الإنسان بجانب خطورته في انتقال العدوى سريعًا. ولعل ما ورد في العهد القديم تحت إسم “البرص” لا يعني مرضًا معينًا، إنما كل ما يمكن أن يسبب عدوى لا بين الناس فحسب إنما حتى بين الأثاثات كانتقال العث من ثوب إلى ثوب، والسوس من خشب إلى خشب… إلخ.
قد يرى الإنسان في الحكم على الأبرص في ظل الشريعة الموسوية نوعًا من القسوة، مثل عزله بعيدًا عن الجماعة وحسبانه نجسًا حتى يبرأ… لكننا نجد حتى في المجتمعات الحديثة بالرغم مما وصل إليه الطب من تقدم فائق في هذا القرن أن أصحاب الأمراض الجلدية يعزلون في مستشفيات أو مصحات بعيدة عن السكن، ويخشى حتى الأطباء على أنفسهم من انتقال العدوى إليهم.
إرتبط البرص في ذهن اليهود بالخطية لخطورة المرض صحيًا وتشويه جسم الإنسان وسرعة نقل العدوى، لهذا إستخدمه الرب أحيانًا للتأديب كما فعل مع مريم أخت موسى بسبب كلامها ضد أخيها (عد 12: 10)، وما حدث مع جيحزي حين مال قلبه وراء نعمان السرياني يطلب الفضة والذهب ويكذب على أليشع النبي (2 مل 5: 27)، وما أصاب عزيا الملك لاعتدائه على وظيفة الكهنوت (2 أي 26: 16-21).
البرص كالخطية لم يكن لدى اليهود كما بقية الأمم إمكانية الخلاص منه بأنفسهم، بل يشعر الكل بالحاجة إلى تدخل إلهي للخلاص منه. لذلك حُسب الشفاء منه تطهيرًا كما من النجاسة أو من آثار الخطية، كما قيل عن نعمان السرياني حين تطهر منه في مياه الأردن (2 مل 5: 10-14)، وحينما قال السيد المسيح نفسه “البرّص يطهرون” (مت 11: 5)، وحينما توسل إليه أبرص قائلاً: “يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني” فأجابه: “أريد فأطهر” (مت 8: 1-3).
الآن نبدأ بالحديث عن البرص وبعض العوارض التي تصيب جسد الإنسان وثيابه.
2. من كان بجلده ناتئ أو قوباء أو لمعة [1-8].
غالبًا ما يقصد بالناتئ هنا إنتفاخًا أو ورمًا، وبالقوباء بقعة حمراء على الجلد بها قشرة، وباللمعة بقعة مختلفة اللون في جلد الإنسان. وإذ يخشى أن يكون الإنسان مصابًا بمرض جلدي مّيز بين حالتين:
الحالة الأولى إن كان شعر الجلد قد أبيض ولون البقعة مختلف عن بقايا الجسم فيحتم بأنها “ضربة برص” [3]، ويحسب الإنسان نجسًا، فيعزل عن الجماعة حتى لا يعديها.
الحالة الثانية متى كانت الضربة لمعة بيضاء في جلد جسمه، ولم يكن منظرها أعمق من الجلد أي لم يكن هذا الجزء في مستوى أدنى من بقية الجسم، ولم يبيض شعرها، فيحجز الشخص سبعة أيام ليراه الكاهن في اليوم السابع فإذا كانت الضربة لم تمتد بل توقفت يحجز سبعة أيام أخرى، فإن لم تمتد أيضًا يحكم الكاهن بطهارته، ويحسبها “حزاز“، بمعنى أنها مجرد علامة لا خطورة منها، أو مجرد قشرة (قوباء). ومع هذا يغسل المصاب ثيابه لأنه كان مشبوهًا في أمره وتحت الفحص… إشارة إلى حاجتنا للإغتسال حتى من شبه الخطية. أما إذا كانت الضربة ممتدة فيحكم عليه بالنجاسة بكونه يحمل ضربة برص.
يقدم لنا العلامة أوريجانوس تفسيرًا رمزيًا لهذه الحالة بقوله: [عندما يُصاب الإنسان بجرح جسدي غالبًا ما تبقى علامة بعد شفاء الجرح تسمى “ناتئ“، ويندر أن يُشفى الإنسان دون ترك علامة للجرح. الآن إذ أعبر من ظل الناموس إلى الحق، حاسبًا أن نفسًا ما تجرح بالخطية فإنها وإن شفيت لكن يظهر عليها ناتئ في أثر الجرح، هذا الناتئ ينظره لا الرب وحده وإنما حتى الذين نالوا نعمة تمييز أمراض النفس وتمييز النفوس التي شفيت تمامًا من كل أنواع الجراحات المؤلمة عن تلك التي لا تزال تحمل علامات المرض القديم كناتئ فيها[166]].
يوجد أناس لهم ناتئ يكشف عن إصابتهم بمرض روحي عضال يصعب شفاءه، كقول النبي: “من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جرح وإحباط وضربة طرية لم تُعصر ولم تعصب ولم تلين بزيت” (إش 1: 6). وكما يقول إرميا النبي: “لأنه هكذا قال الرب: كسرك عديم الجبر وجرحك عضال، ليس من يقضي حاجتك للعصر، ليس لك عقاقير رفادة. قد نسيك كل محبيك، إياك لم يطلبوا لأنيّ ضربتك ضربة عدو قاسى، لأن إثمك قد كثر وخطاياك تعاظمت. ما بالك تصرخين بسبب كسرك؟! جرحك عديم البرء لأن إثمك قد كثر وخطاياكِ تعاظمت، قد صنعت هذه بك” (إر 30: 12-15). ومع هذا إن كان الله يكشف عن مدى ما بلغت إليه النفس من مرارة بسبب إصابتها بمرض لا يُشفى، فقد جاء السيد المسيح الذي بلا خطية يحمل خطايانا ويقبل جراحتنا فيه، مقدمًا لنا العلاج بدمه الثمين. إن كنا قد صرنا بسبب الخطية مصابين بضربة برص روحي، فحسبنا نجسين ومطرودين خارج المحلة، فقد خرج هو خارج المحلة يحمل صليب عارنا. لهذا بعدما أعلن الله بإرميا عن الجراحات التي أصابتنا عاد في الحال ليقول: “لأنيّ أرفدك وأشفيك من جروحك يقول الرب” (إر 30: 17). مرة أخرى يقول: “هأنذا أضع عليها رفادة وعلاجًا وأشفيهم وأعلن لهم كثرة السلام والأمانة وأرد سبي يهوذا وسبي إسرائيل” (إر 33: 6-7).
هذا وإننا نلاحظ في شريعة الأبرص ككل أنها ألزمت الكاهن بالتدقيق في الأمر قبل إصدار الحكم، فيتريث ويتأنى حتى لا يُضار أحد. هذا ما يليق بكل كاهن وكل مسئول، ألا يتسرع أحد في حكمه على الآخرين، إنما يلزمنا أن نعمل بروح الحكمة وطول الأناة لكن دون تهاون على حساب الحق.
ويلاحظ في هذا الأصحاح تكرار كلمة “أعمق” [3، 4، 20، 21، 25، 26… إلخ]. وذلك بخصوص الضربة التي تصيب جلد الإنسان، وكما يقول العلامة أوريجانوس: [بالحقيقة كل رذيلة في النفس هي في مستوى سفلي عن كل الفضائل[167]]. بمعنى آخر ترمومتر الحياة الروحية الذي يكشف ضربة الخطية إنه ينحط بالنفس إلى التراب ويجعلها سفلية وترابية في تفكيرها وإشتياقاتها، أما الفضيلة الحقة في المسيح يسوع فترفع النفس إلى السماء لتقول بصدق: “وأما سيرتنا نحن فهي في السمويات“.
3. من كان برصه مزمنًا في جلد جسده [9-17].
في الحالة السابقة كان الأمر يحتاج إلى حجز المريض لاكتشاف المرض، أما في هذه الحالة فلا يحتاج الأمر إلى ذلك، فالمريض يحمل علامات المرض بطريقة واضحة وأكيدة، إذ يوجد ناتئ أبيض قد صيّر الشعر أبيضًا، وقد وضح الناتئ من اللحم الحيّ [10]، أي يظهر اللحم العادي أو لون الجلد العادي وسط البقع البيضاء. وفي الترجمة اليونانية يقول: “من لون حيّ“، أي لون الجسد العادي. هنا لا يحجز الكاهن المريض بل يحكم في الحال بنجاسته.
أما إذا كان الجلد كله مضروبًا من الرأس إلى القدمين ببياض، فلا يكون ذلك الإنسان نجسًا بل هو طاهر، وإن ظهر فيه لون حيّ يكون نجسًا فإن عادت الضربة وصارت بيضاء، أي عاد فصار كل الجلد أبيض يُحسب طاهرًا.
لعله من الناحية الصحية أراد بطريقة مبسطة أن يميز بين من هو مصاب بمرض جلدي خطير حيث يكون بالجلد بقع بيضاء جعلت لون الشعر في هذه المنطقة أبيضًا، فيكون حاملاً لمرض معدٍ، وبين من كان كل جسمه أبيضًا دون أي بقعة للون الجسم العادي فلا يكون ذلك مرضًا يمثل خطورة على الغير.
ماذا تعني هذه الشريعة روحيًا؟
الأول الذي يحمل علامات المرض بوضوح والذي يحكم الكاهن عليه بالنجاسة إنما يُشير إلى الخاطئ الذي يرتكب الخطية بجسارة علانية، فيحسب أبرصًا ويطرد خارج المحلة لا ليبقى في نجاسته مطرودًا، وإنما ليدرك حقيقة مركزه الإيماني فيشعر بالحاجة إلى الطبيب الذي ينتظر دعوته ليشفيه ويرده إلى المحلة المقدسة بعد تطهيره.
هذا المريض أيضًا إذ يحمل في مناطق من جسده علامات المرض واضحة مع وجود لحم حيّ إنما يُشير إلى الإنسان الذي يعرج بين الفرقتين، يستسلم للخطية لتعمل فيه بكل سلطانها وفي نفس الوقت يحاول إرضاء ضميره بشكليات العبادة أو العطاء، فيفقد هدفه وبساطة قلبه.
أما الرجل الثاني الذي صار كله مضروبًا من الرأس إلى القدمين وليس فيه أي لحم حيّ، فيرى البعض أنه يُشير إلى الإنسان الذي أدرك حقيقة موقفه كخاطئ، وشعر أن طبيعته قد فسدت تمامًا، فباعترافه هذا ورجوعه إلى الله بالتوبة يجد ربنا يسوع المسيح الكاهن الأعظم ينتظره ليشفيه ويضعه على منكبيه ولا يطرحه خارجًا.
ويرى العلامة أوريجانوس أن الذي صار كله مضروبًا من الرأس إلى القدمين هو ذاك الذي سقط في مرض عقلي أفقده كل قدرة على التفكير والتصرف، هذا الإنسان لا يُحاسب على أي خطية إرتكبها. لكن إن ظهر فيه لون حيّ، أي إرتد إليه عقله وعولج من مرضه فإن أخطأ نلتزم بالحديث معه عن التوبة ليتطهر من نجاسته.
4. من كان في جلده دُملة قد برئت [18-23].
هذه الحالة أقرب إلى الحالة الأولى، فالأولى تحمل أثر جراحات أصابت الجسم وشفيت فتظهر ناتئ أو قوباء أو لمعة، أما هنا فآثار دمل أو خراج أو قرحة في الجلد أو ما يشبه ذلك قد أصابت الإنسان… لذا جاء تصوير الموقف مقاربًا للحالة الأولى.
إن كان قد ظهر على جسم إنسان علامة بيضاء أو لامعة موضع دمل قد أصابه، فإن كان الشعر قد أبيض وصارت الضربة أعمق من بقية الجلد يُحسب الإنسان نجسًا. أما إذا لم يكن الأمر كذلك يحجزه الكاهن سبعة أيام ليرى إن كانت العلامة قد توقفت فيحسب طاهرًا، أما إن كانت تمتد فيحسب نجسًا.
ويرى العلامة أوريجانوس في الدمل الذي يصيب النفس إنما هو غليان الرغبات الدنسة والأفكار العتيقة التي تفقد النفس صحتها الروحية… فإن زالت هذه الأمور يلزم فحص النفس حتى لا يكون المرض مختفيًا في الداخل بلا علاج يرجع إلى النفس مرة أخرى.
5. من كان في جلده كيّ نار [24-28].
بعدما تحدث عن آثار الجراحات وآثار الدمامل يحدثنا الآن عن آثار كي النار. وكما يقول العلامة أوريجانوس: [أنظر ألا يكون قد أصاب النفس كيُّ بنار “سهام الشرير الملتهبة” (أف 6: 16)، وألا تكون قد احترقت باحتضانك نار المحبة البشرية (الجسدية). هذا هو حريق التهابات النار، أما ما هو أخطر منها فهو إحتضان نار رغبة المجد البشري وإلتهاب الغضب والإضطراب[168]].
6. من كان فيه ضربة في الرأس أو الذقن [29-37].
يقصد هنا بالقرع نوعًا من الجرب أو مرضًا جلديًا تظهر أعراضه باختفاء الشعر الأسود وظهور شعر أشقر مكانه دون توقف، وله علاماته على جلد الرأس.
ماذا يعني بالضربة التي تصيب الرجل في رأسه؟ إن كان السيد المسيح هو رأس الرجل كما يقول الرسول بولس (1 كو 11: 3)، فإن ما يصيبنا هنا يعني به ما يمس إيماننا بالسيد المسيح. أما ما يصيب الرجل في ذقنه، فيرى العلامة أوريجانوس إنها الضربة التي تصيب الكهنة خاصة إن سقط أحدهم في خطية شبابية، يفقد كرامة الكهنوت المرموز له بالذقن[169].
أما الضربة التي تصيب المرأة في رأسها، فإن كان الرجل هو رأس المرأة (1 كو 11: 3)، فإن هذه الضربة تعني الخطايا التي تمس علاقتها برجلها. يرى العلامة أوريجانوس[170] أن هذه الضربة هي التعاليم الفاسدة من جهة الحياة الزوجية كتعاليم فالنتينوس ومرقيون وغيرهما الذين يتطلعون إلى الزواج كدنس.
7. من كان في جلد جسده لمع لمع أبيض [38-39].
يقصد باللمع الأبيض ظهور علامات البهاق (البهق).
8. من كان فقد شعر رأسه [40-44].
تُمييز الشريعة بين الحالات الطبيعية غير المرضية وبين الأمراض الجلدية التي تُصيب الرأس وتحمل ميكروب العدوى. فمن سقط شعر رأسه جميعه يحسب كأقرع، ومن سقط شعر رأسه من الجزء الأمامي يُحسب كأصلع، وهما حالتان طبيعيتان طاهرتان. أما إذا أصاب الرأس نوعًا من الجرب بظهور ناتئ أبيض يميل إلى الحمرة كما قد يحدث في بقية الجسم فيحسب مصابًا بالبرص ويحكم عليه بأنه نجس.
يرى العلامة أوريجانوس في الرأس التي يسقط شعرها طبيعيًا أنها تمثل النفس التي تتخلى عن أعمالها الميتة بطبيعتها وتتخلى عنها فهي طاهرة، أما إن ظهر شعر آخر غيره فيعني طلبها الكرامة بعد أن تطهرت لذلك تحسب دنسة وبرصاء[171].
9. حكم الأبرص [45-46].
إذ ينظر إلى البرص كرمز للخطية وثمر لها جاء الحكم على الأبرص الذي تعلن نجاسته قاسيًا إذ يفقده طعم الحياة ويعزله تمامًا عن الجماعة المقدسة، إذ جاءت بنوده هكذا:
أولاً: شق ثيابه: أعفي النساء من هذا البند والبند التالي مراعاة للحشمة.
لماذا تشق ثياب الأبرص؟ كثيرون يخفون مرض جسدهم باهتمامهم بإرتداء ملابس ثمينة وجميلة، فيبقى المرض عاملاً في الجسم الذي تستر بمظاهر مخادعة. لذلك حذرنا القديس يوحنا الذهبي الفممن الرياء بكونه الثوب المزركش الذي تلبسه النفس المريضة فيلهيها عن معالجة المرض الحقيقي الداخلي. ويقول العلامة أوريجانوس: [من كان مصابًا بمرض في نفسه، أي بشر دفين، يلزمه ألا يخيط ملابسه ويغظي خزى خطيته. فمن كانت ملابسه مشقوقة يكشف عرى خزى جسده، هكذا من تكدس ببعض الخطايا لا يغطي خزيه ببرقع الكلام أي برقع الأعذار، فلا يصير “قبورًا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة (مت 23: 27) [172]].
إن كان الثوب يُشير إلى الجسد[173]، لذلك لم يسمح الله للجند أن يشقوا ثوب السيد المسيح بل ألقوا عليه قرعى لكي تبقى الكنيسة جسده بلا تمزيق، فإن شق ثياب الأبرص يعلن عن أثر الخطية بكونها تسبب إنشقاقات وإنقسامات في الكنيسة جسد المسيح. كل خطية يرتكبها الإنسان، حتى وإن حسب إنها لا تضر الغير، وتمت خفية، فهي في الحقيقة تمس ثوب المسيح وتشقه… يكفي أنها تنزع نفس هذا الخاطئ عن عضويته الحقة في الجسد المقدس إن بقى مصرًا على شره.
ثانيًا: الرأس المكشوفة: إن كان الثوب المشقوق يعلن عن جريمة الخاطئ ضد الكنيسة إذ بخطيته يشقها ويسبب إنقسامات، فإن الرأس المكشوف يعلن عن الجريمة التي يرتكبها ضد السيد المسيح، الذي هو رأس الرجل (1 كو 11: 3). إن كانت توبتنا ونمونا الروحي وحياتنا مع الله يمجد مسيحنا، فإن كل خطية نرتكبها نسبب تجديفًا على إسمه بسببنا.
وللعلامة أوريجانوس تعليق آخر على الرأس المكشوف، إذ يقول: [حتى إن وُجد الخطأ في الرأس أي إرتكبنا إهانة ضد الرب، أو كان الخطأ يمس الإيمان به، فلا نغطية بل نكشفه للجميع حتى أن الخاطئ بشفاعة الكل وتوسلاتهم، ونصحهم، يعترف فينال المغفرة[174]].
ثالثًا: تغطية الشاربين: بينما يطلب فضح الجسد المريض بشق الثياب وكشف الرأس إذا به يطلب تغطية الشاربين، أي الفم، فالنفس المصابة ببرص الخطية يلزمها أن تنصت للوصية ولا تعلم الآخرين، حتى وإن كان كاهنًا، إذ يوبخه المرتل، قائلاً: “للشرير قال الله: مالك تحدث بفرائضي وتحمل عهدي على فمك؟” )مز 49: 46). يقول العلامة أوريجانوس: [يجب على الخاطئ أن يغلق فمه، فإن من لا يعلم نفسه كيف يقدر أن يعلم الآخرين؟! (يو 2: 20)، لهذا أمر بتغطية الفم صانع الشر وفاقد حرية الكلام[175]].
لقد حذرنا آباؤنا من الخدمة بالفم دون العمل، إذ يليق بنا أن نحدث الآخرين بحياتنا في الرب وشركتنا معه، لا أن ننطق بكلمات منمقة بلا عمل[176].
رابعًا: إقامته خارج المحلة ومناداته نجس نجس: جاءت كلمة الحاخامات عن المصابين بالبرص تعلن نظرتهم إليهم كأنهم موتى[177]، ليس لهم حق الحياة وسط الجماعة المقدسة، فكانوا يستبعدون عن محلة إسرائيل، وقد فهم التلموديون في عصور متأخرة أن المدن كانت تحاط بأسوار منذ أيام يشوع كعلامة لتقديسها. فخرج الأبرص إلى ما وراء السور علامة موته وحرمانه من شركة الحياة المقدسة. كان إذا حاول اقتحام الموضع يتعرض للجلد أربعين جلدة، إذ يُحسب كل موضع يدخله دنسًا… وإن كان بعد ذلك سمح لهم بالدخول في موضع معين في المجمع في حدود معينة يدخلونه قبل حضور جمهور المتعبدين ويتركونه بعد ترك المتعبدين للمجمع[178].
يعلق العلامة أوريجانوس على إقامة الأبرص خارج المحلة بقوله: [كل دنس يلقي الإنسان خارج مجمع الأبرار، إنه ينفيه بعيدًا عن الجماعة ويعزلة عن موضع القديسين[179]].
أما مناداته: نجس نجس، فإشارة إلى دنسه الداخلي ودنسه الخارجي، أو دنس النفس والجسد معًا.
10. برص الثياب والمتاع الجلدي [47-59].
أعلن الرب إهتمامه بشعبه حتى بالنسبة للثياب، فإن أصاب الفساد الثوب في السدى (الخيوط الطولية للنسيج) أو اللحمة (الخيوط العرضية للنسيج)، أو في الأمتعة الجلدية، يقوم الكاهن بفحصها وتحديد موقعها، وفي اليوم السابع يعيد الفحص فإن رآها امتدت أحرق الثوب أو المتاع حتى لا يمتد الفساد إلى غيره. أما إذا كان لم يمتد فيتكرر الأمر بعد غسله وتركه سبعة أيام أخرى للتأكد أن الضربة غير ممتدة…
سفر اللاويين – أصحاح 13
تفاسير أخرى لسفر اللاويين أصحاح 13
تفسير لاويين 12 | تفسير سفر اللاويين القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير لاويين 14 |
تفسير العهد القديم |