أصل وصورة

  •  لِيَجْمَعَ أَبْنَاءَ اللهِ الْمُتَفَرِّقِينَ إِلَى وَاحِدٍ.” (يو52:11)
  • فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ.” (1کو17:10)

أكتشف نفسك

تخيل نفسك قطعة بازل في برواز لصورة جميلة.. متناسقة ومتكاملة.. وبقية أخوتك بمثابة القطع الأخرى فيها.
وتخيل هذه الصورة بدونك.
صديقي الشاب… هل استطعت أن تصل للمعنى, الذي بدونه لا يوجد معنى.. “لأن من يجدني يجد الحياة” (أم 35:8 ). السيد المسيح هو الحياة ذاتها, وهو واهب حياته لعروسه الكنيسة التي هي أنت وأنا وكل عضو يحيا داخلها..

  • إن هدف وغاية الحياة الليتورجية برمتها. هو شخص ربنا يسوع المسيح, الذي هو سر وحدتنا..
    لذا نجد المعنى الأول للافخارستيا هو سر الاجتماع, وهذا ما تعبر عنه عقيدتنا.
    عقيدتنا مطابقة للإفخارستيا والإفخارستيا مثبته لعقيدنا

إيريناوس أسقف لیون

  • إن كل قسم من الأقسام التي تتألف منها الليتورجية بدء من القراءات, مروراً بالأنافورا وانتهاء بالأفخارستيا. يبدأ بتخاطب سلامي “السلام لجميعكم والإجابة “ولروحك”.
    كل فحوى هذه الصلوات يدور حول إلهنا المجيد, وحول توبتنا وتناولنا والشكر الذي نؤديه, لتصب في خانة رجاءنا للاتحاد مع شخص السيد المسيح, ومع بعضنا البعض بعمل الروح القدس.
  •  فكرة الاجتماع والمشاركة في الليتورجية يعبر عنها ويجسدها مكان إتمام الافخارستيا, حيث الهيكل الذي يعتبر مكان إتحاد السماء والأرض والخليقة جمعاء بالمسيح، إتحاد هو جوهر وجود الكنيسة وغايتها النهائية.
  •  الليتورجية الافخارستيا هي “سر الجماعة” لقد أتي السيد المسيح ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد” (يو 52:11 ). فعندما أقول أنني ذاهب إلى الكنيسة فهذا يعني أننی ذاهب إلى جماعة المؤمنين لأؤلف معهم الكنيسة. غير أن قداسة الكنيسة ليست نابعة مني إنها قداسة المسيح الذي أحب الكنيسة, أسلم نفسه لأجلها.
  • الجماعة الكنسية متمتعة بكل ما للكنيسة من مواهب.. فنحن لنا كل مواهب الروح القدس.. لا عضو واحد ولكن لكل الأعضاء المجتمعة معاً. الروح يعطى كل عضو موهبة لأجل خير الجماعة, ويشكل رابطة الوحدة بين جميع الأعضاء.
    فعضو يوهب کلام الحكمة, والأخر كلام معرفة, وعضو آخر إيمان, ولآخر موهبة شفاء, ومعجزات ونبوة وروح تمييز وألسنة, وترجمة الألسنة.
    وهذا كله يعمله الروح الواحد موزعاً مواهبه على كل واحد كما يشاء.
    إننا عندما نجتمع ككنيسة ونليس حلة الخليقة الجديدة, هذه هي أول وأهم الأعمال الطقسية لـ “سر الأسرار” ولـ “الافخارستيا” الفائق القداسة.

دبر سفينة حیاتی بوصاياك وأعطني فهماً لكي أتاجر بالوزنات مادام لى الوقت قبل أن يقال لي : هلم أرني تجارة زمانك.

مارافرام السرياني

سر المسيح

من أروع الهبات الإلهية التي نلناها من الله في المسيح أنه جمعنا معاً فيه كجسد واحد – بتجسد المسيح – وحفظ استمرارية هذه الوحدة حتى إلى الأبدية التي انفتحت أمامنا, وصارت لنا نصيباً وميراثاً بصليبه وقيامته وصعوده إلى السموات..

وإليكم هذه القصة:

أصل وصورة

ارتسمت علامات الدهشة على وجوه الفتيات المشاركات في المؤتمر الصيفي, بينما كانت الخادمة المسئولة منهمكة في شرح فكرة فقرة حان موعدها وفقاً للبرنامج.. امتزجت الدهشة بالإعجاب ليس فقط لأنهن أخيراً فهمن المغزى, ولكن لأن فكرة الفقرة أضافت لهن درساً رائعاً وجديداً.. والقصة أن الخادمة اشترطت على كل فتاة ترغب في الاشتراك في المؤتمر إحضار صورة شخصية صغيرة لها مع مبلغ الاشتراك, وعندما سألنها عن السبب أجابت بابتسامة لطيفة بأنها تود أن تجعل الأمر مفاجأة، لذا فإنها لن تفصح عن السبب..!!

وفي ثالث أيام المؤتمر وضعت الخادمة صورة كبيرة للسيد المسيح علي لوحة خشبية معلقة على الحائط, وطلبت من كل فتاة أن تصعد على سلم خشبي صغير , وُضع أمام اللوحة, وتقوم بلصق صورتها الصغيرة على أي جزء من جسم السيد المسيح الذي في الصورة الكبيرة..!!.. وبحماسة وسعادة أسرعت الفتيات لتنفيذ المطلوب, وتجلت فرحتهن وإعجابهن بالفكرة حينما بدأت كل واحدة تختار بعناية الجزء الذي ستضع فيه صورتها، فهناك من اخترن أن يلصقن صورهن على كتف المسيح, ليكن محمولات على منكبيه, وهناك من اخترن أن يضعن صورهن في كفه ليكن محفوظات في يده.. وأخريات وضعن صورهن على صدره ليكون مكانهن في حضنه..!! وهكذا….
أما الخادمة فبعد أن لصقت صورتها الشخصية في قدميه, بدأت تشرح لهن كيف أننا جميعاً بعد أن ننال سر المعمودية نصبح أعضاء في جسد المسيح الواحد..!!..

عريس وعروس

كما تستعد كل عروس ليوم عرسها، حيث يأتي إليها عريسها ليأخذها له زوجة.. هكذا الكنيسة أيضا تستعد دوما – في الأفخارستيا – لمجيء العريس علی المذبح.. وكما تتهيأ العروس بكل كيانها الداخلى لقبول الارتباط الكامل بعريسها وتتزين لتكون في أبهى صورة..
هكذا تفعل الكنيسة.. لذا فأروع وأبهي مشهد نرى فيه الكنيسة هو مشهد القداس, حيث البخور الذي يعبق المكان ويحوله إلي مكان سمائی.. والملابس البيضاء والألوان الزاهية التي تنطق بالنقاء والمجد الذي لنا فی المسيح.. والطقس البديع الذي يحمل بين طياته معانی روحية مشبعة، وكما أن الحركات الطقسية تعطي هيبة وقيمة للجو العام للصلوات, مما ينقلنا خارج الزمان بل والمكان ويجعلنا نحيا وكأننا في الأيدية..!!..

  • ففي صلوات رفع بخور (عشية وباكر): تقدم العروس لعريسها الشكر في صلاة الشكر لأنه قبلها إليه, وسترها وأعانها وحفظها من الانجذاب نحو العالم، بل أتي بها إلى هذه الساعة حيث لقاءها معه على المذبح.. .
  • وفي الأواشي تؤكد الكنيسة، العروس، على حقيقة أنها جسده وهو رأسها (اقرأ رسالة أفسس ولاسيما الإصحاح الرابع) فهى جسده المكون من أعضاء متحدة معاً, لذا فهي تصلي لأجل الأعضاء الغائبين (الراقدين والمرضى والمسافرين) والحاضرين الفاعلين (من قدموا القرابين)..
  •  ثم تطلب الكنيسة العروس – بروح التوبة – الرحمة في افنوتي نای نان لتستعد – بالقلب التائب – لاستقبال العريس..
  • وفي أوشية الإنجيل تنال جرعة تنقية وتقديس أولية, بكلمة الإنجيل “أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به” (يو 3:15).
  •  وفي صلوات التحاليل تنال العروس المنحنية أمام عريسها مع العشار ختم القبول والغفران..!!
  •  وبعد هذا ترتدى العروس أفخر الثياب وتقف بكل هيبة لتستقبل عريسها الحمل الآتي لأجلها فتردد كيرى ليسون 41 مرة لتعلن أن استعدادها لا يعطيها استحقاقا, وإنما تحنن إلهها وعريسها  هو الذي يجعل لها الحق والاستحقاق..!!
  • وبعدها تجلس خاشعة خاضعة لتسمع كلمة الله في القراءات من فم عريسها ومعلمها وهي تهتف من قلبها: “يوقظ كل صباح. (كل قداس) يوقظ لى أذنا لأسمع (القراءات) كالمتعلمين. السيد الرب فتح لى أذنا (بالمعمودية) وأنا لم أعاند” (أش 4:50-5).. وإذا تتغذى بكلمة الله تصير مهيأة أكثر للدخول مع العريس إلى حجاله..!!
  •  وبعد اجتياز موانع الخصومات والفرقة في صلاة الصلح تقترب من المذبح فتجد عريسها مذبوحاً لأجلها حباً وقبولاً..!! وهنا تنحني ساجدة إقرارا وعرفانا وهي تهتف: أمين أمين أمين بموتك يارب نبشر, وبقيامتك المقدسة وصعودك إلى السموات نعترف..!!. وإذ تسمع الكاهن ينادي: القدسات للقديسين … تقبل إلى العريس الذي كساها بثوب بره وقدسها, وتتقدم إليه وتتحد به في التناول, وهي اللحظة التي سعت إليها وانتظرتها طويلا..!!

 نبع الفرح: معلوم و معروف أن السيد المسيح له المجد هو محور حياتنا الإيمانية وهو سر رجائنا ومصدر فرحنا، فهو الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء, وتأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطى. تألم وقبر وقام من الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب, وصعد إلى السموات, وجلس عن يمين أبيه وأيضا يأتي في مجده, ليدين الأحياء والأموات..!!” (قانون الإيمان النيقاوی)..

لقد أحبنا, ولأجل هذا وضع نفسه لأجلنا، وأطاع حتي الموت موت الصليب (في 8:2) لذا فهو الوحيد الذي يغير نغمة الصلاة إلى اللحن الفرايحي في العبادة الطقسية, فرغم كثرة أعياد الكنيسة ومناسباتها سواء أعياد الشهداء أو الرسل أو القديسين, فإننا لا نصلى فيها بالطقس الفرايحي.. أما في الأعياد الخاصة بالسيد المسيح وهي المسماة بالأعياد السيدية الصغرى والكبرى, فهي فقط التي تصلى فيها الكنيسة بنغمة الفرح, لأنه هو نبع فرحنا الدائم..!!

الشفاعة والجسد الواحد 

يتساءل البعض: لماذا نتشفع بالقديسين؟! أليسوا هم أناس تحت الآلام مثلنا؟! ثم ما علاقتنا بهم بعد أن رحلوا عن هذه الحياة؟! ألا يكفي علاقتنا بالمسيح حتى نحتاج إلى صلوات القديسين؟!..

من يريد أن يحصل على إجابة لكل الأسئلة السابقة ينبغي أن يعرف أولا شكل علاقتنا بالمسيح وهي ببساطة أنه الرأس ونحن أعضاء جسده، وهذا يرسم أيضا صورة علاقتنا معاً كأعضاء، فنحن – وبالطبع القديسون – أعضاء معاً في جسد المسيح.. لذا فإذا عدنا إلى الأسئلة السابقة فإجابتها ستكون في كلمة واحدة وهي أننا نتشفع بالقديسين لأنهم أعضاء معنا في جسد واحد.. والطبيعي والمنطقي أن الأعضاء القوية (القديسين) تسند الأعضاء الضعيفة (نحن) وترفعها, وكل هذا يحدث داخل إطار الجسد الواحد, وبرعاية الرأس المسيح..!!

لذا ففي دورة البخور يمر الكاهن على أيقونات القديسين – بعد أن يعطى المجد أولاً أمام الهيكل للمسيح الرأس – ويطلب صلواتهم ومساندتهم ليغفر الله لشعبه خطاياهم، ثم يمر أيضا وسط الشعب يستحثهم على أن يرفعوا قلوبهم بالصلاة لله تائبين وطالبين مغفرة خطاياهم.. فتكون دورة البخور بهذا أشبه بتمرینات رفع اللياقة البدنية لأعضاء الجسد الواحد, إذ يكون الجميع في هذه اللحظة – السمائيين والأرضيين – في حالة حركة روحية موحدة بالصلاة، كل حسب موضعه في الجسد..!!. وهو ما يؤكد ويجسد وحدتنا معا كأعضاء في جسد المسيح الواحد.

وأخيرا 

اجتهد دوماً أن تجعل بناءك الروحي يعتمد على التغذي الدائم من عطايا خلاص السيد المسيح المحفوظة لنا دوماً في نظام العبادة في الكنيسة.

وتذكر أنه لا خلاص خارج الكنيسة..!!

و أيضا تذكر قول القديس كبريانوس أسقف قرطاجنة: “الذي يريد أن يكون الله أبا له فليجعل الكنيسة أما له”.


من المسابقة الدراسية – مرحلة جامعيين –  مهرجان الكرازة 2011

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى