تفسير سفر أيوب أصحاح 37 للقديس يوحنا ذهبي الفم
الإصحاح السابع والثلاثون
نهاية حديث أليهو
كل شيء في الخليقة يدعونا إلى التواضع
1- وتابع اليهو الكلام فقال: “ليعلم كل إنسان ضعفه” (37: 7)
قال أليهو هذا هو السبب لعظمة خلائقه وسبب البرد والحر وسبب تقلب الرياح. ألم تكن هناك إمكانية لعمل مزيج متناسق ؟ إن كان الله لم يصنع هكذا، فهذا لكي يمنع بكل الطرق تكبر وتفاخر الذهن. هذا لكى يعلم كل إنسان ضعفه»، والكتاب يقول «قدام برده من يقف؟» (مز 147: 17). والكون كله مخلوق فى إطار هذا الهدف، ولأجل هذا موجود الكل. وحيث أن الكبرياء فوق كل شيء هى التى أبعدت عنا الثقة في الله، فلأجل هذا كل شيء مرتب من الله مقابل ضده، مثل الخليقة أيضاً وكذلك تكوين الجسد وسيرة الحياة[1] بحيث أن كل هذا موجود لأجل التواضع لكى نتعلم أن نسلك بتعقل ونعرف ضعفنا، فنقول مثل إبراهيم تراب أنا ورماد» (تك 18: 27)، ونقول مثل داود “أما أنا فدودة لا إنسان” (مز 22: 6) ولنقل مثل الرسول «كأنه للسقط ظهر لي أنا» (1كو 15: 8). إنه خلق الإنسان ضعيفاً، وهو إذ يظن أنه قوى يصير أيضاً بالأولى أكثر ضعفاً. فأحياناً يُظهر الله قوته وضعفنا فى نفس الوقت، وأحياناً أخرى يُظهر قوته فقط، فهو ليس فقط يريدنا أن نبدى إعجابنا به فيما هو يؤدبنا، ولكن هناك حالات أخرى يستثير فيها تفكيرنا فيما يفعله.
2- وبعد ذلك يمضى النص فيقول: “ثيابك ساخنة، ولكن يوجد سكون على الأرض” .(37: 17)
إما أنه يريد القول: أنت الآن فى البلايا، لكن فيما بعد سوف تستريح، فهذه خاصية للحكمة الإلهية أنها تسبق فترى الموت كحل ونهاية لبلايا البشر. أو أنه يريد القول: حتى في وسط التجارب تبقى موضوعاً خارج القتال والعراك والاضطرابات، وبهذه الطريقة يعاقبك[2].
3- قال اليهو: “من أجل ذلك علمنى ماذا سنقول له فنكف عن إكثار كلامنا” (37: 19).
أي لماذا حدث هذا (لك) ؟ هل نستطيع أن نسأل الله ؟ لن أقول شيئاً حتى لو كان بإمكاننا أن نعرف شيئاً عن هذا الموضوع.
4- “هل لي كتاب أو كاتب بجانبى حتى أقوم وأسكت إنسان؟” (20:37)
أي هل من كتاب نستعير منه الكلمات التي نوجهها له ؟ هل هو إنسان؟ ألا تدرك أنه بدلاً من حروف الكتابة، أن الخليقة كلها هى التى تصرخ فى كل موضع ؟ وهو قال «هل يلزم أن أسكت إنساناً؟» لكن الخليقة هى التى تجيب من كل جانب، إذ أن الأرض موجودة ونراها. هل يلزم أن أصل ومعى ملف اتهام ؟ لكن هو الذي جلب الكون كله، وأيضاً لم يكن ممكن الاستناد على كلمات للملاججة ضد الله والرد عليه بكل هذا. لذلك انظر كيف أن الله بعد ذلك هو الذي تدخل فى الموضوع، لأن عبده (أليهو) قد مهد له الطريق، وهو الذي أطال الحديث عن حكمته وأعاد الأمور إلى نصابها.
- يقصد ذهبي الفم أن تكوين الجسد مرتب فيه الشيء وضده (المرض والصحة..)، وسيرة الحياة (من جهة الغني والفقر مثلاً).
- لكى يمكن فهم ما يقصده ذهبي الفم هنا علينا الرجوع إلى ما قاله على الأعداد 1: 32-33.
تفسير أيوب 36 | سفر أيوب 37 | تفسير سفر أيوب | تفسير العهد القديم | تفسير أيوب 38 |
القديس يوحنا ذهبي الفم | ||||
تفاسير سفر أيوب 37 | تفاسير سفر أيوب | تفاسير العهد القديم |