تفسير رسالة العبرانيين اصحاح 9 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة

الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ
الذبائح رمز لدم المسيح

 

في هذا الأصحاح يوضح القديس بولس عمل المسيح الكفارى في تطهيرنا من خطايانا، وهذا ما تعجز عنه الذبائح الدموية.

(1) خيمة الاجتماع (ع1-10):

1 ثُمَّ الْعَهْدُ الأَوَّلُ كَانَ لَهُ أَيْضًا فَرَائِضُ خِدْمَةٍ وَالْقُدْسُ الْعَالَمِيُّ، 2 لأَنَّهُ نُصِبَ الْمَسْكَنُ الأَوَّلُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «الْقُدْسُ» الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمَنَارَةُ، وَالْمَائِدَةُ، وَخُبْزُ التَّقْدِمَةِ. 3 وَوَرَاءَ الْحِجَابِ الثَّانِي الْمَسْكَنُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ «قُدْسُ الأَقْدَاسِ» 4 فِيهِ مِبْخَرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَتَابُوتُ الْعَهْدِ مُغَشًّى مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بِالذَّهَبِ، الَّذِي فِيهِ قِسْطٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ الْمَنُّ، وَعَصَا هَارُونَ الَّتِي أَفْرَخَتْ، وَلَوْحَا الْعَهْدِ. 5 وَفَوْقَهُ كَرُوبَا الْمَجْدِ مُظَلِّلَيْنِ الْغِطَاءَ. أَشْيَاءُ لَيْسَ لَنَا الآنَ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَنْهَا بِالتَّفْصِيلِ. 6 ثُمَّ إِذْ صَارَتْ هَذِهِ مُهَيَّأَةً هَكَذَا، يَدْخُلُ الْكَهَنَةُ إِلَى الْمَسْكَنِ الأَوَّلِ كُلَّ حِينٍ، صَانِعِينَ الْخِدْمَةَ. 7 وَأَمَّا إِلَى الثَّانِي فَرَئِيسُ الْكَهَنَةِ فَقَطْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ، لَيْسَ بِلاَ دَمٍ يُقَدِّمُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ جَهَالاَتِ الشَّعْبِ، 8 مُعْلِنًا الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَذَا أَنَّ طَرِيقَ الأَقْدَاسِ لَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ، مَا دَامَ الْمَسْكَنُ الأَوَّلُ لَهُ إِقَامَةٌ، 9 الَّذِي هُوَ رَمْزٌ لِلْوَقْتِ الْحَاضِرِ، الَّذِي فِيهِ تُقَدَّمُ قَرَابِينُ وَذَبَائِحُ لاَ يُمْكِنُ مِنْ جِهَةِ الضَّمِيرِ أَنْ تُكَمِّلَ الَّذِي يَخْدِمُ، 10 وَهِيَ قَائِمَةٌ بِأَطْعِمَةٍ وَأَشْرِبَةٍ وَغَسَلاَتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَفَرَائِضَ جَسَدِيَّةٍ فَقَطْ، مَوْضُوعَةٍ إِلَى وَقْتِ الإِصْلاَحِ.

 

ع1: إن العهد الأول الذي صنعه الله مع موسى لشعب إسرائيل، بصنع خيمة الإجتماع ليحلّ فيها وسطهم، وضع له نظم للعبادة وتقديم الذبائح. وكان للخيمة قدس أرضى يرمز للمسكن السماوي.

 

ع2: المسكن الأول: يسمى القدس ويدخله الكهنة فقط ويفصله عن قدس الأقداس ستر.

المنارة: شمعدان له سبعة سرج أي فتائل في قوالب مستديرة بشكل زهرة اللوز وتضاء بزيت الزيتون، وترمز للروح القدس وتوجد على يسار الداخل إلى القدس.

المائدة: طولها 90 سم وعرضها 45 سم وارتفاعها نحو 68 سم، وهي مصنوعة من خشب السنط، وهو خشب قوى، ومكسوة بالذهب وتوجد على يمين الداخل إلى القدس.

خبز التقدمة: ويسمى أيضًا خبز الوجوه، يوضع على المائدة السابقة وعدده دائمًا 12 خبزة، تكون أمام وجه الرب من سبت إلى سبت ويأكله الكهنة في يوم السبت ليوضع خبز جديد.

يحوى القدس المنارة ومائدة خبز الوجوه بالإضافة إلى مذبح البخور الذي يوجد في الوسط وسيشار إليه في الآيات التالية.

 

ع3: كان في مدخل القدس حجاب وهو الحجاب الأول الذي يفصل القدس عن الدار الخارجية، كما هو موضح بشكل (1)، ثم يحجب القدس عن المنطقة التي بها تابوت العهد حجاب آخر (الحجاب الثاني)، وهذه المنطقة التي بعد الحجاب الثاني كانت تلقب بقدس الأقداس لأن الرب كان يتراءى فيها بين الكروبين في هيئة سحاب.

 

ع4: مبخرة من ذهب يأخذ فيها بخورًا من على مذبح البخور الموجود في القدس ويدخل بها إلى قدس الأقداس ليقدم بخورًا أمام تابوت العهد.

تابوت العهد: صندوق طوله 112.5 سم وعرضه 67.5 سم وإرتفاعه 67.5 سم مصنوع من خشب السنط ومغشى بالذهب وفوقه الكاروبان.

قسط من ذهب: إناء من الذهب موضوع فيه جزء من المن.

المن: طعام كان الله يعطيه لشعبه كل يوم في البرية، وهو يرمز للمسيح طعامنا الحقيقي.

عصا هرون: وضع موسى عصىّ أسباط بنى إسرائيل في خيمة الإجتماع، فأفرخت عصا هرون وأعطت أزهارًا وثمارًا تأكيدًا لاختيار الله له ككاهن وليس كل إسرائيل (عدد17: 8).

لوحا العهد: لوحان من الحجر أخذهما موسى من الله على الجبل ومكتوب عليهما الوصايا العشر.

قدس الأقداس فيه تابوت العهد ويوجد داخل التابوت لوحا العهد وقسط المن وعصا هرون. ويدخل رئيس الكهنة بمبخرة إلى قدس الأقداس مرة كل عام ليبخر أمام التابوت. (شكل2، 3).

 

ع5: كروبا المجد: تمثالان لملاكين من رتبة الكاروبين أي الشاروبيم وهي رتبة ملائكية ترمز للعدل الإلهي وهذان الملاكان مثبتان على غطاء التابوت ويظللان بأجنحتهما عليه (شكل 2).

الغطاء: هو غطاء التابوت ويسمى كرسى الرحمة الذي يرش عليه رئيس الكهنة الدم فيراه العدل الإلهي الذي يرمز إليه الكاروبيم ويصفح الله عن خطايا الشعب فهو رمز لدم المسيح الذي خلصنا برحمته ووفَّى العدل الإلهي.

بعد ان ذكر بولس مختصرًا لما في داخل القدس وقدس الأقداس، يعلن أن هذه رموز لذبيحة المسيح ولا يريد الدخول في تفاصيل صنعها ومعانيها الروحية لأنه يريد أن يركِّز على المرموز إليه وهو ذبيحة المسيح.

 

ع6: المسكن الأول: القدس.

بعد أن أقام موسى الخيمة بالترتيب الذي أعلنه له الله على الجبل كان الكهنة يدخلون كل يوم. وهنا يقصد القديس بولس التنويه عن أن الخدمة التي كان يقوم بها الكهنة لم تكن كافية، لذا كانت تُقَدَّم مرارًا أي كل حين في القدس فقط دليلًا على عدم وجود صلح بين الله والبشر نتيجة عدم وجود ذبيحة قادرة على التكفير عن الخطية التي تحجب بين الله والبشر، فكانت الذبائح الدموية تقدم أمام القدس على مذبح المحرفة كل يوم إلى أن يأتي المسيح الذي يقدم ذبيحة نفسه على الصليب ويدخل إلى الأقداس العليا أي السماء ويكفر عنا.

 

ع7: بخصوص قدس الأقداس وهو المسكن الثاني، فإن رئيس الكهنة فقط هو الذي كان يدخله مرة واحدة في السنة في عيد الكفارة (لا16: 2، خر30: 10)، وعندما يدخل هرون رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس فإنه يحتاج إلى تقديم ذبيحة عن نفسه وعن الشعب، لأنه غير كامل كرئيس كهنة من البشر الخطاة، فهو يحتاج إلى التكفير عن ذنوبه وجهالاته مع جهالات الشعب. وهذه الذبيحة كانت ترمز للمسيح.

 

ع8: بوجود القدس أي المسكن الأول والحجاب يعلن الله أن الطريق إلى قدس الأقداس لازال غير مفتوح وأن الصلح بين الله والناس وحدوث الكفارة الحقيقية لم تحدث بعد، هذا لأن هناك حائلا بين الله والبشر الذي يرمز إليه القدس والحجاب الثاني، هذا الحجاب لا يفوتنا أن نذكر أنه قد انشق في وقت الصليب عند موت السيد المسيح، ليعلن الله بهذا أن الطريق إلى السماء صار مفتوحًا بكمال الكفارة التي تمت على عود الصليب بدم ربنا يسوع المسيح، وهذا ما سيؤكده القديس بولس في الأعداد القادمة من هذا الأصحاح.

 

ع9: الذي: خيمة الإجتماع أو هيكل سليمان.

الوقت الحاضر: العهد الجديد أي بعد إتمام الفداء.

لا يمكن من جهة الضمير أن تكمل الذي يخدم: لا تطهِّر وتغفر خطايا الكاهن والشعب. القرابين والذبائح التي تقدم في خيمة الإجتماع أو هيكل سليمان لا تستطيع أن تطهر من يقدمها.

 

ع10: وقت الإصلاح: الفداء على الصليب.

الذبائح والتقدمات اليهودية كانت عبارة عن أطعمة ومشروبات واغتسالات عديدة وفرائض خارجية تمارس فقط كرموز إلى الوقت الذي ستجئ فيه الذبيحة الحقيقية، أي السيد المسيح، الذي له القدرة على تجديد طبيعة الإنسان وإصلاحها.

† ما دام الطريق مفتوحًا أمامك للوصول إلى الله بالمسيح الفادي، فأسرع إلى الصلاة بدالة البنوة وتمتع بالوجود بين يديه في كل حين، وعلى قدر ما تستطيع إتحد به بتناولك لجسده ودمه فتفرح فرحًا لا يُعَبَّر عنه.

(2) دم المسيح ودم الذبائح (ع11-22):

11 وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، فَبِالْمَسْكَنِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ، غَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْخَلِيقَةِ. 12 وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا. 13 لأَنَّهُ إِنْ كَانَ دَمُ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ وَرَمَادُ عِجْلَةٍ مَرْشُوشٌ عَلَى الْمُنَجَّسِينَ يُقَدِّسُ إِلَى طَهَارَةِ الْجَسَدِ، 14 فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ مِنْ أَعْمَالٍ مَيِّتَةٍ لِتَخْدِمُوا اللهَ الْحَيَّ! 15 وَلأَجْلِ هَذَا هُوَ وَسِيطُ عَهْدٍ جَدِيدٍ، لِكَيْ يَكُونَ الْمَدْعُّوُونَ – إِذْ صَارَ مَوْتٌ لِفِدَاءِ التَّعَدِّيَاتِ الَّتِي فِي الْعَهْدِ الأَوَّلِ – يَنَالُونَ وَعْدَ الْمِيرَاثِ الأَبَدِيِّ. 16 لأَنَّهُ حَيْثُ تُوجَدُ وَصِيَّةٌ يَلْزَمُ بَيَانُ مَوْتِ الْمُوصِي. 17 لأَنَّ الْوَصِيَّةَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمَوْتَى، إِذْ لاَ قُوَّةَ لَهَا الْبَتَّةَ مَا دَامَ الْمُوصِي حَيًّا. 18 فَمِنْ ثَمَّ الأَوَّلُ أَيْضًا لَمْ يُكَرَّسْ بِلاَ دَمٍ، 19 لأَنَّ مُوسَى بَعْدَمَا كَلَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِكُلِّ وَصِيَّةٍ بِحَسَبِ النَّامُوسِ، أَخَذَ دَمَ الْعُجُولِ وَالتُّيُوسِ، مَعَ مَاءٍ وَصُوفًا قِرْمِزِيًّا وَزُوفَا، وَرَشَّ الْكِتَابَ نَفْسَهُ وَجَمِيعَ الشَّعْبِ، 20 قَائِلًا: «هَذَا هُوَ دَمُ الْعَهْدِ الَّذِي أَوْصَاكُمُ اللهُ بِهِ». 21 وَالْمَسْكَنَ أَيْضًا وَجَمِيعَ آنِيَةِ الْخِدْمَةِ رَشَّهَا كَذَلِكَ بِالدَّمِ. 22 وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!

 

ع11: للخيرات العتيدة: الأمجاد الأبدية.

المسكن الأعظم والأكمل: ملكوت السموات.

رئيس الكهنة اليهودي كان يدخل إلى قدس الأقداس الذي فيه تابوت العهد، أما المسيح رئيس الكهنة الحقيقي الذي يهبنا أمجاد الأبدية ويرمز إليه رؤساء كهنة اليهود فيدخلنا إلى ملكوت السموات الذي صنعه الله وليس أيدي البشر.

 

ع12: الأقداس: ملكوت السموات.

لم يحتاج المسيح إلى ذبائح دموية، بل بموته على الصليب قدَّم نفسه ذبيحة مرة واحدة وأتم الفداء ودخل به إلى ملكوت السموات ليعلن إمكانية دخول من يؤمنون به إلى هذا المكان.

 

ع13: تيوس: ذكور الماعز.

رماد عجلة مرشوش على المنجسين: من طقوس اليهود ذبح بقرة حمراء وحرقها أمام الله ثم وضع ماء على رمادها يرش به من يتنجس ليتطهر (عد 19).

يعلن بولس أن دم الذبائح الحيوانية من ثيران وتيوس وبقايا الحريق للبقرة الحمراء يطهر أجساد المنجسين بلمس ميت أو أي شيء نجس.

 

ع14: بروح أزلي: الروح القدس.

أعمال ميتة: الخطايا التي تؤدى إلى الموت الأبدي.

إن كانت الذبائح الدموية تطهر الجسد، فبالأولى دم المسيح الذي بلا خطية وقدمه عنا أمام الآب يطهر ليس فقط أجسادنا بل أرواحنا من جميع الخطايا ونتائجها التي هي الموت الأبدي، ويعطينا حياة جديدة فيه بل ونخدمه إلى الأبد.

† إن كان المسيح قد طهَّرنا بفدائه وأنقدنا من سلطان الخطية والموت لنحيا له، فينبغي أن ننشغل بمحبته واقتناء الفضائل والسعى لخدمة كل من حولنا، فهذا هو هدفنا الوحيد من الوجود.

 

ع15: المدعوون: الذين يؤمنون بالمسيح.

التعديات التي في العهد الأول: الخطايا التي عجز العهد القديم عن غفرانها بالذبائح الدموية.

لأجل عجز الذبائح الحيوانية عن غفران خطايا البشر، تقدم المسيح بدمه ليكون هو وسيط العهد الجديد بموته على الصليب، فيعطى خلاصًا لكل من يؤمن به لينال الحياة الأبدية.

 

ع16، 17: تأخذ الوصية قوتها في حالة موت الذي أوصى بها بحسب القوانين المدنية، لكن إن لم يمت فالوصية لا تُنَفَّذ.

والموصى هو الله والوصية هي وعده بالخلاص الذي أعطاه في العهد القديم للآباء، وهذه الوعود لا تتم إلا بموت المسيح أي الله المتجسد، فننال الخلاص والحياة الأبدية.

 

ع18: الأول: موسى النبي.

لضرورة موت المسيح حتى يفدينا، يعلن أن تكريس وتقديس كل شيء في العهد القديم كان بموت الذبائح وسفك دمها، فموسى النبي تقدس بسفك دم ذبائح حيوانية وهي ترمز للمسيح الذي بدمه يقدسنا.

 

ع19: قرمزيًا: اللون الأحمر الداكن.

زوفا: فروع نباتية بها أوراق تمسك كحزمة وتغمس في الدم ويرش بها على الأشياء.

الكتاب: الذي يحوى ناموس الرب.

بعدما أوصى موسى الشعب بكل تعاليم الناموس ذبح ذبائح ورش من دمها بالصوف والزوفا على كتاب الناموس وعلى الشعب (خر24: 8).

 

ع20: أعلن موسى عند رش الدم أنه به يثبت العهد بينهم وبين الله، فالعهد لا يتم بدون الدم.

 

ع21: أكمل موسى تقديس خيمة الإجتماع وكل أوانى وأدوات الخدمة بها برش الدم عليها.

 

ع22: نلاحظ في طقوس العهد القديم أن معظم التطهير يتم برش الدم وبهذا تغفر خطايا الشعب، فالدم ضرورى لغفران الخطية.

(3) صعود المسيح ومجيئه الثاني (ع23-28):

23 فَكَانَ يَلْزَمُ أَنَّ أَمْثِلَةَ الأَشْيَاءِ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تُطَهَّرُ بِهَذِهِ، وَأَمَّا السَّمَاوِيَّاتُ عَيْنُهَا فَبِذَبَائِحَ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ. 24 لأَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ الْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى السَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ الآنَ أَمَامَ وَجْهِ اللهِ لأَجْلِنَا. 25 وَلاَ لِيُقَدِّمَ نَفْسَهُ مِرَارًا كَثِيرَةً، كَمَا يَدْخُلُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ إِلَى الأَقْدَاسِ كُلَّ سَنَةٍ بِدَمِ آخَرَ. 26 فَإِذْ ذَاكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ مِرَارًا كَثِيرَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلَكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ انْقِضَاءِ الدُّهُورِ لِيُبْطِلَ الْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ. 27 وَكَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّيْنُونَةُ، 28 هَكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ.

 

ع23: أمثلة الأشياء التي في السماوات: خيمة الإجتماع ومحتوياتها.

بهذه: الذبائح الحيوانية.

السماويات عينها: نفوس المؤمنين التي يسكنها الله فتصير سماءً على الأرض وتسكن في السماء إلى الأبد.

بذبائح أفضل: ذبيحة المسيح التي تجتمع فيها كل رموز الذبائح الموسوية.

إن كانت خيمة الاجتماع وكل ما فيها يتطهر برش دم الحيوانات عليها، فهذا يرمز للكنيسة والمؤمنين الذين يصيرون سماءً يسكنها الله فيتطهروا بذبيحة أفضل من الذبائح الحيوانية وهي دم المسيح.

 

ع24: لم يدخل المسيح إلى القدس وقدس الأقداس الذي في خيمة الإجتماع أو هيكل سليمان، بل بصعوده دخل إلى السماء وقدّم دمه فداءً لنا أمام الله ويظل يشفع فينا بدمه إلى الأبد.

 

ع25: كان رئيس الكهنة يوم عيد الكفارة يدخل بدم يرشه في قدس الأقداس على تابوت العهد، ويحدث هذا مرة كل سنة (لا16: 29، 30)، أما المسيح فذبيحته غير محدودة تكفر عن كل الخطايا، لذا قدَّم نفسه مرة واحدة على الصليب ودخل بهذا الفداء إلى السماء ليوفى العدل الإلهي ويعد لنا مكانًا.

 

ع26: لو كانت ذبيحة السيد المسيح غير كافية للخلاص مثل ذبيحة الكفارة، لكان يجب أن يشابهها في تكرارها أي في ضعفها، فيتألم ويصلب ويموت مرات كثيرة منذ خلقة العالم ومع تكرار خطايا البشر، ولكن في الأيام الاخيرة التي نحياها، ظهر مرة واحدة ليموت ويرفع عنا سلطان الخطية والموت، إذ أن ذبيحته غير محدودة فتطهر كل خطايا البشر الذين يؤمنون به.

 

ع27، 28: كما عيَّن الله لكل إنسان أن يموت مرة واحدة نتيجة خطاياه ثم يدان في اليوم الأخير، هكذا أيضًا مات المسيح كنائب عن البشرية مرة واحدة ليفدينا ويخلِّصنا من خطايانا وسلطان الموت ثم يظهر في يوم الدينونة ليشفع فينا بدمه ويخلِّصنا من الموت الأبدي ويدخلنا معه إلى ملكوت السموات.

† صعد المسيح ليعدّ لنا مكانًا، فليتنا نفكر في جمال الأبدية حتى نعطى وقتًا كافيًا لله ونتذوق عشرته في الصلوات والتأملات وحينئذ نتباعد عن الخطية التي لا تليق بالسمائيين.

تفسير عبرانيين 8 عبرانيين 9  تفسير رسالة العبرانيين تفسير العهد الجديد تفسير عبرانيين 10
كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
تفاسير عبرانيين 9  تفاسير رسالة العبرانيين تفاسير العهد الجديد

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى