تفسير رسالة العبرانيين اصحاح 12 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
الأَصْحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ
الجهاد وخدمة الآخرين لنوال المجد
(1) الجهاد الروحي (ع1-4):
1 لِذَلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هَذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، 2 نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. 3 فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هَذِهِ لِئَلاَّ تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ. 4 لَمْ تُقَاوِمُوا بَعْدُ حَتَّى الدَّمِ مُجَاهِدِينَ ضِدَّ الْخَطِيَّةِ،
ع1: سحابة: يقصد أبطال الإيمان في العهد القديم الذين صاروا في السماء فيعبر عنهم بسحابة، وأيضًا لكثرتهم مثل نقط الماء المتجمعة معًا داخل السحابة.
الشهود: حياة هؤلاء القديسين تشهد للإيمان العملى.
محيطة بنا: سير حياتهم تحاصرنا وتدعونا للإقتداء بهم ويشفعون فينا لنستطيع مواصلة جهادنا.
نحاضر: نجرى مثل المتسابقين في سباق الجرى أي نسرع.
لذا أيها الإخوة العبرانيون فنحن لنا إمتياز وقوة كبيرة من قديسى العهد القديم كسحابة عظيمة تحيط بنا، نحن الذين على الأرض، من خيرات وصلوات هؤلاء الذين سبقونا ويشهدون بحياة الإيمان المنتصرة، فنحن ما دام لنا هذه السحابة العظيمة التي نأخذ منها قوة، فهيا نطرح عنا جانبًا كل ثقل الخوف من الاضطهادات والقلق لأننا رأينا في السحابة من كان له ثقل الاضطهاد ولكنه طرحه بالإيمان مثل داود. وهذه السحابة أيضًا تعطينا القوة أن نطرح عنا جانبًا الخطية بإغراءاتها الكثيرة وطرقها التي قد تكتنفنا لتسهل لنا البعد عن الله، وهلم بنا نسرع إلى المثابرة في الجهاد الروحي.
ع2: رئيس الإيمان ومكمله: إلهنا الذي يكمل خلاصنا وأساس إيماننا.
يسوع: يذكر اسمه في الجسد ليعلن أنه ابن الإنسان الذي جاهد مثلنا وصبر على كل الآلام.
يمين عرش الله: المجد الإلهي في السموات، فاليمين تعني القوة والمجد والعرش معناها الكرامة والمجد الكامل.
ما يشجعنا على الجهاد الروحي الإقتداء بالمسيح الذي وضع أمامه هدف وهو خلاصنا، فاحتمل الصليب علامة الخزي والعار، وبعد أن أَتَمَّ خلاصنا قام من الأموات وصعد إلى السموات، أي صار في المجد الذي هو إكليل لكل من يكمل جهاده في هذا العالم.
ع3: يدعونا الرسول للتأمل في احتمال المسيح لمقاومة الأشرار الذين حاولوا كثيرًا اصطياد كلمة عليه وكذلك حاولوا قتله عدة مرات حتى صلبوه في النهاية، وهو يحتملهم ليعلِّمنا كيف نحتمل الآخرين، وقد احتمل عذابات الصليب حتى يكمل خلاصنا. وإذ نفكر دائمًا في جهاد المسيح لأجلنا، لا نتعب من احتمال آلامنا أو نضعف عن مواصلة الجهاد بل نثابر بثقة حتى ننال الأكاليل السماوية.
† إهتم بقراءة الأناجيل وسير القديسين لتتشجع بحياة المسيح وحياة أولاده على مواصلة جهادك الروحي، وسيرسل لك الله تعزيات تسندك فلا تنزعج مهما كثرت خطاياك أو ضيقاتك.
ع4: يشجعهم على مواصلة الجهاد الروحي بمقاومة الخطية حتى الموت، فلا يستسلمون لها مهما طال الزمن، واثقين من قوة الله التي فيهم والقادرة أن تهزم حروب إبليس.
(2) التأديب (ع5-11):
5 وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. 6 لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ». 7 إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ 8 وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ. 9 ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟ 10 لأَنَّ أُولَئِكَ أَدَّبُونَا أَيَّامًا قَلِيلَةً حَسَبَ اسْتِحْسَانِهِمْ، وَأَمَّا هَذَا فَلأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ، لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. 11 وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ.
ع5، 6: لقد اشفقتم على ذواتكم من التأديبات التي تتعرضون لها، غير متذكرين ما تعلمتموه من الله في الكتاب المقدس الذي يعظكم كبنين كما في سفر الأمثال (أم3: 11)، يا ابنى لا تحتقر التأديبات الآتية لك من الرب ولا تضعف أو تيأس إن وجه إليك توبيخًا فهو لأجل محبته لك لأنك ابنه ويريدك في أحسن حال روحي ويسمح لك ببعض الآلام كشركة في صليب ابنه الحبيب المصلوب عنك والذي احتمل جلدات كثيرة لأجلك. إذًا فالضيقات بسماح من الله لإصلاح أخطائنا ونمو حياتنا.
ع7: إن تقبلتم أيها الأحباء التأديب من الله بصبر، فهو يعتنى بكم كبنين له، لأن الأب الذي يهتم بأولاده لا يهمل ضعفهم وأخطاءهم بل يصلحها بالتاديب.
ع8: نغول: أبناء غير شرعيين.
إن رفضتم التأديب الإلهي الذي حلَّ على كل أولاد الله في العهد القديم واشتركوا فيه لإصلاح حياتهم ولتقريبهم لله، فإصراركم على رفض التأديب يعلن عدم بنوتكم لله. واستخدامه لتعبير أبناء غير شرعيين يهمّ اليهود الذين يدققون في أنسابهم ليصلوا إلى الله، أي يؤكد أن التأديب دليل البنوة. ويلاحظ أن جملة ” قد صار الجميع شركاء في” جملة اعتراضية تفيد أن كل أولاد الله يقبلون التأديب ولكن معنى الآية يصير سهلا إن قلنا أن الذين بلا تأديب هم ليسوا أبناء لله.
ع9: الأكثر من هذا إثباتًا لضرورة خضوعنا لتأديب الله أننا نحترم آباءنا الجسديين الذين وبخونا وعاقبونا لإصلاح أخطائنا، فبالأولى نخضع لله أبى أرواحنا بالإضافة إلى أجسادنا، الذي يسمح بالتجارب لإصلاح أرواحنا حتى نستطيع أن نحيا معه ونجد مكاننا في الحياة الأبدية.
ع10: آباؤنا الجسديون قد أدَّبونا فترة محدودة حتى صرنا كبارًا، وكان هذا التأديب بحسب رأيهم وهذا معرض لبعض الخطأ، أما الله فيؤدبنا بالضيقات حتى ننتفع روحيًا، وهو قدوس لا يخطئ، فبتأديبه نتقدس مثله فنحيا معه على الأرض وفي السماء مع كل القديسين.
ع11: تسبب الضيقات بآلامها أحزانًا للإنسان ولكنها مؤقتة وبعد ذلك تُكَوِّن فيه فضائل وثمار روحية تستمر معه إلى الأبد ليتمتع بها في الملكوت. وهكذا فالتأديب يبدو صعبًا في بدايته ولكنه ينشئ بعد هذا سلامًا وفرحًا، أما عدم قبول التأديب فيعطى لذة وراحة مؤقتة يعقبها حزنًا وهلاكًا أبديًا.
† ثق أن كل ضيقة تمر بها هي لنفعك، فلا تتذمر عليها ولكن أطلب معونة الله لتحتملها وإلتصق به أكثر فتنمو في حياتك الروحية وتكون أكثر سعادة في النهاية ممن حولك لأنك قوى وشخصيتك أنضج من كثيرين بسبب ما احتملته من ضيقات.
(3) مساعدة الضعفاء والاحتراس من الخطية (ع12-17):
12 لِذَلِكَ قَّوِمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ، 13 وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى. 14 اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ، وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ. 15 مُلاَحِظِينَ لِئَلاَّ يَخِيبَ أَحَدٌ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ. لِئَلاَّ يَطْلُعَ أَصْلُ مَرَارَةٍ وَيَصْنَعَ انْزِعَاجًا، فَيَتَنَجَّسَ بِهِ كَثِيرُونَ. 16 لِئَلاَّ يَكُونَ أَحَدٌ زَانِيًا أَوْ مُسْتَبِيحًا كَعِيسُو، الَّذِي لأَجْلِ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ بَاعَ بَكُورِيَّتَهُ. 17 فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ، لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرِثَ الْبَرَكَةَ رُفِضَ، إِذْ لَمْ يَجِدْ لِلتَّوْبَةِ مَكَانًا، مَعَ أَنَّهُ طَلَبَهَا بِدُمُوعٍ.
ع12: الأيادى المسترخية: المتكاسلة.
الركب المخلعة: اليائسين وفاقدى القدرة على مواصلة الجهاد.
بسبب الضيقات والاضطهادات التي يسمح بها الله لتأديب أولاده يسقط البعض في الكسل أو اليأس، لذا يذكِّرهم بولس الرسول بكلام إشعياء النبي في (إش35: 3) أن يشجعوا المتكاسلين واليائسين حتى يتشددوا ويواصلوا جهادهم، وطبعًا قبل مساندة الآخرين يشجع الإنسان نفسه ليقوم من كسله أو يأسه.
ع13: اصنعوا لأرجلكم مسالك مستقيمة: إسلكوا باستقامة.
يعتسف: يضلّ.
الأعرج: المؤمن الضعيف.
يشفى: يعالج ضعفه الروحي.
بفهمكم السليم لكلام الله إسلكوا باستقامة حتى يقتدى بكم الضعفاء في الإيمان ولا يبتعدوا عن طريق الله، بل على العكس يتخلَّصوا من ضعفهم ويصيروا أقوياء في الإيمان.
† بدلًا من أن تدين الخطاة، إهتم بمساعدتهم على إصلاح أخطائهم بصلواتك وقدوتك الحسنة والتعبير عن محبتك لهم وتنبيههم للرجوع عن أخطائهم إن كان لك دالة عندهم.
ع14: إحتفظوا بسلامكم في معاملاتكم مع الآخرين حتى لو اقتدى ذلك بعض التنازلات والتدقيق في الكلام، مع الحرص على القداسة والنقاوة فتكونوا بلا أغراض شخصية أو إستغلال للآخرين، خاصة وأن هذه القداسة أو النقاوة شرط لمعاينة الله والإلتصاق به.
ع15: يخيب أحد من نعمة الله: يفقد عمل الله فيه بسبب رفضه لنعمة الله.
يطلع أصل مرارة: يظهر وينمو نبات طعمه مر، ويقصد انحراف إنسان عن الإيمان أو إصراره على الخطية.
انزعاجا: يضايق المؤمنين.
يتنجس به: يعثر ويسقط في الخطية.
يدعوهم لرعاية المؤمنين حتى يثبتوا في الكنيسة ويتمتعوا بنعمة الله فيها ولا ينحرف أحدهم فيضايق ويعثر الآخرين.
ع16: يحذِّرهم من التمادي في الخطية والإستهانة بها مثل التمادي في النجاسة حتى الزنا، أو كما فعل عيسو عندما استهان ببكوريته وباعها مقابل أكلة عدس.
ع17: عندما دخل عيسو إلى أبيه إسحق طالبًا بركة البكورية عن غير وجه حق، لأنه كان قد باعها إلى أخيه يعقوب، رُفِضَ من الله وسمح بأن يأخذ أخوه البركة، إذ لم يجد للندم فاعلية ومكانًا لتغيير موقفه مع أنه طلب البركة بدموع متضرعًا أن يأخذها ولكنه لم يتمكن لأنه لم يبكِ لأجل التوبة بل لأجل البركة المفقودة.
(4) مقارنة بين مجد العهدين (ع18-29):
18 لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إِلَى جَبَلٍ مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ، وَإِلَى ضَبَابٍ وَظَلاَمٍ وَزَوْبَعَةٍ، 19 وَهُتَافِ بُوقٍ وَصَوْتِ كَلِمَاتٍ، اسْتَعْفَى الَّذِينَ سَمِعُوهُ مِنْ أَنْ تُزَادَ لَهُمْ كَلِمَةٌ، 20 لأَنَّهُمْ لَمْ يَحْتَمِلُوا مَا أُمِرَ بِهِ، وَإِنْ مَسَّتِ الْجَبَلَ بَهِيمَةٌ تُرْجَمُ أَوْ تُرْمَى بِسَهْمٍ. 21 وَكَانَ الْمَنْظَرُ هَكَذَا مُخِيفًا حَتَّى قَالَ مُوسَى: «أَنَا مُرْتَعِبٌ وَمُرْتَعِدٌ!». 22 بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إِلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإِلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ: أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإِلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، 23 وَكَنِيسَةِ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإِلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، 24 وَإِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ: يَسُوعَ، وَإِلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ. 25 اُنْظُرُوا أَنْ لاَ تَسْتَعْفُوا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أُولَئِكَ لَمْ يَنْجُوا إِذِ اسْتَعْفَوْا مِنَ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الأَرْضِ، فَبِالأَوْلَى جِدًّا لاَ نَنْجُو نَحْنُ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، 26 الَّذِي صَوْتُهُ زَعْزَعَ الأَرْضَ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَعَدَ قَائِلًا: «إِنِّي مَرَّةً أَيْضًا أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضًا». 27 فَقَوْلُهُ «مَرَّةً أَيْضًا» يَدُلُّ عَلَى تَغْيِيرِ الأَشْيَاءِ الْمُتَزَعْزِعَةِ كَمَصْنُوعَةٍ، لِكَيْ تَبْقَى الَّتِي لاَ تَتَزَعْزَعُ. 28 لِذَلِكَ وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتًا لاَ يَتَزَعْزَعُ لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ بِهِ نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً، بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى. 29 لأَنَّ إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ.
يعقد بولس الرسول مقارنة بين علاقة الإنسان بالله في العهد الجديد وعلاقته به في العهد القديم، لأن المسيحيين من أصل عبرانى كانوا منشغلين بأمجاد اليهودية عن مجد المسيح والغرض من هذه المقارنة:
- التعزية في الآلام التي يحتملونها من أجل المسيح لأنه يعقبها أمجاد سماوية.
- حصول المسيحيين من أصل عبرانى على أمجاد في المسيحية أعظم من الأمجاد التي يفتخر بها اليهود.
ع18: يوضح بولس الرسول لقاء الله مع شعبه في العهد القديم ليعطيهم الوصايا والناموس، فظهر بنار عظيمة على الجبل المادي الملموس وكان الضباب شديدًا حتى أصبح المكان مظلمًا وأحاط بالجبل هواء عنيف كزوابع ليعلن عظمة الله ويثبت خوفه في قلوب شعبه.
ع19: سمع الشعب صوت أبواق فخافوا وطلبوا من موسى أن يتكلم مع الله ثم يخبرهم، لأنهم لا يحتملون رؤية أو سماع الله المخوف (خر20: 19).
ع20: قال الله لموسى أنه إن لمس الجبل أي حيوان فلابد أن يموت ولا يلمسوه هم بعد لمسه للجبل بل يُرجَم ويرُمَى من بعيد بسهم (خر19: 13).
ع21: ذكر التقليد اليهودي أن المنظر كان مخيفًا جدًا لدرجة أن موسى نفسه النبي العظيم “كليم الله” قال “أنا مرتعب جدًا ومرتجف”.
ع22: يظهر مجد العهد الجديد في عظمة ملكوت السموات المملوء بالملائكة، وهذا الملكوت طبعًا أفضل من جبل صهيون الذي بجوار أورشليم أو مدينة أورشليم الأرضية التي يقدسها اليهود ولكنها مجرد رمز لملكوت السموات.
ع23: كنيسة: جماعة المؤمنين.
أبكار: كان للبكر في العهد القديم بركات خاصة، والمقصود بالأبكار القديسين الذين أكملوا جهادهم وينالون بركات روحية لا يعبر عنها.
مكتوبين: أسماؤهم مكتوبة أي ثابتين.
أبرار مكملين: قديسون أكملوا حياتهم بنعمة الله فوصلوا إلى السماء.
يصف الملكوت بأنه جماعة مؤمنين تفيض عليهم نعمة الله، ثابتين في المجد حول الله الديان العادل الذي يفرح بأرواح أولاده المحيطين به ويكمل كل نقائصهم بنعمته.
ع24: وسيط: توسط المسيح بين الإنسان والله وصنع صلحًا بفدائه لنا وإيفاء الدين عنا.
دم رش: كان دم الذبائح الدموية يرش على المذبح في العهد القديم ودم المسيح يرش علينا أي يكفر عنا وننال غفرانه من خلال أسرار الاعتراف والتناول.
يتكلم أفضل من هابيل: بعد قتل قايين لهابيل كان دمه يعلن خطية قايين، أما دم المسيح فيتكلم أفضل من هابيل فيعلن خلاص وغفران المؤمنين به.
يواصل المقارنة بين العهد القديم والجديد، فيظهر عظمة المسيح الفادي كوسيط يصالح الإنسان مع الله ودمه يعطى خلاصًا لأولاده.
ع25: تستعفوا من المتكلم: ترفضوا كلام المسيح.
أولئك: بنى إسرائيل أيام موسى.
لم ينجوا: غضب الله عليهم فماتوا في برية سيناء ولم يدخلوا أرض الميعاد.
المتكلم على الأرض: موسى.
الذي من السماء: المسيح.
يحذرهم من الإرتداد عن الإيمان المسيحي بالرجوع إلى عوائد اليهود، لأنه إن كان الله قد غضب من بنى إسرائيل قديمًا أيام موسى عندما رفضوا كلامه في الدخول إلى أرض الميعاد وعبدوا العجل الذهبي وسقطوا في تذمرات كثيرة فهلكوا، فبالأكثر يكون عقاب من يرتد عن الإيمان بالمسيح الآتي من السموات لخلاصنا.
† تذكر أن كلمات الكتاب المقدس هي كلمات من السماء يرسلها لك المسيح كل يوم لتقود حياتك فاهتم بتطبيقها ولتكن هدفا لك طوال اليوم.
ع26، 27: بصوت الله أيام موسى إهتزت الأرض عندما ظهر على الجبل أمام كل الشعب، وسيأتي مرة أخرى في مجيء المسيح الثاني فتهتز وتتغير السماء والأرض المادية لتبقى إلى الأبد السماء والأرض الجديدة أي ملكوت السموات.
ع28: فيما نحن نستعد للملكوت الأبدي، نشكر الله على نعمته التي بواسطتها نستطيع أن نخدمه، وتتصف هذه الخدمة بما يلى:
ع29: يعلن ق. بولس عظمة الله وقوته فيشبهه بنار تأكل كل الشرور وتهلك المقاومين، واقتبس هذا التعبير من (تث4: 24)، فهو يبيد الشر الذي فينا عندما نتوب أما من يصرّ على الشر فتنتظره النار الأبدية.
† مخافة الله تنشئ داخلنا رفض للخطية وابتعاد عن مصادرها وإن سقطنا فيها نرجع سريعًا بالتوبة لنتطهر منها فنحيا في نقاوة دائمًا ونعاين الله ونفرح به.
تفسير عبرانيين 11 | عبرانيين 12 | تفسير رسالة العبرانيين | تفسير العهد الجديد | تفسير عبرانيين 13 |
كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة | ||||
تفاسير عبرانيين 12 | تفاسير رسالة العبرانيين | تفاسير العهد الجديد |