تفسير إنجيل مرقس أصحاح 3 – كنيسة مارمرقس مصر الجديدة
الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ
شفاء يابس اليد | اختيار الرسل | مقاومة البعض
(1) شفاء ذي اليد اليابسة (ع 1-6):
1 ثُمَّ دَخَلَ أَيْضًا إِلَى الْمَجْمَعِ، وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ. 2 فَصَارُوا يُرَاقِبُونَهُ: هَلْ يَشْفِيهِ فِي السَّبْتِ؟ لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ. 3 فَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ الْيَدُ الْيَابِسَةُ: «قُمْ فِي الْوَسْطِ!» 4 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟». فَسَكَتُوا. 5 فَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ بِغَضَبٍ، حَزِينًا عَلَى غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى. 6 فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ.
ع1-2: لا زالت الكرازة في الجليل، وهذا المجمع في أحد مدنها. وعند دخول السيد كعادته للتعليم، كان هناك رجلا مشلول اليد، ويضيف القديس لوقا أنها كانت يده اليمنى. وراقبه الجميع، وخاصة أعداؤه، هل يكسر شريعة حفظ السبت ويشفى هذا الإنسان، فيقدموا فيه شكوى بعمل المعجزة!
ع3-4: طلب المسيح من الرجل أن يقف في الوسط، وذلك إما لتحريك مشاعرهم بالرحمة والإشفاق نحو المريض، أو ليكون المريض في مكان متميز يرى فيه الجميع عمل الله بوضوح.
“هل يحل في السبت”: علم المسيح بتربّص أعدائه له، ولهذا، وقبل أن يشفى الرجل، سألهم سؤالا ليحرجهم ويوبخهم على قساوة قلوبهم، وهو هل يجوز عمل الخير أم عمل الشر في السبت، فسكت الجميع، إذ لم يعرفوا بماذا يجيبون.
ع5: قساوة القلب في عدم إجابتهم المسيح، أوضحت شرهم الذي أغضب السيد الرب غضبا مقدسا، فأمر الرجل بمد يده، فمدها في الحال وتحررت من شللها.
يلاحظ: أن غضب المسيح كان على خطية قساوة القلب، وخاليا من الشر، وكان ممزوجا بالحزن عل الخطاة، فالمسيح لم يرد بغضبه أذى من غضب عليهم.
بدلًا من أن تغضب، حاول أن تجد حلولا، ولا تزيد المشكلة تعقيدا وتهدم الناس.
ع6: “الهيرودسيين”: مجموعة سياسية من اليهود تنتمى إلى هيرودس الكبير، وكانت تواكب إمبراطور روما طمعا في الحكم، وكان بينهم وبين الفرّيسيّين عداوة كبيرة، ولكنهما اجتمعا على عداوة المسيح والتخلّص منه، مع اختلاف الدافع لكل منهما، وما تشاوروا عليه يوضح الشر الذي في قلوبهم.
† اليد اليمنى ترمز دائما لقوة الإنسان، ولكن الخطية تجعل القوة ضعفًا، وتجعلنا جميعًا في حالة من حالات الشلل والتيبس… فأْمُرنى يا الله أن أمُد يدى وأتحرر من قيود ضعفى، فيتحول الخزي إلى افتخار والضعف إلى قوة ونصرة في اسمك القدّوس.
(2) تبعية الجموع وشفاء كثيرين (ع 7-12):
7 فَانْصَرَفَ يَسُوعُ مَعَ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْبَحْرِ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَمِنَ الْيَهُودِيَّةِ 8 وَمِنْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ أَدُومِيَّةَ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. وَالَّذِينَ حَوْلَ صُورَ وَصَيْدَاءَ، جَمْعٌ كَثِيرٌ، إِذْ سَمِعُوا كَمْ صَنَعَ أَتَوْا إِلَيْهِ. 9 فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ أَنْ تُلاَزِمَهُ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ لِسَبَبِ الْجَمْعِ، كَيْ لاَ يَزْحَمُوهُ، 10 لأَنَّهُ كَانَ قَدْ شَفَى كَثِيرِينَ، حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهِ لِيَلْمِسَهُ كُلُّ مَنْ فِيهِ دَاءٌ. 11 وَالأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ حِينَمَا نَظَرَتْهُ خَرَّتْ لَهُ وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «إِنَّكَ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!». 12 وَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ.
ع7-8: في إشارة لازدياد شهرة المسيح بسبب تعليمه ومعجزاته، يوضح القديس مرقس أن الذين تبعوا المسيح أتوا من جميع النواحى.
“الجليل”: شمال البلاد حيث كان يكرز.
“اليهودية”: القسم الجنوبى من البلاد وعاصمته أورشليم.
“من أورشليم”: أي أن التابعين لم يكونوا من قرى اليهودية، بل المقصود أن صيت المسيح بلغ العاصمة الدينية.
“أدومية”: تقع في أقصى جنوب البلاد، واسمها نسبة إلى أدوم (عيسو).
“عَبْرِ الأردن”: أي شرق النهر.
“صور وصيداء”: خارج بلاد اليهودية، مما يعني أن الذين تبعوا المسيح ليسوا يهودا فقط، بل من الأمم أيضًا.
وتعددت دوافع من تبعوه، فمنهم من كان يتبعه بدافع الفضول، أو طلبا للشفاء، أو لسماع تعليمه، أو لمعرفة حقيقته، أو لشكايته.
ع9-10: مع ازدياد الزحام، ومع تلهف المرضى للمسه من أجل الشفاء من أمراضهم، طلب السيد من التلاميذ إيجاد سفينة صغيرة (قارب) لملازمته، حتى يتسنى له الدخول إليها وتعليم الجموع من فوقها كما كان يفعل كثيرًا.
ع11-12: كان المصروعين من الأرواح النجسة يخضعون له، والأرواح الشريرة تخرج صارخة من سلطانه الإلهي. أما المسيح، فقد طلب وأمر هذه الأرواح بعدم ذكر اسمه، لأنه لا يحب أن يشهد له الأشرار.
(3) اختيار الاثني عشر رسولًا (ع 13-19):
13 ثُمَّ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ وَدَعَا الَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ. 14 وَأَقَامَ اثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا، 15 وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى شِفَاءِ الأَمْرَاضِ وَإِخْرَاجِ الشَّيَاطِينِ. 16 وَجَعَلَ لِسِمْعَانَ اسْمَ بُطْرُسَ. 17 وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا اسْمَ بُوَانَرْجِسَ أَيِ ابْنَيِ الرَّعْدِ. 18 وَأَنْدَرَاوُسَ، وَفِيلُبُّسَ، وَبَرْثُولَمَاوُسَ، وَمَتَّى، وَتُومَا، وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى، وَتَدَّاوُسَ، وَسِمْعَانَ الْقَانَوِيَّ، 19 وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي أَسْلَمَهُ. ثُمَّ أَتَوْا إِلَى بَيْتٍ.
ع13-15: (راجع أيضًا شرح مت 10: 1-4؛ لو 6: 13).
يوضح القديس لوقا في (لو 6: 13) أن الليلة التي سبقت دعوة التلاميذ قضاها المسيح في الصلاة، ليعلمنا أن اختيار الخدام مسئولية كبيرة، لا ينبغي الإقدام عليها دون الصلاة وطلب إرشاد الله.
“ودعا الذين أرادهم”: توضح أن دعوة الخدام هي دعوة إلهية، وليست بحسب قصد بشرى. ويستخدم الله كنيسته ودعاتها في اختيار خدامه.
” وأقام اثنى عشر”: من عدد كبير من تلاميذه، اختار السيد اثنى عشر تلميذا بغرض أن “يكونوا معه”: يرافقوه دوما، ويتعلموا منه ويشاهدوا، ليشهدوا للعالم كله بكرازتهم.
“لهم سلطان”: ممنوح منه مباشرة في الشفاء وإخراج الشياطين، بل ومغفرة الخطايا أيضا، كما جاء في (يو 20: 23).
ع16-17: غيّر الرب يسوع أسماء بعض التلاميذ، كما فعل قديما في تغيير أسماء من اختارهم، مثل أبرام وساراى اللذين صارا “إبراهيم وسارة” (تك 17: 5، 15). والاسم له أهمية في حياة الإنسان، إذ يوضح رسالته في الخدمة… فصار لسِمعان اسم بطرس، أي الصخرة في الإيمان، وكذلك يعقوب بن زَبَْدِى ويوحنا أعطاهما الرب اسم بُوَانَرْجِسَ وهي كلمة سريانية تعني ابْنَىِ الرعد، إذ صارا أقوياء في الروح مثل السمائيين.
ع18-19: أما باقي التلاميذ ومعاني أسمائهم، فهي كالآتي:
“أَنْدَرَاوُسَ”: (رجلا حقا)، وكان صيادا مثل أخيه بطرس.
“فيلبس”: (المصباح)، ولد في بيت صيدا، وهو غير الشماس فيلبس في (أع 6: 5).
“بَرْثُولَمَاوُسَ”: (ابن المتعلق بالماء)، وهو نفسه نَثَنائيل، كعادة الكثير من اليهود يحملون اسمين.
“متى”: (عطية)، وكان قبل اختياره ينادى بـ”لاوي” أيضًا.
“توما”: (الأعماق) أو (توأم)، وعُرف بالعقلانية والشك.
“يعقوب بْنَ حَلْفَى”: (يعقب)، سُمِّىَ بْنَ حَلْفَى تمييزا له عن يعقوب بْنَ زَبَْدِى الكبير، وله اسم آخر “يعقوب الصغير”، وهو كاتب رسالة يغقوب.
“تَدَّاوُسَ”: (يحرس القلب)، وهو أخو يعقوب الصغير، ويعرف أيضًا باسمى: لَبَّاوُسَ ويهوذا غير الإسخريوطي.
“سِمعان القانوى”: (السميع)، ولقب “القانوى” معناه الغيّور.
“يهوذا الإسخريوطي”: “يهوذا” معناها: التسبيح والحمد, و” الإسخريوطي”، أي (رجل من قريوت)، وهي قرية من قرى اليهودية.
“الذي أسلمه”: عجبا أن يختار الله إنسانا، ولا يثبت هذا الإنسان في الكرامة التي أعطاها له الله، بل تكون نهايته الهلاك!
† فلنحترس يا أخي من الافتخار الباطل، ولا تقل إننى مختار الله وضامن للخلاص… نعم، دعانا الله بنعمته لبنوته في المعمودية، ولكن علينا الثبات ومقاومة الشهوات ومحبة العالم والمال التي أهلكت هذا التلميذ.
“ثم أَتَوْا إلى بيت”: لم يذكر الكتاب المقدس بيت من هو، وإن كان أقرب البيوت هو بيت بطرس.
(4) تجاديف اليهود والرد عليها (ع 20-30):
20 فَاجْتَمَعَ أَيْضًا جَمْعٌ حَتَّى لَمْ يَقْدِرُوا وَلاَ عَلَى أَكْلِ خُبْزٍ. 21 وَلَمَّا سَمِعَ أَقْرِبَاؤُهُ خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّهُ مُخْتَلٌ!». 22 وَأَمَّا الْكَتَبَةُ الَّذِينَ نَزَلُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ فَقَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ بَعْلَزَبُولَ! وَإِنَّهُ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». 23 فَدَعَاهُمْ وَقَالَ لَهُمْ بِأَمْثَال: «كَيْفَ يَقْدِرُ شَيْطَانٌ أَنْ يُخْرِجَ شَيْطَانًا؟ 24 وَإِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ. 25 وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ. 26 وَإِنْ قَامَ الشَّيْطَانُ عَلَى ذَاتِهِ وَانْقَسَمَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَثْبُتَ، بَلْ يَكُونُ لَهُ انْقِضَاءٌ. 27 لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ قَوِيٍّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلًا، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ. 28 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. 29 وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً». 30 لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ رُوحًا نَجِسًا».
ع20-21: في البيت، وبسبب ازدحام الناس حول المسيح، وانهماك التلاميذ في التنظيم، لم تكن هناك أية فرصة ليذوقوا الطعام. وجاء بعض أقارب الرب من الناصرة إلى كَفْرَنَاحُومَ بغرض الإمساك به، فما سمعوه عنه كان مشوشا، وظنوا إنه متطرف؛ فأقرب الناس له لم يدركوا حقيقته إلا بعد فترة من الوقت. وهذا يذكرنا بما قاله المسيح أن الشيطان قادر على أن يقيم من أهل بيت الإنسان أعداءً له (مت 10: 36).
ع22: أما الكتبة، ناسخى الأسفار ومعلّميها، النازلين من أورشليم مكان عبادة الله، فيرمزون لمن انحدرت أفكارهم من علو السماء إلى الحضيض، فأتوا باتهام جديد بأن المسيح يعمل بقوة رئيس الشياطين، لأنهم لم يستطيعوا إنكار معجزات السيد، وقوته وسلطانه على كل شيء.
“بعلزبول”: من ألقاب الشيطان، ومعناها: (إله الذباب)، وكان من أكبر آلهة العبادات الوثنية، لذلك سُمِّىَ رئيس الشياطين، وسمى أيضًا رئيس الأرواح النجسة التي تدخل بعض الناس.
ع23-26: في هذه الأعداد الأربعة الفكرة واحدة، فقد أراد الرب يسوع أن يبرهن على كذب هذا الاتهام بقوله أمثلة يفهمها البسطاء حتى لا يتبلبلوا بآراء الكهنة.
“وقال لهم”: استحالة إخراج شيطان لآخر، فالشياطين كلهم مملكة واحدة ونظام واحد، فكيف تنقسم على ذاتها، أو تقاوم بعضها بعضا؟ كذلك الحال مع أهل البيت الواحد، فالشيطان أذكى من أن ينقسم على ذاته لئلا تخرُب مملكته وتنتهي.
ع27: يستكمل المسيح حديثه ليوضح لهم عدم صحة دعواهم بأنه شريك للشيطان، فقد دخل بقوته اللانهائية إلى مملكة الشيطان القوى، فربطه خارجا ليحرر الناس من سلطانه؛ فكيف إذن يوصف بأنه يستخدم رئيس الشياطين في إخراج الشياطين؟!
ع28-29: ينتقل هنا السيد الرب في رده على الكتبة إلى توضيح مدى الشر الذي وصلوا إليه، وعقوبة هذا الشر (راجع شرح مت 12: 31-32)، فقال لهم إن أية خطية أو إساءة يغفرها الله للإنسان بالتوبة، أما تجديفهم على الروح القدس الذي يدفع الإنسان للتوبة، فليس له مغفرة إلى الأبد، لأنهم رفضوا روح الله نفسه وامتنعوا عن التوبة، وهكذا يكون مصيرهم الهلاك.
ع30: بالطبع، الروح المساند للمسيح هو الروح القدس، كما هو مكتوب: “أخرجه الروح إلى البرية” (مر 1: 12)، راجع أيضًا (مت4: 1؛ لو4: 1). ولذلك، عندما ادعى الكتبة إن معه روحا نجسا، فقد رفضوا الله وفعل التوبة، وجدفوا على الروح القدس، وهذا هو علة هلاكهم (ع29).
(5) القرابة الروحية (ع 31-35):
31 فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجًا وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. 32 وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ». 33 فَأَجَابَهُمْ قِائِلًا: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» 34 ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، 35 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».
ع31-32: جاءت القديسة العذراء مريم من الجليل ومعها أبناء خالة السيد المسيح بالجسد، وكما هو متعارف عليه في منطقة الشام، فإن أبناء الخالة يُدْعَوْنَ إخوة (كما في صعيد مصر، أولاد العم يُدْعَوْنَ إخوة)، ولازدحام البيت بالناس لم يستطيعوا الدخول، فأرسلوا شفاهية، من خلال الجمع المحيطين بالمسيح، طالبين رؤيته.
ع33-35: ينقلنا المسيح هنا من مفهوم القرابة الجسدية المحدودة إلى القرابة الروحية الغير محدودة، فهو لم يقصد بالطبع إهمال أقاربه الجسديين، وهو واضع الوصايا، ومنها الوصيتين اللتين تكررتا كثيرًا في عهدى الكتاب المقدس: “أكرم أباك وأمك” (من خر 20: 12 إلى أف 6: 2)، و”تحب قريبك كنفسك” (من لا 19: 18 إلى يع 2: 8)، وهو أيضًا من أوصى يوحنا الحبيب برعاية أمه العذراء وقت صلبه. ولكن المعنى المراد، هو أن الطاعة لله ووصاياه تصنع قرابة روحية تفوق قرابة الجسد بين أعضاء الكنيسة الواحدة، وتجعل منا أقارب الله الحقيقيين… ويضيف يوحنا ذهبي الفم إلى ذلك قائلًا: “يصير الإنسان أمًّا ليسوع بالكرازة له، إذ يكون كمن يلد الرب في قلوب سامعيه.”
† أية نعمة أعطيتنى يا إلهي حتى تشير بيدك وتقول عنى “ها إخوتى”… فأعطنى دائما أن أجلس تحت قدميك كمن جلسوا في ذلك اليوم، لأتعلم وأنمو في معرفتك، وأجاهد بكل قوتى لأتمم مشيئتك، وأحيا بوصيتك، لأصير أهلا لما وصفتنى به…
تفسير مرقس 2 | إنجيل مرقس – 3 | تفسير إنجيل مرقس | تفسير العهد الجديد | تفسير مرقس 4 |
كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة | ||||
تفاسير مرقس – 3 | تفاسير إنجيل مرقس | تفاسير العهد الجديد |