تفسير إنجيل لوقا أصحاح 15 – أ. بولين تودري
20- السماء تفرح بك أنت أيضًا (ص 15)
هناك شريعة طويلة قد أعطيت لليهود لتطهير من يُخطئ (لا 4-6)، كل بحسب خطيته. وقد قصد الرب من هذه الشريعة أن يعلمهم أن يكرهوا الخطية، ويشعروا ببشاعتها، ولكنهم أساءوا فهمها إذ نبذوا الخاطئ أيضًا. لذلك تعجب الفريسيون إذ رأوا يسوع الذي يظهر بينهم كمعلم وبار يسمح للعشارين والخطاة من اليهود والأمم أن يقتربوا منه، بل ويرضي أن يأكل معهم، وخرجوا بنتيجة أنه لا بد وأن يكون خاطئًا مثلهم، لأنه لو كان بارًا مثل الفريسيين لأبتعد عنهم، ولأن القديس لوقا يكتب إنجيله للأمم فقد أنفرد بذكر ثلاثة أمثال قالها السيد المسيح ليؤكد أنه جاء من أجل الخطاة، وأنه يحبهم، وأنه سيقبل الأمم كما يقبل اليهود، مثل الخروف الضال (4-7)، والدرهم المفقود (8-10)، والابن الضال (11-32)، بينما أكتفي القديس متى بذكر مثل الخروف الضال فقط (مت 18: 12-14) ، فها هو الرب الحنون من خلال هذه الأمثال الثلاثة يعلن:
أن عذاب الإنسان هو في الانفصال عن الله. لأنه خلق علي صورته ومثاله ولن يرتاح إلا فيه. ومهما حاول أن يشبع في بلد بعيد فلن يفلح، لأن شبعه الحقيقي هو في بيت الآب، وعلي منكبيه.
وإن هناك أماكن كثيرة في السماء لكل البشرية، لأن الرب “يريد أن الجميع يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون” (1 تي 2: 4)، ولكن يُحرم منها من يبتعد بإرادته، ويتوه في ملذات هذا العالم، وهذا يحزن السماء عليه جدًا. أما من يظل أمينًا للرب رغم الصعوبات، وحتى إن أخطأ لا يتأخر في أن يرجع إلى نفسه، ويتذكر خيرات أبيه من سلام وطمأنينة وفرح داخلي، فيسرع ويقدم توبته إليه، ويؤمن أنه سيقبله ويعيده إلى بنوته، فهذا تفرح السماء به ويحتفظ بمكانه هناك.