تفسير سفر الملوك الأول 12 للقمص تادرس يعقوب ملطي
المملكة المنقسمة
[ص 12- ص 22]
تمزيق المملكة
حذَّر الله من انقسام المملكة بسبب عدم الأمانة، المرة الأولى كانت موجَّهة من الله مباشرة إلى سليمان (1 مل 11: 11-13)، والثانيَّة حينما عرف سليمان أن النبي أخيا تنبَّأ ليربعام عن إقامة مملكة منشقَّة (1 مل 11: 29-32)، والمرة الثالثة نبوَّة شمعيا لرحبعام بن سليمان [23-24]. مع كل هذه التحذيرات لم يتحرَّك قلب رحبعام للتوبة والرجوع إلى الله.
هكذا تبقى قصَّة سليمان وابنه رحبعام مثلًا عبر التاريخ عن خطورة فساد القائد. فالفساد الذي دبّ في حياة سليمان أثمر في حياة ابنه رحبعام، وحطَّم المملكة. شرب كثيرون من الكأس التي ملأها سليمان. وهكذا يحذِّرنا الكتاب المقدَّس: “يقول رب الجنود اضرب الراعي فتتشتَّت الغنم” (زك 7: 13).
ما رأيناه في سليمان الملك وابنه رحبعام يدفعنا إلى الاهتمام الشديد والحذر في اختيار القائد سواء كان شمَّاسًا أو كاهنًا أو أسقفًا. تحذِّرنا الدسقوليَّة من اختيار أسقف غير لائق: [مثل هذا يفسد كرامته، وتتبدَّد كنيسة الله التي في إيبارشيَّته… فإنَّنا إذ نلاحظ شخص الحاكم، فإنَّه خلال شرِّه وإهماله للعدالة ينمو الشعب في الشك ويعانون من نفس مرضه، ويلتزمون بالهلاك معه، كما حدث مع الشعب الذي ارتبط بيربعام (1 مل 12) والذين دبروا سرًا مع قورح (عد 16)(102)].
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [يثور الشيطان بعنف شديد ضد المعلِّمين لأنَّه بهلاكهم يتشتَّت القطيع. بذبح الغنم يقل القطيع، لكن بإصابة الراعي يهلك القطيع كلُّه… بنفس واحدة يهلك الكل(103)].
1. تجليس رحبعام ملكًا |
[1]. |
|
2. عودة يربعام |
[2]. |
|
3. رفض مشورة الحكماء |
[3 –15]. |
|
4. ثورة عشرة أسباط |
[16 –20]. |
|
5. محاولة رحبعام إخضاعهم |
[21 –24]. |
|
6. يربعام يحمل شكل التدين |
[25 –33]. |
|
من وحي 1 ملوك 12 |
1. تجليس رحبعام ملكًا:
“وذهب رحبعام إلى شكيم
لأنَّه جاء إلى شكيم جميع إسرائيل ليملكوه” [1].
رحبعام: معناه “اتَّساع الشعب” غير أن تصرُّفاته كانت عكس اسمه. لم يكن في قلبه رحابة واتَّساعًا للشعب.
هو ابن إحدى النساء الغريبات الجنس الوثنيَّات (عمونيَّة) اللواتي تزوَّجهنَّ سليمان [21]. أنَّه ابن أحكم إنسان على وجه الخليقة، ورث عن أبيه عرشه لكنَّه لم يرث عنه الحكمة، ولم تجرِ نعمة الله في عروقه.
تولَّى سليمان الحكم وهو صغير جدًا، لكنَّه كان حكيمًا حتى في طلبه الحكمة السماويَّة. أمَّا ابنه فكان قد بلغ إحدى وأربعين من عمره، ولم تكن للحكمة موضع في أعماقه. ليست السنوات ولا المعرفة النظريَّة ولا العلم يهب الإنسان الحكمة، لكن تواضع القلب أمام الله واشتياقه نحو الحكمة يفتح الباب لها لكي تدخل وتملك في الأعماق، وتدير فكر الإنسان وكلماته وتصرُّفاته.
ربَّما كان رحبعام الابن الوحيد أو الابن البكر لسليمان الذي أنجبه بالرغم من تزوُّجه بحوالي ألفًا ما بين زوجات وسراري، فإنَّنا لم نسمع أن سليمان بارك أولاده.
لم يشر الكتاب المقدَّس إلى اهتمام سليمان بتربيَّة أولاده، ولم نسمعه يقدِّم وصيَّة وداعيَّة لوليّ عهده. لم يوصه بحفظ العهد الإلهي والتمسُّك بالوصيَّة الإلهيَّة والاهتمام بمصلحة الشعب.
“لماذا اختار شكيم لتجليسه ملكًا؟
ربَّما تُوِّج ملكًا في أورشليم أولًا ثم ذهب إلى شكيم (نابلس) ليتوَّج على الأسباط الشماليَّة. كانت شكيم تبعد حوالي 30 ميلًا شمال أورشليم. في شكيم أُقيم أبيمالك ملكًا (قض 9)، وقد كانت شكيم مشهورة بإقامة مؤتمر عام لكل الأسباط (يش 24: 1)، غالبًا ما كان رحبعام يشعر بما يدب في أفكار الأسباط العشرة من تذمُّر على أبيه، فاختار شكيم مراضاة لهذه الأسباط دون التفكير الجاد في معالجة المشاكل. كانت الأسباط الشماليَّة مستعدَّة للانفصال عن الأسباط الجنوبيَّة لأسباب كثيرة، كما رأينا في مقدِّمة هذا الكتاب. الآن بعد بناء الهيكل والقصر الملكي وملحقاته في أورشليم، فصارت مركزًا للرئاسة الدينيَّة والسياسيَّة ازدادت غيرة الأسباط الشماليَّة.
العجيب أن شكيم التي اجتمع فيها كل إسرائيل لتمليك رحبعام هي بعينها التي بناها يربعام ليُقيم منها عاصمة للمملكة المقاومة لرحبعام. هكذا الموضع الذي فيه نال رحبعام الكرامة والمجد صار مركز مقاومة له ولمملكته.
“جميع إسرائيل“، لا يقصد كل الشعب بل جاء ممثِّلون عن كل الأسباط. لم يأتوا لكي يختاروه ملكًا، إذ كان نظام الُملك قد استقرَّ، وعرف الكل عن اختيار الله لداود ونسله من بعده ملوكًا. إنَّما جاءوا لكي يجدِّدوا العهد المتبادل بين الملك وشعبه، كل من الطرفين عليه التزامات.
ذهب كل الشعب إلى شكيم لتجليس رحبعام بن سليمان ملكًا، وفي نفس الوقت أرسل الغالبيَّة العظمى (عشرة أسباط) إلى يربعام لكي يأتي من مصر، لكي يسندهم في التحرَّر من ثقل النير الذي وضعه سليمان على أعناقهم.
مرَّت لحظات ظن فيها رحبعام أن كل الشعب متهلِّل بتجليسه ملكًا، وأنَّه لا يوجد عدوّ يقدر أن يحطِّم مملكته أو يهز شخصيَّته. انخدع بالمظهر الخارجي، ولم يفكِّر جدِّيًا في تثبيت مملكته بالعدل والتقوى.
2. عودة يربعام:
“ولما سمع يربعام بن نباط وهو بعد في مصر،
لأنَّه هرب من وجه سليمان الملك وأقام يربعام في مصر،
وأرسلوا فدعوه” [2].
إذ طلب سليمان قتله هرب يربعام إلى مصر لكي يرسله الرب في الوقت المحدَّد. ظنَّ سليمان أنَّه قد خلُص منه، ولم يدرك أنَّه سيقيم المملكة المنشقَّة قي أيَّام ابنه. لقد ظنَّ سليمان أنَّه كسب مصر بزواجه ابنة فرعون، ولم يدرك أن فرعون يحتضن من يحطِّم ابن سليمان. هذه ثمار من يلجأ لحل مشاكله بطريق آخر غير الصلاة والتوبة.
3. رفض مشورة الحكماء:
” أتى يربعام وكل جماعة إسرائيل وكلَّموا رحبعام قائلين:
إن أباك قسَّى نيرنا،
وأمَّا أنت فخفِّف الآن من عبوديَّة أبيك القاسية،
ومن نيره الثقيل الذي جعله علينا فنخدمك” [3-4].
لم يشتكِ الشعب لأن أباه سليمان أعطى ظهره لله وتجاهل الوصيَّة الإلهيَّة وأقام مذابح وثنيَّة، إنَّما ما كان يشغلهم أنَّه فرض عليهم السخرة في العمل مع ضرائب باهظة. إنَّهم يطلبون الحياة السهلة دون مبالاة إن كانوا يعبدون الله أو عشتروت أو ملوك.
كانت الشكوى تحمل جانبًا من الحقيقة لكنَّها تجاهلت الجوانب الأخرى الإيجابيَّة. فإن كان بالفعل قد فرض ضرائب باهظة على شعبه، لكنَّنا لا نتجاهل أنَّه بحكمة فائقة كسب ذهبًا وفضَّة لحساب مملكته من الدول المجاورة حتى صارت الفضَّة من الكثرة كالحجارة. كذلك اتَّسم عهده بالسلام الخارجي والداخلي، فلم تتحوَّل ميزانيَّة الدولة إلى الجيش، ولا تحوَّلت طاقات الشعب إلى الحروب. لهذا السلام أثره على رفاهيَّة الشعب.
من جانب آخر فإن الشعب لم يقم بالثورة على رحبعام؛ بل أعلنوا رغبتهم في خدمته إن شاركهم مشاعرهم وخفَّف عنهم عبء الضرائب. لم يطلبوا الإعفاء الكامل من الضريبة بل التخفيف منها. لم يطلبوا منه أن يكون لهم عبدًا بل يكونوا هم خدَّامًا، فيقبلوه أبًا وملكًا لهم، ويتبارون في الخدمة له بكل قلوبهم. إذ يرى الشعب قائدهم يعيش من أجلهم لا من أجل ذاته، يحبُّونه ويسمعون له ويخدمونه ويدافعون عنه. أمَّا القائد الطاغية المعتزّ بذاته فيخلق شعبًا متشكِّكًا فيه، يود أن يتمرَّد عليه.
يليق بالقائد ألاَّ يحمِّل الناس أثقاله، بل يحمل في قلبه أثقالهم، وينشغل فكره بالمسئوليَّة لحسابهم، مكرِّسًا وقته لبنيانهم، فيخضعون له كأبناء، وأعضاء في جسده بكونه الرأس. سعيد هو الشعب له قائد كهذا، وفي آمان القائد الذي له شعب كهذا.
“فقال لهم اذهبوا إلى ثلاثة أيَّام أيضًا ثم ارجعوا إليَّ،
فذهب الشعب” [5].
طلب منهم مهلة ثلاثة أيَّام ليعطيهم ردًا على سؤالهم. هذا التصرُّف حسن، إذ أعطى لنفسه مهلة للتفكير، لكنَّه تجاهل الدور الإلهي. كان يليق به أن يطلب مشورة الله بكونه الملك الحقيقي لشعبه، والذي أقامه ملكًا على كرسي أبيه وجدُّه.
“فاستشار الملك رحبعام الشيوخ الذين كانوا يقفون أمام سليمان أبيه وهو حي قائلًا:
كيف تشيرون أن أرد جوابًا إلى هذا الشعب.
فكلَّموه قائلين:
إن صرت اليوم عبدًا لهذا الشعب وخدمتهم وأحببتهم وكلَّمتهم كلامًا حسنًا يكونون لك عبيدًا كل الأيَّام” [6-7].
قدَّم الشيوخ مفهومًا صادقًا للملك، وهو أن يحمل روح الرعاية والحب والكلمة العذبة والخدمة، فيحصد حبًا صادقًا وخضوعًا له كل الأيَّام. لقد أرادوا من رحبعام أن يحقِّق ما نادى به والده، وهو أن الكلام الطيِّب يصرف الغضب. لم يدرك رحبعام أن من أراد أن يكون سيِّدا فليكن خادمًا. وأن الملك الحكيم يرى أنَّه خادم لشعب الله، غايته سعادتهم.
فترك مشورة الشيوخ التي أشاروا بها عليه،
واستشار الأحداث الذين نشأوا معه ووقفوا أمامه.
وقال لهم: بماذا تشيرون أنتم، فنرد جوابًا على هذا الشعب الذين كلَّموني قائلين:
خفِّف من النير الذي جعله علينا أبوك.
فكلَّمه الأحداث الذين نشأوا معه قائلين:
هكذا تقول لهذا الشعب الذين كلَّموك قائلين إن أباك ثقَّل نيرنا وأمَّا أنت فخفِّف من نيرنا.
هكذا تقول لهم إن خنصري أغلظ من متنيّ أبي” [8-10].
كان هذا المثل شائعًا يحمل معنى أنَّه أقوى من أبيه وأكثر سلطانًا، فإن أصغر إصبع في يده أغلظ من فخذ أبيه.
والآن أبي حمّلكم نيرًا ثقيلًا، وأنا أزيد على نيركم،
أبي أدَّبكم بالسياط،
وأنا أؤدبكم بالعقارب” [11].
قدَّم له الشباب أصدقاؤه الذين نشأ وسطهم مشورة خطيرة. قدَّموا له مفهومًا مختلفًا عن الملك، وهو السلطة والسيطرة والعنف في التعامل مع الخاضعين له. بثُّوا فيه روح الكبرياء واحتقار الآخرين.
لقد طلب منه الشيوخ أن يقدِّم لشعبه كلامًا حسنًا يكسبهم به دون أن يملُّوا عليه بما يقوله. أمَّا هؤلاء المشيرون فأمْلوا عليه ليست فقط روح التشامخ والسيطرة بل حتى الكلمات التي ينطق بها مع الشعب. في تشامخهم أيضًا طلبوا من رحبعام أن يعترف بأن والده حمَّلهم نيرًا ثقيلًا، لا لكي يرفع عنهم ما وضعه والده بل يزيده ثقلًا.
لم يقف الأمر على زيادة الضرائب أكثر فأكثر، بل هدَّدهم بإصدار قوانين عنيفة مثل العقارب.
لا نلم المشيرين وحدهم بل نلوم رحبعام الذي في إعطائه ظهره لله تركه الله لغباوته، وسلَّمه في أيدي مشيريه العنفاء، حتى تنشق المملكة ويفقد رحبعام عشرة أسباط.
تحدَّث القديس يوحنا كاسيان في الكتاب الرابع من “المؤسَّسات” في الفصلين 9 و10 عن التزام الحديثين في الرهبنة ألاَّ يعتمدوا علي تمييزهم الشخصي، ولا يخفون شيئًا من أفكارهم عن الشيخ المختبر الذي يتعهَّدهم. بهذا لا يقدر الشيطان أن يدمِّر الشخص الحديث اللهمَّ إلاَّ إذ أغواه بالكبرياء بإخفاء أفكاره. يطيعون بثقة ويقين وبلا تردَّد كما لو كان الأمر صادرًا من السماء.
* من كان له الفكر الصالح وفي تواضع مع شوق يتمثِّل بإخلاص بما يراه، سواء خلال التعليم أو اقتداءً بما يراه في الآباء، بدلًا من الانشغال في الجدال، بهذا تستقرّ فيه معرفة كل شيء باختبارٍ عملي. أمَّا الذين ابتدءوا تعلُّمهم بالجدال، فلن يدخلوا إلى غاية الحق… لذلك فإن عدوِّنا (الشيطان) يدفعهم بسهولة بعيدًا عن معرفة الآباء، حتى لتبدو لهم الأمور المفيدة والنافعة كأنَّها غير ضروريَّة، بل ومضرَّة. بهذا يلعب العدوّ الماكر بفطنة، جاعلًا إيَّاهم يتمسَّكون برأيهم الخاص في عناد، مقتنعين بأن ما يملأ عقولهم النجسة من أخطاء هو صلاح وحق ومقدَّس(104).
الأب بيامون
* الطاعة احتجاج أمام الله. فان سُئلت منه: لماذا فعلت هذا؟ تجيبه “أنت يا سيِّد أمرت بالطاعة، أنا فعلت ما أُمرت به”، فتجاوبه هكذا وتتبرَّر.
إن السفر بهذه السفينة فيه أمان من الغرق. فيسافر الإنسان وهو نائم، كما يسافر الإنسان في السفينة نائمًا ولا يلتزم بتدبيرها، لأن مدبِّرها حاضر. هكذا حال الإنسان السائر تحت الطاعة، يسافر نحو السماء والكمال وهو نائم من غير تعبٍ ولا تفكير فيما ينبغي أن يفعل. لأن الرؤساء هم مدبِّرو هذه السفينة والساهرون من أجله.
لعمري أنَّه ليس بالأمر الهيِّن بل هو عظيم جدًا. فالإنسان يجتاز بحر هذا العالم وهو على ساعد غيره وذراعه!!
هذه هي النعمة الكبرى التي يفعلها الله مع السالك تحت الطاعة.
القديس يوحنا الدرجي
* من يعتمد على رأيه الذاتي، ولو كان قدِّيسًا، فهو مخدوع، وخطر خداعه أخطر من خطر المبتدئ الذي سلَّم تدبيره بيد غيره. فالأول يشبه ربَّان سفينة ألقى بنفسه في مركبٍ بلا شراع ولا مجدافٍ في وسط البحر، متَّكلًا على حذاقته وفن تدبيره. والثاني أي المبتدئ يشبه من لا خبرة له في سفر البحر، فيطلب من نوتيٍ ماهرٍ أن يركبه في سفينته العامرة بكل لوازمها واحتياجاتها.
فلا ينخدع أحدكم ويهرب من نير الطاعة الليِّن، عازمًا أن يتمسَّك برأيه في الأمور الروحيَّة مثل الصوم والصلاة وغير ذلك من علامات الإيمان والنسك، ظانًا أنَّه بذلك يخلص!
* الطاعة… هي جحود النفس، موت المشيئة، قبر الهوى، قيامة التواضع،
الطاعة موت أعضاء الجسد وهوى النفس، وذلك يكون للمبتدئ بألم، وللمتوسِّط تارة بألم وأخرى بلا ألم، وأمَّا الكامل فلا يشعر بألم إلاَّ إذا فعل شيئًا بحسب هوى نفسه…
فالذين يريدون أن يحملوا نير المسيح على رقابهم، ويُحمِّلون أحمالهم على رقاب غيرهم (آبائهم أو مرشديهم الروحيِّين)، سبيلهم أن يرفضوا أهواءهم الذاتيَّة ويفعلون ما يرون أنَّه موافق لإرادة الله.
* بلا مدبِّر لا تكون السلامة. فمن الطاعة التواضع، ومن التواضع الشفاء من الآلام. فقد كُتب أنَّه بتواضعنا ذكرنا الرب وخلَّصنا من أعدائنا.
يوحنا الذهبي الفم
العقارب: هنا هي أنواع من السياط في أطرافها عُقد حديديَّة يُضرب بها العبيد، يُلقى العبد على بطنه وهو عاري الظهر وتُشدّ أطرافه (اليدان والرجلان) ثم يُضرب بهذه السياط فتمسِك الأطراف الحديديَّة في جسمه وتهرأه.
عرف الرومان أيضًا نوعًا من الآلات العسكريَّة تسمَّى “العقارب” خلالها يطلقون السهام السامة فتكون كلدغات العقارب القاتلة.
“فجاء يربعام وجميع الشعب إلى رحبعام في اليوم الثالث.
كما تكلَّم الملك قائلًا: ارجعوا إليّ في اليوم الثالث.
فأجاب الملك الشعب بقساوة، وترك مشورة الشيوخ التي أشاروا بها عليه.
وكلَّمهم حسب مشورة الأحداث قائلًا:
أبي ثقَّل نيركم، وأنا أزيد على نيركم،
أبي أدَّبكم بالسياط، وأنا أؤدِّبكم بالعقارب.
ولم يسمع الملك للشعب،
لأن السبب كان من قبل الرب ليُقيم كلامه الذي تكلَّم به الرب عن يد أخيا الشيلوني إلى يربعام بن نباط” [12-15].
* لا شيء يجعل الرِجلْ تزلّ إلاَّ الكبرياء!
المحبَّة تحرِّك الرِجلْ للسير والتقدُّم والصعود، أمَّا الكبرياء فتدفع الرِجلْ إلى السقوط(105).
القديس أغسطينوس
4. ثورة العشرة أسباط:
“فلما رأى كل إسرائيل أن الملك لم يسمع لهم ردَّ الشعب جوابًا على الملك قائلين:
أي قسم لنا في داود ولا نصيب لنا في ابن يسَّى؟!
إلى خيامك يا إسرائيل.
الآن انظر إلى بيتك يا داود.
وذهب إسرائيل إلى خيامهم.
وأمَّا بنو إسرائيل الساكنون في مدن يهوذا فملك عليهم رحبعام” [16-17].
انتهى الأمر بانقسام المملكة، فعِوض المملكة الواحدة القويَّة صارت مملكتين ضعيفتين أمام الأمم المجاورة، وأيضًا صارتا مملكتين متحاربتين. وقد مرّت علاقتهما ببعضهما البعض بثلاث مراحل:
أ. من يربعام إلى عمري ملك إسرائيل ومن رحبعام إلى آسا في يهوذا (1 مل 12-16). كانا يحملان روحًا عدائيًا تجاه بعضهما البعض. حتى انهزمت إسرائيل في معركة كبرى مع يهوذا. وعند تجديد الهجمات التجأ آسا إلى أرام لمعاونته ضدّ إسرائيل ودخلا مع يهوذا في عدَّة معارك مستمرَّة.
ب. في فترة آخاب بن عمري وابنيه أخزيا ويرام في إسرائيل، ويهوشافاط يورام وأخزيا في يهوذا، ارتبطت العائلتان الملكيَّتان بعلاقات أسريَّة خلال الزواج المتبادل، فتحقَّق نوعًا من التحالف بينهما ضد العدوّ الأجنبي، وذلك حتى قتل ملكا إسرائيل ويهوذا يورام وأخزيا بواسطة يهو (1 مل 17-2 مل 10: 27).
ج. اتَّسمت المرحلة الثالثة بالصراع بين المملكتين إلى سبي إسرائيل بواسطة الأشوريِّين.
“ثم أرسل الملك رحبعام ادورام الذي على التسخير.
فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة فمات.
فبادر الملك رحبعام وصعد إلى المركبة ليهرب إلى أورشليم” [18].
بقي رحبعام في شكيم، وكان يظن في نفسه أنَّه قادر أن يسيطر بالعنف.
لم يكن من الحكمة أن يرسل رحبعام أدورام المسئول عن التسخير ليجمع الضرائب في وقت ثورة الشعب وتخلِّيه عن الملك. تصرُّفه هذا يكشف عن غباوته وعجزه عن التدبير والقيادة. كشف عن أنَّه غريب تمامًا عن أن يكون قائدًا.
إذ رُجم أدورام المسئول عن التسخير شعر أن حياته في خطر، فاضطرَّ أن يهرب من شكيم إلى أورشليم لعلَّه يجد نوعًا من الاطمئنان.
“فعصى إسرائيل على بيت داود إلى هذا اليوم” [19].
انقسمت المملكة في عهد رحبعام بن سليمان للأسباب التالية:
أ. السبب الرئيسي انحراف سليمان ومعه الشعب إلى العبادة الوثنيَّة (11: 9-13؛ 29-39؛ 12: 15). الحياة الإيمانيَّة الحقَّة تهب روح الوحدة، فيتمتَّع المؤمن كما الجماعة بنعمة الله التي تسند وتعين. أمَّا الانحراف عن الله فيدمِّر ويحطِّم.
ب. عدم مشاركة الغير مشاعرهم، والتجاوب مع احتياجاتهم. ربَّما كان لسليمان شيء من العذر في جمع ضرائب باهظة لبناء الهيكل وبيته الخاص بكل ملحقاته ومشاريعه الضخمة، وذلك لأن الدولة قد بدأت تتَّسع جدًا وتستقر دون حروب. أمَّا وقد تم بناء هذه جميعها فكان يليق برحبعام أن يتجاوب مع الشعب المرهق من الضرائب. لكن تجاهله لهم أفقده الكثير من المال والكرامة، وحطَّم وحدة الشعب. يدعونا السيِّد المسيح أن نعطي ما لقيصر لقيصر ونقدِّم لله ما لله (مت 22: 7-21)، ويسألنا الرسول بولس أن يقدِّم المؤمنون الضرائب (رو 14: 6-7)، فإن هذا من حق الدولة لأجل النفع العام، ومن واجب رجال الدولة أيضًا عدم إرهاق الشعب بل يجب مراعاة العدالة مع الرحمة.
ج. لم يسمع رحبعام لمشيري والده الشيوخ الحكماء، متجاهلًا حكمتهم وخبرتهم الطويلة [6-8]، فضاعف الضرائب.
“ولما سمع جميع إسرائيل بأن يربعام قد رجع،
أرسلوا فدعوه إلى الجماعة وملّكوه على جميع إسرائيل،
لم يتبع بيت داود إلاَّ سبط يهوذا وحده” [20].
وضع الله في قلب يربعام والأسباط العشرة ألاَّ يطلبوا طرد رحبعام من العرش تمامًا وإقامة بديل له، حيث أن الثائرين هم عشرة أسباط من اثني عشر سبطًا. بهذا يبقى الدم الملوكي من سلالة داود قائمًا على العرش حتى يأتي ابن داود نفسه ويملك.
5. محاولة رحبعام إخضاعهم:
“ولما جاء رحبعام إلى أورشليم جمع كل بيت يهوذا وسبط بنيامين،
مائة وثمانين ألف مختار محارب،
ليحاربوا بيت إسرائيل ويردُّوا المملكة لرحبعام بن سليمان” [21].
إذ شعر رحبعام بالأمان في أورشليم ظنَّ أنَّه قادر أن يواجه تمرُّد الأسباط العشرة، لكن شمعيا النبي أخبره بأن الأمر صدر من قبل الرب.
“وكان كلام الله إلى شمعيا رجل الله قائلًا:
كلَّم رحبعام بن سليمان ملك يهوذا وكل بيت يهوذا وبنيامين وبقيَّة الشعب قائلًا:
هكذا قال الرب: لا تصعدوا ولا تحاربوا اخوتكم بني إسرائيل،
ارجعوا كل واحد إلى بيته،
لأن من عندي هذا الأمر.
فسمعوا لكلام الرب، ورجعوا لينطلقوا حسب قول الرب” [22-24].
لم يكن ممكنًا لرحبعام أن يدفع الشعب لمحاربة الأسباط العشرة بعد أن أعلن شمعيا رجل الله أن ما حدث هو من عند الرب. كان لا بُد لرحبعام أن يخضع ويرجع حتى لا يفقد القليل الذي تبقَّى له.
6. يربعام يحمل شكل التديُّن:
جيِّد أن يهتم رجل الدولة بحياته الروحيَّة وحياة الشعب، وحسن لرجل الدين أن يطلب من أجل سلام بلده ورجال دولته. لكن يليق ألاَّ يُسيء رجال الدولة استخدام الدين، ولا أن يضع رجال الدين أنوفهم فيما هو ليس من عملهم.
لقد وعد الله يربعام أنَّه يقيم له بيتًا آمنًا إن سلك في طريقه وحفظ وصاياه (11: 38). لكن إذ نال يربعام السلطة لم يثق في وعد الله وخشي أن يرجع الشعب إلى بيت داود (12: 26-27). تجاهل يربعام أن ما ناله كان بسماح إلهي سبق أن تنبَّأ عنه أخيا الشيلوني النبي (11: 29)، فارتكب ثلاثة أخطاء:
أولًا: أقام مركزين للأوثان، مركز في جنوب مملكته في “بيت إيل”، والآخر في شمالها في “دان”.
ثانيًا: أقام كهنة من كل سبط وليس فقط من سبط لاوي، مرتكبًا خطيَّة كبرى ضد الناموس (عد 3: 10).
ثالثًا: أوجد أعيادًا ليست للرب بل من عنديَّاته، لا لمجد الله بل لتحقيق أهدافه الشخصيَّة بتخطيط بشري (1: 32-33).
يستغل كثير من رجال السياسة في العالم الدين لكي ينالوا شعبيَّة، لكن الله يطلب القلب لا المظهر الخارجي (1 صم 16: 7).
* لتدرس النبي هوشع فتكتشف أن كل نبوَّته ضد أفرايم (مملكة إسرائيل المنشقَّة). إنَّه يقول: “صار أفرايم كحمامة رعناء بلا قلب” (هو 7: 11). لاحظ أنَّه يقارن أفرايم بحمامة غبيَّة؛ لقد ترك الهيكل وذهب ليسكن في الغابات. يعيش الحمام دائمًا في مساكن الحمام. أفرايم، حمامتي بالحق، قد هجر الهيكل، ترك البيت ويعيش في الغابات، أنَّه يعيش في البريَّة…
يمكننا القول بأن أبناء أفرايم جميعهم هراطقة… لقد هجروا داود ومملكة داود وصاروا يسكنون في البريَّة. يدعون حمامًا ليتأكَّدوا أنَّهم وإن كانوا يقرءون الكتب المقدَّسة لكن قراءتهم غبيَّة…
لقد صنعوا عجلين ذهبيِّين في بيت إيل (وفي دان)، صاروا عبدة أوثان… لقد هجروا بيت الرب تمامًا لا يفكِّرون إلاَّ في الذهب(106).
القديس جيروم
“وبنى يربعام شكيم في جبل افرايم وسكن بها،
ثم خرج من هناك وبنى فنوئيل” [25].
إقامة ملك جديد تتطلَّب قيام عاصمة جديدة، فهيكل جديد، ثم تغيير في نظام الكهنوت والأعياد إلخ.
بنى يربعام قصرًا له في شكيم في إفرايم، والثاني في فنوئيل في جاد على الضفَّة الشرقيَّة من نهر الأردن. وذلك لكي يظهر للشعب كقائدٍ متديِّنٍ، فإن كلا الموقعين له رمزه الديني وتقديره لدى الشعب. شكيم هي الموقع الذي فيه أقام يعقوب أب الآباء مذبحًا (تك 33: 18-20). وفيه اجتمع الشعب في مناسبتين لتجديد العهد مع الله في طقسٍ مملوء هيبة وخشية وذلك على جبليّ عيبال وجرزيم، حيث تقع شكيم بين قمَّتيهما (يش 8: 30-35؛ 24: 1-15). أمَّا فنوئيل فإنَّها نالت كرامة الصراع بين يعقوب وملاك الرب (تك 32: 22-32).
إنشاء عاصمتين له في شكيم وفنوئيل لا يمثِّل مشكلة، لكن ما جاء وراء ذلك من إقامة هيكلين للعبادة خارج أورشليم، وتغيير نظام الكهنوت والعبادة، هذا له خطورته، إذ دفع بالشعب إلى العبادة الوثنيَّة. لقد كسر الشرط الذي وضعه له الرب لكي يقيم بيته ملوكيًا (1 مل 11: 38).
“وقال يربعام في قلبه:
الآن ترجع المملكة إلى بيت داود” [26].
الذي لم يخشَ من بطش رحبعام خشي لئلاَّ يرجع رحبعام عن عنفه ويستميل الشعب بلطف في فترات الأعياد، فيشتاقون إلى العودة تحت ظلّ بيت داود.
“إن صعد هذا الشعب ليقرِّبوا ذبائح في بيت الرب في أورشليم،
يرجع قلب هذا الشعب إلى سيِّدهم،
إلى رحبعام ملك يهوذا،
ويقتلوني ويرجعوا إلى رحبعام ملك يهوذا.
فاستشار الملك وعمل عجليّ ذهب،
وقال لهم: كثير عليكم أن تصعدوا إلى أورشليم،
هوذا آلهتك يا إسرائيل الذين أصعدوك من أرض مصر” [27-28].
لقد تنبَّأ أخيا عن استلام يربعام للمملكة قبل استلام رحبعام الحكم. فكان يليق به أن يعتمد على الله الذي أقامه على الكرسي، لا أن يخشى استلام بيت داود للحكم فيخطِّط بطرق بشريَّة، بروح العصيان على الله. رفعه الله إلى العرش، فإذا به يسحب قلوب الشعب من هيكل الله، ويحطِّم وصايا الله وشرائعه. هكذا عاد يربعام بالشعب إلى الوراء قرونًا هذه مقدارها، فصنع لهم العجل المصري ليعبدوا الله تحت هذا الرمز كما كان المصريون يفعلون بعبادتهم للعجل أبيس .
لم يكن في إمكانيَّته أن يقيم هيكلًا كهيكل سليمان كل ما بداخله مغلَّف بالذهب، إنَّما كل ما في استطاعته هو أن يقدِّم عجلين ذهبيِّين.
وضع العجلين ليحطِّم فكرة وحدانيَّة اللاهوت، فاتحًا الباب لدخول تعدُّد الآلهة الذي للوثنيَّة وكما جاء في (هو 8: 11) أن إفرايم صنع مذابح كثيرة للخطيَّة. اختار دان في أقصى الشمال، وبيت إيل في أقصى الجنوب لمملكته. كما لو أن هذين العجلين هما الحارسان والحاميان للمملكته. اختار بيت إيل بالقرب من حدود مملكة يهوذا لإغراء البعض من سبطي يهوذا وبنيامين للاشتراك في هذه العبادة.
في رسالته إلى القدِّيس غريغوريوس صانع العجائب كتب أوريجينوس(107) عن هروب يربعام من وجه سليمان إلى مصر حيث أكل خبز المصريِّين وعاد ليشق المملكة ويقسمها، ويقيم عجلين من الذهب ليعبدهما الشعب (في المملكة الشماليَّة) قائلًا: “هوذا آلهتك يا إسرائيل الذين أصعدوك من أرض مصر [28]. حينما كان ملتصقًا بسليمان أي بالحكمة الإلهيَّة لم ينحرف إلى العبادة الوثنيَّة، لكنَّه إذ نزل إلى مصر كما إلى الفلسفات الزمنيَّة والأفكار الغريبة عاد ليشق الكنيسة بالهرطقات وينزع عنها وحدتها ويحث الكثيرين على الانحراف عن عبادة الله الحيّ. إنَّنا لا ننكر أن البعض انتفع بالفلسفات واستخدمها لخدمة الله، لكن كثيرين تعثَّروا بها واعثروا اخوتهم وحرموهم من الحياة الكنسيَّة الروحيَّة.
يعلِّق العلامة أوريجينوس على حديث الله ليعقوب عند نزوله إلى مصر: ويضع يوسف يده على عينيك” (تك 46: 4) قائلًا: بأنَّها نبوَّة تحقَّقت بإقامة إسرائيل العجلين الذهبيِّين. فقد تحقَّق ذلك خلال سبط يوسف فوضع يديه على إسرائيل وأعماه عن معرفة الحق، وخدعه. وكما قيل في ميخا: “كل هذا من أجل إثم يعقوب، ومن أجل خطيَّة بيت إسرائيل، ما هو ذنب يعقوب؟ أليس هو السامرة؟ (مي 1: 5). هكذا وضع يوسف يديه على عيني يعقوب فلم يعد ينظر إثمه ليعترف به(108)].
حاول يربعام أن يصنع العجلين على شكل الشاروبيم لكي يخدع الشعب.
* بئس الشعب الذي يتحوَّل عن الله… أمَّا السلام الخاص بنا فننعم به الآن مع الله بالإيمان، ونتمتَّع به أبديًا معه بالعيان(109).
القديس أغسطينوس
“ووضع واحدًا في بيت إيل وجعل الآخر في دان.
وكان هذا الأمر خطيَّة،
وكان الشعب يذهبون إلى أمام أحدهما حتى إلى دان.
وبنى بيت المرتفعات،
وصيَّر كهنة من أطراف الشعب، لم يكونوا من بني لاوي” [29-31].
عيّن كهنة من كل أطراف الشعب، أي من كل الطبقات لكي يكسب الكل، خاصة وأن بعض اللاويِّين رفضوا الخضوع له، وممارسة العمل الكهنوتي في المذابح التي بناها.
“وعمل يربعام عيدًا في الشهر الثامن في اليوم الخامس عشر من الشهر،
كالعيد الذي في يهوذا،
وأصعد على المذبح.
هكذا فعل في بيت إيل بذبحه للعجلين اللذين عملهما،
وأوقف في بيت إيل كهنة المرتفعات التي عملها.
وأصعد على المذبح الذي عمل في بيت إيل في اليوم الخامس عشر من الشهر الثامن في الشهر الذي ابتدعه من قلبه،
فعمل عيدًا لبني إسرائيل،
وصعد على المذبح ليوقد” [32-33].
استبدل تاريخ عيد الخيام بالخامس عشر من الشهر الثامن عِوض الثامن عشر من الشهر السابع. السبب الظاهري لهذا أن الحصاد في منطقة الشمال يأتي في وقت متأخر. أمَّا السبب الحقيقي فهو محاولة عدم الارتباط بالشرائع التي تمارس في مملكة الجنوب.
أقام نفسه رئيس كهنته، خاصة في أيَّام الأعياد، فكان يمارس العمل الكهنوتي، ويقيم كهنة حسبما أراد. بهذا أراد أن يحمل مع السلطة المدنيَّة السلطة الدينيَّة.
لم يدرك يربعام أن جوهر العبادة هو الالتقاء مع الله واقتنائه، إنَّما ظنَّها ممارسات ترضي الناس والله.
* تُطلب الحياة السعيدة من الرب إلهنا. كثيرون يعطون إجابات مختلفة عندما يناقشون أين تستقر السعادة الحقيقيَّة. ولكن لماذا يلزمنا أن نذهب إلى معلِّمين كثيرين أو نهتم بإجابات كثيرة بخصوص هذا السؤال؟ قد جاءت الإجابة مختصرة وحقَّة في الكتاب المقدَّس “طوبى للشعب الذي إلههم هو الرب”(110).
القديس أغسطينوس
* خلقتنا من أجلك.
ويبقى قلبنا غير مستريح حتى يستريح فيك.
من يهبني راحة البال فيك؟
إلى من أتَّجه لأنال عطيَّة حلولك في قلبي، فأنسى كل ما ارتكبته من خطأ، واحتضنك أنت وحدك أنت صلاحي وحده؟(111)
القديس أغسطينوس
من وحي 1 ملوك 12
أعطني يا رب روح التمييز،
فلا تتصلَّف نفسي مع رحبعام!
* سليمان الحكيم أنجب رحبعام الغبي،
في غباوة لم يسمع لمشورة الحكماء،
بل سار وراء تصلُّف بعض الشبان.
ظنَّ السلطة عنفًا، والحكم أوامر ونواه.
عوض خدمة شعبه تصلَّف عليهم.
وعوض الكلمة الرقيقة قدَّم عنفًا.
فقد عشرة أسباط، وشقَّ المملكة إلى قسمين.
* هب فيَّ يا رب روح التواضع.
أنصت للمشورة الحكيمة البناءة.
اشتهي خدمة الغير لا السيطرة.
بالكلمة اللطيفة أطفئ نيران الغضب.
* يربعام الثائر نال عشرة أسباط ليملك.
عوض تقديم ذبيحة شكر لله الذي اختاره،
صبَّ عجلين من ذهب.
استعاض مدينة الله، أورشليم، بدان وبيت إيل.
أفسد الكهنوت وصنع تشويشًا في العبادة.
* إلى متى يا رب أردّ لكَ عطاياك بالجحود؟
إلى متى استعيض حكمتك بالحكمة البشريَّة؟
إلى متى انشغل عن المقادس الإلهيَّة بعبادات بشريَّة؟
* هب لي يا رب روح التمييز،
فلا تتصلَّف نفسي كرحبعام بن سليمان،
ولا تحمل جحودًا وخيانة كيربعام.
- سفر الملوك الأول – أصحاح 12
- تفاسير أخرى لسفر الملوك الأول – أصحاح 12
تفسير ملوك الأول 11 | تفسير ملوك الأول القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير ملوك الأول 13 |
تفسير العهد القديم |