تفسير سفر الملوك الأول ٢٠ للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح العشرون

الآيات 1-12:

– وجمع بنهدد ملك ارام كل جيشه واثنين وثلاثين ملكا معه وخيلا ومركبات وصعد وحاصر السامرة وحاربها وارسل رسلا الى اخاب ملك اسرائيل الى المدينة وقال له هكذا يقول بنهدد. لي فضتك وذهبك ولي نساؤك وبنوك الحسان. فاجاب ملك اسرائيل وقال حسب قولك يا سيدي الملك انا وجميع ما لي لك. فرجع الرسل وقالوا هكذا تكلم بن هدد قائلا اني قد ارسلت اليك قائلا ان فضتك وذهبك ونساءك وبنيك تعطيني اياهم. فاني في نحو هذا الوقت غدا ارسل عبيدي اليك فيفتشون بيتك وبيوت عبيدك وكل ما هو شهي في عينيك يضعونه في ايديهم وياخذونه. فدعا ملك اسرائيل جميع شيوخ الارض وقال اعلموا وانظروا ان هذا يطلب الشر لانه ارسل الي بطلب نسائي وبني وفضتي وذهبي ولم امنعها عنه. فقال له كل الشيوخ وكل الشعب لا تسمع له ولا تقبل. فقال لرسل بنهدد قولوا لسيدي الملك ان كل ما ارسلت فيه الى عبدك اولا افعله واما هذا الامر فلا استطيع ان افعله فرجع الرسل وردوا عليه الجواب. فارسل اليه بنهدد وقال هكذا تفعل بي الالهة وهكذا تزيدني ان كان تراب السامرة يكفي قبضات لكل الشعب الذي يتبعني. فاجاب ملك اسرائيل وقال قولوا لا يفتخرن من يشد كمن يحل. فلما سمع هذا الكلام وهو يشرب مع الملوك في الخيام قال لعبيده اصطفوا فاصطفوا على المدينة

هناك العديد من ملوك أرام بإسم بنهدد. 32 ملكا = هم أمراء أو شيوخ تحت رئاسته. حاصر السامرة = لا لشىء سوى الطمع ولم يقدر أخاب أن يحارب فتحصن بالمدينة أى السامرة وهى لها أسوار منيعة. ولى نساؤك = فى هذه القول منتهى الإهانة. وكان رد أخاب حسب قولك يا سيدى = ربما سلم بالأمر حتى يصرف غضبه برده اللين. فيفتشون بيتك هذا الطلب أصعب من الأول، أن يدخل عبيد بنهدد ويفتشون ويأخذون ما يريدون لعله قد خبأ شيئا ولكن خضوع أخاب أول مرة سبب هذا. وأما الشيوخ ففضلوا الموت على التسليم ومعنى آية (10) أنه يحلف بآلهته ويطلب منها أن تفعل به كما قصد أن يفعل بأهل السامرة إن لم يعملوا كما قال. وهو إدعى أن جنوده قادرين أن يحملوا المدينة فى قبضات أيديهم ومن كثرتهم سيحملون أيضا ترابها. ونلاحظ أى ذل تذله الخطية للإنسان فداود البار أخضع أرام والآن نرى أرام تذل أخاب عابد البعل.

لا يفتخرن من يشد كمن يحل = المعنى أنه لا أحد يعرف المستقبل. من يشد أى من يشد درعه ومنطقته ليبدأ الحرب ومن يحل أى إنتهى من الحرب وبدأ يخلع أدوات القتال الدرع والمنطقة بعد أن عاد إلى بيته.

 

الآيات 13-21:

– واذا بنبي تقدم الى اخاب ملك اسرائيل وقال هكذا قال الرب هل رايت كل هذا الجمهور العظيم هانذا ادفعه ليدك اليوم فتعلم اني انا الرب. فقال اخاب بمن فقال هكذا قال الرب بغلمان رؤساء المقاطعات فقال من يبتدئ بالحرب فقال انت. فعد غلمان رؤساء المقاطعات فبلغوا مئتين واثنين وثلاثين وعد بعدهم كل الشعب كل بني اسرائيل سبعة الاف. وخرجوا عند الظهر وبنهدد يشرب ويسكر في الخيام هو والملوك الاثنان والثلاثون الذين ساعدوه. فخرج غلمان رؤساء المقاطعات اولا وارسل بنهدد فاخبروه قائلين قد خرج رجال من السامرة. فقال ان كانوا قد خرجوا للسلام فامسكوهم احياء وان كانوا قد خرجوا للقتال فامسكوهم احياء. فخرج غلمان رؤساء المقاطعات هؤلاء من المدينة هم والجيش الذي وراءهم. وضرب كل رجل رجله فهرب الاراميون وطاردهم اسرائيل ونجا بنهدد ملك ارام على فرس مع الفرسان. وخرج ملك اسرائيل فضرب الخيل والمركبات وضرب ارام ضربة عظيمة.

الله له وسائل متعددة يدعو بها أخاب للتوبة فمن إنذارات لمعجزات والآن يسمح الله بهذا العدو ومن تنازله ورحمته يرسل نبى لهذا الملك الشرير وهذا الشعب المنحرف والنبى يعطى تعليمات لأخاب حتى ينتصر والهدف = فتعلم إنى أنا الرب (آية 13) وفى (14) قال أخاب بمن = هنا أظهر أخاب إيمانه وأنه صدق كلام النبى. فقال أنت = هذا إمتحان إيمان لأخاب أن يتقدم هو الحرب. وفى (15) عجيب أن ينحط جيش إسرائيل ليصبح 7000.

خرجوا عند الظهر = وهو وقت مفاجىء كان فيه بنهدد ورجاله يأكلون ويسكرون ونلاحظ أن الذين خرجوا للحرب 232 شخص وهم غلمان رؤساء المقاطعات = هم عدد قليل وغير مدرب ولكن الله يعمل بأشياء صغيرة. وفى (18) إمسكوهم أحياء = (1) لنذلهم ونقتلهم وقتما نريد (2) نحصل منهم على معلومات وفى (20) هرب ملك أرام على فرس = وليس على مركبة كما يليق بملك. وكان يمكن لأخاب أن يستفيد من هذا النصر ويقدم توبة فيظل هو السيد فى المنطقة لكن للأسف إستمر فى ضلاله ولكن الله بعد أن يستنفذ كل الوسائل يضرب الضربة النهائية ولكنه بهذا ” يتبرر فى أحكامه ويغلب إذا حوكم ” مز 51.

 

الآيات 22-34:

– فتقدم النبي الى ملك اسرائيل وقال له اذهب تشدد واعلم وانظر ما تفعل لانه عند تمام السنة يصعد عليك ملك ارام. واما عبيد ملك ارام فقالوا له ان الهتهم الهة جبال لذلك قووا علينا ولكن اذا حاربناهم في السهل فاننا نقوى عليهم. وافعل هذا الامر اعزل الملوك كل واحد من مكانه وضع قوادا مكانهم. واحص لنفسك جيشا كالجيش الذي سقط منك فرسا بفرس ومركبة بمركبة فنحاربهم في السهل ونقوى عليهم فسمع لقولهم وفعل كذلك. وعند تمام السنة عد بنهدد الاراميين وصعد الى افيق ليحارب اسرائيل. واحصي بنو اسرائيل وتزودوا وساروا للقائهم فنزل بنو اسرائيل مقابلهم نظير قطيعين صغيرين من المعزى واما الاراميون فملاوا الارض. فتقدم رجل الله وكلم ملك اسرائيل وقال هكذا قال الرب من اجل ان الاراميين قالوا ان الرب انما هو اله جبال وليس هو اله اودية ادفع كل هذا الجمهور العظيم ليدك فتعلمون اني انا الرب. فنزل هؤلاء مقابل اولئك سبعة ايام وفي اليوم السابع اشتبكت الحرب فضرب بنو اسرائيل من الاراميين مئة الف راجل في يوم واحد وهرب الباقون الى افيق الى المدينة وسقط السور على السبعة والعشرين الف رجل الباقين وهرب بنهدد ودخل المدينة من مخدع الى مخدع. فقال له عبيده اننا قد سمعنا ان ملوك بيت اسرائيل هم ملوك حليمون فلنضع مسوحا على احقائنا وحبالا على رؤوسنا ونخرج الى ملك اسرائيل لعله يحيي نفسك.

 فشدوا مسوحا على احقائهم وحبالا على رؤوسهم واتوا الى ملك اسرائيل وقالوا يقول عبدك بنهدد لتحيي نفسي فقال اهو حي بعد هو اخي. فتفاءل الرجال واسرعوا ولجوا هل هو منه وقالوا اخوك بنهدد فقال ادخلوا خذوه فخرج اليه بنهدد فاصعده الى المركبة. وقال له اني ارد المدن التي اخذها ابي من ابيك وتجعل لنفسك اسواقا في دمشق كما جعل ابي في السامرة فقال وانا اطلقك بهذا العهد فقطع له عهدا واطلقه

كان الوثنيون يظنون أن لكل منطقة إلهها وهم لهم عربات وخيول وهم ظنوا أن يهوة إله إسرائيل إله جبال وغير قادر على أن يحارب فى السهول حيث العربات والخيل وفى (22)

 إذهب وتشدد = أى لا تظن أنك خلصت تماما من ملك أرام فهو سيأتى ثانية عليك. عند تمام السنة = أى عند الصيف القادم. وفى (24) إعزل الملوك = لأن القواد متمرنين أكثر من الملوك. وفى (27) وتزودوا = الكلمة تدل أنهم إبتعدوا بعيدا عن مساكنهم. قطيعين صغيرين من المعزى = أى قليلون فى العدد وضعفاء فى القوة بالنسبة إلى شعب أرام. وفى (29)7 أيام = واقفين كلاهما إسرائيل أمام أرام بلا حرب فغالبا كان الأراميين يتذكرون الإنكسار السابق ومترددين فى الحرب. والإسرائيليين أيضا كانوا خائفين لضعف إيمانهم فهم يقارنون عددهم وقوتهم بعدد وقوة أرام. وفى (30) سقط السور هم إحتموا بالسور (سور أفيق) داخل المدينة. وإذا بالسور يسقط ربما بزلزال أو بقوة خفية، المهم أن يد الله ظهرت أنها تؤيد إسرائيل. وهذا ما دفع بنهدد أن يهرب من مخدع إلى مخدع = فى الكتاب بشواهد إلى مخدع ضمن مخدع أى حوصر داخل منزل وكان يحتمى بأن يهرب بين الغرفات. حبالاً على رؤوسنا = إعلانا أنهم يستحقون الشنق وإعلانا على الإستسلام لأخاب وليربطهم جنود أخاب بهذه الحبال هو أخى = هذه ليست رحمة فالله حرمه فلماذا يطلقه هو فأن يقتل واحد خير من قتل شعب فقتل بنهدد رحمة لشعب إسرائيل بأكمله. فبنهدد هذا الذى أطلقه أخاب لم يبر بوعده بل عاد وحارب إسرائيل بعد 3 سنين. أسواقاً فى دمشق = أحياء أو حارات لليهود يسكنون فيها ويتاجرون ويعملون وأعاد له مدنه التى أخذوها من والده عمرى من قبل كل هذا للإغراء ليعفو عنه. وفى (33) حينما قال أخاب عن بنهدد هو أخى تفاءل الرجال وتشبثوا بالأمل وقالوا نعم هو أخوك فهم تصيدوا كلمة طيبة قالها أخاب وتمسكوا بها وأسرعوا ولجوا = هم كانوا فى كلامهم وإستعطافهم لأخاب كمن هم فى لجاجة ساعين بكل إجتهاد ليتصيدوا كلمة تدل على الرحمة وهم وجدوها فى قول أخاب هو أخى.

 

الآيات 35-43:

– وان رجلا من بني الانبياء قال لصاحبه عن امر الرب اضربني فابى الرجل ان يضربه. فقال له من اجل انك لم تسمع لقول الرب فحينما تذهب من عندي يقتلك اسد ولما ذهب من عنده لقيه اسد وقتله. ثم صادف رجلا اخر فقال اضربني فضربه الرجل ضربة فجرحه. فذهب النبي وانتظر الملك على الطريق وتنكر بعصابة على عينيه. ولما عبر الملك نادى الملك وقال خرج عبدك الى وسط القتال واذا برجل مال واتى الي برجل وقال احفظ هذا الرجل وان فقد تكون نفسك بدل نفسه او تدفع وزنة من الفضة. وفيما عبدك مشتغل هنا وهناك اذا هو مفقود فقال له ملك اسرائيل هكذا حكمك انت قضيت. فبادر ورفع العصابة عن عينيه فعرفه ملك اسرائيل انه من الانبياء. فقال له هكذا قال الرب لانك افلت من يدك رجلا قد حرمته تكون نفسك بدل نفسه وشعبك بدل شعبه. فمضى ملك اسرائيل الى بيته مكتئبا مغموما وجاء الى السامرة.

فى (35) بنى الأنبياء = من تلاميذ الأنبياء قال لصاحبه = هو نبى مثله. من أجل أنك لم تسمع = هو لم يفهم لماذا يضرب زميله لكنه كان يجب أن يطيع أمر الرب. فما يقوم به الأنبياء من أعمال رمزية ربما لا تفهم فى وقتها، لكنهم سيفهمونها فيما بعد والمهم الطاعة حتى لو لم يفهموا

وفى (38) وتنكر = لأن الملك لو عرف أنه نبى لما سمع كلامه. وهو طلب أن يضرب حتى يظهر نفسه أمام أخاب كجندى جريح عائد من الحرب. وفى (39) وزنة من الفضة = هى مبلغ ضخم وتساوى 3000 شاقل ولاحظ أن ثمن العبد 30 شاقل فعظم الغرامة تدل على أهمية الوديعة وهذا يدل إلى أنه يشير إلى بنهدد لكن أخاب لم يفهم فى وقتها وفى (48) فعرفه ملك إسرائيل أنه من الأنبياء = فربما كان لهم علامات مميزة على جباههم. ثم وصل لأخاب بعد ذلك قصة النبى الذى إفترسه الأسد وخسر حياته لأنه رفض تنفيذ مشيئة الرب فى ضرب النبى. وكان هذا إنذارا أخر له فإن كان الله يسمح بأن أسدا يأكل نبيا صالحا لأنه خالف ورفض أن يضرب زميله فكم وكم ستكون عقوبة أخاب الذى رفض أن يضرب بنهدد. وعرف أخاب أنه لابد وسيقتل. ونلاحظ أنه ليس من حق أخاب أو من حق النبى الذى قتل أنهم يظنوا فى أنفسهم أنهم أكثر رحمة من الله فقتل بنهدد يشير لضرورة إزالة الشرور من وسطنا فهو مجدف ووثنى ومخادع وهناك آية مشجعة وهى آية 31 نكتبها كما هى ثم نعدل بعض كلماتها لتظهر روعتها سمعنا أن ملوك إسرائيل حليمون فلنضع مسوحاً وحبالا… لعله يحيى نفسك.

سمعنا أن ملك إسرائيل يهوة رحيم فنتذلل أمامه ونتوب ونعلن أننا نستحق العقوبة فنحيا.

لاحظ أن أخاب حينما أنتصر لم يقدم ذبيحة لله ولم يشكر الله ولا نسب الفضل لله.

فاصل

فاصل

تفسير ملوك الأول 19 تفسير ملوك الأول 
القمص أنطونيوس فكري
تفسير ملوك الأول 21
تفسير العهد القديم

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى