تفسير سفر دانيال ٥ للقمص تادرس يعقوب
الأصحاح الخامس
بيلشاصر والكتابة على الحائط
إذ عبرت السبعون عامًا الخاصة بالسبيّ التي تنبأ عنها إرميا النبي (إر 25: 11)، وحلّ موعد العودة، كانت مملكة بابل قد تحولت إلى حياة الرخاوة والترف مع الفساد. جاء الملك بيلشاصر بشخصيته المستهترة لتنهار مملكة بابل في أيامه.
حقًا كان لنبوخذنصَّر العنيف والمتكبر أخطاءه، وقد أعطاه الله أكثر من فرصة لمراجعة نفسه، أما حفيده، الأرجح ابن ابنته، بيلشاصر فلم ينتفع من دروس آبائه. تحدى الله نفسه، وأراد أن يهينه عن عمدٍ. لهذا أعلن له تأديبه السريع الذي تحقق فورًا. ما فعله بيلشاصر لم يصنعه سالفيه مثل نبوخذنصَّر وأويل مردوخ. وكما يقولالقديس جيروم: [لم يكن متزنًا حين صنع هذه الأمور، بل بالحري كان مخمورًا، ناسيًا العقوبة التي حلت بسالفه نبوخذنصَّر[122]].
لم يتعاطف دانيال النبي مع هذا الملك كما فعل قبلاً مع جده نبوخذنصَّر، إذ اشتهر الملك بالفساد والظلم. هذا يتفق مع أورده عنه المؤرخ الوثني زينوفون، الذي دعاه “الشرير“، وتحدث عن عنفه في التعامل مع عظمائه.
- وليمة بيلشاصر [1-4].
- الكتابة على الحائط [5-9].
- إحضار دانيال للملك [10-16].
- تفسير دانيال [17-29].
- النتائج [30-31].
- وليمة بيلشاصر:
“ بيلشاصر الملك صنع وليمة عظيمة لعظمائه الألف وشرب خمرًا قدام الألف” [1].
يترجم البعض “شاصر” بمعنى “النار”، أما كلمة “بيلشاصر (Bel-shar-usur) Bel-Sharra-Utsur” فتعني “بيل يحمي الملك”.
كانت الولائم العظيمة من سمات الأزمنة القديمة. ومن الواضح أن كلمة “الألف” تعني الضخامة، وهي تمثل رقمًا تقريبيًا. وقد جرت العادة في الولائم الشرقية أن يجلس الملك أو رئيس المتكأ على منصة مرتفعة، فيراه كل الحاضرين. لذا جاء التعبير: “شرب خمرًا قدام الألف” يكشف عن دقة الحديث والوصف.
“وإذ كان بيلشاصر يذوق الخمر،
أمر بإحضار آنية الذهب والفضة التي أخرجها نبوخذنصَّر أبوه من الهيكل الذي في أورشليم،
ليشرب بها الملك وعظماؤه وزوجاته وسراريه.
حينئذ أحضروا آنية الذهب التي أخرجت من هيكل بيت الله الذي في أورشليم،
وشرب بها الملك وعظماؤه وزوجاته وسراريه [2-3].
كلمة “أب” تحمل معانٍ كثيرة، هنا تعني جده أو أحد أسلافه.
بينما كانت الدولة البابلية في خطر من فارس حيث كان كورش محاصرًا المدينة، كان بيلشاصر منشغلاً بإقامة وليمة تضم ألفًا من العظماء القادمين من كل موضع، مع نسائه وسراريه. كان يظن أنه من المستحيل لكورش أو غيره أن يقتحم أسوار المدينة الضخمة، فتركه يُحاصرها في استخفافٍ به وبجيشه. كانت أسوار بابل كما جاء في هيرودوت لا يقل عرضها عن 87 قدمًا وارتفاعها عن 350 قدمًا، مع وجود 250 برجًا تعلو 100 قدمًا أخرى في الهواء. لذلك ظن بيلشاصر أنه لا يمكن غزو بابل.
الجهد الذي بذله بيلشاصر في إقامة الوليمة والإمكانيات التي قُدمت لا يمكن تقديرها. هذا مع تحدِّيه لله، فعوض الصوم في وقت الحصار، والصراخ لله لكي ينقذه وينقذ مدينته، إذا به يُقيم وليمة، ويستخدم الأواني المقدسة للشرب، في جوٍ من الفساد والإباحية، يكشف عن إصرار الملك على الحياة غير اللآئقة.
لقد عرف كورش عن الوليمة لضخامتها ولدعوة الكثيرين بالاشتراك فيها، فأدرك أن الملك ورجاله غارقون في الخمر، لا يبالون بشئون بلدهم، ووجدها فرصة ذهبية لاقتحام المدينة[123].
بينما كان بيلشاصر يفتتح الوليمة كان جيش كورش على أبواب بابل. يروي لنا المؤرخ الوثني زينوفون Xenophon أن قائدي بيلشاصر جبرايس Godatas, Gobryas المنشقين خاناه. فقد خصى أحدهما للتشهير به، وقتل ابن الثاني في أثناء حياة أبيه، لا لشيء إلاَّ لأنه كان يصطاد معه فضرب سهمه قبله، فأراد الانتقام منه. لقد حوَّل كورش مجاري كثيرة لنهر الفرات واقتحم المدينة فجأة.
لم يكن إحضار الآنية للتمتع بلذة الشرب، وإنما لإهانة الله وتدنيس الآنية المكرسة لخدمة هيكله وللتشهير. إمعانًا في الإهانة مجدوا الأوثان أثناء الشرب بها.
يرى القديس يوحنا كاسيان في مقدمة كتابه “المعاهد“، في هذه الوليمة تحذيرًا للمؤمنين من الانشغال بالأواني المقدسة الذهبية أو الفضية التي يمكن للملوك الأشرار أن يسلبوها، بل يلزمهم الاهتمام بالأواني الروحية، أي نفوس المؤمنين المقدسة التي لا يمكن اغتصابها.
v حينما تضع في خطتك أن تبني هيكلاً لله حقيقيًا ومعتدلاً، لا بحجارة جامدة، بل بمجمع القديسين، ليس بمبني مؤقت ينحل، بل بمبنى أبدي لا يهتز، وتريد أيضًا أن تقدس للرب أكثر الأواني قيمة، ليس من معادن صماء، من ذهب وفضة، هذه التي يمكن لملك بابل أن يأخذها فيما بعد ويكرسها لملذات سراريه وعظمائه، إنما يُشكِّل نفوسًا مقدسة تشرق باستقامة الطهارة والبرّ والنقاوة، وتحمل المسيح ساكنًا فيها كملك. حيث أنك مشتاق أن تؤسس في مقاطعة (نفسك الداخلية) معاهد الشرق، خاصة مصر، تقوم فيك دون وجود أديرة مع أنك أنت كامل في كل الفضائل والمعرفة ومملوءة بكل غنى روحي[124].
القديس يوحنا كاسيان
وجد النقاد فرصتهم لمهاجمة السفر خلال هذا الأصحاح، فقد سبق أن قرر المؤرخان لبابل الوثنيان بيروسوس Berosus وأبيدنس Abydenus بأن نابونيدس Nabonidus هو آخر ملوك بابل، وأنه كان له مركزه المكرم حتى بعد استيلاء الفارسيين على بابل. بينما جاء في هذا الأصحاح أن بيلشاصر هو آخر ملوك بابل، وأنه لاقى الموت مقتولاً.
أكد علم الآثار أن كلاً ما ذكره المؤرخان وأيضًا دانيال حقيقي. فقد جاء في النقوش الآشورية التي وجدها Sir Herbert Rawlinson عام 1854م أن بيلشاصر كان ابن الملك نابونيدس، وأنه شاركه في الحكم كما سبق فرأينا في مقدمة السفر (دانيال وعلم الآثار) هذا يتفق مع القول بأن دانيال كان الثالث في المملكة.
في الحفريات بأور Ur وُجد نقش لنابونيدس يحوي صلاة عن نفسه ثم عن ابنه البكر Bel- Shar- Usur. مثل هذه الصلاة لم تكن تقدم إلاَّ للذين تولوا الحكم. كما وُجدت مستندات “إسفينية مسمارية”، وهي حروف اُستخدمت في بابل، تُسجل كيف قدم بيلشاصر خرافًا وعجولاً في هياكل سيبار Sippar كذبائح عن الملك[125].
في وقت قريب حدثت فياضانات غزيرة على حي في بابل القديمة يُدعى هيلا Hillah، فظهرت أواني فخارية ضخمة مملوءة بألواح تمثل إيصالات وعقود لمؤسسة خاصة بالبنوك في بابل، يظهر منها أن بيلشاصر كان له بيت وسكرتاريون وحراس[126].
بيلشاصر هذا ربما هو نفس بلطشاصر المذكور في السجلات البابلية والذي قام بمهمة النائب الأول للملك. وقد أصبح ملكًا بالنيابة عن أبيه وفقًا للسجلات البابلية سنة 553 ق.م. واستمر في هذا المركز إلى سنة 539 ق.م. ومع أن نابونيدس كان متغيبًا طوال الوقت في تيماء بشمال شبه الجزيرة العربية إلاَّ أنه لم يترك الملك إلى أن فتح كورش بابل[127].
أما لماذا تُرك بيلشاصر ملكًا في بابل؟ فذلك يرجع لشخصية والده نبونيدس الذي كان رجلاً له اهتمامات دينية وثقافية، كما كان عالمًا للآثار، فكان يبحث في نقوش الملوك القدماء وأساسات وأحجار المباني العامة، ويبحث عن الوثائق التي تكشف الماضي. وكانت اهتماماته الدينية قوية جدًا، وكانت ابنته مكرسة لإله القمر، ويبدو أن أمه كانت كاهنة معبد “سين Sun” إله القمر. وهذا ما شغله عن أمور الحكم، ومن الواضح لنا، مما كشفه علم الآشوريات، أنه قضى معظم أيام حكمه ليس في بابل ولكن في تيماء، ومن ثم فقد ترك ابنه بيلشاصر لحكم بابل، بنفس الطريقة التي كان بها نبوخذنصَّر مع والده نبوبلاسر. هذه الحقائق قدمها لنا رايموند دورتى Raymond P. Dougherty أستاذ علم الآشوريات [New Haven, Yale 1929] [128].
“كانوا يشربون الخمر ويسبحون آلهة الذهب والفضة والنحاس والحديد والخشب والحجر” [4].
إذ دنسوا الأواني المقدسة، سبحوا الآلهة الوثنية بكونها واهبة النصرة على الإله الحقيقي، وكما جاء في سفر حبقوق: “لذلك تذبح لشبكتها وتبخر لمصيدتها، لأنه بهما سمن نصيبها وطعامها مُسمن” (حب 1: 16). لقد أكلوا وشربوا فشبعوا وسمنوا، وسخَروا بالله واهب العطايا.
لقد أحضر الملك الأواني المقدسة عمدًا قبل الشرب، وأشعل السكر بالأكثر مشاعره الفاسدة، ودفعه إلى التمادي في السخرية. هذا ولم يخطئ الملك وحده بل دفع عظماءه ونساءه وسراريه للاشتراك معه، فتحولت الوليمة إلى مجلس مستهزئين.
v يا لعظم غباوتهم! إذ كانوا يشربون في أوانٍ ذهبية سبحوا آلهة من خشبٍ وحجارة[129].
القديس جيروم
يرى القديس جيروم أن آلهة الذهب تُشير إلى الذين يُهاجمون الحق مستخدمين براهين عقلية تبدو مقبولة، وآلهة الفضة تُشير إلى الذين يستخدمون البلاغة والخطابة لنفس الهدف، وأما آلهة النحاس والحديد فتُشير إلى من يستخدم الأشعار بما تحمله من خزعبلات واهية بعضها لها تذوقها الصالح والأخرى تحمل غباوة. آلهة الخشب والحجارة تُشير إلى من يقدم سخافات واضحة[130].
- الكتابة على الحائط:
“في تلك الساعة، ظهرت أصابع يد إنسان،
وكتبت بإزاء النبراس (المنارة) على مكلس حائط قصر الملك،
والملك ينظر طرف اليد” [5].
يعلق القديس جيروم على تعبير: “في تلك الساعة” قائلاً: بأن اليد قد ظهرت في نفس الساعة ليعلن الله أن ما يحدث هو تأديب بسبب تجديفه وليس لسبب آخر.
واضح أن الحفل كان ليلاً حيث وُجدت المنارات، وأنه استمر حتى منتصف الليل حيث استولى كورش على بابل.
ظهرت اليد للملك دون العظماء، لهذا ارتبك جدًا وارتعب، فارتعب العظماء معه، دون أن يروا شيئًا.
يقول القديس جيروم أن الكتابة جاءت على حائط القصر الملكي لكي يدرك الملك أن المكتوب يخصه شخصيًا[131].
“حينئذ تغيرت هيئة الملك، وأفزعته أفكاره،
وانحلت خرز حقويْه، واصطكت ركبتاه” [6].
منذ لحظات كان الملك يظن في نفسه إلهًا جبارًا، يسخر بالله الحقيقي ويُدنس مقدساته، مسبحًا الأوثان. الآن يأخذ موقف المتهم الذليل، ويدرك أن الله هو الديان الحقيقي. انحلت قوى الملك الجسمانية، وارتبك فكره، وفقد اتزانه وكرامته بين المدعوين للحفل. صار في موقفٍ لا يُحسد عليه.
فصرخ الملك بشدةٍ لإدخال السحرة والكلدانيين والمنجمين.
فأجاب الملك وقال لحكماء بابل:
أي رجل يقرأ هذه الكتابة، ويُبين ليّ تفسيرها،
فإنه يلبس الأرجوان، وقلادةٍ من ذهب في عنقه،
ويتسلط ثالثًا في المملكة” [7].
شعر الملك أن جراحات عقله خطيرة، فاستدعى السحرة والحكماء والمنجمين لعله يجد دواءً لأعماقه، لكنه كان يشعر أنه ليس لجراحاته شفاء، وأنه لن يفلت من يديّ القدير. لقد نسيَ أنه ملك يُقيم وليمة للعظماء، فأرسل يستدعي هؤلاء الرجال على وجه السرعة، ليدخلوا إليه وهو بعد في الوليمة. لقد صرخ بشدة، الأمر الذي لا يليق بصاحب سلطان! لقد فقد أعصابه تمامًا!
لماذا لم يُستدع دانيال؟
- ربما لأنه كان قد شاخ فأُحيل على المعاش.
- ما ناله دانيال من كرامة من نبوخذنصَّر أثار – على مدى الوقت – أحقاد الحكماء البابليين، إذ شعروا أن رجلاً غريب الجنس مسبيًّا قد فاقهم جميعًا، فبذلوا كل الجهد بعد موت نبوخذنصَّر على استبعاده من القصر، حتى ينساه رجال القصر تمامًا، وقد وجد ذلك استطيابًا في قلب دانيال النبي الذي لا يُريد أن يُحصَى مع المجوس، وأن يكون كبيرهم. وفي نفس الوقت شوَّهوا صورة الشعب اليهودي وعبادتهم لدى الملك. هذا يظهر بوضوح مما فعله الملك عندما أقام الوليمة وأراد تدنيس المُقدسات الإلهية مع تمجيد أوثانه. هكذا استطاعوا أن يزيلوا كل أثر لدانيال على القصر الملكي.
- مع كل ما حلّ به لم يُراجع الملك نفسه، ويفحص تصرفاته. لقد دنس مقدسات الله ومجد أوثانه، فكان يليق به أن يبحث عن رجل الله، يطلب منه مشورة للتكفير عما فعله، لكنه عِوض البحث عن رجل الله طلب رجال الأوثان من سحرة ومنجمين. لقد أرعبه الله، فكان يليق به أن يبحث عمن يقدم له الصوت الإلهي، لكنه حتى في وسط ارتباكه طلب صوت أوثانه. لقد أدرك أنه لا يستطيع الهروب من حكم الله، فطلب أن يجد تعزيته في السحرة. يمكننا القول أن بيلشاصر كان أعمى، أغلق عينيه عن معاينة النور الإلهي.
بإعلانه عن الهدايا التي يقدمها لمن يفسر له الرؤيا أوضح أن قلبه لم يتمتع بالمخافة الإلهية. لقد صار شبه ميت، ومع هذا ففي كبريائه الخفي يظن أنه يُغني من يفسر له الرؤيا، عِوض الوعد بالتوبة.
“ثم دخل كل حكماء الملك،
فلم يستطيعوا أن يقرءوا الكتابة، ولا أن يُعرفوا الملك بتفسيرها.
ففزع الملك بيلشاصر جدًا، وتغيرت فيه هيئته، واضطرب عظماؤه” [8-9].
لقد ظهرت لهم الكتابة أشبه بسفرٍ مختومٍ كما جاء في (إش 29: 11)، لم يستطيعوا فتحه وقراءته. أو قل إنهم صاروا عميانًا غير قادرين على الرؤية. وُضعت غشاوة على قلوبهم، فلم يستطيعوا القراءة.
وهب الله الملك بيلشاصر أن يرى اليد الخفية تكتب على الحائط، لكنه لم يهبه القدرة على قراءة ما هو مكتوب. وجاء الحكماء ليقرءوا، لكنهم كانوا أشبه بالعميان. لقد سمح الله بذلك حتى يزداد الملك رعبًا، فيرتعب كل من حوله. ولعل هذا الحدث بين ألفٍ من العظماء غير الزوجات والسراري جعل خبر الرؤيا ينتشر سريعًا، لا على مستوى المدينة بل وخارجها؛ مما أعطى كورش طمأنينة وثقة أن ما يصنعه يلزم أن يتم سريعًا، لأن يدّ الله تسنده. هذه الأحداث التي حتمًا بلغت كورش فيما بعد بتفاصيل دقيقة دفعته نحو تكريم دانيال وشعبه وإلهه، فسمح للشعب بالعودة إلى أورشليم.
أدان الله تصرف الملك الشرير في ذات الساعة، فجاءت الكتابة لا في حلم بل حقيقة ملموسة. وقد أدرك الملك أن عقوبة تنتظره، لذلك خاف جدًا قبل معرفته بالتفسير. هذا يوضح أن ما فعله الملك لم يكن عن جهلٍ وإنما عن إدراك ووعي.
v رأى بيلشاصر أصبع يد تكتب على الحائط، وفي الحال انطبعت صورة شيء مادي على روحه خلال حواس جسدية، وعندما انتهت الرؤيا بقيت الصورة في أفكاره، بقيت منظورة في الروح لكن غير مفهومة…
عندما فشل في اكتشاف المعنى، جاء دانيال في الحال، وإذ كان ذهنه مستنيرًا بروح النبوة، كشف للملك المضطرب المعنى النبوي للعلامة[132].
القديس أغسطينوس
- إحضار دانيال أمام الملك:
“أما الملكة فلسبب كلام الملك وعظمائه دخلت بيت الوليمة،
فأجابت الملكة وقالت: أيُّها الملك عش إلى الأبد.
لا تفزعك أفكارك ولا تتغير هيئتك.
يوجد في مملكتك رجل فيه روح الآلهة القدوسين،
وفي أيام أبيك وُجدت فيه نيرةُ وفطنة وحكمة كحكمة الآلهة،
والملك نبوخذنصَّر أبوك جعله كبير المجوس والسحرة والكلدانيين والمنجمين” [10-11].
واضح أن الملكة قد عاصرت أحداث نبوخذنصَّر جد بيلشاصر، غالبًا ما تكون زوجته، أي جدة بيلشاصر، وليست زوجته، لأن الأخيرة كانت مع الملك في الوليمة. أما الجدة ففي حكمة ووقار لم تشترك في الوليمة، إذ كان حضور النساء مع الرجال في الولائم يُخالف العادات الشرقية في ذلك الحين. غير أن مخاطبة الملكة للملك يشهد لدقة السفر، ففي بابل كان للملكة الأم منزلة عُليا في البيت الملكي[133].
لقد ذكَّرت الملك بدانيال، الذي غالبًا ما كان على المعاش أو مستبعدًا، لكن لا يمكننا الجزم بأن بيلشاصر لم يسمع عنه، فقد كان كثيرون ينظرون إليه كملاكٍ نازلٍ من السماء. لقد كان الملك غارقًا في ملذاته التي جعلته يتجاهل أو لا ينشغل برجل الله، ويقاوم الله نفسه.
عاتبته الملكة بروح هادئ، وكأنها تقول له: “لماذا تسلك في الظلمة وقد وهبك الله رجلاً يحمل مشعل النور الفائق؟!”
“من حيث إن روحًا فاضلة ومعرفة وفطنة وتعبير الأحلام وتبيين ألغاز وحل عقد وُجدت في دانيال،
هذا الذي سماه الملك بلطشاصر.
فليُدعَ الآن دانيال فُيبين التفسير” [12].
لقد ميَّزت الملكة العجوز بين دانيال والسحرة. فقد كان السحرة يفتخرون بأنهم قادرون على تفسير الأحلام، لكن افتخارهم كاذب وباطل، أما دانيال فتمتع بثلاث عطايا إلهية، بها فاق الجميع، وميَّزه عنهم.
- فيه روح فاضلة.
- فيه معرفة وحكمة.
- قادر على تفسير الأحلام وتبيين الألغاز وحلّ المشاكل.
كشفت أيضًا عن تقدير نبوخذنصَّر له إذ نسبه إلى إلهه، وأعطاه اسمًا مكرمًا “بلطشاصر“. لقد حمل اسمًا مشابهًا لاسم الملك ” بيلشاصر“. لذا يليق به ألاَّ يحتقره لكونه غريب الجنس ومسبيًّا!
“حينئذ أُدخل دانيال إلى قدام الملك، فأجاب الملك وقال لدانيال:
أأنت هو دانيال من بني سبيّ يهوذا الذي جلبه أبي الملك من يهوذا؟
قد سمعت عنك أن فيك روح الآلهة، وأن فيك نيرة وفطنة وحكمة فاضلة.
والآن أَُدخل قدامي الحكماء والسحرة ليقرءوا هذه الكتابة،
ويُعرفوني بتفسيرها، فلم يستطيعوا أن يبينوا تفسير الكلام.
وأنا قد سمعت عنك أنك تستطيع أن تفسر تفسيرًا وتحل عقدًا.
فإن استطعت الآن أن تقرأ الكتابة، وتُعرفني بتفسيرها،
فتلبس الأرجوان، وقلادة من ذهب في عنقك،
وتتسلط ثالثًا في المملكة” [13-16].
مع كل ما حلّ بالملك، وما سمعه من جدته لم يتضع، نادمًا على ما فعله، بل تحدث مع دانيال في عجرفة، ناظرًا إليه كرجلٍ ذليلٍ مسبيّ. ولعله استخدم هذا الأسلوب لكي يلزمه بالطاعة والالتزام بالنطق بالحق معه.
لقد اعترف الملك أنه التجأ إلى السحرة فظهر عجزهم التام، وأنه يأمل بسبب ما سمعه عنه أن يقدم له ما عجز عنه هؤلاء الرجال.
قدم الملك وعودًا لدانيال من ثياب ملوكية (أرجوان) وقلادة ذهبية مع سلطان، ولم يكن يدري أنه هو نفسه يفقد ممتلكاته وسلطانه بل وحياته بعد ساعات. كان مرتعبًا أمام القضاء الإلهي، وربما كان يشعر أنه يفقد كل شيء سريعًا، لكنه أخفى هذا كله، مقدمًا وعودًا للآخرين لا يقدر أن يتمتع هو نفسه بها.
- تفسير دانيال:
“فأجاب دانيال وقال قدام الملك:
لتكن عطاياك لنفسك وهب هباتك لغيري.
لكني أقرأ الكتابة للملك وأُعرفه بالتفسير” [17].
أظهر دانيال استخفافه بالعطايا الزمنية قبل أن يقرأ الكتابة ويفسرها، لئلا يظن الملك أن الرفض ليس من أعماق القلب، وإنما لأن دانيال أدرك أن ملكه ينتهي، وكأن دانيال استغل الرؤيا لحسابه الشخصي. على أي الأحوال كما يقول القديس جيروم: [إن دانيال تبع الوصية الإنجيلية رافضًا أية مكافأة، إذ قيل: “مجانًا أخذتم، مجانًا أعطوا”[134]]. لم يرتبط قلبه بغنى أو كرامة أو سلطة، ومن جانب آخر أدرك أنه ليس في سلطان بيلشاصر أن يقدم هذه الأمور، لأن ساعة هلاكه قد حلّت.
اختلفت طريقة تفسير دانيال للرؤيا هنا عنها مع نبوخذنصَّر. لقد أظهر استهانته بالمكافأة، للأسباب التالية.
- خطية الملك هنا ليست عن جهل، فقد سبق أن عرف ما حدث مع جده.
- هاجم بيلشاصر الله القدير.
- مجَّد بيلشاصر الأوثان ومدحها بقصد إهانة الله الحيّ.
جاءت الكتابة: “حُسبت، حُسبت، وزنت، انقسامات” ومعناها: أحصى الله مملكتك أو قيَّمها وأنهاها. وزنت بالموازين ووُجدت ناقصًا. تقسم مملكتك وتعطى لإمبراطورية مادي وفارس.
يقول القديس جيروم: [إنه بهذا تحققت نبوة إشعياء النبي عن أنهيار مملكة بابل أثناء إقامة الوليمة بطريقة حرفية دقيقة، إذ يقول: “تاه قلبي، بغتني رعب، ليلة لذتي جعلها ليّ رعدة، يرتبون المائدة، يحرسون الحراسة، يأكلون، يشربون – قوموا أيها الرؤساء امسحوا المجن” (إش 21: 4-5)[135]].
“أنت أيها الملك، فالله العلي أعطى أباك نبوخذنصَّر ملكوتًا وعظمة وجلالاً وبهاء.
وللعظمة التي أعطاه إياها، كانت ترتعد وتفزع قدامه جميع الشعوب والأمم والألسنة.
فأيا شاء قتل، وأيا شاء استحيا،
وأيا شاء رفع، وأيا شاء وضع.
فلما ارتفع قلبه، وقَسَت روحه تجبرًا،
انحط عن كرسي ملكه، ونزعوا عنه جلاله” [18-20].
أوضح له دانيال أن ما تمتع به جده الملك نبوخذنصَّر لم يكن سوى عطية إلهية، فإن كل سلطانٍ هو من الله (رو 8: 1)، إذ يُريد الله أن تظهر قوته بطريقة منظورة خلال الممالك. لكنه أساء استخدام العطية، عوض أن يُمجد الله ويخدم البشر تشامخ وتجبَّر قلبه.
كان نبوخذنصَّر صاحب سلطان يقتل من يشاء ويعفو عمن يشاء؛ يرفع من يشاء، ويذل من يشاء، ولم يدرك أن حياة الناس هي في يد الله، بل وحياة الملك نفسه وكرامته وسلطانه هذه جميعها في يد الله.
v إن كان هذا هو الحال (يستطيع الملك أن يفعل ما يشاء)، يثور السؤال: كيف نفهم ما جاء في الكتاب المقدس “قلب الملك في يد الله حيثما شاء يميله” (أم 21: 1). ربما يمكننا القول إن كل قديس هو ملك، لأن الخطية لا تملك في جسده المائت، بهذا يبقى قلبه محفوظًا في أمان، لأنه في يد الله (رو 6). حالما يوضع في يد الله الآب، فبحسب الإنجيل، لا يقدر أحد أن ينتزعه. أما من يُنتزع يُفهم أنه لم يكن قط في يد الله[136].
القديس جيروم
“وطُرد من بين الناس، وتساوى قلبه بالحيوان،
وكانت سكُناه مع الحمير الوحشية، فأطعموه العشب كالثيران،
وأبتل جسمه بندى السماء،
حتى علم أن الله العلي سلطان في مملكة الناس،
وأنه يُقيم عليها من يشاء” [21].
ما حدث مع نبوخذنصَّر أمر له خطورته، يُحسب درسًا لأجيال متعاقبه، لكن هوذا حفيده بيلشاصر سرعان ما نسي الدرس أو تناساه، فلم ينتفع من خبرة جده، الذي لتشامخه اعتزل البشرية ليعيش في مملكة الحيوانات العجماوات كمن لا عقل له. هذا ما فعله حفيده بمحض إرادته حين صنع الوليمة بغير تعقلٍ ودنَّس المُقدسات الإلهية، حاسبًا أنه يستخف بالله.
“وأنت يا بيلشاصر ابنه، لم تضع قلبك مع أنك عرفت كل هذا” [22].
يدعو بيلشاصر ابنا للملك نبوخذنصَّر الذي سقط تحت التأديب الإلهي بسبب كبريائه؛ وكأنه يقول له: “لست أقدم لك مثالاً من أمةٍ غريبةٍ، بل من بيت أبيك وعائلتك. أنت بلا عذر!”.
يقول القديس جيروم: [إن البعض يرى أن الحديث هنا ينطبق على ضد المسيح، فكما لم ينتفع بيلشاصر من تأديب أبيه نبوخذنصَّر الذي سقط في الكبرياء، هكذا لا ينتفع ضد المسيح مما حلَّ بأبيه إبليس بسبب كبريائه. وكما انتقل المُلك من بيلشاصر بعد قتله إلى غيره، هكذا يموت ضد المسيح ويملك القديسون عِوضًا عنه[137].
“بل تعظمت على رب السماء،
فأحضروا قُدامك آنية بيته،
وأنت وعظماؤك وزوجاتك وسراريك شربتم بها الخمر،
وسبحت آلهة الفضة والذهب والنحاس والحديد والخشب والحجر التي لا تبصر ولا تسمع
ولا تعرف.
أما الله الذي بيده نسمتك وله كل طرقك فلم تمجده.
حينئذٍ أرسل من قبله طرف اليد فكتبت هذه الكتابة.
وهذه هي الكتابة التي سُطرت.
منا منا تقيل وفرسين.
وهذا تفسير الكلام.
منا أحصى الله ملكوتك وأنهاه.
تقيلُ وُزنت بالموازين، فوجدت ناقصًا.
فرس قُسِمت مملكتك وأُعطِيت لمادي وفارس.
حينئذ أمر بيلشاصر أن يُلبسوا دانيال الأرجوان، وقلادة من ذهب في عنقه، ويُنادوا عليه
أنه يكون متسلطًا ثالثًا في المملكة” [29].
قدم له الملك عطاياه، لكنها لم تدم إلاَّ لساعاتٍ،. ربما قبلها دانيال النبي لئلا يظن الملك أنه ثائر ضده أو متعجرف عليه ومتشامخ. ارتدى دانيال ثوب ارجواني ملوكي، وقلادة من ذهب تُشير إلى السلطة الملوكية… بهذا أُعطيت الفرصة لكورش أن يتعرف عليه ويتساءل عن سبب تكريمه، فيسمع عن الرؤيا.
يعلل القديس جيروم تقديم الملك المكافأة لدانيال بأنه ظن أن هذه النبوة المؤلمة ستتحقق في المستقبل البعيد، أو أنه بتكريمه رجل الله يجد رحمة ونعمة لدى الله.
- النتائج:
“في تلك الليلة قُتل بيلشاصر ملك الكلدانيين.
فأخذ المملكة داريوس المادي وهو ابن اثنتين وستين سنة” [30-31].
بينما كان الشرب بكؤوس بيت الرب جاريًا قبل الصباح دخل كورش بابل بطريقة لم يتوقعها الحراس والرقباء في الأبراج العالية، فقد فاض نهر الفرات تحت أسوار بابل الضخمة. كان الفرس قد حفروا مجرى ضخمًا خارج بابل ولم يدري البابليون بذلك. وبسرعة قاموا بتوصيل المجرى بالنهر فتدفقت المياه في المجرى، فعبر الجيش إلى داخل المدينة خلال النهر الجاف تحت الأسوار. من داخل المدينة فتحوا الأبواب فاقتحم الجند المدينة من كل جانب وقُتل بيلشاصر في نفس الليلة أو ربما الليلة التالية. لقد تحولت المملكة من أيدي البابليين إلى الفارسيين، بهذا ننتقل من الرأس الذهبي للتمثال إلى الصدر والكتفين من الفضة كما جاء في الأصحاح الثاني من السفر.
تحدث المؤرخون الوثنيون عن احتلال كورش لبابل وهم مندهشون، فقد كشف له القائدان المنشقان عن بيلشاصر الطريق لفتح المدينة.
داريوس المادي:
كلمة داريوس بالفارسية معناها “مالك الخير”، وهو لقب للملوك الفارسيين مثل فرعون بالنسبة لمصر، وقيصر لروما.
يرى البعض ان داريوس المادي هو نفسه كياكسريز الثانيCyaxares II بن[138] Astyages خال كورش الذي أعطاه عرش بابل كشريكٍ له في الحكم. وكما يقول القس عبد المسيح بسيط أبو الخير بأنه جاء في السفر أن “داريوس بن أحشويرش من نسل الماديين الذي مُلك على مملكة الكلدانيين” (9: 1). “مُلك” هنا تُعني “جُعل ملكًا” “was made ruler” على بابل، أي أنه كان حاكمًا شريكًا ونائبًا عن الملك كورش. ويقول السفر أيضًا أن المملكة لم تُعطَ لمادي وحدها، بل “لمادي وفارس” (5: 28)، وكان الملك يحكم بحسب شريعة واحدة مشتركة، هي “شريعة مادي وفارس التي لا تُنسخ” (6: 8، 15)، والتي لم يكن في مقدور داريوس أن يُغيرها أو يناقضها، أي أن دانيال النبي يتحدث عن إمبراطورية واحدة متحدة، هي إمبراطورية مادي وفارس، ولا يتحدث عن إمبراطوريتين متعاقبتين. كما أنه لم يكن في إمكانه تعديل أو تغيير أو مقاومة شريعة “مادي وفارس”، شريعة المملكة المتحدة[139]. لم يتحدث دانيال عن الحرب التي قامت بين البابليين ومادي، إنما تحدث عنها إشعياء (ص 50، 51). لسنا في حاجة إلى الإشارة إلى التحالف بين مادي وفارس، خاصة في احتلالهما بابل تحت قيادة داريوس وكورش، حيث احتل الاثنان المدينة.
يقول القديس جيروم: [بعد أن قُتل (بيلشاصر) بواسطة داريوس ملك مادي، خال كورش الفارسي، تحطمت إمبراطورية الكلدانيين بواسطة كورش الفارسي. لقد تحدث إشعياء في الأصحاح 21 عن المملكتين (مادي وفارس) كقائدي مركبة يجرها جمل وحمار (إش 21: 7)[140]].
ويرى البعض أنه هو جوباروا Gubaru أو Gubarn أو Gobryas القائد العام لكورش، الذي احتل بابل وكان له دوره الفعال. جاء في النقوش المسمارية الإسفينية، التي كُشفت ونُشرت في القرن العشرين أن كورش عَين قائد جيشه جوباروا حاكمًا على بابل فور فتحها، هذا بدوره أقام حكامًا في بابل. هذا يعني أن كورش سلمه قيادة البلد وإقامة حكام، أما هو فخرج ليحقق النصرة على بقية البلاد. كما ذكرت الألواح المسمارية اسمه كحاكم لبابل وما وراء النهرين أي؛ بابل وسوريا وفينيقية وفلسطين، على مدى أربعة عشرة عامًا، وكان اسمه يبعث الرعب في قلوب المجرمين.
ويرى آخرون أن كورش نفسه دُعي داريوس[141].
لم يشر هيرودوت إلى داريوس كملك وذلك بسبب ضعف شخصيته وفساده، خاصة وانه سلم العرش لابن اخته كورش[142]. كان داريوس في الثانية والستين من عمره، هذا يتفق مع ما ورد في زينوفون[143] بكونه كياكسريز الثانيCyaxares II.
لماذا سمح الله لدانيال أن يلبس الأرجوان؟
تُقدم لنا حياة دانيال صورة حية عن معاملات الله معنا. بين الحين والآخر يتمجد الله في حياة دانيال ويستخدمه لخدمة شعبه المسبي. لكن قدرما كان الله يتمجد فيه، كان عدوّ الخير يخطط لتحطيمه، فتتحول الخطة لبنيان ملكوت الله. الآن وقد بدى دانيال كمن هو خارج المسرح يجتذبه إلى القصر خلال رؤيا بيلشاصر، وينتهي الأمر أن يرتدي الأرجوان والقلادة من ذهب في عنقه ويصير الرجل الثالث في المملكة. لم يدم هذا أكثر من ساعات قليلة حيث استولى كورش على بابل وقتل الملك بيلشاصر، ووجد دانيال بهذا اللباس، وإذ سأل عنه عرف أنه تنبأ عن سقوط مملكة بابل وقيام مملكة فارس، وعن نصرة كورش الخ. كرَّمه وقربه إليه كرجل الله، وتعاطف مع شعبه. وكأن الله قد سمح بما ورد في هذا الأصحاح في اللحظات الحاسمة لسقوط بابل ونصرة فارس حتى يصغي كورش لدانيال وشعبه، ويستمع إلى نبوات إرميا النبي عن عودتهم بعد سبعين عامًا من السبي، فأصدر أمره بذلك (عز 1: 1-4).
من وحي دانيال 5
لأتمتع بوليمة حبك،
فلا اشتهي ولائم العالم!
v في جسارة دنّس بيلشاصر الأواني المقدسة،
وفي جهالة أُدنس جسدي، إناءك الثمين!
لأتمتع بوليمة حبك يا مخلصي،
فلا أشتهي بعد ولائم العالم!
v امتدت يدك لتُعلن حكمك على بيلشاصر المتجاسر،
ليكتب روحك الناري في قلبي كلمات حبك.
ولا أستشير حكيمًا من العالم،
بل أطلب دانيال نبيك،
وأسمع صوتك الإلهي في داخلي!
v احتقر دانيال كل عطايا الملك،
ولم يشتهِ غنى ولا سلطانًا،
فأعطيته نعمة في عيني كورش،
ليسند شعبك في سبيهم.
متى اَحتقر كل الزمنيات؟!
متى اقتنيك يا كنز نفسي ومجدها الداخلي؟!
ها أنا بين يديك استخدمني كيفما تريد!
سفر دانيال: 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14
تفسير سفر دانيال: مقدمة – 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12