تفسير سفر التكوين ٣٧ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح السابع والثلاثون
إبتداء من هنا نجد قصة يوسف كرمز للمسيح لكن يعترضها قصة يهوذا فهو الذي جاء منه المسيح بالجسد. ولم يعرض الكتاب بالتفصيل لقصة حياة يهوذا لكنه يتحدث بالتفصيل عن قصة حياة يوسف لأنه حمل رموزاً واضحة لحياة وعمل المسيح. وتعتبر حياة يوسف حلقة الوصل بين عصر الأباء البطاركة ونشأة اليهود كشعب وأمة تحت العبودية تصرخ طالبة الخلاص. وفتح يوسف الطريق لأبيه إسرائيل وعائلته أن يعيشوا في مصر ليكونوا جسداً منفصلاً عن وثنية كنعان وعن كبرياء مصر.
يوسف كرمز للمسيح
- يوسف كان الأبن المحبوب لأبيه ثم صار عبداً في مصر. والمسيح هو الإبن المحبوب الذي جاء إلي العالم كعبد (مصر رمز العالم). فهو أخذ شكل العبد وهو الإبن المحبوب. أف 6:1 + هذا هو إبني الحبيب الذي به سررت.
- أول ما نري يوسف في 2:37 أنه كان يرعي مع إخوته رمزاً للمسيح الراعي الصالح.
- وفي 3:37 كان يعمل ويرعي مع أبناء بلهة وزلفة الجاريتين. فهو الإبن المحبوب يخدم أولاد العبيد. والمسيح الإبن المحبوب الذي أتي ليَخدِم لا ليُخدَم. ويخدم من؟ أولاد عبيده.
- يوسف هو إبن شيخوخة يعقوب. والمسيح هو إبن قديم الأيام دا 13:7.
- أحلام يوسف كانت تشير لأن يوسف ليس إنساناً عادياً ولكن إخوته رفضوا ملكه ورفض إخوة يوسف لأحلامه هو ما حدث عندما رفض اليهود أن يسجدوا للمسيح ويعبدوه كملك هذا الذي تجثو له كل ركبة في 8:2-11. وفرعون طلب السجود ليوسف.
- يوسف حسده إخوته 11:37. والمسيح حسده الكهنة وبيلاطس عرف هذا مر 10:15.
- وأما أبوه يعقوب فحفظ الأمر وهكذا كانت العذراء (لو 19:2) ويعقوب تعجب من أحلام يوسف ربما فهم أنه سيكون عظيما لكنه كتم الأمر حتي لا يثير حسد إخوته بالأكثر.
- يعقوب يرسل يوسف لإخوته (13:37) والمسيح يرسله الأب للعالم يو 36:5-38.
- يوسف ذهب لإخوته في محبة. ولم يجدهم في شكيم حيث أرسله والده فذهب يفتش ويسأل عنهم وذهب وراءهم إلي دوثان (يقال أن معناها ثورة). وكان يمكن أن يعود إلي والده قائلاً لم أجدهم. لكنها هي محبته. أما إخوته نتيجة حسدهم خططوا لقتله. والمسيح جاء إلي خاصته وخاصته لم تقبله. (مت 38:21). هو وجد إخوته في حالة ثورة ضده (دوثان).
- هو ذهب لإخوته يحمل لهم خبزاً. فأرسلوه لمصر كعبد وسجن ليخرج ويدخل القصر ويعود ليعطي إخوته خبزاً يشبعهم ويعطيهم حياة. هو وهب حياة لكل إنسان من الحنطة أي الخبز والمسيح جاء ليعطينا نفسه خبزاً. وهو الأن في قصره السماوي يشبع كل إنسان.
- مشاوراتهم لقتل يوسف هي مثال لمشاورات اليهود لقتل المسيح.
- كما أنقذ يوسف العالم من المجاعة أنقذ المسيح العالم من مجاعة للحق ومن الموت الروحي.
- رفضه إخوته ولم يستطيعوا أن يكلموه بسلام أما هو فكلمهم بسلام وجاء يخدمهم ورفضوه. فإخوته رفضوه وقبله الأمم (مصر) وهكذا المسيح رفضه اليهود وقبله كل العالم.
- أعطاه أبوه قميصاً ملوناً. والمسيح كانت له الكنيسة ثوباً ملوناً، وثوباً لأنها إلتصقت بالمسيح كالثوب وملونا فهي متعددة المواهب.
- هم كرهوه لأنه في أحلامه أعلن مجده. والمسيح كان دائما يعلن نسبته لله مما أثار اليهود فكرهوه يو 59،58:8. ويوسف لم يكره إخوته بالرغم من كراهيتهم له وهكذا المسيح.
- إخوة يوسف أخلعوه ثيابه. وهكذا فعل اليهود بالمسيح.
- الأمم إلبسوا يوسف الثياب الملوكية بعد أن سجنوه والعالم خضع للمسيح بعد أن رفضه زمناً.
- الأمم إشتروا يوسف بالفضة. والأمم اشتروا المسيح بإيمانهم به.
- لم نسمع أن يوسف قاومهم والمسيح لم يقاوم بل كان كشاة سيقت للذبح وكان طائعاً.
- بيع يوسف بعشرين من الفضة. والمسيح بيع بثلاثين من الفضة.
- الذي أشار ببيع يوسف هو يهوذا أخوه. ويهوذا هو الذي سلم المسيح.
- إخوة يوسف بعد أن طرحوه في البئر جلسوا ليأكلوا والمسيح بعد أن صلبوه أكلوا الفصح.
- نزول يوسف للبئر وخروجه حياً يشير لموت المسيح وقيامته.
- يوسف كان حسن الصورة والمنظر (6:3) والمسيح كان أبرع جمالاً من بني البشر.
- يوسف حوكم ظلماً في مصر وهكذا المسيح حوكم ظلماً في العالم (مصر رمز لأرض العبودية).
- يوسف جرِب من أمراة فوطيفار وغلب والمسيح جربه إبليس وغلب.
- المرأة أتهمت يوسف ظلماً وزوراً والمسيح طالما إتهموه زوراً (أنه مجنون وببعلزبول يخرج الشياطين وأنه أكول وشريب خمر. بل للأن هناك أتهامات موجهة للمسيح.
- كان مع يوسف في السجن إثنين خباز وساقي. والمسيح صلب بين لصين. وكما نجا الساقي وهلك الخباز هكذا خلص اللص اليمين وهلك اللص اليسار. وهكذا كل العالم فجزء من العالم سيخلص والجزء الأخر سيهلك يو 29:5.
- دخل يوسف السجن لا لذنب إرتكبه. وهكذا المسيح صار إنساناً وصلب عن ذنوبنا لا ذنبه هو.
- يوسف وقف أمام فرعون وسنه 30 سنة والمسيح بدأ خدمته وسنة 30 سنة. وكانت خدمة يوسف أن يشبع العالم وهكذا كان عمل المسيح.
- خلع يوسف ثياب السجن ولبس اللبس الملوكي. ليعلن أن زمن الألام إنتهي ويأتي زمن المجد. فطريق المجد ليوسف مر عبر الألام (من إخوته ومن المصريين وفي السجن…) والمسيح جلس عن يمين الأب بعد أن مر بطريق الألام والصليب.
- حلق الشعر ليوسف يشير لأن المسيح خلع صورة الجسد الأول ليأخذ الجسد النوراني.
- فرعون ألبس يوسف ثوب كتان أبيض (رمز بر المسيح) وخاتم (رمز السلطان والبنوة) وطوق ذهبي (رمز المجد).
- مشورة يوسف لفرعون هي الحكمة والتدبير والمسيح هو أقنوم الحكمة. وإذا سلمنا له حياتنا يدبرها حسنا فلا نجوع. وكانت سمة يوسف عموماً الحكمة.
- سماه فرعون صفنات فعنيح ولها ترجمات عديدة سنذكرها بعد ذلك وتعني طعام الحياة أو مخلص العالم أو معلن الأسرار وهذه كلها أسماء المسيح مشبع العالم ومخلصه.
- زواج يوسف بأسنات هو رمز المسيح الذي إتخذ كنيسة الأمم عروساً له. وكان ثمرة الزواج منسي (أنساني الله كل تعبي) وأفرايم (جعلني الله مثمراً). والمسيح يفرح وينسى كل ألامه حين يجد الكنيسة مثمرة. بل السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب.
- كان حلم فرعون 7 بقرات سمينة تأكلها سبع بقرات قبيحة. والبقرات السمينة تشير للكنيسة الخارجة من المعمودية (فالبقرات خرجت من الماء). والبقرات القبيحة تشير للهراطقة وكل محاولات عدو الخير لإبتلاع الكنيسة خصوصاً محاولة الوحش في نهاية الأيام ان يبتلع الكنيسة ويعتدي عليها.
- المجاعة كانت تدبير من الله ليعود إخوة يوسف ويتقابلوا مع يوسف. كما دبر الله مجاعة للإبن الضال ليعود لحضن ابيه. وحوتاً يبتلع يونان. هي خطة الله ليجذب كل نفس للتوبة حتي تتقابل مع المسيح يوسفها الحقيقي.
- لقاء يوسف مع إخوته تم علي 3 مراحل تشير لمعاملات الله مع الخاطئ التائب:-
أ إخوة يوسف لم يعرفوه في اللقاء الأول واليهود لم يعرفوا المسيح. وهكذا كل خاطئ في بداية توبته تكون معرفته بالمسيح ضعيفة جداً بل يكاد لا يعرفه. وقد يعامل المسيح الخاطئ بجفاء كما عامل المسيح المرأة الكنعانية، وكما عامل يوسف إخوته. (نش 2:5-7).
ب. في اللقاء الثاني أيضا لم يعرفوه لكنه بكي وحده. هو قلب المسيح الذي يشتاق لكل واحد منا.
ج. في اللقاء الثالث أعلن ذاته لهم وبكي وأخرج الجميع فالمسيح لا يعلن نفسه سوي لأحبائه كما في القيامة.
د. لاحظ أن يوسف أمر بحبسهم 3 أيام ثم أعطاهم القمح. وهكذا حتي نشبع من المسيح علينا أن نموت معه (صلب الأهواء والشهوات) والثلاث أيام إشارة للقيامة في اليوم الثالث فنحن نتقابل مع المسيح علي أساس القيامة (أي بحياته المقامة التي يعطينا إياها).
- إرتاع إخوة يوسف عند رؤيته والمسيح سيرتاع منه الخطأة عند ظهوره. هم إرتاعوا أما هو فيقول تعالو إلي وكما غفر يوسف لإخوته غفر المسيح علي الصليب “يا أبتاه إغفر لهم”.
- يوسف لم يستح من إخوته وهكذا المسيح لا يستحي بنا بل يدعونا إخوته. عب 11:2. وكما قدم يوسف إخوته لفرعون غير خجلاً من وضاعتهم هكذا سيقدمنا المسيح للآب كإخوة له قائلاً ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله عب 11:2-13.
- دعوة يوسف ليعقوب وإخوته ليعيشوا في مكان مجده (هو مصر الآن) هي دعوة المسيح لنا لنعاين مجده “من يغلب يجلس معي في العرش رؤ 21:3. وإرسال العربات الملكية ليعقوب لتشهد لمجده. هو إرسال الروح القدس لنا ليعلن مجد المسيح “فهو يأخذ مما للمسيح ويخبرنا يو 14:16.
- يقول يعقوب لأولاده ما بالكم واقفين تنظروا لبعضكم إذهبوا لئلا نموت. هي دعوة الكنيسة لأولادها توبوا وإرجعوا للمسيح فيرجع إليكم فتكون لكم حياة ولا تموتوا.
- يقول فرعون “لا تحزن عيونكم علي أثاثكم لأن خيرات مصر كلها لكم” والعربات هي العربون وبولس الرسول يحسب كل شئ نفاية ليعرف المسيح في 8،7:3.
- رجوع إخوة يوسف إلي يوسف يشير لرجوع اليهود للمسيح وإيمانهم به في أخر الأيام.
- قيل عن يعقوب “فعاشت روح يعقوب حين سمع عن يوسف” فنحن لا نعيش إلا به ونموت لو إبتعدنا عنه. فهو الحياة “من أمن بي يحيا” وهو خبر الحياة.
- قيل عن يوسف أنه سيد الأرض كلها والمسيح هو ملك الملوك وسيد الخليقة كلها.
- سجود يعقوب لعصا يوسف هو سجود الكنيسة كلها للصليب الذي كان به الخلاص.
- قيل عن يوسف أنه حسن الصورة وحسن المنظر وهو في بيت فوطيفار أي في بيت العبودية ونحن لم نعرف جمال محبة المسيح إلا بعد أن تجسد ورأيناها بوضوح وهو علي الصليب.
- لعل أروع ما قاله يوسف “أنتم قصدتم بي شراً. أما الله فقصد به خيراً. لكى يفعل كما اليوم، ليحيي شعباً كثيراً” إليس هذا هو ما حدث مع المسيح. لقد قصد اليهود أذيته وأن يلحقوا به شراً حوله الله لخير البشرية كلها وحياة العالم مزمور 1:2-4.
العهد القديم كله هو ظل للعهد الجديد. كله إشارات لعمل المسيح. هو وسائل لإيضاح خطة الخلاص. وهناك نبوات واضحة صريحة عن المسيح مثل “ها العذراء تحبل وتلد إبناً أش 7” وهناك شخصيات ترمز للمسيح مثل إسحق ويوسف. وشخصيات ترمز للكنيسة مثل راحيل ورفقة. وهناك أحداث تشير لخطة الخلاص مثل مرور الشعب في البحر رمزاً للمعمودية وهكذا أيضا الطوفان. بل أن خيمة الإجتماع كلها هي رمز للمسيح كما سنري لذلك قال الأباء أن العهد الجديد مختبئ في العهد القديم والعهد القديم مشروح في العهد الجديد. وإنجيل متي مثلاً حاول أن يشرح كيف أنه في المسيح كان تحقيق نبوات العهد القديم. وهذا ما يعنيه السيد المسيح بأنه ما جاء لينقض العهد القديم بل ليكمله. ويكمله أي يحقق في نفسه كل ما حاول العهد القديم أن يشرحه، هو أعلن كل معاني القصص التي وردت في العهد القديم فكلها كانت تشير لشخصه المبارك. هو حل رموز وألغاز العهد القديم. فإن شهادة يسوع هي روح النبوة “رؤ 10:19”
حياة يوسف
يوسف هو إبن راحيل المحبوبة، لذلك أحبه أبوه وصنع له قميصاً ملوناً كان سبب ألامه. إذ كرهه إخوته لأنهم شعروا بمحبة أبيهم الزائدة ليوسف. وهم كانوا قادرين علي جذب محبة أبيهم بحكمة وخضوع لأبيهم. ولكنهم آثروا طريق الشر فرأوبين إعتدي علي فراش أبيه وشمعون ولاوي كانوا متوحشين وأولاد بلهة وزلفة كانوا اشرار وأتي يوسف بنميمتهم أي نقل لأبيه أخبار شرورهم. قطعاً نقل أخبار مثل هذه ليس صحيحاً لكن يبدون أن يعقوب كان له حزناً في قلبه بسبب أولاده وأحب يوسف الذي رآه كاملاً فضلاً عن أنه ابن راحيل. وهنا نجد ربما خطأ ليعقوب أنه احب يوسف أكثر من إخوته وهذه المعاملة المميزة تسبب غيرة وحسد بين الإخوة. ونلاحظ أن يوسف في محبته، إذ أحب أخوته بالرغم من كراهيتهم له قد نفذ وصية المسيح قبل أن يأتي المسيح بـ 2000 سنة وفي طهارته ورفضه للزني نفذ وصايا موسي قبل أن يأتي موسي أو تكتب الوصايا (هذا بالتقليد فكل شي مسلم شفاهة للأباء وموسي قام بكتابته) كانت وصايا الله مكتوبة علي قلب يوسف قبل أن تكتب علي ألواح حجرية.
كانت هناك أسباب اخري لكراهية إخوة يوسف له وهي أحلامه التي رواها لهم فأثارت كل أحقادهم الدفينة وهذا يعطينا فكرة أن لا نتحدث عن نجاحنا الجسدي أو نجاحنا الروحي أمام الأخرين حتي لا نثير أحقادهم ونكون سبب عثرة لهم.
أما إخوة يوسف فنري في مؤامراتهم منتهي الوحشية والعجيب أن يجلسوا ويأكلوا بعد أن ألقوا بأخيهم في البئر بل ربما أكلوا من الطعام الذي أحضره لهم.
وربما سمح الله ليوسف بهذه الألام لأنه كان شخصاً مدللاً أراد الله أن يصقله ليعده لعمل عظيم. ولذلك فقول يوسف “لستم أنتم أرسلتموني إلي مصر بل الله الذي أرسلني” يعطينا فكرة أن حياتنا هي في يد الله وكل شئ بسماح منه وأن كل الأمور تعمل معاً للخير للذين يحبون الله” ولقد سمح الله بأن يجتاز يوسف تجربة شديدة لكنه كان معه في كل خطوة كما حدث مع الثلاث فتية في أتون النار. فالله رافقه في بيت فوطيفار وفي السجن فتحول إلي بركة للجميع. وأعطاه القلب المفتوح والعين المفتوحة ففسر الأحلام. بل أنقذ العالم من مجاعة فصار بركة للعالم. وأعطاه الله نعمة في عين كل أحد (فوطيفار/ رئيس السجن/ فرعون).
ولكن لم يسكت الشيطان بل حرك زوجة فوطيفار ولم يجد يوسف عذراً للخطية بأنه شاب وفي إحتياج لهذا أو أن زوجة فوطيفار قادرة علي أذيته… الخ بل شعر بأنه أمام الله ولا يجب أن يخطئ. لقد كان هذا الشاب البتول أكثر طهارة من داود المحصن بزوجاته. فهو فضل أن يلقي في السجن، فضل العار وربما الموت عن أن يخطي إلي الله. في حياة يوسف نري كيف أن نعمة الله تعمل وسط التجارب، وكيف أن الله فسر علي يديه الأحلام ليعد له الطريق إلي القصر. وكانت هذه الأحلام (الخباز والساقي ثم أحلام فرعون) من الله، علي أن هناك أحلام من الشيطان وأحلام من العقل الباطن. ولنتأمل في يوسف حين سأل الساقي أن يذكره أمام فرعون. ماذا كانت أقصي أماله: إما أن يطلقه فرعون حراً ويعود لأبيه ولإخوته الأشرار أو يعمل مساعداً للساقي. ولكن هل كان يعلم ما في فكر الله من خير نحوه بل نحو كل العالم. وجميل أن نري في حياة يوسف أن اسم الله دائما علي لسانه. هو لا يخطئ أمام الله. وهو لا يفسر الأحلام بل الله… إذاً هو يعطي المجد لله لذلك رفعه الله، وعلينا أن لا نطلب مجد أنفسنا بل نترك هذا لله، نحن نمجده وهو الذي يشهد لنا. فهو أراد أن يختفي هو ليظهر الله لكن الله أظهره ومجده حتي الأن.
ونقطة أخري تتضح في حياة يوسف المتدين. فهو يظهر أن الدين ليس صوم وصلاة فقط بل عمل وتدبير والله يشترك في العمل فيكون ناجحاً “وكان الله مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً” وكان جفاؤه مع إخوته ظاهرياً فهو إنسان عاطفي حساس يبكي مراراً. ولكن سبب الجفاء الظاهري أن يشعر إخوته بخطإهم. أيضا هو نفذ “إحسنوا إلي المسيئين إليكم” قبل المسيح. ونري في يوسف بره بأبيه وكيف إستقبله إستقبالاً لائق وفي موته كيف شيعه ونفذ وصيته بدفنه في مغارة المكفيلة أي تحمل كل مشاق السفر إكراماً لأبيه.
ووصية يوسف لإخوته أن لا تتغاضبوا في الطريق هى وصية المسيح لكنيسته وشعبه أن لا تتغاضبوا وتتخاصموا بل كونوا جسداً واحداً وروحاً واحداً… (أف 4:4).
ويوسف حصل علي نصيب البكر لأمانته، إذ حصل علي نصيب إثنين في الميراث في شخصي إبنيه إفرايم ومنسي لذلك نجد دائما اسماء الأسباط الـ12 لا تشتمل علي اسم يوسف، بل رفع اسم يوسف ليوضع مكانه أسماء أفرايم ومنسي وبهذا يكون يوسف قد حصل علي نصيب البكر أي نصيبن من الميراث وفي هذا إشارة إلي البكورية الروحية التي فقدها رأوبين لخطيته. والبكورية الروحية حصلت عليها الكنيسة بسبب خطية شعب اليهود وصلبهم للمسيح ورفضهم له.
” 1 وسكن يعقوب في ارض غربة ابيه في ارض كنعان “
سكن يعقوب في أرض كنعان أرض غربة أبيه= حتي يتسلمها أبنائه وأحفاده كأرض موعد يعيشون فيها لا كغرباء في خيام وإنما كمواطنين يبنون المدن والمنازل.
” 3 واما اسرائيل فاحب يوسف اكثر من سائر بنيه لانه ابن شيخوخته فصنع له قميصا ملونا “
كانت شعوب المنطقة في ذلك الوقت تعتبر الثياب الملونة شيئاً فاخراً يلبسه المكرمون.
” 10 وقصه على ابيه وعلى اخوته فانتهره ابوه وقال له ما هذا الحلم الذي حلمت هل ناتي انا وامك واخوتك لنسجد لك الى الارض “
هل نأتي أنا وأمك: غالباً يقصد بلهة جارية راحيل فهي التي إهتمت به بعد موت أمه لكن المعني أن الأسرة كلها تسجد له.
” 11 فحسده اخوته واما ابوه فحفظ الامر “
حسده إخوته: بسبب الأحلام وبسبب محبة أبيه له وربما ما زاد الأمر نقل نميمتهم لأبيه.
” 13 فقال اسرائيل ليوسف اليس اخوتك يرعون عند شكيم تعال فارسلك اليهم فقال له هانذا “
اليس اخوتك يرعون عند شكيم: خوف يعقوب علي أبنائه راجع لخوفه من انتقام أهل شكيم.
” 20 فالان هلم نقتله ونطرحه في احدى الابار ونقول وحش رديء اكله فنرى ماذا تكون احلامه “
أحد الأبار: هي حفر تحفر لجمع المياه (مياه الأمطار) وإدخارها لوقت الحاجة وكانت تجف وقت الصيف. وكان من يطرح فيها يندر أن ينجو فهي عميقة وواسعة من أسفل ضيقة من أعلي.
” 25 ثم جلسوا لياكلوا طعاما فرفعوا عيونهم ونظروا واذا قافلة اسماعيليين مقبلة من جلعاد وجمالهم حاملة كثيراء وبلسانا ولاذنا ذاهبين لينزلوا بها الى مصر 26 فقال يهوذا لاخوته ما الفائدة ان نقتل اخانا ونخفي دمه 27 تعالوا فنبيعه للاسماعيليين ولا تكن ايدينا عليه لانه اخونا ولحمنا فسمع له اخوته 28 واجتاز رجال مديانيون تجار فسحبوا يوسف واصعدوه من البئر وباعوا يوسف للاسماعيليين بعشرين من الفضة فاتوا بيوسف الى مصر “
القافلة قافلة إسماعيليين ومدياينين فهم بينهم تجارة وزواج مشترك.
كثيراء: نوع من أنواع الصمغ يستخدم في الطب وفي التغرية (لصق الأشياء).
بلسان: دهن طيب الرائحة يسيل من شجرة البلسان متي جرح ساقها يستخدم في الطب والتحنيط .
لاذن: نوع من الصمغ يستخدم في الطب
” 32 وارسلوا القميص الملون واحضروه الى ابيهم وقالوا وجدنا هذا حقق اقميص ابنك هو ام لا “
أحضروه إلي أبيهم: لقد خدع يعقوب أبيه بملابس عيسو وها هو يخدع بملابس يوسف.
” 36 واما المديانيون فباعوه في مصر لفوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط “
في (1:39) يذكر أن فوطيفار رجل مصري وهذا غريب. والتفسير أن فرعون في هذا الوقت كان من الهكسوس ورجاله كلهم من الرعاة (الملوك الرعاة) فتركيز الكتاب المقدس هنا أن خصي فرعون كان مصرياً يصبح شي مفهوم لأنه مصري وسط رجال القصر الذي هم كلهم من الهكسوس الرعاة. ولذلك طلب يوسف من إخوته أن يذكروا لفرعون أنهم رعاة (34:46) فهو بالتأكيد سيتعاطف معهم فهم رعاة مثله. ونفهم كذلك كيف إرتقي يوسف لهذا المنصب الكبير وهو غريب فالملك نفسه غريب. ولأن الهكسوس الغرباء كانوا رعاة كان المصريين يكرهون الرعاة ويعتبرونهم شيئاً كريهاً (34:46). ونلاحظ أيضا أن الملك كان له مواش كثيرة. والخصي هو من نزعت خصيتاه ليخدم مع نساء فرعون. ثم إصبحت اسم وظيفة كبيرة حتي لو لم يحدث له هذا بدليل أننا نجد فوطيفار أن له زوجة. (خصي مترجمة رئيس).
سفر التكوين – أصحاح 37
تفاسير أخرى لسفر التكوين أصحاح 37
تفسير تكوين 36 | تفسير سفر التكوين القمص أنطونيوس فكري |
تفسير تكوين 38 |
تفسير العهد القديم |