تفسير سفر هوشع ٨ للقس أنطونيوس فكري

الإصحاح الثامن

الآيات (1،2):

“إلى فمك بالبوق.كالنسر على بيت الرب.لأنهم قد تجاوزوا عهدي وتعدّوا على شريعتي.  إلى يصرخون يا الهي نعرفك نحن إسرائيل”

إلى فمك بالبوق = الله يأمر النبي أن ينذر شعب إسرائيل بالخراب القادم. وكان البوق يستعمل للإنذار بالحرب. فكأن نبوات النبي هي البوق. والعدو سيأتي على بيت الرب كالنسر = أي في هجوم خاطف. وبيت الرب هو إسرائيل شعب الله.؟ إلىّ يصرخون يا إلهي نعرفك = أي نحن شعبك وبيتك فلماذا تسمح بهذا ضدنا. والرد لأنهم تعدوا على شريعتي = فمن يحفظ عهد الله يحفظه الله. ذو الرأي الممكن تحفظه سالماً سالماً لأنه عليك متوكل (أش3:26) وقولهم يا إلهي نعرفك، فهذا قول بالشفاه ولكن القلب مبتعد بعيداً فلا يستطيعون أن يقولوا يا إلهي نحبك. هم كانوا شعب الله ولكنهم بإنفصالهم عنه صاروا أموات. وحيثما توجد الجثة يجتمع النسور حولها (مت27:24) لذلك هاجمهم ملوك أشور كالنسر.

 

الآيات (3-6):

“قد كره إسرائيل الصلاح فيتبعه العدو. هم أقاموا ملوكا وليس مني.أقاموا رؤساء وأنا لم اعرف.صنعوا لأنفسهم من فضتهم وذهبهم أصناما لكي ينقرضوا. قد زنخ عجلك يا سامرة.حمي غضبي عليهم.إلى متى لا يستطيعون النقاوة. انه هو أيضا من إسرائيل.صنعه الصانع وليس هو إلها.أن عجل السامرة يصير كسرا”

آية (3) الصلاح الذي كرهه إسرائيل هو حفظ وصايا الرب. ولو تبعوا الرب ما تبعهم العدو. وآية (4) معظم ملوك إسرائيل ملكوا نتيجة فتن وقتلْ. وهم لم يتبعوا وصايا الرب أبداً منذ نشأتهم لذلك هم ليسوا منى. وأول ملوكهم يربعام أقام هياكل وضع فيها عجول ذهبية. وظنوا أن الله يحل فيها ولكنها تحولت مع الوقت للعبادة الوثنية. وهو صنع هذا خوفاً من ثورة إسرائيل لتعود لحكم ملوك يهوذا حيث الهيكل وأورشليم. وعبادتهم الوثنية هذه جعلتهم ينفصلوا عن الله وهذا ما جعلهم ينقرضوا = أي تتبدد مملكتهم في السبي. وفي (5) قد زنخ عجلك يا سامرة = زنخ أي فسد فتغيرت مكانته وأصبح مرفوضاً وفي الإنجليزية أنه أصبح مرفوضاً. وذلك لأنه لم يستطع أن يحمي عابديه ومحبيه ولا حتى قَدِرَ أن يخلص نفسه = ويصير كسراً (6) فسقط من عيونهم. الملك هو من يملك على شعبه ولا يملك أحد عليه. ونحن نصير ملوكاً لو لم تمتلكنا شهواتنا، بل بإرادتنا بمعونة إلهية نتحرر من كل شهوة تستعبدنا. لذلك نفهم أقاموا ملوكاً وليس منى = [1] أن ملوك إسرائيل ليسوا بحسب فكر الله فهم منشقون عن كرسي داود. [2] روحياً تشير لمن أسلم إرادته لشهواته وهذا ضد رأي الله وبنفس المفهوم.. الله أعطانا مواهب ووزنات = ذهباً وفضة فماذا فعلنا بها؟ هم أقاموا من الذهب والفضة تماثيل عبدوها ونحن بمواهبنا أقمنا تمثالاً للذات وعبدناه. وبددنا مواهبنا ووزناتنا في العالم وهذا مما يحزن الله. وبسبب أفعالهم حمي غضبي عليهم = لأنهم عوضاً عن أن يستخدموا عطايا الله لمجد الله بددوها لحساب الشيطان. إلى متى لا يستطيعون النقاوة = هذا سؤال الله في حزن عليهم. فهم لأنهم رفضوا الله القدوس لن يستطيعوا أن يحيوا في نقاوة وهم صنعوا لأنفسهم إلهاً من أختراعهم = أنه هو أيضاً من إسرائيل = فهم الذين اخترعوا هذا العجل الذهبي وعبدوه !! الله قادر أن ينقينا أن أردنا. وبهذا لا نتألم. لذلك لا يجب أن نلومه على ما نحن فيه من آلام وخطايا فهي منّا ومن اختراعاتنا. وأن سلمنا إرادتنا لله وامتنعنا عن أن نخونه فسيكون أميناً معنا.

 

الآيات (7-10):

“انهم يزرعون الريح ويحصدون الزوبعة.زرع ليس له غلّة لا يصنع دقيقا.وان صنع فالغرباء تبتلعه. قد ابتلع إسرائيل.الآن صاروا بين الأمم كإناء لا مسرّة فيه. لأنهم صعدوا إلى أشور مثل حمار وحشي معتزل بنفسه.استأجر افرايم محبين. أني وان كانوا يستأجرون بين الأمم الآن اجمعهم فينفكّون قليلا من ثقل ملك الرؤساء”

يزرعون الريح = طبيعي أن يكون الحصاد من جنس البذار. وهم زرعوا أعمالاً ردية باطلة فيسحصدون الدمار الكامل – يحصدون الزوبعة = خراب وقلاقل وهموم. هم تكبدوا مشقات كثيرة في الزراعة ولكنهم تعبوا باطلاً فالريح تزيل كل شئ. زرع ليس لهُ غلة = بلا بركة مثل سنابل فرعون التي لفحتها الريح الشرقية فلم يوجد فيها شئ وأن صنع فالغرباء تبتلعه = هم الآن بدون بركة حماية الرب عليهم. وفي (8) الآلهة الوثنية لا تبارك بل تبتلع وتدنس وهذا ما حدث لهم = قد ابتلع إسرائيل. بل فقدوا كرامتهم في أعين الأمم. صاروا كإناء لا مسرة فيه = فإذ هم يُجارون الأمم في شرورهم إذ بهذه الأمم تزدري بهم والسبب في (9) هم صاروا كحمار وحشي= غبي وعنيد وصعب المراس معتزل بنفسه = لا يقبل مشورة أحد، ولا يصدهم شئ حتى سيف غضب الله وهم في عنادهم هذا لم يلجأوا لله ليحميهم بل هم استأجروا مجيين = وهم تكبدوا نفقات كثيرة ليشتروا صداقة الأمم حولهم يا لهُ من غباء أن نطلب المعونة والراحة والعزاء والفرح من العالم وليس من الله.

وآية (10) هي نبوة صيغت كلماتها بطريقة تجعلها تفسر بعدة طرق:-

هم الآن يستأجرون بين الأمم محبين أي يدفعوا لملك أشور ليعقد معهم معاهدة حماية. وهذا لا يرضيني ولذلك سأسلمهم أسرى في يد ملك أشور لكنني أعود فأجمعهم. فينفكون = أي يتحررون من نير ملك أشور= ثقل ملك الرؤساء وكان ملك أشور يسمى نفسه ملك الرؤساء أو ملك ملوك (أش8:10) وقوله قليلاً لأنهم تحرروا من سبيهم فعلاً أيام كورش ملك فارس ولكن سريعاً ما سقطوا تحت حُكم اليونان ثم تحرروا قليلاً وبعد هذا سقطوا تحت حُكم الرومان.

ورد المقطع الأخير من الآية في الترجمة السبعينية هكذا ” ينفكون قليلاً عن مسح ملك ورؤساء. وهذه إشارة لذهابهم للسبي حيث يكونوا بلا ملك ولا رؤساء وهذه صيغة تهكم أنهم سيرتاحون من مسح ملك لهم يمسحه الله ليكون ملكاً.

تشير الآية للأيام الأخيرة حيث يجمعهم الله قرب نهاية الأيام ليؤمنوا بالمسيح ويشير المقطع الأول وإن كانوا يستأجرون بين الأمم = لتشتتهم في كل أنحاء العالم لمدة 2000سنة وحين يتجمعوا يتحررون من ثقل ملوك العالم الذين أذلوهم 2000سنة ولكن هذا سيكون قليلاً = لأن تجمعهم سيكون إيذاناً بنهاية العالم.

 

الآيات (11-14):

“لان افرايم كثّر مذابح للخطية صارت له المذابح للخطية. اكتب له كثرة شرائعي فهي تحسب أجنبية. أما ذبائح تقدماتي فيذبحون لحما ويأكلون.الرب لا يرتضيها.الآن يذكر أثمهم ويعاقب خطيتهم.انهم إلى مصر يرجعون. وقد نسي إسرائيل صانعه وبنى قصورا وكثّر يهوذا مدنا حصينة.لكني أرسل على مدنه نارا فتأكل قصوره”

في (11) هم أشركوا عبادة الأصنام مع عبادة الله = لأن أفرايم كثّر مذابح الخطية = أي مذابح الأصنام. والبداية كانت بأنهم أقاموا هياكل العجول خارج أورشليم والنهاية صارت عبادتهم كلها خطية. وفي (12) الله أعطاهم الناموس والشريعة لتكون لهم حياة ولكنهم لم يعودوا يفهمونا وكأنها صارت أجنبية أو كأنها ليست لهم وفي (13) لأن عبادتهم صارت غير مقبولة فذبائحهم لم تكن أكثر من لحماً يؤكل. ومصر تشير للعبودية والمعنى أنهم لخطيتهم يعودون للعبودية ولكن في أشور. وفي (14) يهوذا أيضاً مخطئ ولا يظن أن مدنه الحصينة ستحميه. وحقاً فلقد نجت أورشليم من حصار جيش أشور يوم هلك الـ185000 لكن قبل أن يحاصر أشور أورشليم فلقد أحرقوا 46مدينة من يهوذا وجاءت الآية في الإنجليزية وقد نسى إسرائيل صانعه وبنى هياكل (وكلمة هياكل أوقع من الترجمة العربي قصوراً).

فاصل

فاصل

تفسير هوشع 7 تفسير سفر هوشع
القمص أنطونيوس فكري
تفسير هوشع 9
تفسير العهد القديم

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى