تفسير سفر إشعياء ٣٢ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الثاني والثلاثون
آية (1) هوذا بالعدل يملك ملك و رؤساء بالحق يترأسون.
قد يكون الملك هو حزقيا ولكنه يرمز هنا للمسيح، والنبي يمدحه هنا علي استجابته لعدم التحالف مع مصر. والكلام أبعد من حزقيا، فكل ما قيل هنا لا ينطبق علي حزقيا بل علي المسيح ويكون. الرؤساء = هم الرسل، أو المؤمنين الذين لهم سلطان علي أجسادهم.
آية (2) و يكون إنسان كمخبأ من الريح و ستارة من السيل كسواقي ماء في مكان يابس كظل صخرة عظيمة في ارض معيية.
يلجأ المسافر إلي المخبأ فيستريح سواء من الريح الحارة، أو الريح الباردة. والصخرة العظيمة تفعل نفس الشيء. والمعني واضح فيه التجسد بقوله ويكون إنسان. وبولس قال إن الصخرة كانت المسيح. كسواقي ماء = المسيح أرسل لنا الروح القدس يروي النفوس العطشي في البرية القاحلة. ولو فهمنا أن الكلام عن حزقيا فهو لتشجيعه ليكمل باقي إصلاحاته.
آية (3) و لا تحسر عيون الناظرين و آذان السامعين تصغى .
الوعد هنا أن الله يهب لمن في ملكوته القدرة علي السمع والفهم.
آية (4) و قلوب المتسرعين تفهم علما وألسنة. العييين تبادر إلى التكلم فصيحا.
المتسرعون هم الذين يتكلمون وليس لهم معرفة. والمعيون هؤلاء لهم معرفة لكنهم لا يقدرون علي الكلام. والوعد هنا أنه في ملكوت المسيح يتجدد القلب واللسان فيتكلم الجميع بمحبة المسيح. بطرس كمثال بعد أن كان خائفاً بعظة واحدة آمن 3000.
آيات (5 – 8) و لا يدعى اللئيم بعد كريما و لا الماكر يقال له نبيل.لان اللئيم يتكلم باللؤم و قلبه يعمل إثما ليصنع نفاقا و يتكلم على الرب بافتراء و يفرغ نفس الجائع و يقطع شرب العطشان.و الماكر الاته رديئة هو يتآمر بالخبائث ليهلك البائسين بأقوال الكذب حتى في تكلم المسكين بالحق. و أما الكريم فبالكرائم يتآمر و هو بالكرائم يقوم.
في ملكوت المسيح نعطي نعمة التمييز. والإفراز فلا ننخدع ونحسب اللئيم كريما، ولا داعي للرياء فيقال للئيم أنه كريم أو العكس. فأبناء هذا الدهر يعتبرون الناس بحسب أموالهم ومراكزهم ولكن هذه لن تغير من طبع الإنسان.
آيات (9 – 15) أيتها النساء المطمئنات قمن إسمعن صوتى. أيتها البنات الواثقات أصغين لقولى. أياماً على سنة ترتعدون أيتها الواثقات. لأنه قد مضى القطاف الاجتناء لا يأتي.ارتجفن أيتها المطمئنات ارتعدن أيتها الواثقات تجردن و تعرين و تنطقن على الاحقاء.لاطمات على الثدي من اجل الحقول المشتهاة و من اجل الكرمة المثمرة. على ارض شعبي يطلع شوك و حسك حتى في كل بيوت الفرح من المدينة المبتهجة.لان القصر قد هدم جمهور المدينة قد ترك الأكمة و البرج صارا مغاير إلى الأبد مرحا لحمير الوحش مرعى للقطعان. إلى أن يسكب علينا روح من العلاء فتصير البرية بستانا و يحسب البستان وعرا.
قارن هذه الآيات بالإصحاح الثالث فيبدو أن بنات أورشليم كن غافلات = اهتمامهن بالملبس والزينة الخارجية، مما دفع بأزواجهن لظلم الناس ليحصلوا علي أموال لشراء هذه المستلزمات، وهنا يحذرهن أنه بعد أيام علي سنة = أي بعد سنة وبضعة أيام تأتي الضيقات بواسطة سنحاريب. فمن يسيء استخدام الخيرات يجرده الله منها. هؤلاء النسوة يمثلن العذارى الجاهلات أو رافضي المسيح، هم يلهون في العالم فتضيع منهم أفراح الحصاد وعوض السلام يحل خوف ورعدة. لأنه قد مضي القطاف = حينما تأتي ضيقة الحصار لن يكون هناك مجال للقطاف أو جني الثمار. وسوف يتجردن ويتعرين = من الملابس الغالية، ويلبسن مسوحاً ويلطمن كمن لهم ميتا. وذلك لأن أرضهم الخصبة داسها جنود أشور فخربت وطلع فيها شوك وحسك. ويمتد نظر النبي لأبعد من أشور ويري ما صنعته بابل في هدم القصر والسبي = جمهور المدينة قد ترك = وقد تكون النظرة أبعد من ذلك فتكون هذه النبوة عن خراب أورشليم (أيام الرومان) التي لم تعرف زمان افتقادها. و يتطابق هنا كلام النبي مع كلام السيد المسيح “يا بنات أورشليم.. لا تبكين عليَ بل أبكين علي أنفسكن” الأكمة والبرج = أقسام من أورشليم وقد صارا مغاير نتيجة الخراب ويستمر هذا الخراب إلي أن يسكب روح من العلاء = هذه تفهم :
أ – حلول الروح القدس يوم الخمسين.
ب – إيمان باقي اليهود الذين كانوا في خراب، في أخر الأيام. وبعد حلول الروح القدس تحول الأمم (الوعر) إلي بستان. واليهود الذين كانوا بستاناً صاروا وعر لرفضهم السيد المسيح.
آيات (16 – 19) فيسكن في البرية الحق و العدل في البستان يقيم.و يكون صنع العدل سلاما و عمل العدل سكونا و طمأنينة إلى الأبد.و يسكن شعبي في مسكن السلام و في مساكن مطمئنة و في محلات أمينة. و ينزل برد بهبوط الوعر و إلى الحضيض توضع المدينة.
يعم العدل والحق في كل مكان وينزل بَرَدْ = هذه أحكام الله علي أورشليم فلابد من حدوث التأديب قبل وفاء المواعيد. والوعر = قد يكون أشور أو بابل أو القوات التي ستثير معركة ضخمة في الأيام الأخيرة.
آية (20) طوباكم آيةا الزارعون على كل المياه المسرحون أرجل الثور و الحمار
الزارعون = أي المبشرون الذين يزرعون كلمة الله بعمل الروح القدس المياه. وهؤلاء طوباهم فهم يفكون أسر وعبودية الثور والحمار = الثور كحيوان طاهر يرمز لليهود. والحمار كحيوان نجس يشير للأمم. وتشبيههما بثور وحمار فذلك لأنهما كبشر كان الكل مستعبد للخطية لأجل اللذة. وبحسب الناموس ما كان الثور والحمار يرعيان معاً (تث 22 : 10) فلا عبادة مشتركة بين اليهود والأمم، أما في كنيسة المسيح فلقد صار الكل واحداً يرعيان معاً.