تفسير سفر اللاويين – المقدمة للقمص تادرس يعقوب ملطي
إن كان الإنسان في سفر التكوين سرعان ما فقد علاقته بالله فخسر سرّ حياته، جاء سفر الخروج يعلن خلاص الإنسان بخروجه من عبودية إبليس، فرعون الحقيقي، لينطلق نحو الأبدية، خلال برية هذا العالم. وجاء سفر اللاويين يعلن إلتصاق الله القدوس بشعبه خلال الحياة المقدسة التي ننعم بها خلال السيد المسيح الذبيح والكاهن في نفس الوقت. وكأن هذا السفر هو “سفر القداسة” التي بدونها لا نعاين الله ولا نقدر على الإتحاد معه، هذه القداسة هي عطية الله توهب لنا خلال ذبيحة السيد المسيح الفريدة التي قدم لها الذبائح الحيوانية الدموية كطريق رمزي يمهد لها؛ هذه الذبيحة قدمها السيد أيضًا بكونه الكاهن السماوي وقد مهد لفهم كهنوته الكهنوت اللاوي أيضًا كرمز.
هذا وقد أبرز هذا السفر إلتحام العطية المجانية للحياة المقدسة خلال الذبيحة الفريدة بالجهاد الروحي الحيّ بالتزامنا بشريعة التقديس.
ليهبنا إلهنا الصالح القدوس أن نتفهم أسرار هذا السفر في حياتنا اليومية حتى ندخل إلى معرفة صليبه ونتقبل عطية القداسة، مجاهدين روحيًا من أجل التمتع بالله القدوس.
القمص تادرس يعقوب ملطي
–
– سفر اللاَّويين |
|
– الباب الرابع الأصحاح [16] |
– الباب الأول الأصحاحات [1-7] |
|
الأصحاح السادس عشر (يوم الكفارة العظيم) |
الأصحاح الأول (ذبيحة المحرقة) |
|
– الباب الخامس الأصحاح [17] |
الأصحاح الثاني (تقدمة القربان) |
|
الأصحاح السابع عشر (المذبح والذبائح) |
الأصحاح الثالث (ذبيحة السلامة) |
|
– الباب السادس الأصحاحات [18- 22] |
الأصحاح الرابع (ذبيحة الخطية) |
|
الأصحاح الثامن عشر (القداسة والعلاقات الجسدية) |
الأصحاح الخامس (ذبيحتنا الخطية والإثم) |
|
الأصحاح التاسع عشر (القداسة والمعاملات) |
الأصحاح السادس (ذبيحة الإثم وشرائع الذبائح) |
|
الأصحاح العشرون (الأوثان والزنا) |
الأصحاح السابع (شرائع الذبائح (تكملة)) |
|
الأصحاح الحادي والعشرون (شرائع خاصة بقداسة الكهنة) |
– الباب الثاني الأصحاحات [8-10] |
|
الأصحاح الثاني والعشرون (شرائع خاصة بقداسة المقدسات) |
الأصحاح الثامن (طقس التكريس) |
|
– الباب السابع الأصحاحات [23-27] |
الأصحاح التاسع (ممارسة العمل الكهنوتي) |
|
الأصحاح الثالث والعشرون (المحافل المقدسة) |
الأصحاح العاشر (العمل الكهنوتي والنار الغريبة) |
|
الأصحاح الرابع والعشرون (الفرح الداخلي) |
– الباب الثالث الأصحاحات [11-15] |
|
الأصحاح الخامس والعشرون (شرائع الحرية الداخلية) |
الأصحاح الحادي عشر (الأطعمة المحللة والمحرمة) |
|
الأصحاح السادس والعشرون (البركات واللعنات) |
الأصحاح الثاني عشر (تطهير الوالدة) |
|
الأصحاح السابع والعشرون (النذور والبكور) |
الأصحاح الثالث عشر (تطهير برص الجسد وبرص الثياب) |
|
|
الأصحاح الرابع عشر (شريعة تطهير الأبرص) |
|
|
الأصحاح الخامس عشر (شريعة ذي السيل) |
|
|
سفر اللاَّويين
اسم السفر:
دعاه اليهود بالعبرية “ويقرأ Wayyiqra” أو “فيقرأ“، التي تعني “ودعا“، مستخدمين الكلمة الأولى من السفر أما دعوته باللاويين فجاءت عن الترجمة السبعينية Leueitikon، ربما لأنه يهتم بالأكثر بالكشف عن دور الكهنة واللاويين في طقوس الذبائح وشرائع التطهير والإحتفال بالأعياد والإهتمام بالنذور، كما أعلن عن تكريس هرون وبنيه الكهنة، وقد دعاه اليهود في المشناه[1] “شريعة الكهنة، كتاب الكهنة، كتاب التقدمات“[2].
إن كان هذا السفر في غالبيته يوضح خدمة الكهنة واللاويين ووساطتهم، لكنه هو سفر الجماعة كلها، أي سفر الكنيسة كهنة وشعبًا، لهذا كثيرًا ما يبدأ الشرائع بقوله: “كلم بني إسرائيل“. إنه سفر يمس حياة الجماعة كلها وخلاصها وتطهيرها لتحيا مقدسة في الله القدوس. وأما الكهنة واللاويون فليسوا إلاَّ أداة إلهية لخدمة هذه الجماعة الذين هم أعضاء فيها. حقًا هم وسطاء وعاملون باسم الرب، لكنهم يعملون لحساب الجماعة وليس لحساب أنفسهم إلاَّ من حيث كونهم أعضاء فيها.
كاتب السفر:
كاتب السفر غالبًا هو موسى النبي، وقد تكررت العبارة: “وكلّم الرب موسى قائلاً” حوالي ثلاثين مرة، وبين الحين والآخر يذكر إسم هرون معه (11: 1، 14: 33، 15: 1). ولم يخاطب هرون بمفرده إلاَّ مرة واحدة (10: 8).
وضعه:
تحدد مكان وزمان إنزال هذه الشرائع بدقة، أنها أثناء الإقامة بجبل سيناء (7: 38، 25: 1، 26: 46، 27: 34)، في الشهر الأول من السنة الثانية لخروج الشعب من أرض مصر (خر 40: 16، عد 1: 1).
إن كان سفر الخروج يقدم تاريخ إسرائيل حتى إقامة خيمة الإجتماع، فقد جاء سفر اللاويين يكمل العمل كسفر ليتورجي يكشف عن ممارسة العبادة في هذه الخيمة خلال الكهنة واللاويين ملتحمة بالحياة المقدسة اللائقة بشعب يعبد الله القدوس.
إن كان سفر الخروج يعلن عن الله كلي القداسة، الله المهوب، الذي لا يستطيع الشعب أن يقترب إليه حتى في لحظات إستلام الشريعة (خر 19: 21، 24: 2)، فقد جاء سفر اللاويين يعلن عن سكني الله وسط شعبه (لا 22: 32، 26: 12) ليحملوا سماته فيهم: القداسة! وكما يقول أحد الدارسين: “لا نجد في سفر اللاويين المشرع يتحدث بلغة الرهبة، ولا يكتب على ألواح حجرية، إنما يظهر بكونه نصيب إسرائيل، الساكن في وسط شعبه، يعلمهم كيف يقتربون إلى حضرته ويقطنون في شركة معه“[3].
وكما يتميز هذا السفر عن سفر الخروج، فإنه يتمايز أيضًا عن سفر التثنية الحاوي للشريعة من جهة الهدف، فالأخير يقدم ملخصًا للشريعة للإستعمال الشعبي العام، أما سفر اللاويين فيهتم بالأكثر بالإعلان عن دور الكهنة[4].
سماته:
1. غاية هذا السفر هو إعلان أن القداسة هي الخط المميز لشعب الله، فما يقدمه شعب من عبادات وممارسات وما يمارسه كسلوك يلتزم أن يتسم بسمة القداسة، بل وأن غاية العبادة في كل صورها وغاية الوصية الإلهية هي تمتع الكل بسمة القداسة في الرب. وكأن مفتاح هذا السفر هو: “إنيّ أنا الرب إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لأنيّ أنا قدوس” (11: 44) (راجع 11: 45، 19: 2 إلخ).
قدم لنا “القداسة” ليس مجموعة من الوصايا نتممها ولا ممارسات نلتزم بها، إنما وراء الوصية والعبادة قبول الله القدوس، لذا يكرر في هذا السفر إعلان وقوفهم “أمام الرب” حوالي 60 مرة. هنا ندرك أن القداسة أيضًا ليست إمتناعًا عن النجاسة والخطية فحسب وإنما في جانبها الإيجابي إلتقاء وإتحاد مع القدوس.
2. تعتبر الرسالة إلى العبرانيين خير مفسر موحي به لهذا السفر، إذ تكشف لنا عن الطريق الحقيقي للإقتراب نحو الله خلال النعمة بينما يتحدث سفر اللاويين عن طريق الإقتراب من الله في ظل الناموس. الرسالة إلى العبرانيين تعلن عن ذبيحة السيد المسيح التي قُدمت مرة واحدة وتبقى عاملة واهبة حياة قادرة على رفع خطايا العالم، أما الذبائح الواردة في سفر اللاويين فلا تستطيع أن ترفع الخطية من الضمير الداخلي والقلب إذ تتحول هي عينها إلى رماد يحتاج إلى رفعه عن المذبح. هذا وقد قارنت الرسالة إلى العبرانيين بين الكهنوت اللاوي وكهنوت السيد المسيح الذي على رتبة ملكي صادق (عب 7).
3. سفر اللاويين هو إنجيل الخطاة معبرًا عنه بإصطلاحات العهد القديم، فيظهر بقوة إمكانية دم الذبيحة للتقديس خاصة في يوم الكفارة العظيم (لا 17).
4. إن كان الله يهتم بتقديس شعبه لخلاصهم الأبدي، فإنه لا يتجاهل إحتياجاتهم الزمنية بل يهتم بسلامة ممتلكاتهم حتى الثياب، والإطمئنان على حياتهم هنا خلال سلامة البيوت (شريعة تطهير المنازل)، بل وأكلهم وشربهم (الأطعمة المحللة والمحرمة)، وبعث روح الفرح فيهم خلال أعياد ومواسم أسبوعية وشهرية وسنوية ويوبيلية. وهكذا لا يفصل السفر بين الفداء الأبدي وإهتمام الله بالإنسان حتى في أصغر الأمور الزمنية، دون ثنائية أو تعارض بين حياتين روحية وزمنية.
5. خلال هذا السفر نجد الشعب يمثل وحدة واحدة أو جماعة واحدة، لها مذبح واحد (1: 3، 8: 3، 17: 8-9)، ووسيط واحد هو سبط لاوي… وكأن الله في تعامله مع البشرية يريدهم جسدًا واحدًا للرأس الواحد، دون إنفرادية أو إنعزالية فكر أو أنانية حتى في الحياة الروحية.
أقسامه:
يحمل هذا السفر خطين واضحين ومتمايزين وفي نفس الوقت متكاملين، وهما: الذبيحة والحياة المقدسة. فلا حياة مقدسة خارج الذبيحة التي يقدمها الكاهن على المذبح، ولا قبول للذبيحة عن شعب مستهتر بالحياة المقدسة مصِّر على عناده مع الله. بهذا يلتحم دليل الذبائح مع شرائع التطهير. ولئلا يظن أحد أن الحياة المقدسة هي حياة غم أو تبرم أو حرمان أو كبت خُتم السفر بالأعياد والنذور.
1. دليل الذبائح [ص 1-7].
2. تكريس الكهنة [ص 8-10].
3. دليل شرائع التطهير [ص 11-15].
4. يوم الكفارة العظيم [ص 16].
5. المذبح وقداسة الدم [ص 17].
6. شرائع التقديس [ص 18-22].
7. الأعياد والنذور [ص23-27].