الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد

تفسير سفر الرؤيا اصحاح 22 – كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة

الأصحاح الثاني والعشرون
شجرة الحياة وختام السفر

 

مقدمة للأصحاح:

تأتي الأعداد من (1-6) مكملة لوصف المدينة التي بدأ وصفها في الأصحاح السابق، أما باقي الأعداد (7-21) فتأتي كخاتمة للسفر ومختلف نبواته.

 

(1) شجرة الحياة (ع 1-6):

1 وَأَرَانِى نَهْرًا صَافِيًا مِنْ مَاءِ حَيَاةٍ، لاَمِعًا كَبَلُّورٍ، خَارِجًا مِنْ عَرْشِ اللهِ وَالْخَرُوفِ. 2 فِى وَسَطِ سُوقِهَا، وَعَلَى النَّهْرِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ، شَجَرَةُ حَيَاةٍ تَصْنَعُ اثْنَتَىْ عَشْرَةَ ثَمَرَةً، وَتُعْطِى كُلَّ شَهْرٍ ثَمَرَهَا، وَوَرَقُ الشَّجَرَةِ لِشِفَاءِ الأُمَمِ. 3 وَلاَ تَكُونُ لَعْنَةٌ مَا فِي مَا بَعْدُ، وَعَرْشُ اللهِ وَالْخَرُوفِ يَكُونُ فِيهَا، وَعَبِيدُهُ يَخْدِمُونَهُ. 4 وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ، وَاسْمُهُ عَلَى جِبَاهِهِمْ. 5 وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى سِرَاجٍ أَوْ نُورِ شَمْسٍ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلَهَ يُنِيرُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.

6 ثُمَّ قَالَ لِى: «هَذِهِ الأَقْوَالُ أَمِينَةٌ وَصَادِقَةٌ، وَالرَّبُّ، إِلَهُ الأَنْبِيَاءِ الْقِدِّيسِينَ، أَرْسَلَ مَلاَكَهُ لِيُرِىَ عَبِيدَهُ مَا يَنْبَغِى أَنْ يَكُونَ سَرِيعًا.»

 

ع1: نهرًا صافيًا: ليس كأنهار العالم التي تصفو أحيانًا وتتعكر أحيانًا أخرى.

لامعًا كبلور: للتأكيد على صفائه ونقائه.

المعنى بالطبع روحي لأنه لا عطش ولا شرب في ملكوت الله، ولكن المقصود بالنهر وماء الحياة هي التعزيات الإلهية العذبة والممنوحة من الله لمختاريه ومحبيه وارثى الأبدية ولهذا قال أن مصدر النهر خارجًا من العرش، وهذا الوصف يذكِّرنا بحديث السيد المسيح مع المرأة السامرية عن ماء الحياة الذي إن شرب منه أحد لا يعطش إلى الأبد (يو4: 14).

 

ع2: في وسط سوقها: تعبير يعني المكان المتاح للجميع.

من هنا ومن هناك: على جانبى النهر.

رأى القديس يوحنا على جانبى النهر “شجرة الحياة”، وقد ذهب البعض أن هذا معناه تعدد الأشجار، ولكن لأن المعنى روحي رمزي في المقام الأول ولأنه استخدم تعبير “شجرة” وليس “أشجار” فنجد أن المعنى المراد إبلاغه أن هذه الشجرة متاحة ومشبعة لكل ساكنى المدينة مهما كان موقعهم على جانبى النهر.

شجرة الحياة: أجمع معظم مفسرى الكتاب المقدس على أن شجرة الحياة المتاحة للجميع هي أحد التعبيرات المتعلقة بالسيد المسيح نفسه، فهو مصدر شبع كل الجياع والعطاش للبر (مت5: 6)، وذهب البعض أيضًا أن شجرة الحياة قد ترمز إلى الصليب.

وهذه “الشجرة” أي المسيح جزيل العطايا والنعم على أولاده فيعطيهم كل شهر، وليس كالشجر الموسمى الذي عطائه وأثماره مرة واحدة في السنة، في إشارة لاستمرار شبع المؤمنين بإلههم. وتعبير “اثنتى عشرة ثمرة” يشير إلى غنى وكمال وتنوع هذه العطايا لأن السنة في مفهومنا الأرضى تشمل اثنى عشر شهرًا، فهذا يعني الاستمرارية طوال السنة أي في الملكوت إلى الأبد.

ورق الشجر لشفاء الأمم: جرى العرف على أن أوراق الأشجار تجمع لتحرق، ولكن ليس في شجرة الحياة شيء غير نافع فحتى أوراقها هي مصدر للتعزية والراحة “شفاء”، والمعنى كله رمزي بالطبع. ويقصد بالأمم المؤمنين من كل العالم وليس اليهود فقط.

لا يفوت القارئ العزيز المقابلة بين هذا العدد والذي صارت فيه شجرة الحياة مُتَاحَة للجميع وبين ما جاء في سفر التكوين (تك 2: 9) عندما حُجِبَت عن البشر بسبب الخطية.

 

ع3: إذ زالت الخطية تمامًا ولا يوجد شيء نجس أو دنس في السماء، حيث وجود الله الدائم مع شعبه، رُفِعَت اللعنة الأولى أيضًا والتي كانت بسبب الخطية وكذلك رفعت كل نتائجها من تعب الإنسان ومعاناته، إذ بدأت الراحة الأبدية ومصدر هذه الراحة هو الوجود الدائم للمسيح “الخروف“، أما الوارثون “عبيده” فهم يقضون الأبدية في خدمة إلههم بالتسبيح الدائم والتمجيد لاسمه القدوس مشاركين الملائكة في عملهم السماوي.

 

ع4: وهم سينظرون وجهه: قال الله لموسى قديمًا “الإنسان لا يرانى ويعيش”(خر33: 20) وهنا صارت لنا العطية بعد أن نتخلص من الجسد المادي ونقوم بأجسادنا في صورة نورانية مُمَجَّدة نتمكن بها من رؤية الله وجهًا لوجه، وهي أعظم عطية يمكن لإنسان روحانى أن يشتهيها، ولقد أشار القديس بولس إلى هذا المشهد ذاته عندما قال “أننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكنه حينئذ وجهًا لوجه” (1 كو13: 12).

اسمه على جباههم: إشارة إلى التبعية والانتساب لله وحده.

 

ع5: ما جاء في هذا العدد يوافق ما جاء شرحه في الأصحاح السابق (ع25)، في غياب الظلمة والخوف من مدينة الله ولا احتياج لأي إضاءة مخلوقة كالشمس والقمر لأن الله سيكون له كل شيء ويغنيهم عن أي شيء (راجع شرح رؤ 21: 25).

 

ع6: ثم قال لى: الملاك المتحدث إلى القديس يوحنا.

هذه الأقوال أمينة: أي كل ما رأيته وسمعته هو حقيقي.

في نهاية مشهد رؤية مدينة الله، يختم الملاك حديثه مع القديس يوحنا مؤكدًا له أن كل ما رآه وسمعه في هذه الرؤيا هو حقيقي وصادق وأن الرب الإله بإرادته الصالحة أراد أن يعلن بعض هذه المشاهد لعبيده المجاهدين في الأرض حتى يشجعهم ليثبتوا على ما هم عليه من جهاد ومقاومة، وحتى لا تخور عزائمهم أمام الضيقات يضيف مطمئنًا أن هذا الوقت المعين لحدوث هذه الأمور هو قريب ومجيئه سيكون سريعًا”.

† نعم يا إلهي نحن نثق في مواعيدك، ولكننا أحيانًا ننسى فتكتئب قلوبنا، إذ جعلنا طموحنا في الأرض الزائلة، ولكن طوباه من ثبَّت عيناه على السماء وعليك يا أبى فيكون له الفرح الدائم هنا، والاشتياق للقائك في سماك … يا إلهي كم أشتاق لرؤياك !! فارحمنى واجعلنى من أصحاب هذا النصيب.

 

(2) ختام السفر وإعلان مجيء المسيح (ع7-21):

7«هَا أَنَا آتِى سَرِيعًا. طُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هَذَا الْكِتَابِ.»

8 وَأَنَا، يُوحَنَّا، الَّذِي كَانَ يَنْظُرُ وَيَسْمَعُ هَذَا، وَحِينَ سَمِعْتُ وَنَظَرْتُ، خَرَرْتُ لأَسْجُدَ أَمَامَ رِجْلَىِ الْمَلاَكِ الَّذِي كَانَ يُرِينِى هَذَا. 9 فَقَالَ لِىَ: « انْظُرْ، لاَ تَفْعَلْ. لأَنِّى عَبْدٌ مَعَكَ، وَمَعَ إِخْوَتِكَ الأَنْبِيَاءِ، وَالَّذِينَ يَحْفَظُونَ أَقْوَالَ هَذَا الْكِتَابِ، اسْجُدْ لِلَّهِ.» 10 وَقَالَ لِى: «لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ نُبُوَّةِ هَذَا الْكِتَابِ، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ. 11 مَنْ يَظْلِمْ فَلْيَظْلِمْ بَعْدُ، وَمَنْ هُوَ نَجِسٌ فَلْيَتَنَجَّسْ بَعْدُ، وَمَنْ هُوَ بَارٌّ فَلْيَتَبَرَّرْ بَعْدُ، وَمَنْ هُوَ مُقَدَّسٌ فَلْيَتَقَدَّسْ بَعْدُ.»

12«وَهَا أَنَا آتِى سَرِيعًا وَأُجْرَتِى مَعِى، لأُجَازِىَ كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ. 13 أَنَا الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الْبِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ.» 14 طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ، لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَيَدْخُلُوا مِنَ الأَبْوَابِ إِلَى الْمَدِينَةِ، 15 لأَنَّ خَارِجًا الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِبًا.

16«أَنَا يَسُوعُ، أَرْسَلْتُ مَلاَكِى لأَشْهَدَ لَكُمْ بِهَذِهِ الأُمُورِ عَنِ الْكَنَائِسِ. أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ، كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ.» 17 وَالرُّوحُ وَالْعَرُوسُ يَقُولاَنِ: «تَعَالَ.» وَمَنْ يَسْمَعْ فَلْيَقُلْ: «تَعَالَ.» وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ، وَمَنْ يُرِدْ، فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا.

18 لأَنِّى أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هَذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هَذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 19 وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هَذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هَذَا الْكِتَابِ.

20 يَقُولُ الشَّاهِدُ بِهَذَا: «نَعَمْ، أَنَا آتِى سَرِيعًا.» آمِينَ، تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ.

21 نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ، آمِينَ.

 

ع7: ها أنا آتى سريعًا: الكلام هنا للسيد المسيح عن مجيئه الثاني.

إذ قرب السفر من نهايته يطمئن السيد المسيح منتظريه فيعلن قدومه السريع ويمتدح أيضًا كل من آمن وتعلق قلبه بأقوال نبوات سفر الرؤيا كله.

 

ع8، 9: أنا يوحنا: أشار القديس إلى اسمه لتأكيد مرجعية وصدق سفر الرؤيا.

بلغت المشاعر الروحية أقصاها وملأت كيان القديس يوحنا بعد كل ما رآه وسمعه فوجد نفسه (وخاصة بعد سماع صوت المسيح الأخير) ينزل على ركبتيه “خررت” لكي يسجد أمام رجلى الملاك الذي كان مرشده في هذه الرؤيا، إلاّ أن الملاك منعه من ذلك مقدمًا السبب في أنه (الملاك) من خليقة الله التي تعبده وتمجده مثل باقي الأنبياء والقديسين ولكن السجود ينبغي أن يقدم لله وحده.

 

ع10: لا تختم: لا تكتم.

أراد السيد المسيح أن يصل إلينا كل ما رآه القديس في سفر الرؤيا، فجاء الأمر إليه بأن يعلن كل ما رآه لنا، ويحثه السيد أيضًا أن يفعل ذلك بسرعة إذ صار وقت مجيئه قريب(ع7).

 

ع11: يعلن المسيح أنه قد انتهى وقت التوبة بانتهاء الزمن الأرضى وبداية الأبدية بمجيئه الثاني، فكل من “ظلم” سيكون جزاءه بمثل ما صنع وكل من نجَّس جسده بالخطية سيظل حاله كما هو عليه فلا مجال الآن لتصحيح أو تغيير الأوضاع … وكما أن حال الأشرار سيبقى كما هو .. كذلك أيضًا حال الأبرار ..، فكل من عاش في البر والطهارة والقداسة سيظل حاله كما كان عليه، أي أن الأبدية امتداد لما زرعه الإنسان في حياته على الأرض وهذا يوضح لنا الحقائق التالية:

أن مراحم الله الواسعة مجالها حياة الإنسان على الأرض ولكن ما مات عليه الإنسان يحدد مصيره النهائى.

الله عادل جدًا، فيجازى الأشرار والأبرار بما صنعوا وليس محاباة.

تحمل هذه الآية تحذيرًا من المصير النهائى للإنسان وتحثه للتوبة قبل ضياع الفرص.

 

ع12، 13: ها أنا آتى سريعًا: المقصود في مجيئه الثاني (ع7).

أجرتى معي: تعني أنا صاحب المكافأة والمجازاة والديان وحدى (ص11: 18).

لأجازى كل واحد كما يكون عمله: تكرر هذا التعبير في (مت16: 27)، (رو2: 6)، (ص2: 22) وهو إثبات للاهوت السيد اللمسيح بأنه الديان العادل.

الألف والياء البداية والنهاية والأول والآخر: جاء هذا الكلام أيضًا في (ص1: 8، ص21: 6)، ومفاده هو التأكيد على صفات السيد المسيح اللاهوتية مثل أنه مصدر وخالق كل الأشياء وأنه هو الإله الأزلي والأبدي، وقد تحدث بمثل هذه الصفات عن نفسه في أول السِفر ويتحدث هنا بذات الصفات عينها في نهايته، ليعلن لنا أنه هو من سمح ليوحنا بهذه الرؤيا وهو نفسه موضوعها وجوهرها.

 

ع14: سلطانهم على شجرة الحياة: أي مستحقين للتمتع بالحياة الأبدية.

يأتي هنا الوعد بالسعادة الدائمة لوارثى الحياة الأبدية (شجرة الحياة)، وقد جعل هذا الاستحقاق مبنيًا على حفظ وصايا الله والعمل بها، فدخول السماء ليس بالإيمان فقط بل بالجهاد أيضًا في نقل الوصية للحياة العملية والعمل بها، وهذا يذكرنا بما قاله السيد المسيح نفسه “إن كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياي” (يو14: 15).

 

ع15: أما المطرودين خارجًا وليس لهم أن يدخلوا المدينة أو يقتربوا من أبوابها فهم:

الكلاب: كل من اضطهد الكنيسة بنباحه أو نهش لحمها.

السحرة: كل من كانت له قوة من خلال التنين أو الوحش (الشيطان).

وكذلك أيضًا من استعبدت الشهوات أجسادهم كالزناة، ومن قتلوا المؤمنين أو غير المؤمنين ومن عبد شيئًا بخلاف الله سواء كان مالًا أو مركزًا أو ذاتًا (أوثان)، ومن أحب الخداع أو التضليل أو الكذب…، فلا مكان لهم في مدينة الله.

 

ع16: أنا يسوع: كما قال السيد عن نفسه في أول السفر “إعلان يسوع المسيح” (رؤ 1: 1) يأتي هنا ويؤكد في آخر السفر أن الكلام لازال له.

أرسلت ملاكى: المقصود هنا إرسال القديس يوحنا لنا لإبلاغنا بما شاهده ورآه.

لأشهد لكم: لأبلغكم بصدق هذه الأمور.

أنا أصل وذرية داود: أي أنا جابل داود وخالقه لأننى أنا هو الله الكلمة وبتجسدي صرت إنسانًا مثلكم من ذرية داود ونسله الجسدي.

يأتي هذا العدد للتصديق على سفر الرؤيا كله ويؤكد صحته، فيعلن السيد المسيح نفسه أنه هو من سمح ليوحنا بمشاهدة كل هذه الرؤى السمائية حتى يتسنى للكنيسة أن تعرفها في مختلف الأزمنة، فهو أيضًا الذي أرسل يوحنا لنا وأمره بكتابتها (ع10).

 

ع17: الروح: هو الروح القدس.

العروس: الكنيسة.

كل من يسمع: كل مؤمن يسمع ما يعلنه له الروح القدس والكنيسة.

يلهب الروح القدس قلوب المؤمنين وكذلك يعمل بقوة في الكنيسة فتحمل نفس نداء الروح القدس لأبنائها، فيعلن الجميع اشتياقهم للحظات اللقاء مع المسيح ويهتفون من أعماقهم “تعالَ” فيأخذ ويشرب العطاش إلى البر ملء العطايا الروحية مجانًا، إذ مضى زمن جهادهم وأتعابهم وأتى زمن المكافأة الإلهية.

 

ع18، 19: يحمل هذان العددان تنبيهًا تحذيريًا شديد اللهجة من السيد المسيح نفسه، فهو يؤكد “أشهد” أن ما جاء في هذا السفر “نبوة هذا الكتاب” هو كلامه نفسه وليس مسموحًا لأحد من البشر أن يزيد عليه حرفًا أو ينقص منه شيئًا، فكل من حاول فِعْل هذا أو الإقتراب من المحاولة يتعرض للآتى:

  1. ويلات الله وعقوبته الشديدة كما جاء في فك بعض الأختام أو الجامات السبعة بالسفر نفسه.
  2. يُحْذَف اسمه من الأبدية، فلا يكون له ميراث أو نصيب بل يطرح في الظلمة الخارجية حيث بحيرة النار والكبريت، محرومًا من كل وعود سفر الرؤيا الموعود بها لمحبى اسم الله القدوس.

 

ع20: الشاهد: هو الرب يسوع نفسه.

يعلن لنا السيد المسيح هنا، وهو الشاهد الأمين، أنه مستجيب لنداء الكنيسة واشتياق أولاده المؤمنين كلهم، فعندما صرخوا “تعالَ” جاءت إجابته مطمئنة ومستجيبة بأن مجيئه أكيد وسريع.

أمين تعالَ أيها الرب يسوع: ما أن سمع القديس يوحنا بهذه الكلمات من فم رب المجد حتى التهب قلبه فأجاب على السيد، ليس عن نفسه فقط بل بلسان كل المؤمنين معبرًا عن أشواقنا للأبدية بقوله “تعال أيها الرب يسوع“.

 

ع21: يختم القديس يوحنا رؤياه باستدعاء نعمة الرب يسوع (صاحب كل نعمة) لتصاحب الكنيسة وكل مؤمنيها في كل أيام جهادهم الأرضى، فبعدما شهدناه في هذا السفر كله ما أحوجنا جميعًا لعمل نعمة الله في حياتنا حتى نكمل جهادنا ونعبر الأزمنة الصعبة بمخافة الله ملتهبين أيضًا بمحبته التي تجدد دائمًا إشتياقنا للقائه ورؤية مجده ومجد أبيه الصالح والروح القدس.

† ليتك وسط زحام الحياة وإبهار الشهوات المادية لا تنسى هدفك وهو الحياة الأبدية مع المسيح. فاهتم بعلاقتك مع الله بالصلوات والقراءات الروحية، والروح القدس سيعينك فيعطيك الأسرار المقدسة ويسندك لتكمل جهادك حتى تتمتع بالملكوت.

بركة صلوات وشفاعات القديس يوحنا الحبيب فلتكن معنا آمين.

 تفسير رؤيا 21 تفسير سفر الرؤيا موسوعة تفسير العهد الجديد  فهرس
كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
تفاسير سفر الرؤيا تفاسير العهد الجديد

 

زر الذهاب إلى الأعلى