تفسير سفر الرؤيا أصحاح 5 للقمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الخامس

رؤ5: 1-5

“و رايت على يمين الجالس على العرش سفرا مكتوبا من داخل و من وراء مختوما بسبعة ختوم. و رايت ملاكا قويا ينادي بصوت عظيم من هو مستحق ان يفتح السفر و يفك ختومه. فلم يستطع احد في السماء و لا على الارض و لا تحت الارض ان يفتح السفر و لا ان ينظر اليه. فصرت انا ابكي كثيرا لانه لم يوجد احد مستحقا ان يفتح السفر و يقراه و لا ان ينظر اليه. فقال لي واحد من الشيوخ لا تبك هوذا قد غلب الاسد الذي من سبط يهوذا اصل داود ليفتح السفر و يفك ختومه السبعة”.

إصحاح (5) هو تكلمة للرؤيا التى رآها يوحنا فى إصحاح (4). وفى إصحاح (4) رأى العرش والجالس عليه. وهنا يرى سفرا مختوما بسبعة ختوم على يمين الجالس على العرش. ورقم 7 هو رقم الكمال. إذا فسبعة ختوم يشير لكمال الغموض ولكن وجوده عن يمين العظمة الإلهية يدل على منتهى إهتمام الله به وبالمكتوب فيه. فما هو هذا السفر؟ قيل أنه الكتاب المقدس بعهديه. وتشير الكتابة من الداخل للعهد الجديد والكتابة من الخارج (أو من وراء) للعهد القديم.

ومعنى الداخل والوراء نفهمه إذا فهمنا أن الكتب فى عصر يوحنا كانت عبارة عن ورقة طويلة ملفوفة فيصير من الداخل هو وجه الكتاب. ومن وراء هو خلف الكتاب. ويمكن تعريف الكتاب المقدس بأنه مقاصد الله نحو الناس، ويشمل معاملات الله مع البشر فى الماضى والحاضر والمستقبل. ولكن يمكن القول بصفة عامة أن هذا السفر المختوم يشمل كل مقاصد الله فى معاملاته مع البشر فى الماضى والحاضر والمستقبل ويكون قوله من وراء = الأحداث الماضية. وقوله من داخل = المستقبلة وهو سفر مختوم، فنحن لا نعرف شيئا عن المستقبل، وحتى الماضى فنحن نعرف فقط ما وصلنا نحن من أخبار لكننا لا نعرف كل شىء، وإلا لماذا حدث ما حدث. ولكن من محبة الله أن مقاصده ومعاملاته مع البشر هى عن يمين الله، أى:

  1. محل إهتمامه.
  2. أنه يدبرها بمنتهى القدرة والقوة فاليمين رمز للقوة. وهذا ما يطمئن أولاد الله أن مصائرهم فى يد الله القوية. أتى لأحد المؤمنين عرافة تخبره بأنها قادرة أن تعرف المستقبل وتخبره به. فكان رده عليها، أنه أخرج الكتاب المقدس وأشار إلى الأيات التالية:-

(أف 1:2-3) “وأنتم إذ كنتم أمواتا بالذنوب…”  وقال لها هذا ماضى

(أف 4:2-6) “… أحيانا مع المسيح”    وقال لها هذا حاضرى.

(أف 7:2) “ليظهرفى الدهورالآتية غنى نعمته”   وقال لها هذا مستقبلى

وللأسف ما زال هناك من يذهب لقراءة الكف أو خلافه ليعرف المستقبل ونقول لهؤلاء أن هذا إهانة لمحبة الله، لماذا تريد أن تطمئن على المستقبل، والمستقبل مكتوب ومحفوظ فى يمين الله، والله فى محبته يدبره بكل قدرة وقوة، وبكل الإهتمام والحب.

مختوما بسبعة ختوم = كانت العادة أن يختموا السفر (الدرج) بأختام من الشمع الأحمر ضمانا لسريتها. والمعنى هنا يشير لغموضها، ولا أحد لا فى السماء ولا على الأرض ولا تحت الأرض قادر أن يفك الختوم ويفتح السفر. فلا أحد:-

  1. يعرف المستقبل إلا الله وحده.
  2. نرى أنه حين يفك المسيح أحد الختوم يحدث كذا وكذا (إصحاح 6).

إذا فك الختوم معناه السيطرة على الأحداث. ومعنى الرؤيا أنه لا أحد له سيطرة على الأحداث إلا الله القدير وحده.

 

السفر كرمز للكتاب المقدس

من خلال الكتاب المقدس نستطيع أن نتعرف على محبة الله التى تحكم ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، ولكن للأسف فكثيرون لهم الكتاب المقدس ككتاب مختوم (أش 9:29-11) لا يستطيعون فهم غرض الله ومحبته من نحوهم وقدرته على السيطرة على الأحداث حينما يقرأونه. فلنقرأ بروح الصلاة قائلين… “يا روح الله الذى أوصيت بهذا الكلام المقدس إفتح ذهنى لأفهم كلماتك المحيية” والروح القدس يعطى فهما للكتاب، بل يعطى أن تنفتح عيوننا فنرى ما أعده الله فى المستقبل لنا فى السماء (1 كو10،9:2). ولكن كون أن الكتاب مختوم فهذا يجعلنا أيضا أن نتعلم التواضع ونعرف أننا غير قادرين على فهم نبوات كثيرة، ويجعلنا غير قادرين على تحديد أيام بذاتها (كيوم المجىء الثانى) ومعانى أحداث بذاتها.

ورأيت ملاكا.. ينادى.. من هو مستحق أن يفتح السفر = هنا نرى محبة الملائكة وإهتماههم بالبشر، هم يريدون أن يطمئنوا ويعرفوا المجد المعد للبشر، والأحداث الرهيبة التى ستحدث لهم وكيف سينجو البشر، أو هل سيثبتوا على الإيمان مع كل هذه الألام والإضطهادات. الملاك يعلم أن هذا السفر خاص بالبشر، وهو كملاك لا ينتظر مجدا أعظم مما هو فيه، ولا هو خائف من المستقبل المكتوب. ولكنه بروح الحب نجده مهتما بما يحدث للبشر. بل نرى فى تسبحة الملائكة والأربعة والعشرون قسيسا (10،9:5) أنهم يتكلمون بلسان البشر. فالمسيح لم يذبح من أجلهم ولم يشتريهم بدمه ولا جعلهم يملكون على الأرض ولم يجعلهم ملوكا وكهنة. ولكن لهم مشاعر كلها حب تجاه البشر. وفى آية 5 نجد أحد القساوسة مهتم ببكاء يوحنا إعلانا عن محبته للبشر وإهتمامه بهم. وكل هذا فيه رد على الإخوة البروتستانت الذين ينكرون الشفاعة، شفاعة الملائكة هنا. فالشفاعة أساسا هى محبة فكيف ينكرون أن تكون المخلوقات السمائية او القديسين فى السماء لهم محبة.

من هو مستحق أن يفتح السفر = إعلانا عن خطورة ورهبة وعظمة المكتوب هذا بالإضافة أن فك الختوم.

ويفك ختومه = هذا يعنى بدء الأحداث والسيطرة عليها.

فلم يستطع أحد = لم يوجد أحد مستحقا أن يفعل هذا.

يفتح السفر ويقرأه = فالسفر لا يمكن قراءته إن لم تفك الختوم. ولم يوجد من هو قادر على معرفة الأحداث المكتوبة ولا أن يحدد متى تحدث ولا أمكن لأحد السيطرة عليها.

تحت الأرض = هذا تعبير كتابى يدل على إنحطاط الشيطان وإنحداره “لكنك إنحدرت إلى الهاوية إلى اسافل الجب” (أش15:14) إلا أنه فى العهد القديم كانت كل النفوس بعد مفارقتها الجسد تذهب للهاوية. وبعد الصليب فك المسيح أسر النفوس البارة وأخذها معه للفردوس.

لا فى السماء ولا على الأرض ولا تحت الأرض = مشكلة يوحنا أنه حصر تفكيره فى المخلوقات ليحلوا له المشكلة، نظر للمخلوقات دون الخالق.

فصرت أنا ابكى كثيرا = فهو مكلف بالكتابة لكنه لا يستطيع فالسفر مختوم +  هو شعر بأن هناك أحداث مخيفة ستمر على الكنيسة فى المستقبل، إذ أن المسيح قال له ” فأريك مالابد أن يصير بعد هذا” (رؤ1:4) فهو يشعر أن المسيح يريد أن يطلعه على شىء، ولم يجد أحد قادرا على حل المشكلة. وهو يعرف أن أحداثا جساما ستحدث ولكن لا أحد قادر على السيطرة على هذه الأحداث.

ولا أن ينظر إليه = أى يرى ما بالداخل إشارة للرهبة. يوحنا شعر أن المستقبل غامض مخيف، وفى محبته هو خائف على الكنيسة يريد أن يطمئن عليها ونجد أحد القسوس يوجه نظره ويعطيه نصيحة بان لا ينظر للمخلوقات الضعيفة بل للخالق القوى ليحل له المشكلة. وكون أن المسيح يفك الختوم فهو فيه كل حاضرنا وماضينا ومستقبلنا، هو خلاصنا، بدأ هذا بالفداء وسيتممه بمكان لنا فى السماء. هو الخالق وحده وهو وحده له السلطان وهو الذى قيل عنه ” المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم” (كو3:2). وهذا درس لكل منا أنه مهما كانت المشكلة التى تقابلنا مستعصية وكأنها مغلقة بسبعة ختوم فهناك المسيح وحده، هو القادر على حلها. وهو فى قوته كأسد خارج من سبط يهوذا. هو اسد فى قوته وملكه وفى صراعه مع إبليس (تك9:49) أما الشيطان فشبه بالأسد ولكن ذلك لوحشيته وإفتراسه (1بط8:5).

أما المسيح الخارج من سبط يهوذا فشبه بأسد رمزا لأنه ملك. فسبط يهوذا هو سبط داود الملك. أصل داود = المسيح هو من سبط يهوذا بالجسد ولكنه أصل داود بلاهوته، أى أنه بلاهوته هو خالق داود.

رؤ5: 6-12

آية 6 “و رايت فاذا في وسط العرش و الحيوانات الاربعة و في وسط الشيوخ خروف قائم كانه مذبوح له سبعة قرون و سبع اعين هي سبعة ارواح الله المرسلة الى كل الارض”.

 فنظرت… وإذا خروف = القسيس قال له هوذا الأسد… ونظر فوجد خروف. فهل هو أسد أم خروف؟!

  1. هو اسد فى قوته وملكه علينا وعلى كل الخليقة، ولكنه خروف فى تقديمه نفسه ذبيحة على الصليب وحمله لخطايانا. ولكنه فى معركته مع الشيطان على الصليب كان قويا كأسد.
  2. الذى يتحكم فى الأحداث ويفتح الختوم أى يسيطر على الأحداث هو قوى جدا كأسد. وهو أحبنا حتى سفك الدم لأجلنا كخروف. فلماذ الخوف فالأحداث التى ستجرى فى المستقبل هى فى يد من أحبنا حتى الدم كخروف وهو قوى جدا كأسد. أى هو ليس ضعيفا فى حبه لنا بل قادر كأسد أن يحمينا.
  3. كان فى صراعه ضد الخطية والموت كأسد على الصليب وكحمل فى فدائه وكان رمزا لذلك فى الهيكل مذبح النحاس الذى يرمز للصليب، فالذبائح كانت تقدم على المذبح والمسيح قدم ذاته ذبيحة على الصليب. وكرمز لقوة عمل المسيح على صليبه كان للمذبح 4 قرون والقرون علامة القوة. فهو حمل كذبيح.  أسد فى قوته.
  4. هناك من هو فى حالة ضعف، حائرا أمام أعدائه الأقوياء وهذا يحتاج للمسيح الأسد. وهناك من هو يائس من خطيته شاعرا بثقلها فهو محتاج للمسيح الحمل.
  5. هو غلب كأسد فصار له الحق أن يفتح السفر، فلقد ظهرت محبته بوضوح. ولا يوجد من يحبنا أكثر منه فنسلم له أمر فتح الختوم. فمن يفك السفر ينبغى أن يكون قد غلب. فلكى يعلن المسيح أسرار الخلاص لابد وأن يكون قد غلب على الصليب. ونرى فى بقية السفر صراع بين قوى الشر وبين المسيح وكنيسته ولكن المسيح يخرج غالبا.
  6. إشارة لقوة هذا الخروف الذبيح قيل أن له سبع قرون = ففى مجتمعات رعى الأغنام يعتبر القرن رمز للقوة، ورقم 7 هو رقم الكمال والمعنى أن المسيح فى صليبه لم يكن ضعيفا بل حارب إبليس بقوة بل بكمال القوة.
  7. له سبع أعين هى سبع أرواح الله = وحينما تحدث عن عمل الروح القدس فى الكنيسة شبه الوحى الروح القدس بسبعة مصابيح نار. والنار هى الهيئة التى حل بها الروح القدس على الكنيسة ليحرق خطاياها ويطهرها ويشعل محبتها للمسيح ولكن هنا يقول عنه سبع أعين. فهو الروح القدس الكامل فى عمله. والمسيح له الروح القدس، فالإبن ثابت فى الروح والروح ثابت فى الإبن لذلك قال له سبع أعين. والسبع أعين تشير لعمل الروح القدس فى أنه يعطى إستنارة بها نرى السمائيات (1 كو 9:2-12). ولكن التصوير هنا يعنى أن الروح القدس الذى يكشف كل شىء حتى أعماق الله، وهو روح المسيح. وبهذا فالمسيح يعرف كل الأمور والمستقبل واضح أمامه تماما فيكون قراره سليما. طبعا هذا التصوير يعنى أن المسيح له كامل المعرفة، وكامل الحكمة فالروح القدس هو روح الحكمة (أش 2:11) وبالتالى له الحق فى فك الختوم المرسلة إلى كل الأرض = يعنى إن كنت أرسل الروح القدس للكنيسة ليعطيها إستنارة والروح لى فأنا لى كل الحكمة والمعرفة. ولاحظ أن المسيح موجود وسط العرش فهو الله بنفسه قائم وتعنى:

أ‌.        أنه قائم من الأموات.

ب‌.    قائم يشفع فينا.

ت‌.    مستعدا للعمل فى فك الختوم وتدبير أحداث الكنيسة.

 

 كأنه مذبوح = تعنى:

  1. علامات ألامه وسفك دمه مازالت باقية فى جسده، مازال يحمل أثار فدائه وجراحاته وهو عن يمين أبيه. فبينما كل منا فى السماء يقوم بدون أى عاهة أو اثار جرح إلا أن المسيح إحتفظ بأثار جراحاته.

أ‌.        ليراها الأشرار ويندمون.

ب‌.    ليراها المخلصون ويسبحون المسيح على فدائه الذى أتى بهم للسماء.

  1. هو حى قائم ولكن دمه يفيض لتقديسنا وتطهيرنا كمؤمنين.

 

آية 7 “فاتى و اخذ السفر من يمين الجالس على العرش”.

 آتى وأخذ السفر = المسيح بصفته:

  1. قوة الله وحكمته (1 كو24:1).
  2. له سبع أعين أى كمال المعرفة والحكمة.
  3. هو أسد فى قوته خروف فى محبته أحب البشر حتى الموت، موت الصليب.
  4. به كان كل شىء (يو3:1) وبغيره لم يكن شىء مما كان.
  5. هو يفتح ولا أحد يغلق، إذا له كل السطان.

لذلك هو الذى أخذ السفر ليعلن أنه وحده فى يديه تدبير المستقبل، فلماذا نضطرب على المستقبل أو أحداثه ونحن فى يمينه أو كل ما يخص أمورنا الحاضرة والمستقبلة يدبرها بيمينه القوية وبمحبته المتناهية ونحن محفوظون بعنايته فهو ضابط الكل.

 

آية 8 “و لما اخذ السفر خرت الاربعة الحيوانات و الاربعة و العشرون شيخا امام الخروف و لهم كل واحد قيثارات و جامات من ذهب مملوة بخورا هي صلوات القديسين”.

 نتعلم من السمائيين التسبيح والسجود = خرت. لماذا خر السمائيون وفرحوا ورنموا إذ أخذ المسيح السفر؟   بسبب أخبار الخلاص فهم يفرحون بأخبار خلاص البشر.  وسجود السمائيين للخروف يثبت لاهوت المسيح. فالملاك رفض أن يسجد له يوحنا (رؤ 9،8:22) ونرى الأربعة والعشرون قسيسا وجاماتهم المملوءة بخورا هى صلوات القديسين وهنا سؤال للإخوة البروتستانت الذين ينكرون الشفاعة. لماذا لا تصعد صلوات القديسين لله مباشرة دون المرور على جامات القسوس؟ ألا نرى فى هذه الصورة إثباتا للشفاعة. ولنتعلم من طقس كنيستنا الأرثوذكسية، فالكاهن فى دورة البخور ومعه المجمرة فى يده يطوف الكنيسة ويقف أمام الأيقونات ليبخر وفى هذه الدورة يكون الآب الكاهن يجمع صلوات الشعب مع صلوات القديسين أصحاب الأيقونات ويدخل المذبح ليقدمها أمام الله.

لذلك فلنهتم أن نقدم صلوات توبة وإستدرار مراحم الله خلال دورة البخور.

على أننا يجب أن نفهم أن البخور يشير للصلوات:

  1. لأنه يصعد إلى فوق.
  2. رائحته زكية.

فإن صلى إنسان أن يبارك الله فى الناس حتى أعداؤه فصلاته تصعد كالبخور إلى فوق وتكون رائحتها زكية. أما لو وقف إنسان ليصلى وطلب الإنتقام من أعدائه أو وهو قلبه مملوء نجاسة لا تكون صلاته كالبخور بل هى تنزل إلى تحت.

فصلاة الأشرار مكرهة للرب. ولذلك قيل عن البخور صلوات القديسين ولاحظ أفراح السمائيين فى الآيات المتبقية من الإصحاح لأن الخروف أخذ السفر. فرحتهم بأن مصائرنا فى يد الخروف يرعاها بمحبته العجيبة وقوته غير المحدودة. ولاحظ تسابيح السمائيين لفرحتهم بنا.

آية 9 “و هم يترنمون ترنيمة جديدة قائلين مستحق انت ان تاخذ السفر و تفتح ختومه لانك ذبحت و اشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة و لسان و شعب و امة”.

 ترنيمة جديدة = هى جديدة لأن السمائيين قبل الفداء ما كانوا يسبحون الله على هذا العمل، فما كانوا يعرفون عنه شيئا والآن يسبحون الخروف على أنه قدم نفسه ذبيحة وعموما فالتسبيح فى السماء دائما جديد، فكل يوم نكتشف فى الله جديدا نسبحه عليه وكل يوم نقدم صلواتنا بتذوق جديد. والسمائيين لهم قيثارات أما نحن فقد يكون لنا قيثارات أو بأصواتنا وبنغمات معنوية مثل المحبة والتواضع والوداعة نسبح الله. ويقول القديس أغسطينوس إن الإنسان العتيق تسبحة عتيقة والإنسان الجديد تسبحة جديدة. فالمحبة جديدة أبدية لا تشيخ أبدا. أما من يحيى فى العالم فهو يشعر بملل. لقد صاروا يخترعون الخطايا لشعورهم بالملل، بل حتى خطاياهم هذه صارت تشعرهم بالملل.

 

آية 11،10″و جعلتنا لالهنا ملوكا و كهنة فسنملك على الارض. و نظرت و سمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش و الحيوانات و الشيوخ و كان عددهم ربوات ربوات و الوف الوف”.

إشترانا ليجعلنا ملوكا = لا ليجعلنا عبيدا.

 

آية 12 “قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح ان ياخذ القدرة و الغنى و الحكمة و القوة و الكرامة و المجد و البركة”.

 نرى هنا تسبحة سباعية أخذنا منها نهاية للصلاة الربانية إذ نقول “لك الملك والقوة والمجد” وختام صلاة الشكر “لك المجد والكرامة والعزة والسجود”.

يأخذ القدرة = أى تنسب له القدرة إذ كان فدائه بقوة. والغنى = إذ إفتقر ليغنينا والقوة = تنسب له الآن بعد أن صار ضعيفا لنصير أقوياء فنحن نسبحة على عمله العجيب مع السمائيين ونعترف له بالقدرة والقوة والغنى معهم. ونلاحظ أن التسبيح للجالس على العرش وللخروف. لماذا يقولون القدرة والقوة. ما الفرق بينهما؟ هناك من هو قوى لكنه غير قادر على إستعمال قوته كأن يكون مربوطا مثلا. لكن القادر هو من يقدر على إستخدام قوته.

رؤ5: 13-14

 “و كل خليقة مما في السماء و على الارض و تحت الارض و ما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة للجالس على العرش و للخروف البركة و الكرامة و المجد و السلطان الى ابد الابدين. و كانت الحيوانات الاربعة تقول امين و الشيوخ الاربعة و العشرون خروا و سجدوا للحي الى ابد الابدين”.

من تحت الأرض هم الشياطين وهؤلاء يسبحون الخروف رغما عن أنوفهم “أنا أعرفك أنت قدوس الله” (مز24:1).

 تفسير رؤيا 4 تفسير سفر الرؤيا تفسير العهد الجديد
 تفسير رؤيا 6
 القمص أنطونيوس فكري
تفاسير سفر الرؤيا تفاسير العهد الجديد

 

 

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى