تفسير رسالة رومية 14 – كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ عَشَرَ
الاهتمام بضعفاء الإيمان وعدم إعثارهم
(1) قبول ضعيف الإيمان (ع1-12)
(2) لا تعثر ضعيف الإيمان (ع13-23)
(1) قبول ضعيف الإيمان (ع1-12):
1 وَمَنْ هُوَ ضَعِيفٌ فِي الإِيمَانِ فَاقْبَلُوهُ، لاَ لِمُحَاكَمَةِ الأَفْكَارِ. 2 وَاحِدٌ يُؤْمِنُ أَنْ يَأْكُلَ كُلَّ شَىْءٍ، وَأَمَّا الضَّعِيفُ فَيَأْكُلُ بُقُولًا. 3 لاَ يَزْدَرِ مَنْ يَأْكُلُ بِمَنْ لاَ يَأْكُلُ، وَلاَ يَدِنْ مَنْ لاَ يَأْكُلُ مَنْ يَأْكُلُ، لأَنَّ اللهَ قَبِلَهُ. 4 مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ؟ هُوَ لِمَوْلاَهُ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ. وَلَكِنَّهُ سَيُثَبَّتُ، لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُثَبِّتَهُ. 5 وَاحِدٌ يَعْتَبِرُ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ، وَآخَرُ يَعْتَبِرُ كُلَّ يَوْمٍ، فَلْيَتَيَقَّنْ كُلُّ وَاحِدٍ فِي عَقْلِهِ: 6 الَّذِى يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ فَلِلرَّبِّ يَهْتَمُّ، وَالَّذِى لاَ يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ فَلِلرَّبِّ لاَ يَهْتَمُّ. وَالَّذِى يَأْكُلُ فَلِلرَّبِّ يَأْكُلُ لأَنَّهُ يَشْكُرُ اللهَ، وَالَّذِى لاَ يَأْكُلُ فَلِلرَّبِّ لاَ يَأْكُلُ وَيَشْكُرُ اللهَ. 7 لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَعِيشُ لِذَاتِهِ، وَلاَ أَحَدٌ يَمُوتُ لِذَاتِهِ. 8 لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ. 9 لأَنَّهُ، لِهَذَا مَاتَ الْمَسِيحُ وَقَامَ وَعَاشَ، لِكَيْ يَسُودَ عَلَى الأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ. 10 وَأَمَّا أَنْتَ، فَلِمَاذَا تَدِينُ أَخَاكَ؟ أَوْ أَنْتَ أَيْضًا، لِمَاذَا تَزْدَرِى بِأَخِيكَ؟ لأَنَّنَا جَمِيعًا سَوْفَ نَقِفُ أَمَامَ كُرْسِىِّ الْمَسِيحِ، 11 لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «أَنَا حَىٌّ يَقُولُ الرَّبُّ، إِنَّهُ لِى سَتَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، وَكُلُّ لِسَانٍ سَيَحْمَدُ اللهَ.» 12 فَإِذًا؛ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا، سَيُعْطِى عَنْ نَفْسِهِ حِسَابًا لِلَّهِ.
ع1-3: بعد أن أرسى القديس بولس قواعد الإيمان بين المسيحيين من أصل يهودي وأصل أممى، ها هو يحل مشكلة فرعية ليقضى على كل انقسام في الكنيسة. حيث وجد أن هناك فريقين، واحد سماه الضعيف في الإيمان وهم غالبًا المسيحيون من أصل يهودي، والمتأثرون بعباداتهم السابقة من حيث عدم أكلهم بعض الأطعمة مثل لحم الخنزير على اعتبار أنها نجسه بالنسبة لهم، وقد سماهم بالضعفاء في الإيمان حيث أنهم لا يزالوا مقيدين بحرف الناموس بشيء من الوسوسة، وأوصى أن لا يحتقرهم أحد من الفريق الثاني الذي يأكل كل شيء بشكر وأيضا لا يدين ضعفاء الإيمان أقوياء الإيمان على أكلهم كل شىء، فالله قد قبل كلا الفريقين كما هما.
ع4: ثم يوجه كلامه إلى الفريقين أن لا يدين أحدهما الآخر لأنهما عبدان عند الله والله هو وحده المسئول عن كل أحد حيث يقبل كل واحد ويثبت كل واحد فيه، لأنه قادر على ذلك.
† التفت أيها الحبيب إلى مناقشاتك، فكم أضعت من وقتك ووقت الناس في مناقشة وجدال ومباحثات غبية هدفها إثبات الذات ولا ترضى المسيح بأى حال من الأحوال، بل تسقطك في إدانة كثيرة.
ع5-6: تمسك بعض المسيحيين من أصل يهودي بأعياد اليهود في بداية المسيحية، وهي ذات معاني روحية مثل عيد الكفارة أي فداء المسيح وعيد المظال ومعناه غربة العالم… إلخ. والفريق الآخر، أي المسيحيين من أصل أممى وباقي الذين من أصل يهودي عاشوا هذه المعاني كل يوم، لأن الأعياد المسيحية لم تكن قد حددت بعد في بداية العصر الرسولي فيما عدا عيد القيامة. كذلك الفريق الأول لا يأكل بعض الأطعمة المحرمة عند اليهود، أما الفريق الآخر فيأكل كل شيء بشكر من أجل الله. فيطالبهم بولس الرسول جميعًا ألا يدين أحد الآخر، فالكل غرضه حسن وهو الاقتراب لله.
ع7: المهم أن يعيش الإنسان لكي يرضى الله بالأعمال الحسنة وليس ذاته، أي آراءه الشخصية، وحتى لو مات يموت في الإيمان مُرضيًا لله. ووضح أن الله يقبل الإختلاف بين الأفراد، إن كان غرضه إرضاء الله، ولكن بهدوء. وبهذا يحمى الكنيسة من الاتجاهات الفردية التي يمكن أن تؤدى إلى انقسام الكنيسة، إذا ارتبطت بالكبرياء وعدم الخضوع لتعاليمها وإرشاداتها.
ع8: ما الحياة في كل تفاصيلها بالنسبة للمؤمن إلا تقدمة حب لله، يحاول فيها على قدر ما يستطيع بما وُهِبَ من إمكانيات وطاقات أن يرضى الله ويكون أمينًا في وزناته. فالمسيحي قوى لا يخاف الموت بل يرحب به إذ هو غايته، لأنه سيؤدى إلى رؤية المسيح في السماء.
ع9: كانت خطة السيد المسيح وتدبيره، عندما مات وقام من الأموات وصعد إلى السموات، أن يسود بالحب على قلوب المؤمنين في الأرض والمنتصرين في السماء.
ع10-12: يعود القديس بولس قائلًا للفريق الضعيف الإيمان لا تدين أخاك، ويقول للفريق القوى الإيمان لا تزدرى بتصرفات ضعيف الإيمان، بل فليلتفت كل واحد إلى نفسه مؤنبًا نفسه على خطاياه هو شخصيًا، لأن كل إنسان من كل جنس أو دين سيسجد ويقف أمام عرش المسيح، معطيًا حسابًا عن نفسه وأعماله هو وليس أعمال أخيه.
† إن الإدانة تشغلك عن توبتك، فحاسب نفسك كل يوم وابدأ في الجهاد الروحي، وخلال أتعاب الجهاد ستشعر بضعف الآخرين وحاجتهم لصلاتك بدلًا من الإدانة.
(2) لا تعثر ضعيف الإيمان (ع13-23):
13 فَلاَ نُحَاكِمْ أَيْضًا بَعْضُنَا بَعْضًا، بَلْ بِالْحَرِىِّ احْكُمُوا بِهَذَا: أَنْ لاَ يُوضَعَ لِلأَخِ مَصْدَمَةٌ أَوْ مَعْثَرَةٌ. 14 إِنِّى عَالِمٌ وَمُتَيَقِّنٌ فِي الرَّبِّ يَسُوعَ، أَنْ لَيْسَ شَىْءٌ نَجِسًا بِذَاتِهِ، إِلاَّ مَنْ يَحْسِبُ شَيْئًا نَجِسًا، فَلَهُ هُوَ نَجِسٌ. 15 فَإِنْ كَانَ أَخُوكَ بِسَبَبِ طَعَامِكَ يُحْزَنُ، فَلَسْتَ تَسْلُكُ بَعْدُ حَسَبَ الْمَحَبَّةِ. لاَ تُهْلِكْ بِطَعَامِكَ ذَلِكَ الَّذِي مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِهِ. 16 فَلاَ يُفْتَرَ عَلَى صَلاَحِكُمْ، 17 لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ. 18 لأَنَّ مَنْ خَدَمَ الْمَسِيحَ فِي هَذِهِ، فَهُوَ مَرْضِىُّ عِنْدَ اللهِ وَمُزَكًّى عِنْدَ النَّاسِ. 19 فَلْنَعْكُفْ إِذًا عَلَى مَا هُوَ لِلسَّلاَمِ وَمَا هُوَ لِلْبُنْيَانِ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ. 20 لاَ تَنْقُضْ لأَجْلِ الطَّعَامِ عَمَلَ اللهِ. كُلُّ الأَشْيَاءِ طَاهِرَةٌ، لَكِنَّهُ شَرٌّ لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَأْكُلُ بِعَثْرَةٍ. 21 حَسَنٌ أَنْ لاَ تَأْكُلَ لَحْمًا وَلاَ تَشْرَبَ خَمْرًا، وَلاَ شَيْئًا يَصْطَدِمُ بِهِ أَخُوكَ أَوْ يَعْثُرُ أَوْ يَضْعُفُ. 22 أَلَكَ إِيمَانٌ؟ فَلْيَكُنْ لَكَ بِنَفْسِكَ أَمَامَ اللهِ! طُوبَى لِمَنْ لاَ يَدِينُ نَفْسَهُ فِي مَا يَسْتَحْسِنُهُ. 23 وَأَمَّا الَّذِي يَرْتَابُ، فَإِنْ أَكَلَ يُدَانُ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ.
ع13-14: بدلًا من أن نزدرى بالضعيف، فليكن شغلنا الشاغل أن لا نعثره بأكلنا لأشياء نجسة في نظره، مع العلم أنه لا يوجد طعام نجس في نظر الله، بل هو فقط نجس من وجهة نظر من يحسبه نجسًا، أي في نظر ضعيف الإيمان.
ع15-16: تحزن: تعثر
إن كان قانون محبة الآخر هو أعلى القوانين الكنسية، فلا يجب أن نتمسك بأكل أو فعل أشياء تحزن أخاك الضعيف الغالى الثمن عند الله لأنه مات لأجله. إذًا فمن أجل الله لا تأكل أمامه ولا تعثره لئلا يتشكك فيك ويظنك خاطئًا قائلًا أنك غير صالح ومخالف لوصايا الله، مع أنك في الحقيقة صالح وتحيا بحرية مجد أولاد الله.
† يجب عليك إن كنت مرتبطًا بالكنيسة أو خادمًا فيها أن تهتم بالبعيدين، ولا تصنع أمامهم أمورًا يمكن أن يفهموها خطأً فيُعثَروا بسببك، لأنك قدوة ومثال لهم ولا ينتظروا منك الخطأ ويسعون للتشبه بك في كمالك. وكذلك ينبغي على الوالدين مراعاة تصرفاتهم أمام أبنائهم، فغضبهم وشجارهم مثلا مزعج جدًا للأبناء.
ع17: لأن ملكوت الله الذي في داخلنا ونعيشه مع المسيح هو في الأساس محبة وفرح وسلام، فلا يصح أن ننشغل بمناقشات أو عثرات خاصة بالأكل والشرب. ألم ترتب الكنيسة أصوامًا طويلة طوال السنة لتحمينا من الانشغال بالطعام وتمنحنا بالأكثر أمورًا سماوية؟
ع18: هذه: المحبة والفرح والسلام
فليكن هدفنا الأول إذًا هو إرضاء المسيح بصنع المحبة والسلام، وبذلك أيضًا يذكينا الناس، أي يمتدحوننا فنصير قدوة حسنة تفرحهم وليس عثرة ينفروا منها.
ع19: إذًا فجيد أن لا نبدد طاقاتنا في مالا يفيد الكنيسة، بل نعمل ونسهر بكل اجتهاد على إرساء السلام بين أفراد الكنيسة، ونمنع الانشقاقات. وليكن كلامنا كله لا لهدم الآخر وإثبات صحة وجهة نظرنا، بل نتكلم بالكلام الروحي الذي يبنيه روحيًا وينميه في المسيح، فرابح النفوس حكيم (أم11: 30).
ع20: عمل الله الذي هو خلاص النفوس وبنيانها الروحي أهم بكثير من الطعام. فلا يصح هدم عمل الله من أجل أن تأكل بحريتك وتعثر أخاك، لأن هذا التصرف سيكون شريرًا منك وستصبح في نظر الله شريرًا.
ع21: الأفضل لك أن لا تأكل اللحم ولا تشرب الخمر أو أي شيء يمكن أن يؤدى إلى عثرة أخيك.
ع22: ستقول لى لكننى أؤمن أن هذا الطعام غير نجس. حسنًا فلتأكله، ولكن ليس أمام الناس الضعفاء الإيمان بل وحدك أمام الله فقط، وعندئذ سيكون ضميرك مستريحًا ولن يدينك في الأكل الذي تعتبره أنت حسنًا وليس نجسًا.
ع23: أما الذي يأكل شيئًا وهو متشكك وغير واثق في صحة ما يفعله، فالأحسن ألا يأكله لئلا تُحسب له خطية.
تفسير رومية 13 | تفسير رسالة رومية | تفسير العهد الجديد |
تفسير رومية 15 |
كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة | |||
تفاسير رسالة رومية | تفاسير العهد الجديد |