تفسير رسالة رومية اصحاح 8 د/ موريس تاوضروس

الاصحاح الثامن
حياة الغبطة للمولودين في المسيح يسوع

الحياة الجديدة المعطاة بالروح القدس للمتبررين

“1إذن لاشئ من الدينونة الآن علي الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح 2لآن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية والموت 3 لأنه ما كان الناموس عاجزا عنه في ما كان ضعيفا بالجسد فالله اذ أرسل ابنه في ، جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد 4 لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح 5 فـان الذين هـم حسـب الجـسـدفـيما للجسـد يـهـنـمـون ولكن الذين حسب الروح فيما للروح 6 لأن اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام 7لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله اذ ليس هو خاضعا لناموس الله لانه أيضا لايستطيع 8 فالذين هم في الجسد لايستطيعون ان يرضوا الله 9 وأما أنتم فلستم في الجسد بل في الروح ان كان روح الله ساكنا فيكم ولكن ان كان احـد ليس له روح المسيح فذلك ليس له 10 وان كان المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطية واما الروح فحياة بسبب البر 11 وان كان روح الذي اقام يسوع من الاموات ساكنا فيكم فالذي اقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضا بروحه الساكن فيكم 12 فاذن ايها الاخوة نحن مدينون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد 13 لانه ان عشتم حسب الجسد فستموتون ولكن ان كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون 14 لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله 15 أذن لم نأخذ روح العبودية أيضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب 16الروح نفسه أيضـاً يشـهـد لأرواحنا أننا أولاد الله 17فان كنا أولاداً فإننا ورثة أيضاً، ورثة الله ووارثون مع المسيح أن كنا نتألم معه لكي نتمجدأيضا معه » (رو8: 1-17)

“اذن لاشي مـن الدينونة الآن علي الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح”

في الاصحاح السابق حدثنا الرسول بولس عن الحالة السيئة التي كان عليها الانسان ابان مرحلة خضوعه للناموس ، وفي هذا الاصحاح يحدثناالرسول عن الانسان بعد ان حظي بالحياة الجديدة بواسطة الروح القدس .والحق ان هذا الاصحاح يعتبر قلب الرسالة الي رومية ومركزها. وان كانت رسالة روسية تحظي بمكانة ممتازة بين رسائل بولس الرسول الاخري فان هذا الاصحاح بالذات يحتل وضعا ممتازاً بين الاصحاحات الاخري في الرسالة. في هذا الاصحاح يبشرالمؤمنون بالعـفـو السـمـاوي الذي صار لـهـم بواسطة الرب يسوع ،ذلك أن اتحادنا بالمسيح يسوع الذي يتم بالايمان به وباطاعة وصاياه ، جعلنا مبرءين من أية دينونة فلم يعد هناك موضع للدينونة طالما أننا لانسيروراء شـهـوات الجـسـد ونلتـزم بـوصايا الروح القدس ومطالبة. يقول السيد المسيح – الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولايأتي الي دينونة بل قد انتقل من الموت الي الـحـيـاة ، (يو5: 24)ويقول الرسول بولس ، اذن ان كـان أحـد في المسـيح فهو خليقة جديدة الاشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدا ، (2کو5: 17).

لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتـقني من ناموس الخطية والموت” في المسيح يسوع قدحصلنا اذن علي نعمة الحرية ولم نعد بعد خاضعين لسلطان الخطيئة وللموت ، ذلك لأن قوة الروح القدس التي هي الحياة والتي تهب الحياة للـمـتـحـدين مع المسيح ،هذه القوة قد حررتنا من الناموس ومـن قـوة الخطيئة ومن الموت، ان الروح القندس يكون بالنسبة للمؤمن قوة حية فعالة تقوده لعمل الخير وتحرره من سلطان الشرفلا يتعرض فيما بعد للادانة والحكم . يقول الرسول يعقوب ، ولكن من إطلع علي الناموس الكامل ناموس الحرية وثبت وصار ليس سامعا ناسيا بل عاملا بالكلمة فهذا مغبوط في عمله ( يع1: 25) ويقول الرسول بولس “ولكن بعد ما جاء الايمان لسنا بعد تحت مؤدب” (غلا3: 25) .

” لأنه ما كان الناموس عاجزا في ما كان ضعيفا بالجسد ،فالله اذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد”.

لقد حررنا ناموس الروح وأعطانا مـا عـجـز الناموس الحرفي عن تحـقـيـقـة ، لان الناموس الحرفي لا يحوي في ذاته نعمة الروح القدس ، ومن أجل هذا فإنة لا يستطيع ان يتغلب وينتصر علي اهـتـمـامـات الجـسـد ، وهذا الذي عجز عنه الناموس قـد أتمه الله من أجل أن يرفع عنا سلطان الخطيئة أرسل الله ابنه الوحيد في جسد يشبه جسـد الخطيئة ولكنه لم يكن في حقيقته جسدا به خطية . وهـكـذا فان الله أبطل الخطية بواسطة جسد ابنه الذي وان لـم يكن جسد خطيـة فـقـد تحمل نتائج الخطية واسلم للموت.

لاحظ معني العبارات التالية :

– مـا كـان الـنـامـوس عـاجـزا عنه : مهمة الناموس هي التعليم . الناموس يبصرنا بالحق ويفصل بين الخــيـروالـشـر ويـدعـونـا الي التزام الـبـر والـعـدل ولكنه لايبرر. النامـوس يرغب في خلاصنا ولكنه لا يـقـوي علي تحقيق هذا الخلاص النامـوس ليس شـرأ ولا خطيئة ، أنه مـقـدس وصالح ولكنه في نفس الوقت عاجز ضعيف عن أن يهب الخلاص للذين يتمسكون به لأنه لايمكنه أن يبرر .

– في ما كان : يحدد هـنـا مـجـال عـجـز الناموس .ان عجـز الناموس يرد الي حالة الطبيعة البشرية وما عليها من فساد ، وبسبب هذا الفساد يعجز الناموس عن أن يبرر ويقدس، أي بسبب هذا الفساد لا يمكن لنا أن نتبـرر أو نتقـدس بواسطة الناموس .نحن عـاجـزون عن المحافظة علي وصايا الناموس ،غير قادرين على الالتزام بأوامره ونواهيه .وحيث إننا نخالف الناموس ، فإن الناموس كعهد للعمل وليس كعهد للنعمة ،لا يمكنه أن يهبنا طبيعة مخلصة أويحقق تغييرا جذريا في اتجاهاتنا نحـو الشر، ولذلك فان عمله لايمتد الي تغيير الطبيعة البشرية واصلاح فسادها ، فهو يتركنا على ما نحن عليه او في الحالة التي وجدنا فيها.

الناموس عـهـد عـمـل ،يضع قواعد للسلوك والتصرف ،ولكنه ليس عهدنعمة يهب الغفران والخلاص والتبرير.

– ضعيفا بالجسد : الاشارة هنا إلي إهتمامات الجسـد والـي فـسـاد اهوائه وهي التي تعطله عن اتمام وتنفيذ وصايا الناموس .الجسد اذن يعجز عن تنفيذ وصايا الناموس.

. – في شـبـه جـسـد الخطية :أخـذ السيد المسيح الطبيعة الانسانية ولكنه لم يأخذ خطيئة الانسان ، ومن أجل ذلك إستعمل الرسول كلمة « شبه ). قال السيد المسيح • من منكم يبكتني علي خطية ، . أما كون أن السيد المسيح أخذ شـبـه جـسـد الخطيئة ،فهذا واضح من أنه تقبل في جسده فرائض الناموس ، من الخـتـان وفرائض التطهير ،كذلك تعمد من يوحنا المعمدان وفي النهاية تعرض الي موت الصليب

– دان الخطية بالجسد : كلمة دان katakrinw تعني  حكم علي katadikazw أو « ابطل الغي ، kataluw   ومعني هذا أن السيد المسيح حكم علي الخطيئة وأدائها وأبطل قوتها وذلك عندما قدم جسده – الذي كان بلا خطية – ليصلب ويموت مـتـحـمـلا فيه نتائج الخطية .ان المسيح كان بلاخطيئة وعاش بلاخطيئة وقدم جسده أيضا ليفدي البشرية من سلطان الخطيئة .

ومجمل القول أن الله قد خلصنا من سلطان الخطيئة ،وحقق لنا الانتصار عليها ،وهـوما عجز الناموس عن تحقيقة،وذلك عندما بذل ابنه علي الصليب ، فداء للبشرية و الذي اسلم من اجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا ، (رو4: 25).

قال الرسول بولس مخاطبا الرجال الاسرائيليين ” فليكن مـعـلـومـا عندكم أيهـا الـرجـال الأخـوة أنه بهذا ينادي لـكـم بـغـفـران الخطايا ، وبهذا يتبرر كل من يؤمـن من كل مـالـم تقـدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى” أع13: 38) . وقال في الرسالة الي العبرانيين ، فانه يصير ابطال الوصية السابقة من أجل ضعفها وعدم نفعها ، اذ الناموس لم يكمل شيئا ، ولكن يصير ادخال رجاء أفـضـل أن نقترب الي الله ، ( عب7: 18و19) فاذا قد شارك الأولاد في اللحم والدم ، اشـترك هو أيضا كذلك فـيـهـمـا لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت اي ابليس حتي يكفر عن الخطايا الشعب ( عب2: 14و17) . المسـيـح افـتـدانـا مـن لعنة الناموس أن مسار لعنة لأجلنا لأنه مکتوب ملعون كل من علق علي خشبة ( غلا3: 13).

لكي يتم حكم الناموس فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح ( رو8: 4) 

أن كل ما يطلبه منا الناموس من السلوك في البر ، لنا أن نتممه بكمال ، لأننا لم نعد بعد نسلك حسب شهوات الجسد ، بل حسـب قـوانا الروحية السامية التي قد استنارت وتقوت بفعل الروح القدس – لاحظ العبارات التالية :

حكم الناموس : أي مـاهـو بر في نظر الناسـوس وحكمه ،او مايحكم به الناموس ويوجب فعله من السلوك البار.

حسب الروح : تشير العبارة الي الحياة الروحية التي يصبر اليها المؤمنون ، أو بالأحري تشير الي الروح القدس في . علاقته وعمله في الروح الانسانية.

ومعني ذلك أننا ونحن نسلك بالروح الآن · نعمل علي تنفيذ ما كان يطلب منا من وصايا وما كان يطلبه الناموس من بر ، فالسلوك بالروح لا يبطل حكم الناموس بل يثبته ويتممه أو كما يقول الرسول بولس في نفس الرسالة الي رومية – أفنبطل الناموس بالايمان ، حاشا بل نثبت الناموس ، ( رو3: 13) ويقول السيد المسيح لاتظنوا اني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ، ماجئت لأنقض بل لأكمل ( مت5: 17) ويقول الرسول بولس أيضا في رسالته الي غلاطية «وانما اقول اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد… ولكن ان انقدتم بـالـروح فلستم تحت الناموس .. إن كنا نعيش بالروح فلنسلك أيضا حسب الروح » (غلا16:5، 18، 25) .

فان الذين هم حسب الجسد فيما للجسد يهتمون ولكن الذين حسب الروح فيما للروح.

أننا  لا نسلك الآن بحسب شـهـوات الجسـد بل بحسب مطالب الروح القدس ، لأن كل الذين يـوجـدون تحت سلطان الجسد يفكرون ويهـتمـون ويرغبون بحسب ما يطلبه الجسد ، أما هؤلاء الذين يتجهون في حياتهم وفق ملكاتهم الروحية السامية ، بعد أن خضعت هذه لقوة الروح القدس وعمله، فان هؤلاء يفكرون ويهتـمـون ويرغبـون ماترغب فيه النفس البشرية المولودة في الروح القدس ،لاحظ معني العبارات التالية :

حسب الـجـسـد :أي الذين يسلكون حسب مطالب الـجـسـد واهـتـمـامـاته ، أوالـجـسـدانيون العبارة اذن تشير الي الحالة الروحية الضعيفة التي يكون عليها بعض الناس . يـهـتـمـون :أي يضـعـون تفكيـرهـم وقلوبهـم علي شيء ما . يشـيـر هـنـا الي الاهـتـمـامـات الجسدانية المتولدة عن السلوك حسب الجسد .

– حسب الروح : أي الذين يسلكون حسب مطالب الروح القدس العامل في الروح الانسانية أي الروحيون .

لأن اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام .

من الواضح أن مايطلبه الجسد ، يقف علي طرفي نقيض مع ما تطلبه الروح . في حـالة الانسان العتيق الخاضع لسلطان الخطيئة، والذي يفكر ويطلب ويهتم بالأمور التي يطلبها الجسد ، سينتهي به الأمر الى الموت الروحي او الي الانفصال عن الله . أما الذي يفكر ويطلب ويهتم بما تطلبه الروح ، فان هذا الاهتمام الروحي سيولد الحياة والسلام ، فالذين يسلكون حسب اهتمام الروح لا يموتون بل يـحـيـون لأنهم يبتعدون عن الموت الروحي ولا يتعرضون للانفصال عن الله وهذا هو معني ان تكون لهم حياة . وهذه الحياة الروحية تحقق السلام بين الانسان وبين الله هذا السلام الذي تفقده الخطيئة بما تخلفه من حاجز العداوة بين الله والبشر. ويقول الرسول بولس في رسالته الي غلاطبة : لأن من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فسادا ، ومن يزرع للروح فمن الروح يزرع حياة أبدية ، ( غلا6: 8). لاحظ معني العبارات التالية :

– اهتمام الجسد : ان التناقض بين الجسد والروح ليس تناقضـا ميتافيزيقيا يرجع الي طبيعة كل منهما ، بل تناقضا أخلاقيا . إن الرسول لا يضع عداوة بين الجسد كجسد ، وبين الروح كروح ، لأن الانسان لم يخلق من عناصر متناقضة متنافرة ولأن الجسد – كما قلنا سابقا – ليس شرا في ذاته ، بل هو أيضا يمكن أن يصير مسكنا لروح الله القدوس ، ولقد خلق الانسان متكاملا جـسـدا وروحا ولكن الخطيئة هي التي أدخلت هذا الانقسام والتنافر في الشخصية الانسانية وخلقت العداوة بين الجسد والروح. أن الرسول لا يـري في الجسد شرا بل يشير الي اهـتـمـامـات الجسد أي يشير الي غرائز الجسد عندما تتجه نحو الخطيئة والشر والفساد .

– مـوت :أي موت النفس لأنها بعدت عن الله بينما أن حياتها تتحقق في القرب من الله والاتحاد به . إن النفس التي تعيش حسب الجسد هي نفس ميئة تعسة شقية .

– اهتمام الروح : أي التفكير الروحي . انه لا يتحدث عن الروح كعنصر ، بل يتحدث عن الملكات الروحية في الانسان عندما تتجه اتجاها روحيا أو عن العقل البشري الذي يهتم بالروحيات ويتقبل فعل الروح القدس.

لأن اهتمام الجسد هو عداوة لله إذ ليس هـو خاضعا لناموس الله لأنه أيضا لا يستطيع ، فالذين هم في الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله.

أن أهـتـمـام الـجـسـد يـحـمل الموت للانسان لأن حالة اهـتـمـام الـجـسـد هـي حـالـة عـداوة بين الانسان وبين الله ، فالإنسان في هذه الحالة لا يخضع لناموس اللـه، ولا يأخذ بوصاياه ، بل أكثر من هذا ، فان مثل هذا الانسان لا يمتلك القوة أو القدرة للخضوع لله ، فلا يستطيع الإنسان الذي يهتم بالجسد ويخضع له . أن يهتم بالله ويخضع لوصاياه ، يقول الرسول يعقوب وأيهـا الزناة والزواني أما تعلمون أن محبة العالم عداوة لله ، فمن اراد ان يكون محبا للعالم فقد صار عدوا لله ( يع4: 4) .وأما بالنسبة للذين يعجزون عن الخضوع لله لأنهم يخضـعـون لشهوات اجـسـادهـم ، فقد قال السيد المسيح نفسه : يا أولاد الأفاعي كيف تقدرون أن تتكلمـوا بالصالحات وأنتم أشرار ، فانه من فضلة القلب يتكلم الفم ، الانسان الصالح من الكنز الصالح في القلب يخرج الصالحات ، والانسان الشرير من الكنز الشرير يخرج الشرور ( متي12: 34، 35) “لماذا لا تفهمون كلامي لأنكم لا تقدرون أن تسمعـوا قـولي ، أنتم من أب هو ابليس وشـهـوات أبيكم تريدون ان تعملوا .. الذي من الله يسمع كلام الله ، لذلك انتم لستم تسمعون لأنكم لستم من الله” ( يو8: 43، 44، 47) . ويقول الرسول يوحنا «ومع أنه كان قد صنع أمـامـهـم أيات هـذا عـددهـا لم يؤمنوا به ، ليتم قول اشعياء النبي الذي قاله يارب مـن صدق خبـرنا ولمن استعلنت ذراع الرب ، لهذا لـم تقـدروا أن تؤمنوا ، لأن بأشعياء قال أيضـا ، قد أعمي عيونهم وأغلظ قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيهم ، ( يو12: 37-40).

ان الذين يحيون حياة جسدية عالمية لا يمكنهم أن يفعلوا مايرضي الله.

وأما أنتم فلسـتـم في الجـسـد بـل في الروح ان كان روح الله ساكنا فيكم ولكن ان كان احد ليس له روح المسيح فذلك ليس له.

اننا لسنا بعـد مأسورين أو عبيدا لشهوات الجسد ، بل صرنا مسودين بالملكات السامية الروحية التي فينا والتي قد استنيرت وتجددت وولدت ثانية بنعمة الروح القدس ، وذلك بالطبع اذا كان روح الله يسكن ويحل فينا ،أما الانسان الذي ليس في داخله روح المسيح فانه لا يكون تابعاً للمسيح .. يقول الرسول بولس في رسالته الأولي الي كورنثوس وأما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم » (1کو3: 16) ويقول أيضا عن عمل روح الله في الانسان “لذلك أعرفكم ان ليس أحـد وهـو يتكلم بروح الله يقول يسوع أنا ثيمـا ، وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب الا بالروح القدس “( 1کو12: 3) .

من الحقائق التي يقررها اذن الرسول بولس ، أن الروح القدس يسكن في المؤمنين ، وهذا الوجود الالهي في داخلنا بواسطة روحه القدوس ، يكون له أكبر الأثر في توجيه حياتنا الروحية ، بل والفكرية ايضا .

لاحظ معني العبارات التالية :

– لستم في الجسد بل في الروح : أي لستم تسلكون سلوكا جسدانيا في أعمال الظلمة . ان المؤمنين لهم أجساد ولكنهم في نفس الوقت يسلكون في الروح ، ويعيشون حياة روحية سامية بفعل الروح القدس الذي يثير ويوجه ملكاتهم السامية الروحية .

– ساكنا فيكم : أي يسكن الروح القدس في الانسان كما في بيته أو هيكله ويسيطر علي الانسان الذي يسكن فيه كصاحب بيت . المؤمنون يصيرون بيتا لله والروح القدس يـصـيـر مالك هذا البيت . الروح القدس يوجد في الانسان كما يوجـد مالك البيت في بيته . الروح القدس يملك ويحكم ويسيطر ويدبر ويفتح ويغلق ، كما يكون لصاحب البيت من سلطان علي بيته .

وان كان روح المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطيئة ، وأما الروح فحياة بسبب البر

اذا كان المسيح يسكن فيكم بواسطة روحه ، فأن جسدكم سوف يخضع للموت الطبيعي الذي هو نتيجة الخطيئة الأصلية ، أما الروح فسوف تكون لها حياة أبدية بسببب التبرير الذي أعطاه لنا المسيح له المجد ، وبسبب ما أصبح في مقدورنا من بلوغ الفضيلة وممارستها بواسطة ما اعطينا من نعمة . يقول الرسول بولس في رسالته الثانية الي أهل كورنثوس « اذن ان كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت ، هوذا الكل قد صار جديدا » ( 2کو5: 17) ويقول في رسالته الي غلاطية ، مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في ، فما أحياه الآن الحسد فانما أحياه في الايمان ،ايمان ابن الله الذي أحبني واسلم نفسه لأجلي، ( غلا2: 20) ، كما يقول ايضا في رسالته الي فيلبي: لأن لي الحياة هي المسيح والموت هوريح » ( في1: 21). 

لاحظ معني العبارات التالية :

– ان كان روح المسيح فيكم: تتساوي هذه العبارة مع عبارة ان كان المسيح فيكم فـحيث توجد روح المسيح ، فهناك المسيح . كمـا تتساوي أيضـا مـع عبارة ان كان الروح فيكم ، فان من يمتلك الروح القدس يمتلك المسيح أيضا ، لأن عمل الروح القدس هو أن يصور المسيح فينا.

– حياة بسبب البـر : قد تشير العبارة الي التبرير الذي حصل عليه المؤمنون لأن الله قد بررنا ،علي أن كلمة بر يمكن أيضا أن تفهم بمقارنتها بكلمة الخطيئة ، فتعني كل فضيلة.

– وأما الروح :تشير الي روح الانسان التي تحييها نعمة الروح القدس .

وان كان روح الذي أقام يسوع من الاموات ساكنا فيهم ، فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي اجسادكم المائتة أيضا بروحه الساكن فيكم.

علي أننا لم نعد نخشي بسبب أن أجسادنا قد خضعت للموت ، اذ قد أعطيت لنا الفرصة لكي نخلصها من هذا الموت ، فاذا سكن فينا روح الله الذي أقام المسيح من الأموات ، فان هذا الروح نفسه سيعطي حياة لأجسادنا هذه المائتة، أن هذا الروح الذي أقام المسيح من الأموات سيقيمنا ايضا من الخطية . ويقـول الـرسـول أيضـا في رسالته الأولي إلي كورنثوس – والله قـد أقـام الرب وسيقيمنا نحن أيضا بقوته » (1کو6: 14 ) ،وفي رسالته الثانية الي كورنثوس يقول « عالمين ان الذي أقام الرب يسوع سيقيمنا نحن أيضا بيسوع ويحضرنا معكم» (2کو4: 14).

فاذن أيها الأخوة نحن مدينون ليس للجسد لنعيش حسب الجسد

إذا كنا قد تحررنا بواسطة ربنا يسوع المسيح من سلطان الخطيئة ومن الموت ، وحيث إن هذه الهبات والمراحم ندين بها لله ، فهو الذي أعطاها لنا ،فعلي ذلك لسنا نخضع للجسد او لسنا مدينين للحسـد حتي نعيش وفق أهوائه ، ولكننا مدينون لله ويجب أن نعيش وفق وصاياه . يقول الرسول بولس لأن الذي مات قد تبرأ من الخطيئة ( رو6: 7 أنظر أيضا غلا6: 8 ، أف4: 22-24)، لاحظ معني العبارة التالية – نحن مدينون ليس للـجـسـد : يفسر الرسـول هذه العبارة بالعبارة التالية :

” لنعيش حسب الجسد ، أي يجب أن لا نعيش حسب أهـواء الـجـسـد التي قد تحررنا منها والتي تحمل لنا الموت ، فليس في الجسد مايلزمنا بالخضوع له وخدمته كعبيد . اننا لسنا مدينين له بشيء ،بل نحن مدينون للمسيح فهو الذي حررنا ووهبنا الخلاص والقيامة من مـوت الخطية. اننا مدينون للمسيح بعمل الفداء وبالبركات المترتبة علي هذا العمل ، ولذلك يلزم أن نعيش ليس للجسد بل للمسيح .

لأنه ان عشتم حـسـب الجـسـد فـسـتـمـوتـون ، ولكن ان كنتم بالروح تميـتـون أعمال الجسد فستحيون

أي اذا عشتم عبيدا لشهوات أجـسـادكـم فـانـكـم سـتـتـعـرضـون للـمـوت الأبدي ، ويلحق بكم العذاب الأبدي الذي يحمله إلي الإنسـان مـا يترتب علي الخطيئة في العالم الآخر من الانفـصـال الأبدي بين الانسان وبين الله . أما اذا كنتم بواسطة قواكم الروحية التي أحيتها نعمة الروح القدس وقوته ، تميتون أعمال الجسد الرديئة ، فانكم ستحيون الي الأبد في حياة سعيدة مغبوطة، لاحظ أن الرسول هذا يقول : تمينون اعمال الجسد ، ولا يقول تميتون الجسد لأن الجسد كما قلنا ليس شرا في ذاته ، وأنما يجيء الشـر عندمـا تتـجـه غـرائزه وترتبط بالشـهـوة وبالخطية ، فـالإماتة المقصودة هنا هي إماتة الشهوات الشريرة، وهذا أيضـا مـاقـصـده السيد المسيح عندما قال ، ان اعشرتك يدك أو رجلك فاقطعا والقهـا عنك ، ( مت5: 8 ) ، فليس المقصود هنا هو قطع الـيـد أو الرجل كاعضاء ، لأن قطعهما لا يقضي علي الخطيئة ولا يبطل الشهوة ، فالأعضاء الجسدية أدوات تستعملها الشهوة ولكن يمكن أيضا أن تكون ادوات صالحة تستعمل لمجد الله ( انظر رو6: 13). ان الجسد في ذاته ليـس شـرا ولا خطيئة ، ولكن يمكن ان تستغله الشـهـوة أو الخطيئة تماما كما يمكن أن تسـتـغـل الـعـقـل أو النفس أو الروح . وعلي كل فـان الـرسـول ينبـه هنا الي ضرورة إماتة أعمال الجسد الشريرة لأنها يمكن أن تفقدنا الخلاص الذي إكتسبناه بدم المسيح «أقمع جسدي وأستعبده حتي بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا ، ( 1کو9: 27) ، وفي الرسالة إلى كولوسي يقول الرسول – لا تكذبوا بعضكـم علي بعض اذ خلعتم الانسان العتيق مع أعماله ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه ، ( کو3: 9). وفي الرسالة الي غلاطية يشير الرسول بوضوح الي أعمال الجسد فيقول « وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زني عهارة نجاسة دعارة ، عبادة الأوثان ، سحر عداوة خصام غيرة ، سخط ، تحزب شقاق بدعة ، حـسـد قـتـل سكر بطر وأمثال هذه التي أسبق فأقول لكم عنها كـمـا سـبقت فقلت أيضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله ، ( غلا5: 19-21) . ولكن ماهي اعمال الروح التي تميت اعمال الجسـد ؟ يشير الي ذلك الرسول بولس في رساله الي غلاطية بعد أن يتحدث عن أعمال الجسـد : فيقول ، وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف ( غلا 5: 22)

لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله .

ابناء الله هم الذين ينقادون بروح الله ويخضعون له ، تحكمهم روح الله ، يصبح روح الله هو سيد حياتنا وهو المسيطر والموجه لها . ولكننا لا تنقاد بروح الله مسلوبي الارادة بل باختيارنا وحريتنا وارادتنا ، تغللنا سلاسل الحب والايمان والالتزام بالحق والواجب ، فهـو انـقـيـاد حـر لا تشوبه روح الظلم والعبودية. بارادتنا نسلم مشيئتنا لله فيقودنا روحه الي الخير والصلاح. يقول الرسول ، ولكن اذا انقدتم بالروح فلستم تحت الناموس ، ( غلا5: 18).

اذن لم تأخذوا روح العبودية أيضا للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب .

مـا الـدلـيـل علي أننا صرنا أبناء الله ؟ الدليل على ذلك أن الروح القدس قـد أسـتـبـدل روح الناموس التي هي روح الخـوف والـعـبـودية بروح التبني التي بهـا نـصـرخ الي الله ونناديه : أبا أيهـا الأب .ان عبارة ، أبا الآب ، تشير الي تـوحـيـد الشعبين اليهودي والأممي في شعب واحد، فكلمة أباه تشير الي بنوة المؤمنين من اليهود ، وكلمة ، الآب ، patyr تشير الي بنوة المؤمنين من الأمميين أو اليونانيين . أن اليهود خاطبوا الله أبا ABBA والأمميون خاطبوا الله الاب patyr كل منهما في لغته ، وكل منهما قادر علي أن يحصل علي هذه البنوة لأنه لا فرق نمي المسيحية بين شعب وأخر الا بالايمان.

ان الرسول منا يتحدث عن الوضع الجديد الذي صار للمؤمنين وعن العلاقة الجديدة التي صبحت لهم مع الله ، وهي علاقة لم تكن متوفرة لشعب الله في العهد القديم ، يقول الرسول في رسالته إلى العبرانيين ، ويعتق أولئك الذين خونا من الموت كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية» ( عب2: 15)

ويقول في رسالته الي غلاطبة ، ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من أمرأة مـولـودا تحت الناموس ليـفـتـدي الذين تحت الناموس ، نننال التبني ، ثم بما أنكـم أبناء أرسل الله روح ابنه الي تملـوبـكـم صـارخـا يا أبا الآب ، اذن لست بعد عبدا بل ابنا فـوارث لسله بالمسيح ، ( غلا4: 4-7) ، وفي صلاة المسيح في بستان جثيماني قال يا أبا الآب كل شئ مستطاع لك ….. (مر14: 26)

والخلاصة اننا في العهد الجديد أخذنا الروح التي جعلتنا في وضع الأبناء والتي بها نصرخ إلي الله قائلين ، أبا أيها الأب ، وبذلك تخلصنا من روح العبودية التي أوجدتنا في حالة خوف.

“الروح نفسه أيضا يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله “. ومعني هذا أننا نحس هذه البنوة وتستشعرها بواسطة أرواحنا وقلوبنا التي تكتسب هذا الاحساس وهذا الشعور بواسطة روح الله ، أي أن شهادة تنوبنا تتم ونتايد ويصدق عليها بل ويدفع اليها روح الله القدوس.

فان كنا أولادا فاننا ورثة أيضا ، ورثة الله ووارثون مع المسيح. ان كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضا معه.

إن كنا أولادا نقد أصبح من الطبيعي أننا نحن أيضا ورئة . اننا ورثة لله من حيث إنه أبونا ، وورثة مع المسيح من حيث إنه قد وضع نفسه كاخ بالنسبة لنا ، ونحن سنصبح ورثة مع المسيح ، اذا كنا سنتألم معه ، لأننا إن تألمنا معه فسوف نتمجد أيضا معه . يقول الرسول بولس في رسالته الي غلاطية الأنكم جميعا أبناء الله بالايمان بالمسيح يسوع ، لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح … فأن كنتم للمسيح فأنتم اذن نسل ابراهيم وحسب الموعد ورثة (غلا2: 26-29)

“اذن لست بعـد عـبدا بل ابنا وان كنت ابنا فوارث لله بالمسيح ” ( غلا4: 7) . وفي الرسالة الأولي الي كورنثوس يقول الرسول – أمين هو الله الذي به دعيـتـم الـي شـركة ابنه يسوع المسيح ربنا ، ( 9:1) ويقول الرسول بطرس – بل كمـا اشـتـركـتـم في أ آلام المسيح افرحوا لكي تفـرحـوا في استعلان مجده أيضا مبتهجين ، (1بط 4: 13)، أطلب الي الشيوخ الذين بينكم انا الشيخ رفيقهم والشـاهـد لالام المسيح وشـريـك المجـد الـعـتـيـد أن يعلن : ( 1بط5: 1) وفي الرسـالة الأولي الي تيموثيؤس يقول الرسول بولس ….ان كنا قد متنا معه فسنحيا أيضا معه، ان كنا نصبر فسنملك أيضاً معه (1تي1: 11، 12) .

آلام الخليقة بسبب الخطيئة ورجاء المجد الاتى 18-25

18فاني احسب ان الام الزمان الحاضـر لا تقاس بالمجد العـتـيـد أن يستعلن فينا 19 لأن انتظار الخليقة يتوقع استعلان أبناء الله 20اذ أخضعت الخليقة للبطل ، ليس طوعا بل من أجل اذي اخضعها علي الرجاء 21لأن الخليقة نفسها أيضا ستعتق مـن عبودية الفساد الي حـرية مـجـد أولاد الله 22فاننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معا الي الآن 23وليس هكذا فقط بل نحن الذين لنا بأكـورة الروح نحن أنفسنا أيضا ” ، في أنفسنا متوقعين التبني فداء أجسادنا 24لأننا بالرجاء خلصنا ، ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء .لأن مـا ينظره أحد كيف يرجوه 25ولكن ان كنا نرجوا ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر.

فاني أحسب ان آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا .

لقد أوضح الرسول بولس ان اشتراكنا في المجـد السماوي يسبقه اشتراكنا في الام السيد المسيح علي هذه الارض .غير أنه يجب أن لا تفزعنا الام الزمان الحاضر وضيقاته لأن هذه الآلام لا تتعادل منطقيا مع الأمجاد السمائية التي سوف نحصل عليها في المستقبل . ويقول الرسول في رسالته الثانية الي كورنثوس – لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشيء لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديا . ونحن غير ناظرين الي الأشياء التي تري بـل التي لا تري لأن التي تري وقتية ، وأمـا التي لا تري فأبدية 18,17:4) .، ويقول الرسـول بطرس “الذي به تبتهجـون مع أنكم الآن ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة ،لكي تكون تزكية ايمانكم وهي أثمن من الذهب الـفـانـي مـع أنه يمـتـحـن بالنار تـوجـد للـمـدح والكرامة والمجد عند أسـتـعـلان يسوع المسيح” (1بط1: 7,6) أنظر أيضـا 1بط4: 13.

لأن انتظار الخليقة يتوقع استعلان أبناء الله

نحن سوف نكون ازاء مـجـد عظيـم فـائق لدرجة أن الطبيعة غير الحية تنتظر في شـوق استعلان مجد أولاد الله . يقول الرسول بطرس ۱ منتظرين وطالبين سرعة مجيء يوم !! ب الذي به تنحل السموات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب ، ولكننا بحسب وعده ننتظر سماوان جديدة، وأرضـا جـديدة يسكن فيها البر • (2بط2: 12و13) . أما بالنسبة لاستعلان مـجـد اللـه فـقـد قال الرسول بولس في رسالته الي كولوسي ( مـتي أظهر المسيح حياتنا فحينئذ تظهرون أنتم أيضا معه في المجـده ( کو3: 4). ويقول الرسول يوحنا في رسالته الإولي – أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون ، لكن نعلم أنه اذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو (1يو3: 2) وبلا شك فان استعلان مجد أولاد الله يصحبه أيضا فرز الأشرار وفصلهم، وهـو يتم في يوم الرب في المجيء الثاني ، في ذلك اليوم سوف يستعلن أبناء الله ويظهرون ، أما الآن فمهـم مـخـتـفون عن أنظار العالم .

اذ أخضعت الخليقة للبطل ، ليس طوعا بل من أجل الذي أخضعها ، علي الرجاء

لقد استعبدت الخليقة للموت وللهلاك ، ولكن لم يصدر هذا الحكم عليها نتيجة خطأ صدر منها أو نتيجة فعل ارادي للخليقة، بل صدر الحكم من الله الذي أخضعها للدمار ولكن مع توقع الرجاء في تجديدها فيما بعد .

“باطل الأباطيل قال الجامعة ، باطل الأباطيل الكل باطل”( جا1: 2) ، قال الرب لأدم ولأنك سمعت لقول امـرأتك فأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها ،ملعونة الارض بسببك ، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك ، وشوكا وحسكا تنبت لك، (تك3: 17و18 ) .

لأن الخليقة نفسها أيضا ستعتق من عبودية الفساد الي حرية مجد أولاد الله .

ماهو هذا الرجاء الذي تنتظره الخليقة ؟ ، أن الخليفة سوف تعتق هي أيضا وسـتتحرر من عبودية الهلاك والدمار ، وسيكون لها نصيب في حرية حالة المجد التي ستكون لأولاد الله ( انظر 2بط3: 13 ، 1يو3: 3) ان الرسول بطرس لم يقل أن الخليـقـة سـوف تـنـمسجد مع الانسان ،لأن المجد يختص فقط بالكائنات العاقلة ولكنه قال أنها سوف تتحرر من الموت والدمار

فاننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معا الي الآن

ان تحرر الخليقة سوف يتم في المستقبل ، ونحن نعلم من خبرتنا ان الخليقة تئن وتتألم الآن . وعبارة تثن وتتمخض ، تشير الي اشتراك الطبيعة مع الانسان في الالام (أنظر يو16: 21) فالانسان يئن ويتألم بسبب الخطيئة وينتظر الخلاص من آلام الحياة الحاضرة في المجد العتيد ان يستعلن .

 الـطـبـيـعـة اذن تشارك الانسان ، فكمـا حـدث أولا عندما أخطأ أدم أن لعنت الأرض بسب الخطيئة،بمعني أن الارض اشتركت مع أدم في تحمل عقاب الخطيئة ، فأخرجت شـوكـا وحسكا . هذا النحو عندما ترفع الخطيئة من الانسان وعندما ترفع النتائج السيئة المترتبة علي الخطيئة ، فان الخليقة كلها أيضا ستشارك الانسان في التغير الي حالة أفضل مما ، عليه الآن ، بمعني ان الصور الناقصة التي نجدها في الخليفة الآن ، كالزلازل والبراكين وكل ما لا يعبر عن كمال الخلقة مما نتج عن الخطيئة ، كل ما في الخليقة من نقص سوف ينتهي ويزول وسوف تتجدد الخليقة لتناسب الحالة الجديدة أي حالة مجداولاد الله في المستقبل .

ان الله عندما خلق الخليقة “راي كل شيء فيها حسن” · فالخليقة اذن قد خلقت في صورة حسنة لكي تعبر عن حسن وكمال العمل الالهي .

ولكن بسبب الخطيئة تشوهت صورة الخليقة الحسنة سواء بالنسبة للجماد و الحيوان و النبات فمعني انتظار الخليقة لتوقع استعلان مجد أولاد الله أو معني تحرر المخنيقة من عبودية الفساد ، مسعني كل هذا أن الـخـلـيـقـة سـتـعـود لـتـعـبـر عن الصورة الحسنة التي خلقت عليها اولا وكأنما الخليقة إنسان يحس ويشعر بنتائج الخطيئة السيئة ويئن ويتألم ويتمخض بسببها ، وكأنما الخليقة أيضا هو هذا الانسان الذي سينتهي أنينه وتقف ألامه فيما بعد . وبالطبع ان الخليقة لا تحس ولا تشعر ، وإنما المقصود هنا ، أنها كالمرأة التي تعكس آثار للخطيئة السيئة كما تعكس أيضا آثار المجد المتوقع في المستقبل لأولاد الله .

وليس هكذا فقط بـل نـحـن الذين لنا باكورة الروح ، نحـن أنفسنا أيضا نئن في أنفسنا متوقعين التبني فداء أجسادنا .

ليست الخـلـيـقـة وحـدها هي ا تئن ، بل نحـن أنفسنا علي الرغم من أننا قـد أخـذنا وحصلنا علي عطايا الروح القدس التي هي أشبه بباكورة الـخـيـرات السماوية المقبلة، أن عبارة باكورة الروح تشير الي تذوق الخيرات السماوية المقبلة منذ الوقت الحاضر ، فمنذ الآن نأخـذ عربون الروح ،نحصل علي بعض او جزء مما سوف تحصل عليه في المستقبل من النعيم . نحن ايضا نئن من أعماق قلوبنا منتظرين تحقق تمام وكمـال مـجد التبني ، أي تتحرر اجسادنا من الفساد . معني هذا ، ان كـمـال التبني لا يتم الا بعد ان تقوم أجسادنا من الموت وتتحرر من الفساد. . وعلي ذلك ، إذا كانت النفس هي العنصر المهم في الانسان فان السيد المسيح بواسطة دمه قد أمـن خـلاص اجسادنا أيضا . فالأجسـاد سـتـشـترك أيضا في مـجـد أولاد الله ، إن قيامـة الأجساد يعبر عنها هذا بعبارة فداء أجسادنا ، وإذ ذاك فمان اجسادنا سوف تتحرر من الموت ومن الفساد فاذا كانت أجسادنا الآن مشوبة بالضعف والنقص ، فانها فيما بعد سيكون لها صورة جسد المسيح (1کو15: 42) .

هذا التبني الذي نتوقعه ، ليس ظاهرا بعد بصورته الكاملة ، وكأنما يختفي وراء السحاب . غير أنه ، في مجيء الرب الثاني ، سوف يظهر الله هذا المجد ، وبصورة علنية يظهر الله أبناءه . أن التبني قد تم فعلا منذ الآن وفي الحياة الحاضرة ولكنه فيما بعد سوف يعلن ويظهر أمام الجميع .

لاننا بالرجاء خلصنا ، ولكن الرجاء المنظور ليس رجاء ، لأن ما ينظره أحد كيف يرجوه أيضا ، ولكن ان كنا نرجو ما لسنا ننظره ،فاننا نتوقعه بالصبر

يعلق الرسـول في هذه الآية أهمية كبيرة على الرجاء ،فنحن لا نبني إيماننا علي الأمـور الحاضرة ، بل علي ما نتوقعه أو ما نتوقع تحققه في المستقبل ، وبهذا الرجاء ننتظر ظهور التبني ، وبهـذا الـرجـاء الذي لنا في الله قـد حـصـلـنـا عـلـي الخـلاص أي لم تعلق خلاصنا فقط علي الأمـور الحاضرة بل علي ماننتظره في المستقبل . ان الرجاء الذي ننظره متحققا أمامنا يكف عن أن يكون رجـاء . فهذا الذي يراه الانسان بعينه الجـسـدية ويقع تحت بصـره كـيـف يـعـود ويرجـوه أيضـا . فالرجاء اذن يرتبط بما لا يقع تحت البصـر وبما لا ننظره الآن . انه يرتبط بالمستقبل . ومن أجل ذلك يجب أن يرتبط الرجاء بالصبر أي اذا كنا نرجو ما لا يقع تحت بصرنا الآن وما سوف يتحقق في المستقبل ، فاننا نرجوه بصبر طويل . علي هذا الرجاء ، نتوقع التبني فـداء أجسادنا . يقول الرسول بولس في رسالته الثانية الي كورنثوس • لأننا بالايمان نسلك لا بالعيان، ( 2کو5: 7) ويقول أيضا في الرسالة الي العبرانيين ، أما الايمان فهو الثقة بما يرجي والايقان بأمور لا تري (عب 1:11) .

تدعيم الله لحياتنا الروحية ( رو 26:8 -39)

شفاعة الروح القدس

وكذلك الروح أيضا يعين ضعـفـاتنا ، لأننا لسنا نعلـم ما نصلي لأجـلـه كما ينبغي ولكن الروح نفـسـه يشـفـع فـيـنـا بأنات لا ينطق بها . ولكن الذي يفحص القلوب يعلم مـاهـو اهتمام الروح، لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القـديـسـين (رو8: 26و27) .

كما يحدث بالنسبة للعين الجـسـديـة أن تضعف قـوة الـبـصـر فيـهـا فلا تتبين الأمور في وضوح بل قد تراها علي غير حقيقتها ، هكذا أيضا بالنسبة لعين النفس البشرية ، فان ضعفها الروحي يجعلها غير قادرة علي معرفة ما نصلي لأجله كما ينبغي ، لكن الروح القدس يتوسط ويشفع من أجلنا فيوحي ويلهم الانسان بأنات يعجز اللسان الـبـشـري عن التعبير عنها . الروح القدس يهب لقلوبنا أن تتعمق في الفهم والادراك الي درجـة يـعـجـز الـعـقل عن بلوغها .ان الروح القدس ينير بصائرنا فيعلمنا مـاذا يجب أن نطلب فـي صـلواتنا ويعلمنا كيف يجب أن تكون الصلاة ان الرسول بولس يـتـحـدث هنا عن نوع من شفاعة الروح القدس ، والشفـاعـة هـنا تعني مؤازرة الروح القدس للمؤمن ومساعدته ايانا في صلواتنا . ان الروح القدس يهب القلب أن يتعمق اوان يغوص الي أعماق أسـرار الله ، فيصبح القلب قادرا علي ان يعرف من الحقائق ويكشف من الأسرار مـا يضـعـف عن ادراكه العقل البشري ..فالصـلاة الحقيقية اذن هي الصلاة التي يعلمنا اياها الروح القدس . فلا بد لصلواتنا لكي تكون مقبولة ومتفقة مع مشيئة الله ، لا بد لها أن تكون صلاة في الروح أو بارشاد وتوجيه الروح القدس.

ان الصلوات التي نرفعها بدافع من الروح القدس ويـتـوجـيـهـه وارشاده والتي يعبر عنها بأنات لا ينطق بها تجد قبولا ورضي عند الله ،لأن الله الذي يفحص خفايا قلوبنا يعرف ماذا يريد الروح أن يقـولـه بهذه الأنات ، وفي ذلك يقول الرسول بولس ولكن الذي يفحص القلـوب يعلم ماهو اهتمام الروح الله يعرف لغة الروح القدس في داخلنا ويستجيب لها ، لماذا ؟ لأنه (أي الروح القدس ) بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين ، أي أن الروح القدس ، بواسطة مـا يهـبـه مـن ايحاءات وارشادات يتوسط ويشفع فينا بما يتفق ومشيئة الله ، لأنه يعرف هذه المشيئة اذ هو روح الله .لاحظ معني العبارات التالية :

– الفعل يعين sunantilambanete هو نفس الفعل الذي استعمل في قصة مريم ومرثا ، عندما طلبت مرثا من الرب يسوع قائلة قل لها ( أي لمريم ) أن تعينني ، فالفعل يعني : العون ، النجدة، الدد ، الغوث ، المساعدة .

– ضعفاتنا : تشير الي الضعفات الجسدية والروحية والي التجارب والمحن التي يصادفها المؤمن في حياته والتي تحتاج منه الى صبر ،ان الروح القدس يعين المرء ويساعده فيما يعانيه من بؤس وشقاء و تعاسة

– ما نصلي لأجله كـمـا ينبغي : تشـيـر الـعـبـارة الي مادة الصلاة أو مـوضـوعهـا أي مـاهـو الموضوع الذي نختاره لكي نصلي من أجله .ويشـيـر الـرسـول بـولس في رسالته الثانية الي أهل كورنثوس ، الي صلاته التي رفعها من أجل ضعف أصابه وكيف تلقي العون من قبل الله، يقول الرسـول “ولئلا ارتفع بفرط الاعلانات أعطيت شوكة في ا الـجـسـد . ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع ، من جهة هذا تضرعت الي الرب ثلاث مرات أن يفارقني ، فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل ، فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح” (1کو12: 7-9)

ثم ان عبارة «كما ينبغي” فيما يري بعض المفسرين ، تشير الي الحالة التي ينبغي أن يكون عليها المصلي ابان صلاته ، كما جاء في الرسالة الأولي الي ثيموثيؤس حيث تحدث الرسول عن الـكـيـفـيـة التي يجب أن ترفع بها الصـلاة . قال الرسـول فـاريـد أن يصلي الرجال في كل مكان رافعين أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال ، كذلك أن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل، لا يضغائر أو ذهب أو لأليء أو ملابس كثيرة الثمن، بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوي الله بأعمال صالحة ( 1تي2: 8-10)

– “يشفع فينا “. ان المسيح يشفع فينا في السماء ، والروح القدس يشفع فينا في قلوبنا الروح القدس كروح استنارة ، يعلمنا ماذا وكيف يجب أن نصلي ، وهـو كروح قدوس يوقظ فينا ماينبغي أن تكون عليه صلواتنا ، وهـو كـروح مـعـزي يطرد منا الخوف ويهبنا الطمانينية والسلام ويضرم فينا الرجاء والأمل .

– بانات لا ينطق بها : أي بأنات لا يمكن التعبير عن معناها ومضمونها بأقوال بشرية . لن العقل لا يمكنه أن يترجم عن لغة القلب الذي يدخل به الروح القدس الي أعماق الالهيات .ان الروح القدس لا ينطق في الصلاة بعبارات وأساليب بلاغية ولكنه يشـدد أيماننا ويقوي حميتنا ويطهر استعدادنا ويعمق رغبتنا في الصلاة.ان ما يعجز العقل عن ادراكه والتعبير عنه يكون مفهوما لدي الله .

– يفحص القلوب ليس مني يكشف ما كان يجهله بل بمعني يدرك كاملا أعماق القلب وخفاياه . وأما عبارة ، اهتمام الروح ، فهي تعنى: مايريده الروح .

عنايـة اللـه

28 ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الـذيـن هـم مـدعـوون حسب قصـده 29 لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه نيكون هو بكرا بين اخوة كثيرين 30 والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهـم أيضا والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضا والذين بررهـم فـهـؤلاء مجـدهـم أيضا 31 فماذا نقـول لهذا ، ان كان الله معنا فـمـن علينا 32 الذي لم يشفق علي ابنه بل بذله لأجلنـا أجـمـعين كيف لا يهـبـنا أيضـا مـعـه كل شيء 33من سيشتكي علي مـخـتـاري الله ، الله هو الذي يبرر 34 من هو الذي يدين المسيح هو الذي مـات بالحري قام أيضـا الـذي هـو أيضـا عن يمين الله الذي أيضا يشفع فينا 35،مـن سـيـفـصلنا عن محبة المسيح. أشدة أم ضيق أم ضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سـيـف 36كما هو مكتوب اثنا من أجلك نمات كل النهار ، قد حسبنا مثل غنم للذبح 37 ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا 38فاني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة 39 ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخري تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح ربنا ( رو8: 28-39).

ونحن نعلم أن كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يـحـبـون الله الذين هم مدعوون حسب قصده

في العدد الثاني والعشرين ، قال الرسول أننا نعلم أن كل الخليقة تئن وتتمخض معا الي الآن . وفي هذه الحياة الحاضرة لم يوهب لنا إن نؤمن فقط ، بل أن نتائم أيضا . ولكننا علي يقين ان كل شئ يتعاون ويتضافر ويعمل لخير الذين يحبون الله . أن هؤلاء الذين يحبون الله قد دعوا وإختيروا بحسب علم الله السابق وتقبلوا دعوة الخلاص ، فكيف أذن لا تعمل كل الأمور من أجل صالحهم وخيرهم . لاحظ معني العبارات التالية:

– كل الأشياء تعمل للخير للذين يحبون الله : يقول الرسول يعقـوب طوبي للرجل الذي يحتمل التجربة لأنه اذا تزكي ينال أكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه ( يع1: 12) کل مايقع في الدنيا وكل ما يحدث ، مـهـمـا كـانت الأحوال والظروف فهـو يـتـجـه للـخـيـر وذلك للذين يحبون الله ( وليس للناس جميعهم ).

– مدعوون حسب قـصـده : وفي الرسالة الي أقـسـس يـقـول الـرسـول «الذي فيه أيضـا نلنا نصيبا معينين سابقا حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته ، (أف1: 11) حسب قصد الدهور الذي صنعه في المسيح يسوع ربنا ، (أف3: 11).

أن المدعوين هـم جميع المؤمنين بلا تفريق ، الذين بواسطة المعمودية أصبحوا أعضاء في جسد المسيح ان التمييز بين نوعين من المدعوين. الذين يطيعون الدعوة ويسلكون حياة أخلاقية مناسبة والمدعوين الذين لا يتجاوبون مع الدعـوة كـمـا فـي مت20: 16، 24: 14 لأن كثيرين يدعون والميلون ينتخبون ، هذا التمييز لا تقابله في رسائل بولس الرسول ، وليس هناك مايدعم رأي القديس أوغسطينوس الذي يميز فيه بين مدعوين حسب القصد الالهي ومدعوين ولكن ليس القصد ، ذلك لأنه من غير المعقول ان يدعو الله البعض ولكن ليس حسب قصده ،فاذا حدث ان جماعة من المؤمنين لم يسلكوا حياة روحية نقية، فليس معني ذلك أن دعوتهم لم تكن حسب القصد الالهي . والرسول بولس عرف جيدا أن كثيرين من المسيحيين كانوا ضعفاء في الايمان ( رو14: 1 ، 15: 1 ) وكان بينهم أخـوة كذبة ( غلا2: 4 ،  1کو11: 13 ، رو16: 17) غير أن هذا لم يكن مصحوبا من الرسـول بشك أو خوف من أن لا يقبلوا دعـوة الله باخلاص أو لا يغيروا قلوبهم تغييرا حقيقيا . ان جميع المسيحيين دون استثناء كانوا عند الرسول ، مدعـوي ومختاري الله ، أي مـوضـع مـحـبـة الله وأخـيـتـاره منذ الـبـدء . والايمان الذين تقـبـلـوه لم يكن حدثا وقع لهم مصادفة ولكنه كان تحقيقا لمقصد ارادة الله الأزلية من نـحـوهـم . ان كون المسيحيين جميعهم مدعوي ومـخـتـاري الله ، هذه الحقيقة هي التي دفعت الرسـول لأن يحثهم بصـبـر وبأسـتـمـرار ليسلكوا حياة روحية مجيدة في المسيح يسوع . يقول الرسول الأن الله لم يدعنا للنجاسة بل في الـقـداسـة ( 1تس4: 17) لأن الله لم يجعلنا للغضب بل لاقتناء الخلاص بربنا يسوع المسيح (1تس5: 9) 

لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة إبنه ليكون هو بكرا بين اخـوة كـثـيـرين ، والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعـاهم أيضـا والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضا والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضا.

يشير الرسول الي مراحل خمس يمر عليها المؤمن حتي يبلغ المجد الكامل :

سبق فعرفهم – سبق فعينهم – دعاهم – بررهم – مجدهم

ويلاحظ أن زمن الفعل قد صيغ في زمن الماضي .وحتي مجد الحياة المستقبلة عبر عنه كما لو أنه شيء قد تم ، لأن مـجـد المؤمنين بدا، منذ دعـوتهم وأيمانهم بالمسيح . وفي جميع مراحل الحياة الروحية للمؤمنين ، يبدو بوضوح العامل الالهي في خلاصهم وتمجيدهـم . علي أنه كما لاحظنا سابقا يقع العامل الانساني في عبارة سبق فعرفهم

فقد عرف الله مقدماً الذين سيستجيبون لعمل النعمة ويـحـيـون في المسيح على أن هناك من يفسر عبارة الذين سبق فعرفهم بمعني الذين سبق فإخـتـارهـم ، ومع ذلك فانه اذا كان من الواضح أن هذا الاختيار له صـفة العمومية لأن الله يريد أن جميع الناس يخلصون ،والي معـرفة الحق يقبلون (1تي2: 4) ، فلابد من وجود بعض المبررات التي تجعل الله يفضل الواحد عن الآخر . ان معرفة الله السابقة هي الخطوة الأولي ، هي بدء عملية الخلاص ، وهي لا تعبر فقط عن عمل العقل الالهي في الاحاطة بأمور البشر ، ولكنها تشير أيضا الي اهتمام الله بهؤلاء الذين هم موضع تفكيره، فالذين سبق الله فعرفهم عينهم ليـصـيـروا مـشابهين لـصـورة المسيح ، وليكتسبوا الـصـورة الروحية والأخلاقية التي للابن ويـشـاركـوا قداسته ومجده ، وكما يقول الرسول بولس في موضع آخر ، الذي سيغير شكل جـسـد نـواضـعنا ليكون علي صـورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته ان يخضع لنفسه كل شيء ( في3: 21) ، ويقول الرسول يوحنا أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعـد ماذا سنكون ولكن تعلم اذا أظهـر نكون مثله لأننا سنراه كما هو (1يو3: 2 ) المؤمنون اذن معدون لأن يشاركوا في مجـد الابن الابن يتقدم في كل شئ والمؤمنون يتبعونه ويسيرون وراءه ويرتبطون به کاخ بكر بين اخوة كثيرين ، علي أن هذه المشابهة لا تزيل الفارق بين المؤمنين وبين المسيح من حيث إنه ابن الله بالطبيعة ومن حيث إن المؤمنين يكتسبون هذه البنوة بالتبني أو بالتفضل .

ان الذين سبق فعرف الله استحقاقهم ومن أجل هذا فقد سبق وعينهم ، كنتيجة طبيعية دعاهـم بواسطة الكرازة للايمان .وهؤلاء الذين دعاهـم وقـد قبلـوا الدعوة بررهم ( جعلهم ابرارا ) . وهؤلاء الذين بررهم جعلهم ورثة للمجد السماوي .

ومعني كل هذا أن الله يعامل البشر بالعدل دون محاباة ، فهو لا يختار أناسا للنعيم الأبدي وأخرين للهـلاك الأبدي .ولكنه يـخـتـاركل واحـد حـسـب اسـتـحـقـاقـه فـالـذيـن سـبـق الـلـه فـعـرف أسـتـحـقـاتـهـم سـبق وعينهـم لـهذا المجـد الأسمي الذي للابن . لم يعينهم الله لهـذا المجد الا أنه سبق وعرف استحقاقهم لأن يشاركوا في مجد الابن هؤلاء الذين كانوا على استعداد لقبول الايمان قبلوا دعوة الله لهـم واسـتـحـقـوا نتيجة لقبـول الـدعـوة أن يبررهـم الله ويمـجـدهـم ويجعلهم ورثة للمجد السماوي .ان استحقاق البشر اذن هو الذي أهلهم لتعيين الله لهم. ،وعلى ذلك فان تعيين الله لهم ودعوتهم وتبريرهم وتمـجـيـدهـم ، كل ذلك تم وفقا لما يكون عليه الانسان ، ولم يفرض علي الانسـان فـرضـا . يجب إذن أن لا نـتـجـاهل في دعـوة الـلـه الـعـامل الإنـسـاني . والانسان في النهاية هو الذي يحدد مصيره ومستقبله بحـرية واخـتـيـار ولا يفرض عليه الأمر فرضا من قبل الله ، ولا يتم الأمر قسرا .يجب أن لا نفسـر مشكلة الإختيار في ضوء ما يسمي بالقضاء والقدر ، فهذا التفسير لا يتفق مع الروح المسيحية التي تقيم وزنا للحرية الانسانية وللمسئولية الشخصية في تحديد المصير.

فماذا نقول لهذا ، ان كان الله معنا فمن علينا

هذه العناية التي يظهـرهـا الله نحو أحبائه من البشر ونحو المؤمنين بإسمه ، تعطي لنا أن نتمتع بالطمأنينة وسلام القلب ، فاذا كان الله معنا يحرسنا ويحفظنا فمن يمكنه أن يعمل ضدنا ، من يستطيع أن يلحق بنا الأذي والضرر طالما كنا في حماية الله وفي حـصـانتـه : الرب حافظ للبسطاء ، تذللت فخلصني ، ( مز 116 : 6 ) “ولا تـخـافـوا مـن شـعب الأرض لأنهم خبزنا ، قد زال عنهم ظلهم والرب معنا ، لا تخافوا”( عد14: 1 ) .

الذي لم يشفق علي ابنه بل بذله ،لأجلنا أجمعين ، كيف لا يهبنا أيضا معه كل شئ

ان الله الذي وهبنا ابنه الوحيد وقدمه للـمـوت من أجلنا ، كيف لا يهبنا معه جميع العطايا والنعم التي يحتاجها خلاصنا . اذا كان الله قد وهبنا المسيح فكيف لا تتأكد ثقتنا في محبة الله لنا وفي استعداده لأن يهبنا كل ما نطلب وكل ما نحتاج اليه .

من سيشتكي علي مختاري الله ، الله هو الذي يبرر.

من ذا الذي سيـجـد مـايشتكي به أو مـا يمـكـن أن يكون مـوضـع لوم علي هـؤلاء الذين اختارهم الله ، لأن الله قد غفر لنا خطايانا وقد بررنا .

بلا شك ، فان الرسول بولس يشير هنا الي ماجاء في سفر أشعياء حيث يقول : السيد الرب يعينني لذلك لا أخجل ، جعلت وجهي كالصوان وعرفت أني لا أخـزي .قريب هو الذي يبررني . من يخاصمني ، لنتواقف . من هو صاحب دعـوي مـعي ، ليـتـقـدم الي . هـونا الرب يعينني . من هو الذي يحكم علي – هوذا كلهم كالثوب يبلون يأكلهم العث ( إش50 :8و9)

ويقول سفر الرؤيا :

“وسمعت صوتا عظيـمـا قـائلا في السماء ، الآن صـار خلاص الهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه لأنه قد طرح المشتكي علي اخـوتنا الذي كان يشتكي عليهـم أمـام الهنا نهارا وليلا ، وهـم غلبوه بدم الحروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتي الموت ( رؤ ۱۲ : ۱۰ ، ۱۱ ) .

من هو الذي يدين ، المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضا الذي هو أيضا عن يمين الله الذي أيضا يشفع فينا

يتساءل الرسول : من هو الذي يديننا ، ومن هو الذي يمكن أن يؤخذ بحكمه علينا ، هل ديان آخر غير المسيح ، المسيح وحده هو الذي يديننا ، لأن المسيح وليس شخصا آخر قد مات عنا من أجل خطايانا ثم قام من الأموات وهو الآن يجلس عن يمين العظمة الالهية في سلطانه وملكه الالهي . وكلمـة يدين لا تعني فقط اعـلان الادانة أو إعلان قرار الادانة بل تعني ممارسة الادانة وتنفيذهـا كـمـا دان المسيح الخطية ( رو8: 3) وكـمـا يقـول في الرسالة الأولي الي كورنثوس ولكن اذ قد حكم علينا نؤدب من الرب لكي لا ندان من العالم ، ( 1کو11: 32) . لاحظ التدرج الذي وصف به السيد المسيح : فهو مات ولكنه لا يظل ميـتـا لأنه حي ، وهو ليس حـيـا فقط بل يجلس في مجد العرش الالهي ، وهو لا يجلس فقط في يمين العرش الالهي ولكنه يمارس عمل الشفاعة من أجل المؤمنين باسمه . هو المسيح اذن وليس احـد غيره يمكن أن يكون ديانا للبشر ، اقال الرب لربي اجلس عن يميني حتي أضع أعداءك موطئا لقدميك ، ( مز110: 1 ) (انظر 1يو2: 1 ، 1بط3: 13 ، عب7: 25 ، عب9: 24) .

من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف

إن المؤمن يطمئن الي محبة الله والي محبةالمسيح الذي يتشفع أمام الله لأجلنا . وما أقـواهـا من محبة تلك التي يرتبط بها المؤمن مع المسيح . وهل يمكن ان يقلل من محبتنا للمسـيح أو أن يفصلنا عنها ما يمكن أن نتعرض له من شدة تواجهنا من الخارج أو ضيق نعانيه في داخل قلوبنا أو اضطهاد أو جوع أو عري أو خطر أو سيف يسلط ضدنا .لاحظ العبارات التالية :

– عن محبة المسيح : كما يبدو من العدد 39 من نفس الاصحاح ، يشـار هـنـا بالأحري الي محبة المسيح نحو المؤمنين ، أو مـحبة المسيح نحو البشر ، أكثر مما يشار الي مـحبة البشر نحو المسيح ، علي أن باقي الآية بما تتضمنه من حديث عن الشدائد والضيقات التي تصادف المؤمنين تشير الي محبة البشر أو المؤمنين نحو المسيح . فالحديث اذن يدور حول المحبة بين المسيح والبشر من ناحية وبين البشر والمسيح من ناحية أخري

يقول الرسول بولس في الرسالة الثانية الي كورنثوس ؛ لأن محبة المسيح تحصـرنا ، اذ نحن نحـسـب هـذا أنـه ان كـان واحـد قـد مـات لاجل الـجـمـيـع فـالـجـمـيـع انـن مـاتـوا ، وهـو مـات لأجل الجميع لكي يعيش الأحباء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام ، ( 2کو5: 14 ، 15 ) . ويقول الرسول في رسالته الي رومية ، والرجاء لا يخزي لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطي لنا لأن المسيح أذ كنا بعـد ضـعفـاء مات في الوقت المعين لأجل الفجـار فـانه بالجهد يموت أحـد لاجل بار ، ربما لأجل الصالح يجسر أحد أيضا أن يموت ولكن الله بين محبته لنا وبعد نحن خطاة مات المسيح لأجلناه ( رو5: 5 -8).

 ولقد تحدث الرسول بولس باسهاب عن المضايقات التي يمكن ان تصادف المؤمن في حياته الروحية وذلك في رسالته الثانية الي كورنثوس فقال ؛ “بل في كل شئ نظهر أنفسنا كخدام الله في صبر كثير في شدائد في ضرورات في ضيقات ،في ضربات في سـجـون في اضطرابات ف أتعاب في اسهار في أصوام ، في طهارة في علم في أناة في لطف في الروح القدس في محبة بلا رياء ، في كلام الحق في قوة الله بسلاح الـبـر لليمين ولليسار ،بمـجـد وهـوان ، بصيت رديء وصيت حسن ، كمضلين ونحن صادقون ، كمجهولين ونحن معروفون ، فرحون ……… كفقراء ونحن نغني كثيرين كأن لا شئ لنا ونحن نملك كل شئ (2کو6: 4-10) ويقول أيضا في نفس الرسالة « أهم خدام المسيح أقول كمختل العقل ، فأنا أفضل ، في الأتعاب أكثر ، في الضربات السجون أكثر ، في الميتات مرارا كثيرة، من اليهود خمس مرات قبلت اربعين جلدة الا واحدة ، ثلاث مرات ضربت بالعصي ، مرة رجمت ، ثلاث مرات انكسرت ب السفينة ليلا ونهارا قضيت في العمق ، بأسفـار مرارا كثيرة ، بأخطار سيول ، بأخطار لصوص ، بأخطار من جنسي بأخطار من الامم ، بأخطار في المدينة ، بأخطار في البرية ، بأخطار في البحر ، بأخطار من إخـوة كذبة ، في تعب وكد في أسهار مرارا كثيرة؛، في جوع وعطش ، في أصوام مرارا كثيرة ، في برد وعري ، عـدا مـاهـو دون ذلك ، التراكم علي كل يوم ، الاهتمام بجميع الكنائس ، مـن يضعف، وأنا لا أضعف من يعثر وأنا لا التهب . ان كان يجب الافتخار نسـافـتـخـر بأمور ضعفي … في دمشق والي الحارث الملك كان يحرس مدينة الدمشقيين يريد أن يمسكني ، فتدليت من طاقة في زنبيل من السور ونجوت من يديه ( 2کو11: 23-33) .

 

كل هذه الشدائد لن تفصل المؤمن الحقيقي عن محبة المسيح ، والمسيح في حبه العميق يقف الي جوار المؤمن ويعضده ويقويه( أنظر2تي4: 16و17) .

كما هو مكتوب أننا من أجلك نمات كل النهار ، قد حسبنا مثل غنم للذبح

من أجل التمسك بالمسيح ، لا يستطيع شئ ما أن يضعف ايماننا ، ونحن علي استعداد لأن نتعرض علي الدوام للمخاطر والموت ، وأن ينظر الينا من الذين يضطهدوننا كأننا غنم مـعـدون للذبح . ويشير الرسول هنا الي ما كتب في مز44: 23.

يقول الرسول بولس في رساله الاولي الي كورنثوس ، فإني أري أن الله أبرزنا نحن الرسل آخرين كأننا محكوم علينا بالموت ، لأننا صرنا منظرا للعالم للملائكة والناس ، (1کو4: 9) ويقـول أيضا ، ولماذا نخـاطـر نـحـن كل سـاعـة ( 1کو15: 30) ، وفي الرسـالة الـثـانيـة الـي كورنثوس يقـول الأننا نحن الأحياء نسلم دائما للموت من أجل يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضا في جسـدنا المانت ، اذا الموت يعـمـل فـيـنـا ولكن الحـيـاة فيكم .. لذلك لا نفشل بل وان كان انساننا الخارج يفني فالداخل يتجدد يوما فيوما ، لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشيء لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديا : ( 2کو4: 16و17) .

ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا

نحن في كل هذا الذي نتعرض له من مخاطر وآلام ننتصر انتصارا عظيما بواسطة المسيح الذي  أحبنا والذي لا يتركنا بل يحيطنا علي الدوام برعايته ومحبته ويحمينا من المخاطر ، فنحن في محبة المسيح لنا نعيش في أطمئنان ودون خوف أو جزع مما قد نتعرض له . اننا بالمسيح نمتلك قوة تكفينا ليس فقط لمجابهة المصاعب والشدائد بل وأيضا للانتصار علي الشر وقهره ، أن قصة المسيحية في مجابتها للعالم اليهودي وللعالم الوثني ، كانت علي الدوام قصة انتصار. المسيحية في أبرز خصائصها صليب وآلام وموت ، ولكن في نفس الوقت ، قيامة ، وغلبة ، وانتصار.

فاني مـتـيـقن أنه لاموت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قـوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة ، ولاعلو ولا عمـق ولا خليقـة أخري تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا

يؤكد الرسول ثقته ويقينه بالانتصار الروحي للمؤمنين ، فلا الموت الذي به يخيفوننا ، ولا الحياة البهيـجـة السعيدة التي بها يغرونا ويعدونا ، ولا هذه الطغمات الروحانية ، ولا الأمور والأحداث التي نجابهها في الوقت الحاضـر أو التي يمكن أن نجـابـهـهـا في المستقبل ، ولا أي مـجـد يمكن أن يبسـمـو بالانسان ويرفعه ، ولا مايمكن أن ينزل به الي أسفل ،وكذلك لا تستطيع أية خليقة اخري تختلف عن هذه الخليقة التي نراها …لا تستطيع هذه ولا تلك أن تفصلنا عن محبة الله التي أظهرها بواسطة يسوع المسيح والتي تربطنا برباط وثيق .

وبالنسبة للطغمات الروحية ، يشير الرسول بولس في هذه الآية الي : الملائكة والرؤساء والقوات . ويشير في الرسالة الي أفسس أيضـا الـي الرياسات والقوات ولكنه يضيف الاشارة الي : السلطان والسيادة (أف1: 21) وفي الرسالة الي كولوسي يشترك مع الرسالتين السابقتين في الاشارة الي السلاطين والسيادات ، بينما يضيف العروش ( کو1: 16) وعلي ذلك فالرسـول بولس يشير الي الطغمات الملائكية التالية :

الملائكة . الرئاسـات . الـقـوات . السلاطين . السـيادات . العروش . علي أنه يلاحظ انه ليس ثمة اتفاق بين الأباء حول عدد الطغمات الملائكية أو درجاتها ، فالبعض يشير الي خمس طغمات ملائكية والبعض يشير الي ثماني طغمات وهكذا ، ولقد أفـردنا لذلك بحثا خاصا ، نرجو الرجوع إليه.

تفسير رومية 7 تفسير رسالة رومية تفسير العهد الجديد تفسير رومية 9

د/ موريس تاوضروس

تفاسير رسالة رومية تفاسير العهد الجديد

 

زر الذهاب إلى الأعلى