تفسير رسالة رومية اصحاح 4 للأنبا أثناسيوس مطران بني سويف

الفصل الرابع
إبراهيم أب المؤمنين

نوع البر 4: 1-8

“فماذا نقول أن أبانا ابراهيم قد وجد ( عرف واكتشف ) حسب الجسد” الجسد ، والمقصود هنا بتعبير حسب يمنحه للمؤمنين بحسب الجسد أنه تصرف وعمل ، ولم يكن الإيمان في هـذا الأمر بموضوع عقلى بل بسلوك . وهما نوعان من البر ؛ الأول ، عمـل الصـلاح « إن كان قد تبرر بالأعمال فله فخر ، ولكن ليس لدى الله … لا تحسب له الأجرة ( مكافأة ) على سبيل نعمة بل على سبيل دين ( آية 4 = حق مكافأة ) والثاني بر الخلاص أو بر المسيح الذييمنحه للمؤمنين ” الذي لا يعمل ولكن يؤمن بالذي يبرر الفاجر فأيمانه يحسب له برا ( بر الخلاص من الخطية ) كما يقول داود أيضاً في تطويب الانسان الذي يحسب له الله برأ بدون أعمال . طوبى للذين غفرت آثامهم وستـــرت خطاياهم . طوبى للأنسان الذي لا يحسب له الرب خطيئة ، 4 :5– 8 . فهذا الجزء يؤكد أن التبرير هو بالإيمان ببر المخلص ونعمته ببر أفعال الإنسان دون أيمان . ولو ان إنساناً قـدم لآخر ثمرة فاكهة جميلة كتفاحة مثلاً وكانت ناضجة وبهيجة وجيدة للأكل . ولما هم بأن يأخذها وجد مرض الجرب يملأ يد مقدمها ، فأنه يرفضها لأنها تحمل الجراثيم . ولو أن التفاحة كانت بهيجة من الخارج مريضة من الداخل ، فأنها ترفض أيضاً هكذا العمل الصالح من غير الصالح مرفوض ، كالعمل الذي يبدو صالحاً وهو مملوء خبثاً أو شراً . أما الانسان الذي تنقى بالنعمة فمطلوب العمل الصالح كثمرة لحياته النقية . “الانسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح ” (لو 6 : 45) ولو كان ، كأس ماء بارد مت10: 42.

إيمان ابينا إبراهيم 4: 9-25

يذكـر الكـتـاب لابراهيـم مـواقف أيمانيه كثيرة مثل خروجه من بين أهله وعشيرته ( تك 12) ، وتفويضه لوطا بن أخيه في اختيار الارض التي تروق له ( 13) ، وخروجه لمحاربة  أربعة ملوك أقوياء هزموا خمساً من بينهم ملك سدوم ، وليس معه إلا عبيد بيته ثم استرداده الأملاك ولوطا ورفضه أن يأخذ شيئاً لنفسه « رفعت يدى إلى الـرب الأله العلى مالك السماء والأرض لا أخـذ خيطا ولا شراك نعل ( حتى الخيط الذي يصلح به حذاءه أو رداءه الذي تهـرأ ) ولا من كل ما هو لك . فـلا تـقـول أنا أغنيت ابرام ، 14: 22-23 ثم أيمانه بذبيحة الخبز والخمر وتقديمه العشر لملکی صادق 14: 18.

 ثم تجديده العهد الله مرات مثلما في اصحاحی 15 و 17 من سفر التكوين . غير أنه تجب الإشارة إلى ثلاثة مواقف شائعة ، الأول خروجه من بين أهله حين دعـاه الله . وكانت هذه الخطوة بداية أفـراز وتأسيس جماعة المؤمنين . وفي هذه الخطوة يذكر سفر التكوين أن تارح أبي إبراهيم خرج بعشيرته من أور الكلدانيين عند تلاقى نهرى دجلة والفرات إلى حاران في أرض الأراميين ( تك 11: 31-32) ويذكـر دعـوة الله لابرام من حاران إلى كنعان (12: 1-5 ) ولكن الشماس اسطفانوس قـال في كلمته قبل إستشهاده و ظهر إله المجد لأبينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين قبلما سكن في حاران وقال له اخرج من أرضك ومن عشيرتك فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين وسكن في حاران ، ومن هناك نقله إلى الأرض التي أنتم ساكنون فيها ، أع7: 2-4 مما يوحى بأن الدعـوة كانت لابرام أولا ونفذها أبوه بالانتقال إلى حاران ، وجاءته دعوة ثانية بعد وفاة ابيه فانتقل إلى كنعان . والموقف الثاني أيمانه بميلاد إسحق حين لم تصدق سارة ( تك 18 ) هذا الموقف الذي ذكرته رسالة رومية هنا و ه وإذ لم يكن ضعيفاً في الإيمان لم يعتبر جسده وهو قد صار ممانا إذ كان ابن نحو مئة سنة ولا مماتية مستودع سارة لذلك أيضاً حسب له برأ ، ( آية 22)

 والموقف الثالث طاعته وتقديمه إسحق ذبيحة ( تك22) على الرغم من شدة غرابة الطلب عقيديا لان شريعة الرب لم يكن فيها تقديم ذبائح بشرية ، وان إسحق هو الموعـود بـه ليـقـيـم لابراهيم نسلا مؤمناً . ولذا تكرر تطويب ايمانه في هذا الفصل مرتين . « لانه ماذا يقول الكتاب فآمن ابراهيم بالله فحسب له برا  3:4 و « لذلك أيضاً حسب له برأ » آية ٢٢ . ( انظر تك15: 6 و يع2: 23).

وفيما عدا ما يخص مولد اسحق ثم تقديمه ذبيحة ، كانت جميع تلك المواقف سابقة على قبـول عـهـد الختان ( تك 17 ) فأيمان ابراهيم العملي يشمل الذين بلا ختان وأهل الختان . و أخذ علامة الختان ختماً لبر الإيمان الذي كان في الغرلة ليكون أباً لجميع الذين يؤمنون وهم في الغرلة …. لهذا هو من الإيمان كي يكون على سبيل النعمة ليكون الوعد وطيداً لجميع النسل …. كما هو مكتوب أني قد جعلتك أباً لأمم كثيرة » رو 4: 11-17 « ولكن لم يكتب من أجله وحـده أنه حسب له ، بل من أجلنا نحن أيضاً الذين سيحسب لنا ، الذين نؤمن بمن أقام يسوع ربنا من الأموات . » 23-24

” الذي أسلم لأجل خطايانا وأقـيـم لأجل تبريرنا ” 4: 25 وتبين هذه الآية أن الصلب هو عملية الفداء عن الخطايا ، كما سبق و متبررين مجاناً بنعمته بالفداء . الذي قدمه الله كفاره بالإيمان بدمه …. من أجل الصفح عن الخطايا السـالفـة » 3: 24-25 ( أنظر فـصـل التـبـرير في المقدمات 10 – 15 ) وبالفداء أو الكفارة نلنا الغفران كقول الرسول أيضاً ، عاملاً الصلح بدم صليبه أنتم الذين كنتم قبلا أجنيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة قد صالحكم في جسم بشريته بالموت ، کو1: 20-22 كما في سفر الرؤيا و الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه » رؤ 1 : 5 . والقيامة هي كمال التبرير . لأنه لا يمكن أن يتم الفداء دون القيامة كقول الرسول بطرس لليهود “بأيدي أثمة صلبتموه ، الذي أقامه الله ناقـضـا أوجـاع الموت إذ لم يكن ممكناً أن يمسك ( يظل مقيداً به : يظل ميتاً) منـه . لأن داود يقـول فـيـه « كنـت أرى الـرب أمـامي في كل حين …… لذلك سر قلبي وتهلل لساني حتى جسدى أيضاً سيسكن على رجـاء لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فساداً ، . أع2: 23-27 . فالقيامة ملازمة للصلب . مثلما تعمل الكنيسة ليلة يوم سبت النور المسماة ليلة الرؤيا ( أبو كالبسيس ) إذ تستعمل في ألحان قراءات فصـول القداس اللحن الحزين ثم تقلبه إلى اللحن السنوى لأننا لا زلنا نراه في القبر لأجل فدائنا ولكننا فرحنا من ساعة الصلب التي فيها حدث الفداء ، بقيامته يكمل مجد الفداء.

تفسير رومية 3 تفسير رسالة رومية تفسير العهد الجديد تفسير رومية 5

الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف

تفاسير رسالة رومية تفاسير العهد الجديد

 

زر الذهاب إلى الأعلى