تفسير رسالة كورنثوس الأولى ١٢ للقس أنطونيوس فكري
شرح كورنثوس الأولى – الإصحاح الثاني عشر
مقدمة
الإصحاحين 12 ؛ 13 هما تمهيد للإصحاح 14، أي لمعالجة ما نجم في الكنيسة هناك من مشاكل لإساءة استخدام موهبة التكلم بالسنة. وسادهم روح الحسد إذ طلب البعض المواهب التي أخذها آخرين (وبالذات موهبة التكلم بالألسنة) لنوال مجد باطل. وإنتفخ أصحاب المواهب الظاهرة، أصاب غيرهم الإحباط وصغر النفس إذ ليس لهم هذه المواهب. وفى هذا الإصحاح 12 إجابة بولس عن سؤال بخصوص المواهب الروحية ؛ وهى حقيقة أكيدة، ولكنه يشرح لهم كيف يتعاملون حسنا مع المواهب، وأن الموهبة أعطاها الله للمؤمن ليخدم بها الآخرون فيتمتع الجميع بالخلاص، لا ليجتمع الناس ليمجدوا صاحب الموهبة.
ونفهم من كلام الرسول أن المواهب هي عطية الروح القدس، مقدمة للكنيسة الواحدة، وكل عضو يكمل النقص الذي في العضو الآخر. وبهذا فعلى ذو الموهبة العظيمة أن لا يحتقر ذو الموهبة البسيطة، والعكس فلا يشعر ذو الموهبة البسيطة بصغر نفس. فلكل إنسان موهبته أو وزنته. ونلاحظ انهم لأنهم يتصارعون على موهبة الألسنة إعتبرها الرسول أقل المواهب أي موهبة ضعيفة.
والله يتدخل عادة إذا عجز الإنسان أن يعمل ما يريده الله، فالله أعطى موهبة الألسنة للرسل إذ كانوا صيادين بسطاء، ولكن إذا كان في قدرة أحد أن يتعلم لغة ما فلماذا يعطيها الله له بطريقة معجزيه. فمثلا الأنبا انطونيوس مرقس أسقف أفريقيا عَلَّمَ نفسه العديد من لغات أفريقيا وترجم لهم كتب الكنيسة دون موهبة السنة.
وفى كل كنيسة نرى تكامل المواهب للبنيان، فهناك من يهوى دراسة الكتاب المقدس، وهناك من يهوى التاريخ، والألحان، والعقيدة …..
ولكن هناك من يسعى لاقتناء موهبة ما من أجل المجد الباطل، ومثل هذا يخدعه إبليس ويعطيها له ليقوده للكبرياء والسقوط والضياع. بل أن الله خاف على بولس نفسه من كثرة مواهبه فأعطاه شوكة في الجسد حتى لا ينتفخ. والرسول يرى أن أهم ما يجب أن نسعى إليه هو المحبة ؛ لنخدم بعضنا بعضا في محبة ؛ فالرب آتى ليَخْدِمْ لا ليُخْدَمْ ويبذل نفسه.
الآيات 1 – 3
آية 1: – و اما من جهة المواهب الروحية ايها الاخوة فلست اريد ان تجهلوا.
هي مواهب = لأنها هبات مجانية من الروح القدس، متاحة لمن يشاء الروح أن يعطيه، وليست قصراً على فئة معينة. وكان الله يريد أن يعطى مواهب عديدة للمؤمنين لمواجهة الفلاسفة المنتشرين في اليونان.
آية 2: – انتم تعلمون انكم كنتم امما منقادين الى الاوثان البكم كما كنتم تساقون.
كان كهنة الأوثان يسوقونهم لعبادتها في طقوس وحماس روحي كاذب تحركه الشياطين، وبلا فهم، و الآن يحركهم الروح القدس ويقودهم، وعطايا الروح ليست هكذا، بل الروح يعطيها لمجد الله، وهو يقسم حسبما يشاء. واذكروا ماضيكم لتعرفوا انه لا فضل لأحد منكم فيما أنتم فيه من مواهب بل الروح القدس أعطاها لكم. واشكروا الله على ما أعطاكم ولا تنتفخوا.
آية 3:- لذلك اعرفكم ان ليس احد وهو يتكلم بروح الله يقول يسوع اناثيما وليس احد يقدر ان يقول يسوع رب الا بالروح القدس.
يقول ذهبي الفم أنهم لفرحتهم بالألسنة دخل وسطهم الشيطان و أعطاهم ألسنة غير مفهومة، وهم إذ كانوا لا يفهمون كانوا يرددون يسوع اناثيما. فحدث خلط بين الموهبة الروحية والأعمال الشيطانية. هم سعوا للمواهب من أجل المجد الباطل فخدعهم إبليس لكبريائهم. ففي ظل الكبرياء والإنتفاخ يجد الشيطان له مكاناً. أما مع الإنسحاق فالشيطان يهرب. ونجد الرسول هنا يضع لهم علامة ليعرفوا بها هل اللسان من الله أم من الشيطان. وهذه العلامة هي أن يعترف الواحد بالمسيح رباً لا أن يلعنه. وهذا هو نفس ما قيل في (1 يو 1:4-3) فإذا حرك إبليس أحد يلعن المسيح، ولكن لا يستجيب له سوى المتكبر، أما المنسحق فيسكن فيه الروح القدس (أش 15:57) فيقول أن المسيح رب. والروح يكشف لنا عن شخص المسيح (يو 14:16) فنحبه ونمجده ونسبحه
أناثيما = ملعون أو محروم (هي تشير لكل مبدأ يحوى إنكار أو تجديف على الرب يسوع). من الجانب الآخر فالإيمان بالرب يسوع هو عمل الروح القدس الذي فينا. الذي يرشدنا للإيمان بالمسيح = يقول يسوع رب إلا بالروح
ملحوظة:- قال آخرين أنه إندس في وسطهم بعض من اليهود والوثنيين الذين يكرهون يسوع، وإدعوا حصولهم على موهبة الألسنة، ولكنهم كانوا يلعنون يسوع ويشككون فيه ليضعفوا إيمان المؤمنين. وقال آخرين أن الرسول يربط هذا القول بآية 2 ويعنى ” أنتم يا من كنتم منساقين للأوثان، و الآن أعطاكم الروح موهبة الألسنة، فأنتم ما زلتم ليس لكم الخبرات الكافية للتعامل مع الألسنة وترددون أقوال هراطقة أو شياطين ” وبالمقارنة بين الآيتين 2، 3 يمكن أيضا تصور أن الرسول يعاقبهم قائلاً لهم : أنه كما كنتم تساقون من الشياطين في حماس روحي كاذب، هكذا الآن أنتم بطلبكم للألسنة تريدون نفس التشويش التي كانت في هياكلكم الوثنية.
الآيات 4 – 11
الآيات 4 – 6 :- فانواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد. وانواع خدم موجودة ولكن الرب واحد. وانواع اعمال موجودة ولكن الله واحد الذي يعمل الكل في الكل.
(راجع في المقدمة “عقيدة الثالوث الأقدس“). فهنا نرى عمل الثالوث في تكوين جسد المسيح، وجسد المسيح له أعضاء هي نحن، ولكل منا عمله.
فالآب يريد، والإبن إتحد بنا لتكون لنا حياته، أي نكون أعضاء حية، والروح يعطى الموهبة لكل واحد ليتمم الخدمة المطلوبة منه. والهدف مجد الله الآب ” لكي يرى الناس أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات (مت 5 : 16)
الآب يريد أن يكون لي عمل ما، فالذي يضع الموهبة في ويحركني هو الروح القدس. ولكن الروح لا يعطيني الموهبة ولن أستطيع أن أعمل العمل الذي يريده منى الله إن لم أكن ثابتاً في المسيح.
مثال :- مدير يريد تنفيذ عمل ما، ويريد أن يوكل مهمة هذا العمل لعدد من العمال، فيقول فلان يعمل كذا وفلان يعمل كذا (هذا يشبه عمل الآب) ويأتي رئيس العمال فيعطى لكل عامل الأدوات اللازمة ليتمم عمله (هذا دور الروح القدس ولكن لا يمكن أن يتم هذا إن لم يكون العمال معينين وثابتين في الشركة (دور المسيح) وتكوين جسد المسيح هدفه خلاص نفوس المؤمنين، وبهذه المواهب التي يحصل عليها الفرد، يخدم الآخرين، ويتكامل عمل هذا مع ذاك.
مثال آخر :- لنأخذ عضو كالعين
عملها هو النظر هذا حدده الله الآب.
خدمتها لا يمكن أن تقوم بها إلا إذا كانت شرايينها وأعصابها متحدة بالجسم أي أن كل
منا لا يمكن أن يتمم خدمته إن لم يكن ثابتاً في المسيح.
القوة التي تحركها وتجعلها صحيحة قادرة أن ترى هي ما يقال عنه المواهب.
آية 7 :- و لكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة.
يعطى إظهار الروح للمنفعة = الموهبة التي يظهر بواسطتها عمل الروح في أحد للمنفعة = هذه المواهب لشخص ليست لنفعه هو بل لمنفعة الكنيسة.
آية 8 :- فانه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة ولاخر كلام علم بحسب الروح الواحد.
كلام حكمة = يشير لإعلانات الله للمؤمن الذي تكشف له وتفسر له بعمق وحكمة، أسرار مشيئة الله وأسرار عمله الخلاصي
كلام علم = الذي يفسر للمؤمنين ما سبق وقد كشفه كلام الحكمة، هنا الذي حصل على الموهبة يكون قادراً أن يعرف المؤمنين بهذه الإعلانات.
آية 9 :- و لاخر ايمان بالروح الواحد و لاخر مواهب شفاء بالروح الواحد.
ولآخر إيمان = هي حالة تنقل الإنسان إلى حالة الإدراك اليقيني بكل ما سمعه وطولب أن يصدقه، هذا الإيمان ينقل جبال. ونسمع أن من ثمار الروح أيضا إيمان. إذاً هناك إيمان هو من ثمار الروح، وإيمان هو موهبة، والفرق أن الإيمان الذي هو من ثمار الروح هو شئ شخصي يستفيد به صاحبه، أما الإيمان الذي هو موهبة، فيه يسند صاحب الموهبة ضعفاء الإيمان، وبصلواته عنهم يستجيب الله، فالمواهب لبناء الكنيسة.
آية 10 :- ولاخر عمل قوات ولاخر نبوة ولاخر تمييز الارواح ولاخر انواع السنة ولاخر ترجمة السنة.
عمل قوات = أي أعمال خارقة للطبيعة
نبوة = 1) كشف أسرار الله للمؤمنين 2) نبوات عن المستقبل
3) شرح غموض بعض ما جاء في الكتاب المقدس
تمييز الأرواح = القدرة على التمييز بين الأنبياء الحقيقيين وغير الحقيقيين، بين المعجزات التي من الله وبين حيل الشياطين، تمييز الوعظ الذي من الله والوعظ الذي من الذات البشرية الخاضعة للأرواح المضلة، التمييز بين التنبؤ الحقيقي والإنفعال البشرى الشيطاني. وهذه الموهبة هامة جداً كضابط ومرشد لموهبة التنبؤ. السنة = الرسول وضعها آخر المواهب، فهذه هي التي إفتخر بها أهل كورنثوس ترجمة = هؤلاء يترجمون ما يقوله أصحاب موهبة الألسنة
آية 11 :- ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء.
جميع هذه المواهب يعطيها الروح القدس، ويعطى لكل واحد بحسب ما يشاء لهدف البنيان؛ وليس بمحاباة. وكون الروح القدس له مشيئة فهذا يثبت اقنوميته؛ فهو له شخصية وإرادة وسلطان وليس مجرد قوة إلهية. وقوله بحسب ما يشاء؛ إشارة انه ليس بحسب ما يشاء المؤمن فهم طلبوا الألسنة.
الآيات 12 – 26
آية 12 :- لأنه كما ان الجسد هو واحد و له اعضاء كثيرة وكل اعضاء الجسد الواحد اذا كانت كثيرة هي جسد واحد كذلك المسيح ايضا.
الكنيسة بأفرادها هم أعضاء الجسد الواحد = ولم يقل أفراد الجسد. فكلمة أفراد أو فرد تعنى انه مستقل بذاته مكتفياً بقدراته. هنا نرى انه يجب أن يكون هناك تمايز بين الأعضاء، فالرِجْلْ ليست هي اليد، وهذه ليست هي العين، لكن هناك تكامل بين الأعضاء، فكل عضو يكمل عمل العضو الآخر. المهم أن الأعضاء تكون جسداً واحداً روحياً، والجسد الواحد يعمل خلال الرأس.
آية 13 :- لاننا جميعنا بروح واحد ايضا اعتمدنا الى جسد واحد يهودا كنا ام يونانيين عبيدا ام احرارا وجميعنا سقينا روحا واحدا.
اعتمدنا إلي جسد واحد = المعمودية هي بداية دخولنا لهذا الجسد والاتحاد معاً في الرأس يسوع المسيح. والتناول يجعلنا كلنا في ثبات في هذا الجسد الواحد يهودا كنا أم يونانيين = في هذا الجسد تذوب كل فوارق الجنس أو العنصر لأن المُوَحِّدْ هو الروح القدس، لذلك سميت الكنيسة بالجامعة فهي تحوى عناصر كثيرة متميزة في شخصياتها وقومياتها، ولكنها ذابت كلها في جسد المسيح الواحد، فالكنيسة كشبكة الصياد تضم كل أشكال وألوان السمك
وجميعنا سقينا روحاً واحداً = كلنا حصلنا على الروح القدس الواحد الذي نرتوي منه أي نأخذ منه المواهب الروحية للخدمة، كأشجار مختلفة تروى من نبع واحد مع إختلاف أنواع ثمارها. (الماء رمز للروح القدس يو 37:7-39 + اش44: 1-4). والإنسان هو التربة فنحن مخلوقين من تراب. والماء يثمر في التربة فيُكَوّنْ ثمار.
آية 14 :- فان الجسد ايضا ليس عضوا واحدا بل اعضاء كثيرة.
ليس غريباً أن تكون هناك مواهب متنوعة، فهذا الأمر نلحظه في أجسادنا، إذ لجسدنا الواحد أعضاء مختلفة، وكل عضو له عمل مختلف
آية 15 :- ان قالت الرجل لاني لست يدا لست من الجسد افلم تكن لذلك من الجسد.
أي إن كانت لك موهبة معينة وليست لك موهبة ما أخرى، فهل يعنى ذلك أنك لست بعد عضواً في جسد الكنيسة الواحد مع الأعضاء الآخرين. فالجسد يحتاج لكل أعضائه، ولكلٍ عمله الضروري والنافع، ولذلك علينا أن لا نقلل من شأن موهبة ما مهما صغرت قيمتها. فالكل في إحتياج للآخر.
آية 16 :- وان قالت الاذن لاني لست عينا لست من الجسد افلم تكن لذلك من الجسد.
إذاً على كل مؤمن أن يشعر بأهميته في الكنيسة مهما صغر شان عمله.
آية 17 :- لو كان كل الجسد عينا فاين السمع لو كان الكل سمعا فاين الشم.
هنا نرى التكامل فلا غنى عن أي وظيفة لأي عضو في الجسم.
آية 18 :- و اما الان فقد وضع الله الاعضاء كل واحد منها في الجسد كما اراد.
الله خلق كل عضو ووضعه في مكانه الصحيح، وهكذا أعطى لكل مؤمن عمل ما.
آية 19 :- و لكن لو كان جميعها عضوا واحدا اين الجسد.
لولا الكيان المتكامل لصرنا كالمخلوقات الدنيئة ذات الخلية الواحدة، لكن جسم الإنسان يتكون من أعضاء متنوعة لكي يقدر أن يقوم بعمله. لذلك لا يقام قداس إلاّ لو كانت هناك جماعة، على الأقل 3 أشخاص ليكون هناك وحدة وتكامل، وجماعة يوحد بينها المسيح. فالأمر إذاً يقتضى أن تكون هناك مواهب متنوعة مختلفة لكي توفى بحاجات الجسد.
آية 20 :- فالان اعضاء كثيرة و لكن جسد واحد.
الجسد لا يمكن أن يؤدى وظيفته إلاّ بتواجد كل الأعضاء.
آية 21 :- لا تقدر العين ان تقول لليد لا حاجة لي اليك او الراس ايضا للرجلين لا حاجة لي اليكما.
لا يمكن لفرد عضو في الكنيسة أن يشعر بإستغنائه عن الآخر. وربما تشير الرأس للقيادات الكنسية والرجل واليد للخدام العاملين.
آية 22 :- بل بالاولى اعضاء الجسد التي تظهر اضعف هي ضرورية.
الأعضاء التي تظهر أضعف = كالمخ والعين فهما في حراسة لضعفهما ودقة تركيبهما. فما تظنه الأضعف فهو الضروري. وهناك أناس بسطاء في الكنيسة يتظاهرون بالبساطة وهم قديسين جبابرة. وهؤلاء الذين لهم مواهب متضعة تحتاج إليهم الكنيسة. وبدون مواهبهم هذه لا تستطيع الكنيسة أن تكمل كيانها.
آية 23 :- و اعضاء الجسد التي نحسب انها بلا كرامة نعطيها كرامة افضل و الاعضاء القبيحة فينا لها جمال افضل.
الأعضاء التناسلية يظنها البعض بلا كرامة ويحتقرونها، ولكن بها نكون شركاء الله في الخلق، هذه الأعضاء التي يكون من غير اللائق، أو ليس من الصالح أن تكون مكشوفة لأن مهامها خاصة بالجسد الذي وجدت فيه، وعليها يتوقف امتداد جسد المسيح بتكوين أجساد أخرى أي التناسل، هذه نكسوها بسترها بالثياب حتى لا تكون نهباً للناظرين. الأعضاء القبيحة = الله لم يخلقها قبيحة بل هي صارت هكذا من تعليقات الناس الساخرة وتصوراتهم الخاطئة المنحرفة، وربما يقصد أن هدا قد حدث بعد سقوط الانسان وإنحراف شهوته. ولكن قوله أعضاء قبيحة يقصد ما يظن الناس أنها قبيحة بسبب الإنحراف الدى حدث للإنسان. لها جمال افضل = فلها كرامة لأن لكل عضو عمله. وهذه نغطيها بكرامة بالثياب.
آية 24 :- و اما الجميلة فينا فليس لها احتياج لكن الله مزج الجسد معطيا الناقص كرامة افضل.
وأما الجميلة = كالوجه واليد هذه مهامها أن تظهر للآخرين، فالله أعطاها جمالاً لتظهر به للآخرين، ولذلك نحن لا نغطيها لنعطيها مزيداً من الجمال (على إعتبار أن الثياب تعطى نوعاً من الجمال والزينة). معطياً الناقص كرامة أفضل قال الرسول هذا حتى لا نحتقر أي أحد في الكنيسة، فمهما صغر الفرد يعطيه الله كرامة حتى لا نحتقره. والله مزج الجسد من أعضاء مختلفة في الكرامة والمظهر بل أعطى للأعضاء الأضعف والأقل كرامة، أعطاها كرامة أفضل
آية 25 :- لكي لا يكون انشقاق في الجسد بل تهتم الاعضاء اهتماما واحدا بعضها لبعض.
الله بحكمة صنع هذا المزج حتى يهتم كل عضو بالأعضاء الأخرى. ويكون لجميع الأعضاء الإهتمام الواحد، فنستعمل وظائفها المختلفة لمنفعة الجسد الواحد. (الهدف أن يحب كل عضو العضو الآخر كجسد واحد)
آية 26 :- فان كان عضو واحد يتالم فجميع الاعضاء تتالم معه وان كان عضو واحد يكرم فجميع الاعضاء تفرح معه.
هنا دليل وحدة الجسد، أن يتألم كل عضو لألم باقي الأعضاء. فلو تألمت العين تألم الجسم كله، ومتى شفيت إرتاح الجسم كله (رو 15:12).
الآيات 27 – 31
آية 27 :- و اما انتم فجسد المسيح واعضاؤه افرادا.
كل عضو في جسد المسيح كعضو في جسد واحد، ولكلٍ موهبته.
آية 28 :- فوضع الله اناسا في الكنيسة اولا رسلا ثانيا انبياء ثالثا معلمين ثم قوات وبعد ذلك مواهب شفاء اعوانا تدابير وانواع السنة.
الله وضع لكل منا عمله وموهبته فلا داعي للتذمر على نصيبنا.
أولاً : الإختلاف هنا في درجات المواهب، والرسل في أعلى الدرجات هي أولى المواهب مرتبة بالنسبة لغيرها من المواهب. والرسل إشارة إلى التلاميذ الإثنى عشر والرسل السبعين وبولس نفسه وبرنابا وسيلا.
أنبياء = هم في الدرجة يأتون بعد الرسل. وهؤلاء يعلمون ويتنبأون.
معلمين = هؤلاء اقل من الأنبياء، فهم يعلمون فقط، وهؤلاء يشملون الأساقفة والكهنة والشمامسة والخدام.
قوات = أي عمل معجزات، والمعلمين يَُقدّمون على القوات فالتعليم هو عمل لخلاص النفوس. والقوات هذه كمواهب الشفاء وصنع المعجزات.
أعواناً = هؤلاء يقومون بخدمة الآخرين كالأيتام والأرامل والفقراء.
تدابير = تنظيم وتدبير أمور الخدمة في الكنيسة كالأمور المالية والإدارية.
ألسنة = ذكرها الرسول آخر المواهب كأقل المواهب كتوجيه لأهل كورنثوس الذين كانوا يتشوقون لهذه الموهبة بالذات. ونلاحظ هنا التكامل فالكنيسة في إحتياج لكل هذه المواهب بدون إحتقار لأي موهبة.
آيات 29، 30 :- العل الجميع رسل العل الجميع انبياء العل الجميع معلمون العل الجميع اصحاب قوات. العل للجميع مواهب شفاء العل الجميع يتكلمون بالسنة العل الجميع يترجمون.
الله لم يعطى لواحد كل المواهب، بل هو شاء أن يوزعها على الكل، فيكون لكل واحد موهبته وعمله
1) ليشعر الكل بإحتياجهم لبعضهم البعض
2) حتى يمكن الإيفاء بحاجات الكنيسة.
آية 31 :- ولكن جدوا للمواهب الحسنى وايضا اريكم طريقا افضل
إذا كانت الكنيسة في حاجة لكل المواهب فعليكم أن تطلبوا هذه المواهب لبناء الكنيسة. وأيضا أريكم طريقاً أفضل = هذا الطريق الأفضل به تستطيعون أن تكتسبوا المواهب الأحسن، ذلك هو طريق المحبة. فالمحبة تقوم في جوهرها على البذل والتضحية من أجل الآخرين. فالمواهب الأحسن هي التي ترتبط بالمحبة. والمحبة كطريق أفضل هي هكذا لعظمة المحبة ومكانتها المتصدرة لكل الفضائل التي يُدعى الإنسان الروحي لممارستها كتعبير عن ايمانه وعقيدته. فالمحبة هي الفضيلة التي بدونها لا تقوم أي فضيلة، ومن يتكلم عن المحبة يتكلم عن الله ذاته لأن الله محبة، فمن هو الذي يتجاسر ويدرك كنه الله وحقيقة جوهره (يو 16:3 + 13:15). والمحبة مرتبطة بالتواضع لأنها تنكر ذاتها وتتضع وتطلب ما للآخرين، فكمال المحبة في كمال الإتضاع.
أقرأ أيضاً
تفسير كورنثوس الأولى 11 | تفسير رسالة كورنثوس الأولى | تفسير العهد الجديد |
تفسير كورنثوس الأولى 13 |
القمص أنطونيوس فكري | |||
تفاسير رسالة كورنثوس الأولى | تفاسير العهد الجديد |