تفسير سفر أخبار الأيام الأول أصحاح 11 للقمص أنطونيوس فكري

الآيات 1-9

 “وَاجْتَمَعَ كُلُّ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ إِلَى دَاوُدَ فِي حَبْرُونَ قَائِلِينَ: «هُوَذَا عَظْمُكَ وَلَحْمُكَ نَحْنُ. وَمُنْذُ أَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ حِينَ كَانَ شَاوُلُ مَلِكًا كُنْتَ أَنْتَ تُخْرِجُ وَتُدْخِلُ إِسْرَائِيلَ، وَقَدْ قَالَ لَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ: أَنْتَ تَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ وَأَنْتَ تَكُونُ رَئِيسًا لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ». وَجَاءَ جَمِيعُ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ إِلَى الْمَلِكِ إِلَى حَبْرُونَ، فَقَطَعَ دَاوُدُ مَعَهُمْ عَهْدًا فِي حَبْرُونَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَمَسَحُوا دَاوُدَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ عَنْ يَدِ صَمُوئِيلَ. وَذَهَبَ دَاوُدُ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، أَيْ يَبُوسَ. وَهُنَاكَ الْيَبُوسِيُّونَ سُكَّانُ الأَرْضِ. وَقَالَ سُكَّانُ يَبُوسَ لِدَاوُدَ: «لاَ تَدْخُلْ إِلَى هُنَا». فَأَخَذَ دَاوُدُ حِصْنَ صِهْيَوْنَ، هِيَ مَدِينَةُ دَاوُدَ. وَقَالَ دَاوُدُ: «إِنَّ الَّذِي يَضْرِبُ الْيَبُوسِيِّينَ أَوَّلًا يَكُونُ رَأْسًا وَقَائِدًا». فَصَعِدَ أَوَّلًا يُوآبُ ابْنُ صَرُويَةَ، فَصَارَ رَأْسًا. وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي الْحِصْنِ، لِذلِكَ دَعَوْهُ «مَدِينَةَ دَاوُدَ». وَبَنَى الْمَدِينَةَ حَوَالَيْهَا مِنَ الْقَلْعَةِ إِلَى مَا حَوْلِهَا. وَيُوآبُ جَدَّدَ سَائِرَ الْمَدِينَةِ. وَكَانَ دَاوُدُ يَتَزَايَدُ مُتَعَظِّمًا وَرَبُّ الْجُنُودِ مَعَهُ.”

أورشليم كان اسمها سابقًا يبوس. ويبوس تعني مدوسة وقد جعلها الله مكان للسلام بعد أن كانت مدوسة وبسبب رفضها للمسيح ستعود لحالها القديم.. مدوسة من الأمم (رؤ 2:11 + لو 24:21) وهذه الآيات تم تفسيرها في (2 صم 1:5-10) والزيادة هنا أن يوآب هو الذي صعد أولًا ليضرب اليبوسيين فصار رأسًا وأن يوآب جدد قسمًا من المدينة.

ولاحظ أن الكاتب هنا بوحي من الله لم يذكر فترة ملك داود على يهوذا بل بدأ بملك داود على إسرائيل كلها أي الـ12 سبط مجتمعين. وهذا لأنه لا يقبل انشقاق المملكتين، ومن الناحية الرمزية فداود يرمز للمسيح الذي يملك على كنيسته الواحدة الوحيدة.

 

الآيات 10-47

“وَهؤُلاَءِ رُؤَسَاءُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ، الَّذِينَ تَشَدَّدُوا مَعَهُ فِي مُلْكِهِ مَعَ كُلِّ إِسْرَائِيلَ لِتَمْلِيكِهِ حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ. وَهذَا هُوَ عَدَدُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يَشُبْعَامُ بْنُ حَكْمُونِي رَئِيسُ الثَّوَالِثِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً. وَبَعْدَهُ أَلِعَازَارُ بْنُ دُودُو الأَخُوخِيُّ. هُوَ مِنَ الأَبْطَالِ الثَّلاَثَةِ. هُوَ كَانَ مَعَ دَاوُدَ فِي فَسَّ دَمِّيمَ وَقَدِ اجْتَمَعَ هُنَاكَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ لِلْحَرْبِ. وَكَانَتْ قِطْعَةُ الْحَقْلِ مَمْلُوءَةً شَعِيرًا، فَهَرَبَ الشَّعْبُ مِنْ أَمَامِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَوَقَفُوا فِي وَسَطِ الْقِطْعَةِ وَأَنْقَذُوهَا، وَضَرَبُوا الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَخَلَّصَ الرَّبُّ خَلاَصًا عَظِيمًا. وَنَزَلَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الثَّلاَثِينَ رَئِيسًا إِلَى الصَّخْرِ إِلَى دَاوُدَ إِلَى مَغَارَةِ عَدُلاَّمَ وَجَيْشُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ نَازِلٌ فِي وَادِي الرَّفَائِيِّينَ. وَكَانَ دَاوُدُ حِينَئِذٍ فِي الْحِصْنِ، وَحَفَظَةُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ لَحْمٍ. فَتَأَوَّهَ دَاوُدُ وَقَالَ: «مَنْ يَسْقِينِي مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ الَّتِي عِنْدَ الْبَابِ؟» فَشَقَّ الثَّلاَثَةُ مَحَلَّةَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَاسْتَقَوْا مَاءً مِنْ بِئْرِ بَيْتِ لَحْمٍ الَّتِي عِنْدَ الْبَابِ، وَحَمَلُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى دَاوُدَ، فَلَمْ يَشَأْ دَاوُدُ أَنْ يَشْرَبَهُ بَلْ سَكَبَهُ لِلرَّبِّ. وَقَالَ: «حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ إِلهِي أَنْ أَفْعَلَ ذلِكَ! أَأَشْرَبُ دَمَ هؤُلاَءِ الرِّجَالِ بِأَنْفُسِهِمْ؟ لأَنَّهُمْ إِنَّمَا أَتَوْا بِهِ بِأَنْفُسِهِمْ». وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَشْرَبَهُ. هذَا مَا فَعَلَهُ الأَبْطَالُ الثَّلاَثَةُ. وَأبِشَايُ أَخُو يُوآبَ كَانَ رَئِيسَ ثَلاَثَةٍ. وَهُوَ قَدْ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ فَقَتَلَهُمْ، فَكَانَ لَهُ اسْمٌ بَيْنَ الثَّلاَثَةِ. مِنَ الثَّلاَثَةِ أُكْرِمَ عَلَى الاثْنَيْنِ وَكَانَ لَهُمَا رَئِيسًا، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى الثَّلاَثَةِ الأُوَلِ. بَنَايَا بْنُ يَهُويَادَاعَ ابْنِ ذِي بَأْسٍ كَثِيرِ الأَفْعَالِ مِنْ قَبْصِيئِيلَ. هُوَ الَّذِي ضَرَبَ أَسَدَيْ مُوآبَ، وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ وَضَرَبَ أَسَدًا فِي وَسَطِ جُبٍّ يَوْمَ الثَّلْجِ. وَهُوَ ضَرَبَ الرَّجُلَ الْمِصْرِيَّ الَّذِي قَامَتُهُ خَمْسُ أَذْرُعٍ، وَفِي يَدِ الْمِصْرِيِّ رُمْحٌ كَنَوْلِ النَّسَّاجِينَ. فَنَزَلَ إِلَيْهِ بِعَصًا وَخَطَفَ الرُّمْحَ مِنْ يَدِ الْمِصْرِيِّ وَقَتَلَهُ بِرُمْحِهِ. هذَا مَا فَعَلَهُ بَنَايَا بْنُ يَهُويَادَاعَ، فَكَانَ لَهُ اسْمٌ بَيْنَ الثَّلاَثَةِ الأَبْطَالِ. هُوَذَا أُكْرِمَ عَلَى الثَّلاَثِينَ إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى الثَّلاَثَةِ. فَجَعَلَهُ دَاوُدُ مِنْ أَصْحَابِ سِرِّهِ. وَأَبْطَالُ الْجَيْشِ هُمْ: عَسَائِيلُ أَخُو يُوآبَ، وَأَلْحَانَانُ بْنُ دُودُوَ مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ، شَمُّوتُ الْهَرُورِيُّ، حَالِصُ الْفَلُونِيُّ، عِيرَا بْنُ عِقِّيشَ التَّقُوعِيُّ، أَبِيعَزَرُ الْعَنَاثُوثِيُّ، سِبْكَايُ الْحُوشَاتِيُّ، عِيلاَيُ الأَخُوخِيُّ، مَهْرَايُ النَّطُوفَاتِيُّ، خَالِدُ بْنُ بَعْنَةَ النَّطُوفَاتِيُّ، إِتَّايُ بْنُ رِيبَايَ مِنْ جِبْعَةِ بَنِي بَنْيَامِينَ، بَنَايَا الْفَرْعَتُونِيُّ، حُورَايُ مِنْ أَوْدِيَةِ جَاعَشَ، أَبِيئِيلُ الْعَرَبَاتِيُّ، عَزْمُوتُ الْبَحْرُومِيُّ، إِلْيَحْبَا الشَّعْلُبُونِيُّ، بَنُو هَاشِمَ الْجَزُونِيُّ، يُونَاثَانُ بْنُ شَاجَايَ الْهَرَارِيُّ، أَخِيآمُ بْنُ سَاكَارَ الْهَرَارِيُّ، أَلِيفَالُ بْنُ أُورَ، حَافَرُ الْمَكِيرَاتِيُّ، وَأَخِيَا الْفَلُونِيُّ، حَصْرُو الْكَرْمَلِيُّ، نَعْرَايُ بْنُ أَزْبَايَ، يُوئِيلُ أَخُو نَاثَانَ، مَبْحَارُ بْنُ هَجْرِي، صَالِقُ الْعَمُّونِيُّ، نَحْرَايُ الْبَئِيرُوتِيُّ، حَامِلُ سِلاَحِ يُوآبَ ابْنِ صَرُويَةَ، عِيرَا الْيِثْرِيُّ، جَارِبُ الْيِثْرِيُّ، أُورِيَّا الْحِثِّيُّ، زَابَادُ بْنُ أَحْلاَيَ، عَدِينَا بْنُ شِيزَا الرَّأُوبَيْنِيُّ، رَأْسُ الرَّأُوبَيْنِيِّينَ وَمَعَهُ ثَلاَثُونَ، حَانَانُ ابْنُ مَعْكَةَ، يُوشَافَاطُ الْمَثْنِيُّ، عُزِّيَّا الْعَشْتَرُوتِيُّ، شَامَاعُ وَيَعُوئِيلُ ابْنَا حُوثَامَ الْعَرُوعِيرِيِ، يَدِيعَئِيلُ بْنُ شِمْرِي، وَيُوحَا أَخُوهُ التِّيصِيُّ، إِيلِيئِيلُ مِنْ مَحْوِيمَ، وَيَرِيبَايُ وَيُوشُويَا ابْنَا أَلْنَعَمَ، وَيِثْمَةُ الْمُوآبِيُّ، إِيلِيئِيلُ وَعُوبِيدُ وَيَعِسِيئِيلُ مِنْ مَصُوبَايَا.”

أنظر تفسير (2 صم 8:23 –39) ونجد هنا 16 إسمًا بزيادة عن هناك. والله كان مع داود ولكن كان لا بُد من وجود رجال أبطال يجاهدون ويحاربون. والله حين يريد أن يعمل لن يُعدم رجالًا يُعدُّهم. وهؤلاء الجبابرة ما كانوا من الممكن أن يصيروا جبابرة إلا بمساعدة الله ” بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا “ (يو15: 5) ونلاحظ قبول الأمم وسطهم (أيات 46،39 نجد فيهما عموني وموآبي) فكل من يعرف الله ويؤمن بالله يصير بطلًا بغض النظر عن جنسه. ونلاحظ لأن مملكة داود رمز مملكة المسيح فالكاتب يركز هنا على الأبطال فمملكة المسيح مملكة أبطال (يؤ3 : 10).

الصورة هنا التي يصورها الكتاب لما يريده الله، أن الكنيسة هي كنيسة واحدة وحيدة بلا انقسام أي يحيا شعبها في محبة. لكنها في حرب مستمرة ولكنها تجاهد ضد أعداءها وهم الخطية والشيطان. والمسيح في وسطها وهو رأسها وملكها، هو يعطي شعبه قوة فينتصروا ويصيروا أبطالًا يدوسون الحيات والعقارب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى