تفسير سفر الملوك الاول ١٠ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح العاشر
الآيات 1-13:
– وسمعت ملكة سبا بخبر سليمان لمجد الرب فاتت لتمتحنه بمسائل. فاتت الى اورشليم بموكب عظيم جدا بجمال حاملة اطيابا وذهبا كثيرا جدا وحجارة كريمة واتت الى سليمان وكلمته بكل ما كان بقلبها. فاخبرها سليمان بكل كلامها لم يكن امر مخفيا عن الملك لم يخبرها به. فلما رات ملكة سبا كل حكمة سليمان والبيت الذي بناه. وطعام مائدته ومجلس عبيده وموقف خدامه وملابسهم وسقاته ومحرقاته التي كان يصعدها في بيت الرب لم يبق فيها روح بعد. فقالت للملك صحيحا كان الخبر الذي سمعته في ارضي عن امورك وعن حكمتك. ولم اصدق الاخبار حتى جئت وابصرت عيناي فهوذا النصف لم اخبر به زدت حكمة وصلاحا على الخبر الذي سمعته طوبى لرجالك وطوبى لعبيدك هؤلاء الواقفين امامك دائما السامعين حكمتك. ليكن مباركا الرب الهك الذي سر بك وجعلك على كرسي اسرائيل لان الرب احب اسرائيل الى الابد جعلك ملكا لتجري حكما وبرا. واعطت الملك مئة وعشرين وزنة ذهب واطيابا كثيرة جدا وحجارة كريمة لم يات بعد مثل ذلك الطيب في الكثرة الذي اعطته ملكة سبا للملك سليمان. وكذا سفن حيرام التي حملت ذهبا من اوفير اتت من اوفير بخشب الصندل كثيرا جدا وبحجارة كريمة. فعمل سليمان خشب الصندل درابزينا لبيت الرب وبيت الملك واعوادا وربابا للمغنين لم يات ولم ير مثل خشب الصندل ذلك الى هذا اليوم. واعطى الملك سليمان لملكة سبا كل مشتهاها الذي طلبت عدا ما اعطاها اياه حسب كرم الملك سليمان فانصرفت وذهبت الى ارضها هي وعبيده.
نرى هنا عظمة غنى وحكمة سليمان التى جذبت إليه ملكة سبأ = وهى بلاد اليمن وإشتهرت هذه البلاد بكثرة الذهب والأطياب والحجارة الكريمة وكان للنساء فيها إعتبار كبير ومنهن من جلس على العرش. وقد تكون ملكة سبأ هى بلقيس (وهناك أسطورة يقولها أهل الحبشة، فهم يظنون أنهم من نسل ملكة سبأ وأن ملكة سبأ طلبت أن يكون لها نسل من سليمان فأجابها لطلبها (آية 13) وهى أنجبت منه ولدا إسمه منلك. ومن نسلها كنداكة (أع 27:8) وغالبا فهذا ليس صحيحاً) وقد سمعت ملكة سبأ عن سليمان عن طريق قوافل التجار وسمعت عن حكمته ومجده وأبنيته ونجاحه. ومن الرائع أنها قالت… ليكن مباركا الرب إلهك آية (9) فهى نسبت كل هذا للرب. وفى (1) تمتحنه بمسائل = أى بألغاز أو مشاكل لا تجد لها حلولا وهى كانت إمرأة فاضلة راغبة فى العلم، وربما سألته عن أمور العالم الآخر ولم يكن فى بلادها من يدلها وهى بدأت فى السؤال عن الرب والتعرف عليه حينما رأت سليمان يقدم ذبائحه فى خشوع. وفى (3) لم يكن أمر مخفيا = أى أجاب على كل أسئلتها.
لم يبق فيها روح بعد = وجدت كل حكمتها كلا شىء وفى (8) طوبى لرجالك = لأنك أنت ملكهم.
تأمل :- أتت ملكة سبأ لسليمان بسبب حكمته وغناه فكم وكم تكون حكمة المسيح وغنى ملك السلام. هى لم تأتى للتجارة أو المعاهدات بل لتطلب حكمة من ملك حكيم فهل تأتى للمسيح وهو مصدر الحكمة بل أقنوم الحكمة ومذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم على أننا يجب أن نقف أمامه شاعرين بتفاهة حكمتنا وعقلنا وهى دفعت هدايا جواهر وذهب فماذا قدمنا؟ الله يطلب القلب ولا يطلب أموال فهل نظهر فارغين. وماذا أعطاها سليمان ربما القوانين التى يحكم بها أوخلاصة أمثاله وحكمته وأعطاها هدايا. ولقد مدح المسيح ملكة سبأ لأنها طلبت الحكمة مت 42:12. وهى لم تكتفى بالسمع بل سافرت محتملة مشقات كثيرة لتسمع الحكمة فأين جهادنا لنختبر شخص يسوع على أنها هى جاءت لسليمان من أقصى الأرض بينما أتى لنا المسيح من أقصى السموات ليجعلنا نحن الذين كنا بعيدين نصير قريبيين.
وفى (7) هوذا النصف لم أخبر به = غالبا الخبر يزيد عن الحقيقة ولكن العكس حدث هنا وهكذا سنقول بعد أن نرى السماء وفى (11) خشب الصندل = خشب أحمر ثمين رائحته زكية يؤتى به من الهند عدا ما أعطاها إياه (13) عوضها بهداياه عن ما أتت به وزيادة
الآيات 14-29:
– وكان وزن الذهب الذي اتى سليمان في سنة واحدة ست مئة وستا وستين وزنة ذهب. ما عدا الذي من عند التجار وتجارة التجار وجميع ملوك العرب وولاة الارض. وعمل الملك سليمان مئتي ترس من ذهب مطرق خص الترس الواحد ست مئة شاقل من الذهب. وثلاث مئة مجن من ذهب مطرق خص المجن ثلاثة امناء من الذهب وجعلها سليمان في بيت وعر لبنان. وعمل الملك كرسيا عظيما من عاج وغشاه بذهب ابريز. وللكرسي ست درجات وللكرسي راس مستدير من ورائه ويدان من هنا ومن هناك على مكان الجلوس واسدان واقفان بجانب اليدين. واثنا عشر اسدا واقفة هناك على الدرجات الست من هنا ومن هناك لم يعمل مثله في جميع الممالك. وجميع انية شرب الملك سليمان من ذهب وجميع انية بيت وعر لبنان من ذهب خالص لا فضة هي لم تحسب شيئا في ايام سليمان. لانه كان للملك في البحر سفن ترشيش مع سفن حيرام فكانت سفن ترشيش تاتي مرة في كل ثلاث سنوات اتت سفن ترشيش حاملة ذهبا وفضة وعاجا وقرودا وطواويس. فتعاظم الملك سليمان على كل ملوك الارض في الغنى والحكمة. وكانت كل الارض ملتمسة وجه سليمان لتسمع حكمته التي جعلها الله في قلبه. وكانوا ياتون كل واحد بهديته بانية فضة وانية ذهب وحلل وسلاح واطياب وخيل وبغال سنة فسنة. وجمع سليمان مراكب وفرسانا فكان له الف واربع مئة مركبة واثنا عشر الف فارس فاقامهم في مدن المراكب ومع الملك في اورشليم. وجعل الملك الفضة في اورشليم مثل الحجارة وجعل الارز مثل الجميز الذي في السهل في الكثرة. وكان مخرج الخيل التي لسليمان من مصر وجماعة تجار الملك اخذوا جليبة بثمن. وكانت المركبة تصعد وتخرج من مصر بست مئة شاقل من الفضة والفرس بمئة وخمسين وهكذا لجميع ملوك الحثيين وملوك ارام كانوا يخرجون عن يدهم.
آية (14) 666 وزنة ذهب = رقم 666 هو رقم سىء فى الكتاب المقدس (رؤ 18:13 + عز 13:2) وكأن الوحى يريد أن ينبهنا إلى شىء هام أن سليمان بالرغم من غناه غير العادى لم تتوقف شهوته لمزيد من الغنى، إذا وجود هذا الرقم كدخل لسليمان يشير للجشع الشيطانى ومحبة هذا العالم (1 يو 15:2-17) والسيد المسيح جعل المال سيد يمكن أن يضل الإنسان وراءه (مت 24:6). ونلاحظ هنا علامات المحبة العالمية فهو يستورد طواويس وخيول وفضة وذهب وصنع أتراس من الذهب لتسير أمامه فى موكبه وصنع كرسيه من العاج المطهم بالذهب ومن كثرة الغنى ايامه وكثرة الذهب صارت الفضة كلا شىء (21) [ بنفس المقياس فروحياً من يكتشف مجد السماويات (الذهب) يصير عنده مجد الأرضيات (الفضة) كلا شىء ] على أن سليمان نفسه إكتشف هذا وسجله فى سفر الجامعة. وفى (15) ما عدا الذى من عند التجار وتجارة التجار = فهو شيد طرقا للتجارة وحصل رسوما من التجار وجميع ملوك العرب = ربما أدى هؤلاء جزية عن مواشيهم. وولاة الأرض = ال 12 الذين يؤدون الجزية لسليمان كل واحد شهرا فى السنة (2:4-19). الوزنة = 3000 شاقل والمنا = 100 شاقل (الآيات 17،16).
وفى (22) سفن ترشيش = ترشيش هى غالبا اسبانيا أو قرطاجنة وقد تكون هناك مدينة بعيده لها إسم ترشيش مجهولة المكان ولعل إسم سفن ترشيش تعنى سفن كبيرة الحجم قادرة على السفر إلى ترشيش البعيدة. وفى (28) تفهم هكذا ” وقد إستُورِدت خيل سليمان من مصر وكان تجار الملك يتسلمونها بثمن معين [ وغالبا بثمن مخفض نظرا لقرابة سليمان مع فرعون ].
وفى (29) تفهم هكذا وكان تجار الملك يستوردون المركبات من مصر ب 600 شاقل والفرس ب 150 شاقل ثم يصدرونها لجميع ملوك الحثيين وملوك الأراميين [ بسعر أعلى مما إشتروا به من مصر ] الحثيين = ممالك صغيرة بين نهر الفرات فى الشرق والشام وحماة فى الغرب.
- سفر الملوك الأول – أصحاح 10
- تفاسير أخرى لسفر الملوك الأول – أصحاح 10
تفسير ملوك الأول 9 | تفسير ملوك الأول القمص أنطونيوس فكري |
تفسير ملوك الأول 11 |
تفسير العهد القديم |