تفسير سفر صموئيل الأول ٣١ للقمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاح الحادي والثلاثون
موت شاول وبنيه

باطلاً حاول شاول أن يقتل داود، وإذ ترك داود الأمر لله، سقط شاول وبنوه وحامل سلاحه في يوم واحد دون أن يمتد يد داود بسوء، ولا حمل قلبه ضغينة أو تشفيًا بل كل حب (2 صم 1)، إذ حزن عليه جدًا ورثى داود شاول ويوناثان بمرارة يمدحهما ويمجدهما.

قتل أبناء شاول             [1-2].

بعدما تحدث الوحي عن نجاح داود في الهجوم على العمالقة ورد المسبيين مع غنائم كثيرة قام بتوزيعها على كثيرين عاد إلى الحرب القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين في جبل جلبوع ويزعيل.

ضرب الفلسطينيون أبناء شاول الثلاثة: يوناثان وأبيناداب وملكيشوع [2].

 لقد خابت كل حسابات شاول البشرية وتحققت حسابات داود الإيمانية. بحسب حسابات شاول كان لابد لداود أن يُقتل حتى لا يغتصب المملكة بعد موته من ابنه يوناثان (20: 31)؛ وها هو يوناثان الجبار وأخواه يموتان أمام عيني شاول بينما حُفظ داود بعيدًا ليستلم المُلك. طرد شاول داود من وطنه خلال حسده الشرير ولم يدرك أنه بهذا حفظه بعيدًا حتى يموت هو وبنوه لينال داود الملك من بعده.

أما حسابات داود الإيمانية فهي أنه لا يمد يده على مسيح الرب، وإنما كما قال: “الرب سوف يضربه أو يأتي يومه فيموت أو ينزل إلى الحرب ويهلك” (26: 10). وقد جاء اليوم الذي فيه ضربه الرب ضربة قاضية، جاء يوم ليموت وقد نزل إلى الحرب وهلك بيد أعدائه الذين ضربوه بالرمح كما قتل نفسه إذ أمسك بسيفه وألقى بنفسه… ليتنا نترك أمورنا في يد الله مؤمنين بعمله معنا!

 

إصابة شاول وموته           [3-7].

ركز الفلسطينيون ضرباتهم على الملك شاول [3] حتى متى سقط يسقط الجيش كله (1 مل 22: 31). ضربه الرماة بالرماح فانجرح، وإذ شعر بالخطر طلب من حامل سلاحه أن يقتله بالسيف حتى لا يطعنه الغُلف ويُقَبِّحونه (ربما خشي أن يهزءوا به كما فعلوا بشمشون إذ قلعوا عينيه وأوثقوه بسلاسل نحاس وكان يطحن في بيت السجن، كما جاءوا إلى بيت إلههم داجون ليلعب أمام ثلاثة آلاف من الرجال والنساء وهم يسخرون به (قض 16: 21-25)). إذ خاف حامل السلاح جدًا واختشى من سيده، أخذ شاول السيف وسقط عليه. ولما رأى حامل السلاح ذلك سقط هو أيضًا على سلاحه ومات. بحسب التقليد اليهودي حامل السلاح هو دواغ الذي قتل كهنة نوب (22: 18-19).

مات شاول وبنوه الثلاثة وحامل سلاحه وجميع رجاله [6] أي حرسه الخاص، أما ابنه اشبوشث العاجز عن العمل ورئيس جيشه إبنير فلم يموتا… الأمر الذي سبب هزيمة مُرّة لإسرائيل، فترك الإسرائيليون الذين في عبر الوادي (شمال وادي يزرعيل أي أسباط نفتالي وزبولون ويساكر) وفي عبر الأردن (أي شرقي الأردن) المدن، فجاء الفلسطينيون وسكنوها.

 

سكان يابيش يأخذون أجسادهم [8-13].

جاء الفلسطينييون إلى أرض المعركة لسلب الثياب الثمينة والأسلحة وكل ذي قيمة التي للقتلى، فوجدوا شاول وبنيه ساقطين في جبل جلبوع، فقطعوا رأس شاول ونزعوا سلاحه وبعثوا رسلاً إلى كل بلادهم يبشرون بموته، ناسبين النصرة لأصنامهم، لذا وضعوا سلاحه في بيت عشتاروت. (ربما الهيكل الذي في أشقلون كما جاء في هيرودت).

سمر الفلسطينيون جسد شاول وبنيه على سور بيت شأن، وهي مدينة بيسان الحالية وتبعد حوالي خمسة أميال غربي نهر الأردن. دعُيت سكيثوبولس بعد السبي، تعتبر عاصمة المدن العشر.

رد أهل يابيش جلعاد الجميل لشاول الذي أنقذهم من يد ناحاش العموني حين طلب منهم ناحاش أن يقطع لهم عهدًا ويستعبدهم بشرط تقوير كل عين يمنى لهم ليكون عارًا لهم (11: 1-2). الآن إذ خلصهم شاول (11: 11) شعروا بالدين نحوه. لم يقبلوا   أن يتركوا جسده وأجساد بنيه معلقة على سور بيت شان في مهانة، إنما قام كل ذي بأس وساروا الليل كله حتى جاءوا بالأجساد ودفنوها في يابيش تحت الأثلة، وصاموا سبعة أيام.

أُفتتح هذا السفر بميلاد صموئيل الذي جاء هبة إلهية لا لحنة أمه فقط وإنما للشعب كله بكونه ثمرة صلوات ودموع وتقوى أمه ليكون بركة لشعبه، عمل ولا زال يعمل بصلواته لحساب ملكوت الله. وخُتم السفر بانتحار شاول وقطع رأسه، هذا الذي اختير حسب مشورة الشعب البشرية كأطول رجل بينهم ليحميهم من الأعداء، انتهت حياته في عار وخزي وقُطعت رأسه بيد أعدائه حقًا ما أبعد الفارق بين تدبير الله والتدبير الإنساني البحت.

فاصل

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى