تفسير سفر صموئيل الثاني أصحاح 4 للقمص أنطونيوس فكري
آية (1):- “وَلَمَّا سَمِعَ ابْنُ شَاوُلَ أَنَّ أَبْنَيْرَ قَدْ مَاتَ فِي حَبْرُونَ، ارْتَخَتْ يَدَاهُ، وَارْتَاعَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ.”
ابن شاول= لم يذكر اسمه كنوع من الاحتقار فمملكته قامت على أبنير وهو قبل هذا من أجل أن يملك. فلما مات أبنير ارتاح ومعهُ جميع الشعب. وهل يرتاع من يعتمد على الله الحي الذي لا يموت.
الآيات (2، 3):- “وَكَانَ لابْنِ شَاوُلَ رَجُلاَنِ رَئِيسَا غُزَاةٍ، اسْمُ الْوَاحِدِ بَعْنَةُ وَاسْمُ الآخَرِ رَكَابُ، ابْنَا رِمُّونَ الْبَئِيرُوتِيِّ مِنْ بَنِي بَنْيَامِينَ، لأَنَّ بَئِيرُوتَ حُسِبَتْ لِبَنْيَامِينَ. وَهَرَبَ الْبَئِيرُوتِيُّونَ إِلَى جَتَّايِمَ وَتَغَرَّبُوا هُنَاكَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.”
بعنة وركاب هم جبعونيون وكانوا يسكنون بئيروت. وجاء شاول وقتل بعض من الجبعونيين وشردهم ليملك سبطه مكانهم (راجع 2صم1:21). وبعد هذه الحادثة هرب الجبعونيين إلى جتّايم وتغربوا هناك. واستخدم شاول بعنة وركاب اللذان كانا يحملان حقدًا وضغينة على شاول وبيته وأبنائه.
آية (4):- “وَكَانَ لِيُونَاثَانَ بْنِ شَاوُلَ ابْنٌ مَضْرُوبُ الرِّجْلَيْنِ، كَانَ ابْنَ خَمْسِ سِنِينٍ عِنْدَ مَجِيءِ خَبَرِ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ مِنْ يَزْرَعِيلَ، فَحَمَلَتْهُ مُرَبِّيَتُهُ وَهَرَبَتْ. وَلَمَّا كَانَتْ مُسْرِعَةً لِتَهْرُبَ وَقَعَ وَصَارَ أَعْرَجَ. وَاسْمُهُ مَفِيبُوشَثُ.”
حين سُمِعَ خبر موت شاول ويوناثان حملت مربية مفيبوشث ابن يوناثان الولد وهربت مفزوعة فأصيب الولد بالعرج وكان ابن خمس سنين حينما قُتِل أبوه وجده في الحرب وهذا الخبر مقدمة لأنه بعد موت إيشبوشث لا يصير باقيًا من بيت شاول غير مفيبوشث.
الآيات (5-8):- “وَسَارَ ابْنَا رِمُّونَ الْبَئِيرُوتِيِّ، رَكَابُ وَبَعْنَةُ، وَدَخَلاَ عِنْدَ حَرِّ النَّهَارِ إِلَى بَيْتِ إِيشْبُوشَثَ وَهُوَ نَائِمٌ نَوْمَةَ الظَّهِيرَةِ. فَدَخَلاَ إِلَى وَسَطِ الْبَيْتِ لِيَأْخُذَا حِنْطَةً، وَضَرَبَاهُ فِي بَطْنِهِ. ثُمَّ أَفْلَتَ رَكَابُ وَبَعْنَةُ أَخُوهُ. فَعِنْدَ دُخُولِهِمَا الْبَيْتَ كَانَ هُوَ مُضْطَجِعًا عَلَى سَرِيرِهِ فِي مِخْدَعِ نَوْمِهِ، فَضَرَبَاهُ وَقَتَلاَهُ وَقَطَعَا رَأْسَهُ، وَأَخَذَا رَأْسَهُ وَسَارَا فِي طَرِيقِ الْعَرَبَةِ اللَّيْلَ كُلَّهُ. وَأَتَيَا بِرَأْسِ إِيشْبُوشَثَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى حَبْرُونَ، وَقَالاَ لِلْمَلِكِ: «هُوَذَا رَأْسُ إِيشْبُوشَثَ بْنِ شَاوُلَ عَدُوِّكَ الَّذِي كَانَ يَطْلُبُ نَفْسَكَ. وَقَدْ أَعْطَى الرَّبُّ لِسَيِّدِي الْمَلِكِ انْتِقَامًا فِي هذَا الْيَوْمِ مِنْ شَاوُلَ وَمِنْ نَسْلِهِ».”
نتيجة حقد ركاب وبعنة على بيت شاول وحينما ظهر أن بيت شاول ينهار أرادا أن يتملقا داود فاغتالا إيشبوشث وأتيا برأسه لداود. وهم دخلا البيت وقت الظهيرة بحجة أنهما يطلبان حنطة. وحين أتوا لداود قدّموا لهُ تفسيرًا لاهوتيًا لعملهم أعطى الرب لسيدي الملك انتقامًا في هذا اليوم من شاول ومن نسله. حتى يضمنا مكافأة لأنفسهم.
آية (9):- “فَأَجَابَ دَاوُدُ رَكَابَ وَبَعْنَةَ أَخَاهُ، ابْنَيْ رِمُّونَ الْبَئِيرُوتِيِّ، وَقَالَ لَهُمَا: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي فَدَى نَفْسِي مِنْ كُلِّ ضِيق،”
الذي فدى نفسي من كل ضيق= أراد داود أن يؤكد لهما أن الله هو الذي حماه من شاول ومن غيره وأنه ليس في حاجة لمعونة أشرار مثلهما.
الآيات (10، 11):- “إِنَّ الَّذِي أَخْبَرَنِي قَائِلًا: هُوَذَا قَدْ مَاتَ شَاوُلُ، وَكَانَ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ كَمُبَشِّرٍ، قَبَضْتُ عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ فِي صِقْلَغَ. ذلِكَ أَعْطَيْتُهُ بِشَارَةً. فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذَا كَانَ رَجُلاَنِ بَاغِيَانِ يَقْتُلاَنِ رَجُلًا صِدِّيقًا فِي بَيْتِهِ، عَلَى سَرِيرِهِ؟ فَالآنَ أَمَا أَطْلُبُ دَمَهُ مِنْ أَيْدِيكُمَا، وَأَنْزِعُكُمَا مِنَ الأَرْضِ؟»”
داود يؤكد لهما أنه لم يقبل أن يكافئ من ظن أنه يبشر داود بقتل شاول بل عاقبه. ونفهم هنا من صيغة كلام داود وكان في عيني نفسه كمبشر= أن طريقة موت شاول كانت قد ذاعت وعَرِفَ داود أن هذا الغلام الذي بشره كان كاذبًا وأنه لم يقتله إنما كان في عيني نفسه كمبشر بخبر تصوّر أنه يفرح داود. ذلك أعطيته بشارة= أي كانت عقوبته نتيجة بشارته. رجلًا صديقًا= أي لم يصنع بكما شرًا بل إستأمنكما على بيته فخنتماه.
آية (12):- “وَأَمَرَ دَاوُدُ الْغِلْمَانَ فَقَتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا، وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى الْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ. وَأَمَّا رَأْسُ إِيشْبُوشَثَ فَأَخَذُوهُ وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِ أَبْنَيْرَ فِي حَبْرُونَ.”
وضع الأيدي والأرجل على بركة حبرون معناه أن داود رفض عمل الخائنان وأنه لا يملك بالخيانة وبركة حبرون كان يأتي إليها الناس للاستقاء. فالكل شاهد هذا المنظر.