تفسير سفر دانيال ٤ للقمص أنطونيوس فكري
الإصحاح الرابع
سنة 571 ق.م
في الإصحاح السابق رأينا مقاومة العالم لملكوت الله وهنا نرى الله هو ملك الملوك ورب الأرباب وضابط الكل والكل خاضع له. نجد هنا قصة نبوخذ نصر عن نفسه ضمنها دانيال في كتابه. وهنا نرى كيف تعامل الله مع الملك بطرق متعددة حتى يؤمن، فأراه حلم التمثال وأظهر له حكمة دانيال وجهل أوثانه، ثم أظهر له قوته في حادثة الثلاثة فتية. ولكن مازال قلبه مرتفعاً ومازال مؤلهاً نفسه وهنا الله يحاول تحذيره من عواقب هذه السقطة الشيطانية أي الكبرياء وهي التي سقط فيها الشيطان. ومازال يُسْقِطْ بها كل البشر. والله استخدم حلماً آخر ليدعوه للتواضع ولما لم يستجب ضربه وأدبه فآمن وتواضع.
الآيات (1-3): “من نبوخذناصّر الملك إلى كل الشعوب والأمم والألسنة الساكنين في الأرض كلها ليكثر سلامكم. الآيات والعجائب التي صنعها معي الله العلي حسن عندي أن أخبر بها. آياته ما أعظمها وعجائبه ما أقواها.ملكوته ملكوت ابدي وسلطانه إلهه دور فدور.”
لم يستفد الملك من الحلم واستمر في ارتفاع قلبه وهنا لجأ الله للأسلوب الأعنف، فتحقق وعيد الله ونفذ الإنذار الذي كان قد سبق وأنذر به الملك وقد جُنَّ الملك فعلاً وبعد أن شفى كتب هذه الكلمات التي تعبر عن توبته وشفائه الروحي. وهذا هو أسلوب الله دائماً فهو الذي أرسل أرمياء منذراً بخراب أورشليم إن لم تتب ثم نفذ تهديده. وبعد أن عاد الشعب من السبي كان قد شفى تماماً من العبادة الوثنية التي بسببها ذهب إلى السبي. وهنا شعر الملك بسلطان الله وسيادته على كل الناس. هو استفاد من الدرس وأراد أن يفيد شعبه به فكتب الحادثة وسجلها واعترف بخطيته علناً. ويعترف هنا بملكوت الله الأبدي بينما عرف أن مملكته ستزول إلى دور فدور أي من جيل إلى جيل ولغة هذه التسبحة تميل للفكر الكتابي وهذا يظهر تأثير دانيال على الملك الوثني.
الآيات (4-18): “أن نبوخذناصّر قد كنت مطمئناً في بيتي وناضراً في قصري. رأيت حلماً فروّعني والأفكار على فراشي ورؤى رأسي أفزعتني. فصدر مني أمر بإحضار جميع حكماء بابل قدامي ليعرفوني بتعبير الحلم. حينئذ حضر المجوس والسحرة والكلدانيون والمنجمون وقصصت الحلم عليهم فلم يعرفوني بتعبيره. أخيراً دخل قدامي دانيال الذي اسمه بلطشاصر كأسم إلهي والذي فيه روح الآلهة القدوسين فقصصت الحلم قدامه. يا بلطشاصر كبير المجوس من حيث أنى أعلم أن فيك روح الآلهة القدوسين ولا يعسر عليك سرّ فأخبرني برؤى حلمي الذي رأيته وبتعبيره. فرؤى رأسي على فراشي هي أني كنت أرى فإذا بشجرة في وسط الأرض وطولها عظيم. فكبرت الشجرة وقويت فبلغ علوها إلهه السماء ومنظرها إلى أقصى كل الأرض. أوراقها جميلة وثمرها كثير وفيها طعام للجميع وتحتها استظل حيوان البر وفي أغصانها سكنت طيور السماء وطعم منها كل البشر. كنت أرى في رؤى رأسي على فراشي وإذا بساهر وقدوس نزل من السماء. فصرخ بشدة وقال هكذا.اقطعوا الشجرة وأقضبوا أغصانها وانثروا أوراقها وابذروا ثمرها ليهرب الحيوان من تحتها والطيور من أغصانها. ولكن اتركوا ساق أصلها في الأرض وبقيد من حديد ونحاس في عشب الحقل وليبتلّ بندى السماء وليكن نصيبه مع الحيوان في عشب الحقل. ليتغيّر قلبه عن الإنسانية وليعط قلب حيوان ولتمضي عليه سبعة أزمنة. هذا الأمر بقضاء الساهرين والحكم بكلمة القدوسين لكي تعلم الأحياء أن العلي متسلط في مملكة الناس فيعطيها من يشاء وينصب عليها أدنى الناس. هذا الحلم رأيته أنا نبوخذناصّر الملك.إلى أنا يا بلطشاصر فبيّن تعبيره لان كل حكماء مملكتي لا يستطيعون أن يعرفوني بالتعبير.إلى أنا فتستطيع لأن فيك روح الآلهة القدوسين.”
في (4) كان الملك ناضراً = أي مزدهراً فالله أعطاه الإنذار وهو بعد في كامل عقله وسلطانه بعد أن إنتهي من كل حروبه وبالذات مع مصر وكان في السنة 34 أو 35 لحكمه. وهذا الحكم الإلهي تحقق بعد سنة من تاريخ الإنذار بالحلم، فالله يطيل أناته. وتم تنفيذ الإنذار وجُنَّ الملك لمدة 3سنوات ثم شفى لمدة سنتين كتب فيهما هذه القصة ثم مات في السنة 45له. وفي (5) روعنى = هذا الذي لم يخشى إنساناً ولا حرباً روعَّه حلم لأنه من قبل الله. وفي (7) السحرة = وظيفتهم عمل الرقيات والتعاويذ وكتابات السحر وذلك عن طريق علاقاتهم بالأرواح الشريرة والمنجمون أو العرافون = هؤلاء يدعون المعرفة عن طريق الأرواح الشريرة أيضاً ويدعون معرفة الغيب (كمن يقرأ الفنجان الآن) والمجوس = هؤلاء يدعون معرفة المستقبل بقراءة النجوم ورصد حركاتها. وهم يعبدون النجوم ويؤمنون بأنها تسيطر على الإنسان. والكلدانيون هم كهنة الأوثان. وكل هؤلاء فشلوا في تفسير الحلم مع أنهم في أعين الناس حكماء (6) ونجد شبهاً لهذا الحلم في حزقيال (3:31) وكانت الشجرة هناك هي ملك أشور ولكن حكماء بابل لم يعرفوا هذا.
أخيراً دخل قدامي دانيال = هذه عادة كثيرين حتى الآن أن يجعلوا اللجوء لله آخر محاولاتهم بعد يأسهم من البشر. وحتى هذه اللحظة كان الملك يسمى بيل إلهه ولكن هذا تغيرَّ بعد الدرس (1:4-3)
الحلم:
كان البابليون يعبدون شجرة ووجد في معابدهم رسومات لشجرة يقدسونها ويرتلون لها في عبادتهم. وغالباً فهي شجرة معرفة الخير والشر، أو شئ يرمز لها. وقد وصلت القصة لهم عبر الأجيال فعبدوا الشجرة وتركوا الله. ولاحظ أن الملك كان متأثراً بالتسابيح التي تقدم في المعابد. كان يسمعها دائماً كلما ذهب ليصلي.
نبوخذ نصر البناء الملكي مشبه بشجرة:
أحد أعمال هذا الملك العظيم، الحدائق المعلقة (أحد عجائب الدنيا السبع) وكانت على شكل جبل من أجل أن يرضي زوجته التي من مادي ويعوضها عن مناظر الجبال في بلادها وكانت هذه الحدائق تروي بواسطة آلات هيدروليكية لرفع المياه (اكتشاف أثري) وقام هذا الملك ببناء العديد من القصور والقلاع والهياكل وشق القنوات. والتعمير الذي قام به يجعله من عظماء أن لم يكن أعظم بناء في العالم. ويبدو أن منظر بابل من فوق قصره كان رائعاً، وقد دفعه هذا للغرور ثم للجنون. وقد وجد في النقوشات الأثرية تقريباً نفس كلمات هذا الإصحاح. وكانت بابل التي بناها نبوخذ نصر عظيمة تحوى داخل أسوارها المنيعة العجيبة شعب بابل تحت حماية الملك كأنه شجرة يستظلون بها (10:4). وكان لهذا الملك علاقة خاصة بالأشجار، فأينما ذهب لحروبه كان يجمع الأشجار لبناء هياكل آلهته وبعد أن استقرت المملكة وانتهت الحروب استغل الملك السبايا في بناء بابل العظيمة. وجمع في مخازنها كميات هائلة من الحبوب. وُوجِد في النقوشات الأثرية “أنني جمعت كل الرجال في سلام وزمن حكمي هو زمن رخاء أنا صنعته ” فوصف الشجرة يتفق مع أفكار نبوخذ نصر عن نفسه بأنه هو الذي وفر الرخاء لشعبه ولغيره من البشر الذين جمعهم تحته أو تحت ظله. وهو كما كان مولع بجمع الذهب لآلهته كان مولعاً بأشجار الأرز العالية يأتي بها من لبنان لمعابد آلهته حتى أنه سمَّى لبنان جبل الأرز “غابة مرودخ الفخمة ” وكان يتغنى بجمال وروعة الأرز. ووجد في النقوشات الأثرية قوله ” أنا قطعت الأرز بيدي الطاهرتين أو النقيتين” وهذا تعبير ديني المقصود به أن الملك قطع بنفسه شجرة الأرز بعد أن تطهر ليبني به هيكل مرودخ. ولا توجد شجرة تعطى ظلاً وحماية كشجرة الأرز لذلك فهي تؤخذ كتشبيه للحكومة القوية التي تحمي مواطنيها. ولاحظ التشبيه فشجرة الأرز تمتد فروعها أفقياً وهذه الممالك امتدت بطول الأرض (أشور وبابل..) ووجد في النقوشات قول نبوخذ نصر عن بابل حبيبته “تحت ظلها الأبدي جمعت كل البشر في سلام وقد جمعت وخزنت فيها كميات هائلة من الحبوب” وواضح أن ما قيل في هذا الإصحاح هو نفس ما وُجِد منقوشاً في الأثار وقد تكون الشجرة التي حلم بها الملك أرزة كبيرة لكنها ذات ثمار وورق كبير لهذه الأسباب أنزعج الملك من الحلم فالشجرة مقدسة بالنسبة له وهو شعر بأن هناك خطر قادم عليه.
وفي (10) شجرة وسط الأرض = كانت بابل قد أصبحت مركزاً لهذه الإمبراطورية الكبيرة وطولها عظيم = تشير لمركز الملك العالي. ومنظرها إلى أقصى الأرض. (11) إشارة لأن قوة نبوخذ نصر كانت حديث كل الأمم، الكل عينهم عليها إما عن إعجاب أو عن حسد وفي (12) أوراقها جميلة = تشير لبهاء وعظمة بلاطه وحكومته وجيشه. وثمرها كثير = الخير فيها كثير، وهي ليست منظراً فقط بل تحمي من حولها وتعولهم. (هكذا خلق الله الإنسان جميلاً ناضراً مثمراً لكن سقوطه في الكبرياء أذله وغيّر صورته الجميلة) وأنظر فالله أعطى لهذه الدولة الخير والسلام ففيها الحيوان والطير في سلام والإنسان يشبع من كثرة الخيرات. ولكن خطية الكبرياء تخرب كل شئ. وفي آية (13) ساهر قدوس فالملائكة لا تنعس ولا تنام بل هي ساهرة على تنفيذ أوامر الله (الله يكلم الملك البابلي باللغة التي يفهمها فهم كانوا يعتقدون في بابل أن هناك كائنات سماوية تدين أعمال البشر وتقرر مصيرهم) والملك كان يذكر كلمة كلمة من هذا الحلم المفزع والذي فيه رأي الحيوان والطير تهرب من تحت هذه الشجرة. ولنلاحظ فإن الإزدهار العالمي هو شئ مؤقت وليس ثابتاً. أتركوا ساق أصلها= هذا يعني أن هناك أمل في عودته، إذاً هي ضربة تأديب لكسر كبريائه كما قال بولس الرسول ” أن يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع” (1كو5:5)
وسيربط بقيود حديد ونحاس = حتي لا يهلك نفسه أو غيره في أثناء جنونه. وقد وجد فى الأثار من هذا العصر سبائك نحاسية تحيط بالحديد. والملاك فسر للملك معني الحلم (16، 17) فمن وضع في قلبه أن يرتفع مثل الله (حز 28 : 2) يخفضه الله وينزع عنه قلب الإنسان ويُعطَي قلب حيوان. بقضاء الساهرين = كما قلنا فهذا ما يؤمن به نبوخذ نصر، أن هناك كائنات سماوية تقرر مصير البشر. لكن عموماً فالله هو الذى يقضى والملائكة يقروا ويؤيدوا ويستحسنوا قضاء الله. الله لا يحتاج لموافقة أحد. ولكن القديسين من الملائكة ومن البشر يجدوا راحتهم في قرارات الله، بل نحن نصلي “لتكن مشيئتك ” وكلما ازدادت قداسة إنسان نجده لا يختلف مع الله في شىء = والحكم لكلمة القدوسين = القدوسين أى شعب الله الذين أضيروا من كبرياء وتعنت الملك، هم بالتأكيد سيوافقون الله علي حكمه. وفى (17) ينصب عليها أدني الناس = فالله أقام داود على مملكته وهو راع للغنم والصغير فى إخوته وواضح من (16) أن الشجرة تشير لشخص إذ يقول = ليتغير قلبه عن الإنسانية.
الآيات (19-27) : “حينئذ تحيّر دانيال الذي اسمه بلطشاصر ساعة واحدة وأفزعته أفكاره.أجاب الملك وقال يا بلطشاصر لا يفزعك الحلم ولا تعبيره. فأجاب بلطشاصر وقال يا سيدي الحلم لمبغضيك وتعبيره لأعاديك. الشجرة التي رأيتها التي كبرت وقويت وبلغ علوها إلهه السماء ومنظرها إلهه كل الأرض.وأوراقها جميلة وثمرها كثير وفيها طعام للجميع وتحتها سكن حيوان البر وفي أغصانها سكنت طيور السماء. إنما هي أنت يا أيها الملك الذي كبرت وتقويت وعظمتك قد زادت وبلغت إلى السماء وسلطانك إلهه أقصى الأرض. وحيث رأى الملك ساهراً وقدوساً نزل من السماء وقال اقطعوا الشجرة وأهلكوها ولكن اتركوا ساق أصلها في الأرض وبقيد من حديد ونحاس في عشب الحقل وليبتلّ بندى السماء وليكن نصيبه مع حيوان البر حتى تمضي عليه سبعة أزمنة. فهذا هو التعبير أيها الملك وهذا هو قضاء العلي الذي يأتي على سيدي الملك. يطردونك من بين الناس وتكون سكناك مع حيوان البر ويطعمونك العشب كالثيران ويبلونك بندى السماء فتمضي عليك سبعة أزمنة حتى تعلم أن العلي متسلط في مملكة الناس ويعطيها من يشاء. وحيث أمروا بترك ساق أصول الشجرة فان مملكتك تثبت لك عندما تعلم أن السماء سلطان. لذلك أيها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر وآثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك.”
تحير دانيال = من القرار الصعب الصادر ضد الملك العظيم. وكيف يخبره وهو الذي أحبه وأحسن إليه بهذه الأخبار السيئة، وشجعه الملك وأجاب دانيال بكلام لطيف = الحلم لمبغضيك = فهو يتمنى له الخير، لكن أمنياته شئ وقرار الله شئ أخر. وقول الملك لا يفزعك الحلم = تعني إما أنه يريد أن يعرف بأمانة أو غير مهتم بما سيقال. ولأنه لم ينفذ رأي دانيال ولم يستمع لمشورته (27) فالأرجح هو الرأي الثاني. ودانيال أعطي نصيحة للملك بالتوبة، فالتوبة وحدها تنقذنا من الشرور. سبعة أزمنة = 7 سنين. ساعة واحدة (19) = أى مدة قصيرة من الزمن. ولنلاحظ ان دانيال لم يكره الملك بالرغم من شره واضطهاده لشعبه، فأولاد الله لا يكرهون الخطاة بل يكرهون الخطية. ونصيحة دانيال للملك تشمل التوبة السلبية = فارق خطاياك وفيها التوبة الإيجابية = بالبر والرحمة للمساكين. ولو كان نبوخذ نصر قد فعل لأرتد حمو غضب الله عنه كما حدث مع نينوى.
الآيات (28-33): “كل هذا جاء على نبوخذناصّر الملك. عند نهاية اثني عشر شهراً كان يتمشى على قصر مملكة بابل. وأجاب الملك فقال أليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها لبيت الملك بقوة اقتداري ولجلال مجدي. والكلمة بعد بفم الملك وقع صوت من السماء قائلا لك يقولون يا نبوخذناصّر الملك أن الملك قد زال عنك. ويطردونك من بين الناس وتكون سكناك مع حيوان البر ويطعمونك العشب كالثيران فتمضي عليك سبعة أزمنة حتى تعلم أن العلي متسلط في مملكة الناس وانه يعطيها من يشاء. في تلك الساعة تم الأمر على نبوخذناصّر فطرد من بين الناس وأكل العشب كالثيران وابتلّ جسمه بندى السماء حتى طال شعره مثل النسور وأظفاره مثل الطيور.”
الله أعطاه الإنذار ودانيال أعطاه النصيحة. ثم أمهله الله سنة لعله يتوب ولكنه مثل كثيرين يميلون أن ينسبوا العظمة لهم وليس لله. وصدر الحكم من السماء فحين تصوَّر أنه ليست قوة قادرة أن تأخذ منه شئ حُرَم حتى من كرامته كإنسان، وفقد عقله وأصيب بمرض يسمى ليكانثروبى وهو يجعل الإنسان يتصور نفسه حيواناً ويقال مرض الإستذئاب (يتصور المريض نفسه ذئباً) ويفضل المريض أن يسكن مع الحيوانات. حقا فالله يقاوم المستكبرين أما المتواضعين فيعطيهم نعمة. وغالباً فلقد ملك إبن نبوخذ نصر وهو أويل مردوخ مكانه فى فترة جنونه هذه.
الآيات (34-37): “وعند انتهاء الأيام أن نبوخذناصّر رفعت عينيّ إلى السماء فرجع إليّ عقلي وباركت العلي وسبحت وحمدت الحي إلى الأبد الذي سلطانه سلطان أبدي وملكوته إلى دور فدور. وحسبت جميع سكان الأرض كلا شيء وهو يفعل كما يشاء في جند السماء وسكان الأرض ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل. في ذلك الوقت رجع إليّ عقلي وعاد إليّ جلال مملكتي ومجدي وبهائي وطلبني مشيريّ وعظمائي وتثبّت على مملكتي وازدادت لي عظمة كثيرة. فالآن أن نبوخذناصّر أسبح وأعظم وأحمد ملك السماء الذي كل أعماله حق وطرقه عدل ومن يسلك بالكبرياء فهو قادر على أن يذلّه.”
هو شفى لأنه نظر للسماء = رفعت عيني إلى السماء. فالنظر للسماء وليس إلى الأرض هو الذي يشفى، أو تحول النظرة من الإعجاب بالذات إلى الله وهذه هى التوبة والشفاء من الجنون. وهو نظر للسماء كتائب متواضع وبتقوى طالباً الرحمة.
وهو شفى حينما عرف أن الله هو وحده الذي يحكم فنظر إليه فشفاه تحقيقاً للآية (26) وحينما عاد له عقله سبح الله به، فلنسبح الله علي كل ما أعطانا. ما أعظم مراحمك يا رب فعقوبة هذا الإنسان كانت سبباً فى خلاصه، وهذا الوثنى انهي حياته مؤمناً بالله.
سفر دانيال: 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12 – 13 – 14
تفسير سفر دانيال: مقدمة – 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9 – 10 – 11 – 12