تفسير سفر أعمال الرسل ١٩ للقس أنطونيوس فكري


 الإصحاح التاسع عشر

آية (1):-

فحدث فيما كان ابلوس في كورنثوس ان بولس بعدما اجتاز في النواحي العالية جاء الى افسس فاذ وجد تلاميذ.

أقام بولس فى أفسس من خريف سنه 54م إلى ربيع سنه 57م ولاحظ أن نيرون إعتلى عرش الإمبراطورية فى روما سنه 54م. النواحى العالية= من أسيا الصغرى وهما منطقتى غلاطية وفريجيه هذا فى مقابل أفسس التىفى مستوى أقل من البحر. فإذ وجد تلاميذ= هم تلاميذ للمسيح ولكن معارفهم قليلة. وبولس كتب من أفسس رسالة كورنثوس الأولى.

آيات (2-7):-

قال لهم هل قبلتم الروح القدس لما امنتم قالوا له ولا سمعنا انه يوجد الروح القدس. فقال لهم فبماذا اعتمدتم فقالوا بمعمودية يوحنا. فقال بولس ان يوحنا عمد بمعمودية التوبة قائلا للشعب ان يؤمنوا بالذي ياتي بعده اي بالمسيح يسوع. فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع. واذ كانوا يقاومون ويجدفون نفض ثيابه وقال لهم دمكم على رؤوسكم انا بريء من الان اذهب الى الامم. فانتقل من هناك وجاء الى بيت رجل اسمه يوستس كان متعبدا لله وكان بيته ملاصقا للمجمع.

كان الرسول بولس فى نهاية الرحلة الماضية قد مرَّ على أفسس وطلب منه الإخوه أن يطيل إقامته معهم
( أع 20:18،21) فوعدهم أن يعود إليهم. وهاهو الآن فى مدينة أفسس عند أكيلا وبريسكلا. وأول ما قابله هناك جماعة من الإخوة الذين كانوا يعرفون معمودية يوحنا فقط. فلما بشرهم الرسول بالرب يسوع الذى تنبأ وبشر به يوحنا آمنوا وإعتمدوا ( وربما كان التلاميذ الذين ذكروا فى آية 1 هم من تلاميذ أبلوس). ولما وضع بولس يديه عليهم حل الروح القدس عليهم وطفقوا يتكلمون بلغات. وكان الرجال منهم نحو إثنى عشر. كانت معمودية يوحنا رمزية كسائر ممارسات العهد القديم. وأن يوحنا نفسه سبق وقال أن معموديته رمزية علامة التوبة وأما السيد المسيح فله معمودية أخرى بالروح القدس (يو 25:1-34).

ومعمودية الروح هى التى تكلم عنها الرب يسوع مع نيقوديموس يو 5:3 ومثل باقى الأسرار علمها الرب للتلاميذ. وهذا السر من الأسرار مارسوها قدامه (يو 1:4-2) وأتت فعلها فى المؤمنين عند حلول الروح القدس. تشبيه= معمودية يوحنا تشبه لعبة التليفون (لعبة على شكل تليفون) لها ما يشبه السماعة وغير ذلك من الأجزاء. ولكنها مجرد لعبه يتلهى بها الأطفال. وأما معمودية الرب قبل حلول الروح القدس هذه التى تكلم عنها الإصحاح الرابع من يوحنا، فهى تليفون حقيقى غير أن الطاقة لم تصل بعد إليه. هذه الطاقة التىوصلت يوم حلول الروح القدس. (هذا التشبيه للأنبا اثناسيوس أسقف بنى سويف المتنيح).

فمعمودية يوحنا لا تحل إطلاقاً محل معمودية الرب. فتلك صورة فقط. ولذلك عمدهم الرسول بولس بإسم الرب يسوع. ثم وضع يديه عليهم فى السر الثانى من الأسرار الكنسية وهو سر التثبيت فحل عليهم الروح القدس (سر الميرون الآن).

آية (8):-

ثم دخل المجمع وكان يجاهر مدة ثلاثة اشهر محاجا ومقنعا في ما يختص بملكوت الله.

كالعادة يبدأ الرسول بالمجمع اليهودى.

آية (9):-

ولما كان قوم يتقسون ولا يقنعون شاتمين الطريق امام الجمهور اعتزل عنهم وافرز التلاميذ محاجا كل يوم في مدرسة انسان اسمه تيرانس.

شاتمين الطريق= الطريق هو المسيحية.

وهنا نرى أن بولس فصل التلاميذ عن المجمع اليهودى

آية (10):-

وكان ذلك مدة سنتين حتى سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في اسيا من يهود ويونانيين.

لقد منع الروح القدس بولس من قبل أن يبشر فى آسيا 6:16. ولكن آن الأوان ليفعل. مدة سنتين= هى غالباً سنتين وبضعة أشهر قضاها يؤسس كنيسة أفسس. ويضاف لها 3 أشهر فى المجمع اليهودى آية8. وربما كان لبولس زيارات تبشيريه لكنائس مجاورة ليؤسسها مثل كولوسى وغيرها أو الكنائس التى وردت أسماءها فى الكنائس السبع فى سفر الرؤيا. المهم أن مجموع المدة التى قضاها بولس هى 3 سنين (31:20).

آية (11):-

وكان الله يصنع على يدي بولس قوات غير المعتادة.

كانت المقاومة غير معتادة فأعطاه الله أن يصنع أيات غير معتادة.

آية (12):-

حتى كان يؤتى عن جسده بمناديل او مازر الى المرضى فتزول عنهم الامراض وتخرج الارواح الشريرة منهم.

كان المرض الذى يعانى منه بولس غالباً هو قرحة تحتاج إلى عصائب دائمة غل 14:4( هذا بالإضافة لضعف النظر غل 11:6). وإذا كانت العصائب التى توضع على جسد بولس لها مفعول الشفاء هذا فكم وكم رفات الشهداء والقديسين.

آية (13):-

فشرع قوم من اليهود الطوافين المعزمين ان يسموا على الذين بهم الارواح الشريرة باسم الرب يسوع قائلين نقسم عليك بيسوع الذي يكرز به بولس.

اليهود الطوافين= هؤلاء يدعون إخراج الأرواح الشريرة بالسحر أو الشعوذة. وإستخدامهم هنا لإسم يسوع هو إعلان عن فشلهم بطرقهم السابقة. ولكن لاحظ أنهم لا يستخدمون إسم يسوع كمؤمنين بقوته ولاهوته بل يستخدمون إسم يسوع وإسم بولس كقوة سحرية بحسب مفهمومهم.

آية (14):-

وكان سبعة بنين لسكاوا رجل يهودي رئيس كهنة الذين فعلوا هذا.

رئيس كهنة= ربما رئيس فرقة من الفرق الـ 24. أو هو من بيت هرون وأقامه أتباعه رئيساً لهم فى أفسس لهذه الأعمال السحرية.

آية (15):-

فاجاب الروح الشرير وقال اما يسوع فانا اعرفه وبولس انا اعلمه واما انتم فمن انتم.

الروح الشرير يعترف بقوة يسوع ويعترف برسوله بولس.

آية (16):-

فوثب عليهم الانسان الذي كان فيه الروح الشرير وغلبهم وقوي عليهم حتى هربوا من ذلك البيت عراة ومجرحين.

هؤلاء بلا قوة حقيقة ضد الشيطان، وهاهو ينتقم منهم لسخريتهم منه. الشيطان لم يكن يهدف بهذا أن يمجد اسم الله لكنه إذ يجد فرصته لإيذاء إنسان يستغلها.

آية (17):-

وصار هذا معلوما عند جميع اليهود واليونانيين الساكنين في افسس فوقع خوف على جميعهم وكان اسم الرب يسوع يتعظم.

إسم الرب يسوع يتعظم فى مقابل إندحار إسم أرطاميس حتى سقطت.

آية (18):-

وكان كثيرون من الذين امنوا ياتون مقرين ومخبرين بافعالهم.

نرى هنا تطبيق عملى لسر الاعتراف. ولعل هؤلاء أتوا للاعتراف خوفاً مما حدث لأولاد سكاوا.

آية (19-20):-

وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها امام الجميع وحسبوا اثمانها فوجدوها خمسين الفا من الفضة. هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة.

هنا نرى إنتشار السحر فى أفسس لذلك أعطى الله لبولس قوى غير عادية. ومعجزات (11،12) ليواجه هذه القوى الشيطانية. بل أن هؤلاء السحرة أنفسهم آمنوا وتركوا السحر. ولنلاحظ أن العالم الذى لا يخضع للرب يسوع يخضع للشيطان.

آية (21):-

ولما كملت هذه الامور وضع بولس في نفسه انه بعدما يجتاز في مكدونية واخائية يذهب الى اورشليم قائلا اني بعدما اصير هناك ينبغي ان ارى رومية ايضا.

بولس كان يريد الإطمئنان على أولاده فيهم خصوصاً بعد أن سمع بأن عندهم مشكلات. وكان يريد ان يذهب لأورشليم حاملاً معه العطايا للفقراء.

آية (22):-

فارسل الى مكدونية اثنين من الذين كانوا يخدمونه تيموثاوس وارسطوس ولبث هو زمانا في اسيا.

ارسطوس= أو أراستوس هو خازن المدينة فى كورنثوس رو 23:16. وقد آمن وصار مسيحياً (وعُثِر على إسمه مسجلاً فى الأثار) أرسل إلى مكدونية= لجمع الهبات والعطايا التى سيذهب بها لأورشليم.

آية (23):-

وحدث في ذلك الوقت شغب ليس بقليل بسبب هذا الطريق.

الطريق= المسيحية.

آيات (24-28):-

لان انسانا اسمه ديمتريوس صائغ صانع هياكل فضة لارطاميس كان يكسب الصناع مكسبا ليس بقليل. فجمعهم والفعلة في مثل ذلك العمل وقال ايها الرجال انتم تعلمون ان سعتنا انما هي من هذه الصناعة. وانتم تنظرون وتسمعون انه ليس من افسس فقط بل من جميع اسيا تقريبا استمال وازاغ بولس هذا جمعا كثيرا قائلا ان التي تصنع بالايادي ليست الهة. فليس نصيبنا هذا وحده في خطر من ان يحصل في اهانة بل ايضا هيكل ارطاميس الالهة العظيمة ان يحسب لا شيء وان سوف تهدم عظمتها هي التي يعبدها جميع اسيا والمسكونة. فلما سمعوا امتلاوا غضبا وطفقوا يصرخون قائلين عظيمة هي ارطاميس الافسسيين.

ديمتريوس هيج الجمع بالآتى

1)    الحرمان من المكسب المادى.

2)    فقدان كرامتهم إذا أصبحت إلهتهم أرطاميس إلهة باطلة.

3)    تشويه صورة أرطاميس.

آية (29):-

فامتلات المدينة كلها اضطرابا واندفعوا بنفس واحدة الى المشهد خاطفين معهم غايوس وارسترخس المكدونيين رفيقي بولس في السفر.

الشعب فى ثورته عثروا على شخصين إسمهما غايوس وإرسترخس وهما مقدونيى الأصل من رفقاء بولس ودفعوهما أمامهما. وأنضم إليهم اليهود. ودفع اليهود إلى الجمع شخصاً يهودى الأصل إسمه إسكندر يغلب الظن انه كان قد آمن بالمسيح ثم إرتد، ولعله كان قد إختلف مع الرسول بولس فى بعض المواقف، ولم يذعن له الرسول فترك المسيحية ونراه هنا يقاوم بولس ويسبب له متاعب كثيرة ( 2تى 14:4-15) وكان إسكندر هذا نحاساً أى من الصياغ. المشهد= هو مسرح المدينة ومن خرائبه المتبقية للآن يتضح أنه يسع 30.000 وكانوا يتسلون بإلقاء الناس للوحوسش. وربما هذا ما كانوا يقصدونة إذا تمكنوا من القبض على بولس. وكانت النية إلقاء غايوس وأرسترخس فى المشهد للوحوش وكان هذا المسرح مكان لإجتماع الشعب والمحفل للفصل فى الشئون المدنية.

آية (30):-

ولما كان بولس يريد ان يدخل بين الشعب لم يدعه التلاميذ.

بولس أراد أن يواجه الثائرين فى شجاعة لإنقاذ رفقائه وإثبات براءتهم فرفض التلاميذ ذلك ومنعوه.

آية (31):-

واناس من وجوه اسيا كانوا اصدقاءه ارسلوا يطلبون اليه ان لا يسلم نفسه الى المشهد.

نرى الله وقد أعدَّ لبولس بعض من وجوه آسيا= أى الرؤساء والأثرياء كأصدقاء، وهؤلاء أشاروا بأن لا يسلم بولس نفسه للمشهد فبالتأكيد كانوا سيفتكون به فهو المقصود.

آية (32):-

وكان البعض يصرخون بشيء والبعض بشيء اخر لان المحفل كان مضطربا واكثرهم لا يدرون لاي شيء كانوا قد اجتمعوا.

الجمهور لا عقل له، تحركه آية إثارات.

آية (33):-

فاجتذبوا اسكندر من الجمع وكان اليهود يدفعونه فاشار اسكندر بيده يريد ان يحتج للشعب.

اليهود دفعوا إسكندر هذا ووكلوه ليشرح للجمع أن اليهود ليسوا مسيحيين، فالأفسسيين كانوا لا يميزون بين اليهود والمسيحيين، وإسكندر هذا أراد إثبات براءة اليهود من إنتماء بولس إليهم حتى لا يشمل الإتهام اليهود أيضاً. وقطعاً كان إسكندر هذا كعادته سيشتم بولس ويوجه له سيل من الإتهامات ( 2تى 14:4،15). ولكن الأفسسين إكتشفوا أن إسكندر هذا كان يهودياً ربما من ملابسه أو شكله أو لغته، والأفسسيون لا يحبون اليهود لأنهم يعلمون أن اليهود لا يحترمون آلهتهم، وأيضاً ففى نظرهم فلا فرق بين المسيحية واليهودية. لذلك منع الجمهور إسكندر من الكلام وظلوا فى صياح لإلهتهم.

آية (34):-

فلما عرفوا انه يهودي صار صوت واحد من الجميع صارخين نحو مدة ساعتين عظيمة هي ارطاميس الافسسيين.

هذه الأديان الوثنية نجد فيها عباد الإلهة يدافعون عن آلهتهم ولكننا نحن الذين نعبد الله الحى، هو الذى يدافع عنا ويحملنا.

آية (35):-

ثم سكن الكاتب الجمع وقال ايها الرجال الافسسيون من هو الانسان الذي لا يعلم ان مدينة الافسسيين متعبدة لارطاميس الالهة العظيمة والتمثال الذي هبط من زفس.

الكاتب= كاتب المدينة هو موظف كبير بها كرئيس لديوانها. وهو خاف أن الرومان يعاقبون المدينة بسبب هذا الشغب. وكان الكاتب هو أداة الإتصال بين إدارة بلديه أفسس وبين الحكام الرومان. وغالباً فإن أكيلا وبريسكلا خبئا بولس الرسول عندهما وسط هذا الهياج معرضين انفسهما لمخاطر كبيرة رو 3:16-5.

التمثال الذى هبط من زفس= أى من آلهة السماء. إذاً لن يستطيع أحد من هؤلاء اليهود أن يضره بشئ فلماذا هذا الهياج.

آية (36):-

فاذ كانت هذه الاشياء لا تقاوم ينبغي ان تكونوا هادئين ولا تفعلوا شيئا اقتحاما.

لا تقاوم= الألهة (زفس وأرطاميس) ومحبتكم لها. كل هذا لا يقاوم إذاً لا خطر على عبادتكم لأرطاميس أنها تضمحل بسبب اليهود..

آية (37):-

لانكم اتيتم بهذين الرجلين وهما ليسا سارقي هياكل ولا مجدفين على الهتكم.

سارقى هياكل= كانت خزائن الهياكل مملوءة كنوزاً وأموال.

ولا مجد فين على إلهتكم= هم يبشرون ويدعون لإلههم ولم يشتموا إلهتكم وكانت طريقة بولس الرسول إيجابية، فهو يعلم ويبشر بالمسيح ونور المسيح وقوته كفيلين بأن يهرب ظلام الأوثان.

آية (40):-

لاننا في خطر ان نحاكم من اجل فتنة هذا اليوم وليس علة يمكننا من اجلها ان نقدم حسابا عن هذا التجمع.

كان الرومان لا يسمحون بهذه الفوضى أبداً.

فاصل

سفر أعمال الرسل : 123456789101112131415161718192021222324  – 25262728

تفسير سفر أعمال الرسل : مقدمة1 23456789101112131415161718192021222324 25262728

زر الذهاب إلى الأعلى