تحب قريبك كنفسك

 

 “تحب قريبك كنفسك ، أحبوا أعداءكم” (مت 22: 39 ؛ 5 : 44)

شريعة موسى هي محبة القريب ؛ أما شريعة المسيح الإلهية فهي : “أحبوا أعداءكم” . ومن هنا تظهر النسبة بين ناموس موسى كقزم أمام ناموس المسيح كعملاق تطال رأسه السماء . ونتبين أيضا بسهولة الدرجة البدائية في التهذيب الخلفي في ناموس موسي ، الذي يحض على محبة القريب وهي طبيعية إلى حد بعيد فمن ذا الذي لا يحب قريبه؟

في الحقيقة إن ناموس المسيح هو شيء يفوق الطبيعة بل ويلغي ميولها إلغاءً حاداً، فأي طبيعة تلك التي تحتمل أن يحب الإنسان عدوه ؟ أليس هذا إلغاءً كاملاً للذات بل وللطبيعة على حد سواء؟ وهذا هو القصد من ناموس المسيح الإلهي أن تصبح المحبة عند الإنسان غير نابعة من الطبيعة إطلاقاً بل يكون مصدرها من خارج الإنسان كلياً، أي تكون من الله ، فتكون محبة إلهية بنوع فائق وممتاز. وهنا تصبح محبة العدو بحد ذاتها كرازة وشهادة أن الإنسان تجاوز ذاته وطبيعته بقبوله المسيح بل وصار خليقة جديدة مولودة من فوق.

والآن يا صديقي ، كيف يعرف الناس أنك مسيحي وأن المسيح خلقك خليقة جديدة من روحه؟ أي عمل تستطيع أن تشهد به لمسيحك ولالهك ويكون من أعمق وأصدق ما تشهد به ؟ إنه حبك لأعدائك ، فهذا هو المسيح فيك وهذا هو روح الله الذي يعمل فيك . لأنه ليس خليقة في الوجود تقوى على محبة العدو حباً صادقا إلا الله ذاته ، المشرق بشمسه على الأشرار والأبرار وينعم بالصحة والوجود للخاطئ والنجس ، للقديس والطاهر سواء بسواء.

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى