تفسير سفر الخروج ٥ للقس أنطونيوس فكري
الإصحاح الخامس
آية (1): “وبعد ذلك دخل موسى وهرون وقالا لفرعون هكذا يقول الرب اله إسرائيل أطلق شعبي ليعيدوا لي في البرية.”
ليعيدوا= سبق وقال الرب لموسى في (18:3) أن يقول لفرعون “نذهب ونذبح للرب” ويتضح الآن أن عبادة الله هي فرح وعيد وإذا رجعنا لقوله مسيرة 3 أيام ثم يذبح ويكون هذا عيد!! فإلى أي عيد يشير سوى لعيد القيامة الذي أتى بعد تقديم الذبيحة أي الصليب بثلاثة أيام فهو عيد وحرية وفرح هذا العيد هو رمز للقيامة.
آية (2): “فقال فرعون من هو الرب حتى اسمع لقوله فأطلق إسرائيل لا اعرف الرب وإسرائيل لا أطلقه.”
من هو الرب= لاحظ أن موسى لم يشتكي من الظلم أو السخرة بل كان طلبه بسيطاً مقبولاً، ولكنه هاج ورفض فهو لا يريد أي إطلاق للشعب. وربما كان فرعون يجهل حقاً اسم يهوه (الرب) ولكن موسى ذكر له أنه إله إسرائيل. ولكن العالم لا يطيق اسم الرب (أع18:4) ولقد سمح الله بأن يتشدد قلب فرعون حتى يكون خروج الشعب بذراع رفيعة. وكل منا حين يبدأ طريق التوبة يهيج الشيطان ولكن الله دائماً يتمجد في النهاية فعلينا أن نصبر والله يعطي قوة.
آية (3): “فقالا إله العبرانيين قد التقانا فنذهب سفر ثلاثة أيام في البرية ونذبح للرب إلهنا لئلا يصيبنا بالوبا أو بالسيف.”
بالسيف= قد يحدث هذا بغزو بعض القبائل لأراضي جاسان (وهي على الحدود الشرقية).
آية (4): “فقال لهما ملك مصر لماذا يا موسى وهرون تبطلان الشعب من أعماله اذهبا إلى أثقالكما.”
هذا رأى كثيرين حتى الآن إذ يظن كثير من الناس أن الصلاة والعبادة أو التكريس أو الرهبنة أو الخدمة عموماً هي مضيعة للوقت وللطاقة البشرية. ففرعون إنسان مادي لا يعرف سوى الطوب واللبن والبناء، يود أن يغمس حياة الكل فيها. أنا من تحرر فكره إلى الروحيات فهو إنسان يبطل وقته.
آية (5): “وقال فرعون هوذا الآن شعب الأرض كثير وأنتما تريحانهم من أثقالهم.”
فقصد فرعون أذلالهم بالأثقال ليقل عددهم.
آية (6): “فأمر فرعون في ذلك اليوم مسخري الشعب ومدبريه قائلاً.”
مسخري الشعب= هؤلاء من المصريين. ومدبريه= هؤلاء من اليهود وهو كمقاولي الأنفار أو متعهدي الأنفار، عليهم أن يدبروا رجالاً من اليهود لتسليم كمية معينة كواجب يومي إلى المسخرين.
الآيات (7-11): “لا تعودوا تعطون الشعب تبنا لصنع اللبن كأمس وأول من أمس ليذهبوا هم ويجمعوا تبنا لأنفسهم. ومقدار اللبن الذي كانوا يصنعونه أمس وأول من أمس تجعلون عليهم لا تنقصوا منه فانهم متكاسلون لذلك يصرخون قائلين نذهب ونذبح لإلهنا. ليثقل العمل على القوم حتى يشتغلوا به ولا يلتفتوا إلى كلام الكذب. فخرج مسخرو الشعب ومدبروه وكلموا الشعب قائلين هكذا يقول فرعون لست أعطيكم تبنا. اذهبوا انتم وخذوا لأنفسكم تبنا من حيث تجدون انه لا ينقص من عملكم شيء.”
شدد فرعون أوامره لإذلال الشعب بدلاً من أن يطلقهم بل إتهمهم أنهم متكاسلون. ولاحظ أن حروب الشيطان تبدأ حين يشعر أن النفس تبدأ تنطلق في طريقها لتعرف الله وتعبده. وكان أن أمر فرعون أن على اليهود أن يجمعوا التبن بأنفسهم. فكان الزارع يتركون القش لمن يريد (القش هو فضلات القمح وبعض النباتات الأخرى) وكان هناك من يجمعه من الزارع المصريين ويأتوا به للشعب ليصنعوا منه الطوب اللبن ولكن حسب أوامر فرعون صار هذا واجب جديد على الشعب أن يذهبوا هم ليلتقطوا التبن لأنفسهم على أن يوردوا نفس كمية اللبن. بل أن فرعون وصف دعوة موسى للشعب أن يذهب ويعبد الله أنها كلام الكذب.
وفي داخل كل إنسان بعيد عن الله رذائل لا حصر لها لكنها تعيش في سلام داخل نفسه ولكنه إذا حاول التوبة ليقتني فضائل هنا تحدث معركة داخله وحرب بلا هوادة فمحاولته هذه تثير الشياطين. ولكن لا نخف من هذه الحرب الداخلية فهذا شئ طبيعي.
الآيات (12-18): “فتفرق الشعب في كل ارض مصر ليجمعوا قشا عوضا عن التبن. وكان المسخرون يعجلونهم قائلين كملوا أعمالكم أمر كل يوم بيومه كما كان حينما كان التبن. فضرب مدبرو بني إسرائيل الذين أقامهم عليهم مسخرو فرعون وقيل لهم لماذا لم تكملوا فريضتكم من صنع اللبن أمس واليوم كالأمس وأول من أمس. فأتى مدبرو بني إسرائيل وصرخوا إلى فرعون قائلين لماذا تفعل هكذا بعبيدك. التبن ليس يعطى لعبيدك واللبن يقولون لنا اصنعوه وهوذا عبيدك مضروبون وقد اخطأ شعبك. فقال متكاسلون انتم متكاسلون لذلك تقولون نذهب ونذبح للرب. فالآن اذهبوا اعملوا وتبن لا يعطى لكم ومقدار اللبن تقدمونه.”
ذهب الشعب ليشتكي لفرعون أن المسخرين كانوا يضربونهم طالبين كمية أكبر من الأعمال وقالوا أخطأ شعبك= أي أن رجالك يا فرعون أخطأوا فيما فعلوه.
آية (20): “وصادفوا موسى وهرون واقفين للقائهم حين خرجوا من لدن فرعون.”
يبدو أن موسى كان منتظراً عند باب فرعون منتظراً نتيجة هذا اللقاء.
آية (21): “فقالوا لهما ينظر الرب إليكما ويقضي لأنكما أنتنتما رائحتنا في عيني فرعون وفي عيون عبيده حتى تعطيا سيفاً في أيديهم ليقتلونا.”
هذا أول تذمر للشعب ضد الله وضد موسى. وهي صفة لازمت الشعب طوال سيرهم في البرية لكن الله لم يعاقب على تذمرهم في المرات الأولى فالله يعرف مرارة قلوبهم وألامهم. وعلينا أن لا نلوم الظروف المحيطة بنا بل نثق في الله وخلاصه.
الآيات (22،23): “فرجع موسى إلى الرب وقال يا سيد لماذا آسات إلى هذا الشعب لماذا أرسلتني. فانه منذ دخلت إلى فرعون لأتكلم باسمك أساء إلى هذا الشعب وأنت لم تخلص شعبك.”
ما أجمل أن يدخل الخادم مع الله في عتاب حين يشعر كأن خدمته قد فشلت مقدماً لله حسابات عمله. ولكن لنلاحظ أن كلمات موسى لله فيها قسوة.
سفر الخروج – أصحاح 5
تفاسير أخرى لسفر الخروج أصحاح 5
تفسير خروج 4 | تفسير سفر الخروج القمص أنطونيوس فكري |
تفسير خروج 6 |
تفسير العهد القديم |